24- مغالطة الهجوم
الشخصي ad Hominem
وفيها يتعمّد المتحدث
الطعن في شخص الآخر بدلاً من تفنيد ما يقوله، أو كما يقال قتل “الرسول” بدلاً من
تفنيد الرسالة. غير أن ما يحدد صحة الحجة ليس له علاقة بقائلها أو ظروفه. نخطئ
عندما نقول: فلان كذاب وكلامه غير موثوق فيه مهما قال، ولا يجب قبول كلامه على أنه
صحيح في أي الأحوال.
مثال آخر:
-
مرقس:
أؤمن أن الإجهاض شيء منافٍ للأخلاق.
-
عادل:
بالطبع أنت تقول ذلك، لأنك كاهن (أو خادم بالكنيسة).
-
مرقس:
ماذا عن الحجج التي قدمتها لأدعم وجهة نظري.
-
عادل:
هذه كلها لا تهم لأنك كما قلت كاهن، ولابد أن تقول إن الإجهاض خطأ. أيضًا أنت من
عائلة كهنوتية، ولا يمكن أن أصدق كلامك.
تنقسم هذه المغالطة
إلى أربعة مغالطات فرعية أخرى هي:
أ- القدح
الشخصي (السَّب) ad hominem – abusive
يقوم
أحد الطرفين بالقدح الشخصي ليشتت الانتباه عن الحُّجة الأصلية بالحديث عن قائل
الحجة وعيوبه، فيبدو أن الحُّجة التي يقدمها ستكون معيبة مثله! مثال: لماذا أبالي
بآراء الإعلاميين، إنهم حفنة من المرتزقة. القدح الشخصي ليس مغالطة في حد ذاته،
وإنما تحدث المغالطة حين تجعل عيوب الشخص سببًا في رفض آرائه. (الحجج ينبغي أن
تقوم على أرجلها الخاصة).
ب- التعريض
بالظروف الشخصية ad hominem – circumstantial
ويُشار
فيها إلى الظروف الخاصة للخصم التي جعلته يتبنى هذا الرأي الذي يتبناه، وأن له
مصلحة ما من وراء ذلك. فمثلاً نقول: لا نتوقع من رجال
الأعمال أن يعارضوا ارتفاع الأسعار، لأنهم أصحاب مصالح.
ج- مغالطة
“أنت أيضًا” (You too
Fallacy- tu Quoque)
وفيها
يتحقق قول الشاعر أبو العلاء المعربي: لا تنه عن خلقٍ وتأتي بمثله...عارٌ عليك إذا فعلت
عظيمٌ. يظن الشخص الذي يلجأ إلى هذه المغالطة أنه قلب الطاولة على خصمه، لأن خصمه
يقول بعكس ما يعظ به. ولكن هذا أيضًا لم يفنّد حججه، لأن الخطأ لا يعطي مشروعية
لخطأ آخر. والخطآن لا يصنعان صوابًا (Two Wrongs doesn’t make a right) فمثلاً:
-
يقول
الأب المدخن لابنه: اقلع عن التدخين يا ابني؛ لأنه يتلف الصحة ويبدد المال.
-
الابن:
لا أصدقك يا أبي، لأنك تدخن منذ كنت في نفس سني.
أو
يقول شخص آخر: كيف أستمع لنصيحة طبيبي بضرورة خفض وزني إذا كان هو بدينًا. هذا
يُسمى منطق الاستحلال والاستباحة. هذه المغالطة تُعد نوعًا من مغالطة أخرى تُسمى
مغالطة “الإشارة إلى خطأ آخر” pointing to another wrong أو حتى ما ذكرناه سابقًا تحت مسمى “خطآن يصنعان صوابًا”.
فمثلاً
تقول: – لماذا كل هذه الضجة على الفساد في بلادنا، الفساد يضرب أرقى دول العالم. أو-
لماذا نهتم باضطهاد مسيحي واحد في مصر، والمسلمون يُضطهدون في كل دول العالم.
د-
مغالطة تسميم البئر poisoning the well
وهي
مبادرة بضربة وقائية بحيث مهما قال الطرف الآخر بعد ذلك يصعب الوثوق به. الفرق في
هذه الحُّجة عن الحجج السابقة أنها تكون مُقدمًا.. أي قبل أن يأخذ الخصم فرصة لعرض
قضيته. مثلما يقول شخص: لا تسمع لهذا الشخص لأن نواياه تجاههنا غير سليمة على
الإطلاق. أحيانًا تكون هناك مشكلة بين طرفين فيتعرضا للمساءلة أمام مديرهما. فيدخل
الأول ويقدم وجهة نظره للمشكلة، ثم يعقب ذلك بقوله (سيدخل الطرف الآخر وسيحاول
خداعك بكذا وكذا). فإذا تأثر حكم المدير برأيه هذا، يكون قد نجح الشخص في تسميم البئر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق