الأربعاء، 30 يناير 2019

التوبة – يوحنا ذهبي الفم



عبارة عن 8 عظات ليوحنا ذهبي الفم
مترجمة أ. نشأت مرجان
بمعرفة دار النشر الأسقفية
في 170 صفحة (قطع متوسط)
العظة الأولى:
ذهبي الفم بيقول في شرين: 1- اليأس، 2- التواكل/ التراخي.. الكبرياء تطرحنا من أعلى السماوات، اليأس يطرحنا في القاع اللانهائي للشر“ (ص16). وبيذكر قصة أهل نينوي، أنه بالرغم من صدور الحكم الإلهي..لم يغرقوا لم ييأسوا. ”لأن الشيطان يعتبر اليأس أعظم أسلحته“ (18). وخطايانا مش بتفرحه بقدر فرحته عندما نفقد الرجاء. ذهبي الفم يقول إن ”الرذيلة هي نوع من الغرغرينا التي تلتهم الجسد تدريجيًا“ (20). حتى خطية الآخر.. ”أيًا كان فاعل الخطية سواء أنتم أم أخيكم. أنتزعوا أنفسكم من براثن هذه الكارثة، سدوا طريقها، أوقفوا الغرغرينا وامنعوا امتدادها“ (21). الحزن على الخطية مفيد لكنه مهلك إن صار بإفراط- ومثال على كده يهوذا الأسخريوطي.
ذهبي الفم بيفسّر مثل الابن الضال بطريقة تخدم احتياج كنسي عنده.. بيقول هو ابن.. وبالتالي لازم يكون معّمد.. وكونه تاب.. يبقى ينفع التوبة بعد المعمودية.. وبكده رد على الناس إللي بتأجل معموديتها لنهاية حياتها. بيقول إن الأب استقبله كأب وليس كقاضي، وعمل وليمة لا لإكرام الخطية بل التوبة. لم يضربه بالسياط لكنه حمله على أكتافه.. ”لنحذر اليأس حتى لو كنا غارقين في الشر. لكن لنتحاشى أيضًا الثقة الزائدة في أنفسنا عندما تبتسم لنا النعمة“ (27).
العظة الثانية:
بيحكى ذهبي الفم عن قايين وبيقول إن ”الوقاحة أشر من الخطية ذاتها“ (31)، وده ظهر من رد قايين على ربنا.. إبقاء ربنا على حياة قايين كان مهم ”حتى لا يسقط الحق في النسيان“ (31) ويكون كأنه عقاب إلهي متجسّد وحي ومتنقل.. ثم يشرح إن السن مش هو المشكلة في الخطية، ومثال على كده دانيال وقصة سوسنة والشيخين، ودانيال كان عنده (12 سنة) وقتها. الشيبة لن تحمي من التجربة.. والعكس صحيح لو كانت الفضيلة ثابتة فهي تحمينا من حمية الشباب. ثم يتحدث عن 3 طرق للتوبة: 1- الاعتراف بالخطأ، زي حالة آخاب (1مل 21: 29)، 2- الندم، زي أهل نينوي، 3- الاتضاع.. زي العشار، وكمان بولس اللي بتواضعه.. اللي ”برغم من قصره قدر أن يدور حول الأرض كملاك ذي أجنحة“ (42).
العظة الثالثة:
بيتكلم مع شعبه وبيقولهم: ”إن أعددت لكم تعليمًا فأنا أنتفع به أكثر منكم“ (46) وهيفتقر إذا حجب هذا التعليم.. وهيغتني لمّا ينقله للآخرين. الطريق الرابع للتوبة هو 4-الصدقة. وبيفسّر مثل العذارى بشكل رمزي (allegory)، وبيقول إن الزيت هو الصدقة.. ”النار ترمز للبتولية، والزيت للصدقة“ (49) وبيقول إن العذارى الجاهلات حفظوا البتولية ولم يحفظوا الصدقة.. والتجار هم الفقراء اللي على باب الكنيسة.. ”برغيف خبز تقدمونه، تحصلون على الفردوس في مقابلة.. اعطوا خيرات أرضية تنالون مقابلها خيرات سمائية“ (50). الطريق الخامس للتوبة هو 5- الصلاة.. والصلاة بعمق وبدموع زي بطرس.
العظة الرابعة:
بيتكلم عن التعزية اللي بنحصل عليها من قراءة الكتاب المقدس: ”فلتكن الكتب المقدسة لنا حصن ضد الشرور التي تهاجمنا، وفيها نجد نبعًا لا ينضب وعزاءً عظيمًا“ (66). وبيكمل على طريق الصلاة.. وبيقول: نتحاشى في الصلاة الكبرياء.. والرغبة في الانتقام ”ونتحاشى أن نصف لله الدواء الذي ننتظره منه“ (73) زي المحامي أنت بنحكيله ملابسات القضية.. ونترك له اختيار طريقة الدفاع بحسب خبرته وكفاءته. ”اشرحوا لله قضيتكم وأخبروه عن أتعابكم، ولكن امتنعوا عن تحديد طريقة العلاج التي ترغبونها، فهو يعرف تمامًا كل تعاستكم“ (73، 74).
العظة الخامسة:
بيتكلم عن طريق الصوم، وبيشرح حاجة كده زي قسمة الصوم الكبيرة، وإن موسى وإيليا كان يرجعان للصوم كلما أراد لقاء الله التحدث إليه.. والصوم كان ”ضرورة في الفردوس، فكم بالأولى خارجه“. أهوائنا كانت نائمة في الفردوس، فكم بالأحرنا الآن.. والصوم خلص مدينة نينوي، والصوم هو أفضل فترة مناسبة للتوبة. مرة كمان بيقول ”اليأس أسوأ من السقوط نفسه“ (84). ثم يتحدث عن يونان اللي خطيته كانت هي اللي متقلة السفينة مش الأحمال. لكن المفارقة الرهيبة إن البحارة نصبوا محاكمة نزيهة ودقيقة.. ولم يتسرعوا في التخلص من يونان.. احترامًا منهم لحياة شخص واحد.. وهو ذات الشيء اللي افتقر ليه يونان (89). ثم يقول إن الصوم هو اللي خلص الفتية الثلاثة من أتون النار.. ثم فوائد الصوم للصحة.
العظة السادسة:
يؤكد على صوم النفس وليس الجسد فقط.. والبعد عن المناظر الخليعة.. وإن الزاني سيقف أمام المحكمة الإلهية حيث العقاب سيكون أبدي.. والشهوة هي أصل الشر.. والمسيح كطبيب حكيم سعى إلى استئصال المرض وأسبابه.. ”وتعقب الشهوانية بالرجوع خطوات إلى الخلف ليستأصلها من جذورها. فأعطى النظرة الشهوانية الشهوانية نفس تقييم الزنا ذاته“ (103). أهم حاجة القلب.. هو قائد المركبة.. لكن ”إذا قُتل القائد ودُفع للأرض من أعلى مركبته، فباطلاً تستطيع الخيول متابعة سيرها“ (103). ثم يتكلم عن النار الأبدية (106)، وعن البتولية.. ورأيه هنا مهم لأنه بيقول:
لم يعطِ الرب الأمر إطلاقًا بحفظ البتولية.. لكنه أعطاها في صيغة نصيحة.. وترك للمؤمن كل الحرية في الاختيار..“ وبالتالي الأمر ليس وصية لكنه كوصية. وكذلك بيقول ”إن المسيح لم يقل.. تبتلوا كلكم.. وحينئذٍ كان كمن يقاوم الطبيعة“ (108)، وبالتالي لم يدرج البتولية في سباق الفضائل، ولكنه جعلها هدفًا لتنافس اختياري زي فضيلة الفقر الاختياري.. لم يقل للجميع ”اذهب بع كل ما لك“، بل قال ”إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب  وبع كل مالم“ (108).
 بعد كده بيتكلم عن طريقة تفسير النبوات. 1- النبوة التشبيهية (prophecy by example) عن طريق الأحداث، ومثال على كده الكبش الموثق بقرنيه في قصة إبراهيم كصورة تشبيهية عن محرقة خلاصنا.. 2- النبوة اللفظية (prophecy by words) بالكلمات زي آية ”كشاة تساق إلى الذبح“ إش 53: 7. وبيقول إن إرميا تنبأ لفظيًا عن العهد الجديد، وإبراهيم عمليًا.. المسيح هو اللي أعطى الشريعتين.. القديمة والجديدة.. ووضعهما في توازٍ لنحكم نحن بأنفسنا.. ولنرى اي شريعة أكثر سموًا (116). لأنهم في القديم لم يكونوا ناضجين (117). لماذا الشريعة الجديدة أصعب؟ لأن المكافأت أعظم (117).
العظة السابعة: (منسوبة لسفيرس الجبالي)
بيجاوب على فكرة حلوة.. ربنا رحيم للخاطئ ولذريته.. ومثال على كده تارح أبو إبراهيم..كان عابد أوثان..لوم يعاقبه الله لكفره.. حتى لا يقطع الأصل.. وبالتالي علشان تظهر ثمرة إبراهيم.. نفس الشيء عيسو لم يهلكه.. لأنه حسب تك 36: 33 ولد يوباب أو أيوب (أمبروسياستر أيضًا بيقول إن أيوب من نسل عيسو). كذلك المصريين..لم يعاقبوا بالفناء..من أجل الأديرة التي أقيمت فيما بعد (124). ”فلو كان العدل تقّدم التوبة لكان العالم قد دُمّر وهلك عن آخره“ (124). ربنا بيظهر شدية مع البار وتساهل كبير مع الخاطئ.. مش معنى كده أنه يتغيّر.. لكنه ”ينوّع مظاهر صلاحه لكي يجعلها أكثر فاعلية“ (125). الله مهوب للقديسين وأكثر عذوبة للخطاة حتى يجتذبهم.. ”المخافة حارسة البار، والرأفة توقظ الخاطئ“ (126). ”الله يترك للخطاة الدَّين كله، ولكنه يطالب الأبرار بالفوائد“ (127).
وبيقول حاجة جميلة إن ربنا بعكس البشر بيبني بسرعة ويهدم ببطء: ”السرعة في البناء، والبطء في الهدم والتدمير صفة لكمال الله، الصفة الأولى توافق قدرته، والثانية تلاءم صلاحه“. ربنا بنى العالم في 6 أيام.. وتمهّل على أريحا 7 أيام. يتساءل ذهبي الفم: ”أي عقبة تلك التي تعترض قدرتك؟“ فيجيب: ”ليست القدرة التي تنقصني، ولكن صلاحي هو الذي جعلني انتظر..“ وهل ربنا وفّر بشير للتوبة لأهل أريحا؟ بيقول : نعم.. هي راحاب الزانية. اللي شبهها كحجر ثمين كان مغمور في الوحل، وزهرة منعتها الأشواك عن التفتح (36).
وبيعمل مقارنة رائعة بين راحاب وشعب بني إسرائيل- هما شافوا كل العجائب.. وبعدها جابوا عجل ذهبي وقالوا ”هوذا آلهتك يا إسرائيل“ بينما راحاب لم تشاهد.. بل سمعت فقط، واعترفت بإله إسرائيل. بيقول إن راحاب هي رمز للكنيسة.. ويبرر كذب رحاب على أهل مدينتها. بدلاً من ”خيانة الأمور الإلهية“ (139). يرجع مرة أخرى للتوبة ويقول إن الله لن يتنازل عن الحكم بعد صدوره، لكن أمامنا فرصة فقط قبل صدور الحكم (141).، ثم يرجع للصدقة ويقول ”الصدقة تقدم الأجنحة التي تطير بها التوبة“. ربنا بيقدم لنا أوكازيون.. اشتري البر بسعر رخيص (142). لنشتري الخلاص بواسطة الصدقة.. وبيقول الآية بتاعة ”مَن يرحم الفقير يقرض الرب“ (أم 19).. وبيشرح إنه لم يقل مَن يرحم الفقير يعطي الرب، بل يقرض الرب. لأن العطية لا ترد.. لكن الله سيعوض بالكثير.
ثم يتحدث عن جهنم: ”الله لا يهددنا بجهنم لكي يلقينا فيها بل ليقينا منها. لو كان الله لا يريد لنا إلا العقاب لما حذرنا بأن نسعى للخلاص من تهديداته، وبالتالي فهو يوضح لنا العقوبة لكي نتحاشاها“ (148). العقوبة تولد فينا خوفًا خلاصيًا، والمكافآت تجتذبنا لمحبة الفضيلة.
العظة الثامنة:
بيقول الكنيسة أعظم من فلك نوح.. لأن لو دخلها صقر خرج حمامة.. والذئب سيخرج خروفًا (152). وحاجة مهمة جدًا إن إحنا اعتمادنا مش على التوبة ولكن ”صلاح الله هو أساس اعتمادنا“ (154). خطايانا تتلاشى زي الشعلة عندما تتلامس مع محيط صلاح الله (154). ولو سقطنا تاني وتاني.. نرجع للتوبة (الدواء).. أو زي الحطاب اللي بياخد بلطة ويضرب مرة إثنين وثلاثة وأربعة وعشرة.. لحد الميل للخطية نفسه يُقتلع.. ويجب أن نخجل مع أخطائنا وليس من التوبة. لأن الشيطان عارف أن الخطية بتولد فينا الخزي والتوبة بتولد فينا الثقة.. لكن الشيطان قلب الوضع! (158). الله يقبل توبتنا ويعالج كل الجروح ولا يترك أي ندب، بخلاف جراح الجسد، لأنه يحرر النفس من كل شر ويجعلها تستعيد جمالها الأصلي (161).
ثم يذكر إشعياء الذي يحكِّم السماء والأرض على عصيان إسرائيل.. فهو ”لم يستشهد بهارون ولا بأي أحد آخر لأنهم جميعًا مائتون“ (163). ”أيتها السموات اسمعي، لأنك أنت التي أسقطت المن وأنتِ أيتها الأرض أصغي لأنك أنت الذي أعطيتِ السلوى“ (164). النفس تقدر تقوم حتى لو هي على شفا الموت وأخيرًا إن الله أب ممتلئ حنانًا.. وأحشاؤه تتحرك أكثر من أي أب. (169).. وبيشرح هنا الأنثروبومورفيزم.. أو التجسيم. ”مع أن الله فوق الأحاسيس البشرية، إلا أنه يستعير أحاسيس الإنسان.. ويظهر حنانًا يفوق حنان الأم“ هل اضطرب الله حقًا؟ لا، فالله فوق هذه الانفعالات، ولكنه يستعير لغتنا.

الاثنين، 28 يناير 2019

عن الكهنوت- ق يوحنا ذهبي الفم (ج2)




العظة الرابعة:
قاله صديقه لكنك لم تسعى لهذه الوظيفة. لكن ذهبي الفم بيثبتله إنه مش مهم الإنسان دُعي للكهنوت أو طلبها.. المهم النتيجة إيه وبيدي أمثلة (زي شاول، صموئيل، موسى، هارون، يهوذا الاسخريوطي).. وبعدين بيقول: أنا ضعيف وسيلة النجاة بالنسبة لي هي عدم التعرض للكهنوت.. وأنت قوي (يقصد صديقه) وسيلة النجاة بالنسبة له هو عدم الإساءة للكهنوت والاعتماد على قدرة ربنا. وبيقوله حتى ”إذا تعالت آلاف الأصوات في يوم الأنتخاب تهتف لك.. فلا تعوّل على هذا ولا تنزل عند رغبتهم إلا بعد فحص عميق لنفسك“ (ص94). إدي العيش لخبازه.. ”الكهنوت هو العلم الذي يُعني بالنفوس الخالدة“.
بيقول ذهبي الفم واحد يبقى حاسس بضعفه ولم يسعى للكهنوت لكن أول ما الناس فتشت عنه وجد نفسه فجأة رجلاً آخر.. أليست هذه مهزلة؟ (ص95). ثم يقول لازم المترشح للكهنوت يكون عنده موهبة الكلام؛ لأنه بيشخص وبيداوي بالكلام.. والرد على أعداء الكنيسة بالكلام. أصلي لو كان عندنا موهبة صنع المعجزات.. مكناش هنشعر بأهمية الكلام (ص98). لازم الراعي يبقى زي الجندي في الحرب وشعبه متحصن ومتهيأ بكل الوسائل والأسئلة حتى لا تحدث ثغرة. عندك حرب مع الوثنيين، واليهود، والمانويين، ولازم نقاومها كلها. وبيقول إن اتباع ماركيون واليهود متخانقين.. الأولونيين رفضوا العهد القديم كله والثانيين تعصبوا أكثر وأكثر. ماذا عن المسيحيين؟ ”الكنيسة.. اتخذت حلاً وسطًا، لا تتقّيد بالناموس تمامًا ولا تحط من قدره. واستغناؤها عن الناموس الموسوي في الحاضر لا يمنعها من أن تمدح وترى نفعه في الماضي“ (ص99). ولو هاجمنا ماركيون وفالنتينوس اللي بيرفضوا العهد القديم..كده بنمكن اليهود من الغلبة.. وبالتالي زي اللي ماشي في طريق مليان حفر.. وبيقول لازم نتجنب الخلط الكفري بتاع سابيليوس والتنويع الكفري بتاع أريوس. وناس كثيرة بتسأل أسئلة ومناقشات والسلاح هو الكلام وقوة البلاغة.
في اعتراض هنا: طب ليه بولس لم يسعى للحصول على موهبة الكلام وكان بيتكلم مع ناس بتاعة فصاحة وبلاغة. ذهبي الفم بيقول: ”إن هذا وهم وقع فيه كثيرون، وحدا بهم إلى عدم التسلح بقوة الكلام“ (ص101). هو بيقول إن مفيش وجة للمقارنة ببولس لأن ”رجال العصر الحالي مع صلواتهم ودموعهم لا يحصلون على القوة التي كانت تنبعث من ثوب بولس وحده“. وبيفرق هنا بين الجهل بصناعة الكلام.. والجهل بالحقيقة.. وقال إن بولس مثلاً بلاغته ممكن تكون أقل من الفلاسفة والشعراء ”لكن كان على علم صحيح وعميق بالحقيقة“، وهو أفحم اليهود ونجح ببلاغته أنه يجتذب قاضي قضاة أثينا ديونيسيوس ومراته. وفي مجادلاته مع أتباع أبيقورس والرواقين.. ده رسائله هي حصن ضد الهرطقات.. ومصدر لقواعد الأخلاق.. وطلب من تيموثاوس أنه يواظب على القراءة والمسيح قال ”من عَمل وعلّم يُدعى عظيمًا“، ”فلو كان العمل كافيًا دون التعليم، لكان من الفضول قوله (وعلّم) ولكان اكتفى بالقول (مَن عمل). ولكن السيد هنا أراد أن يجعل فرقًا بين العمل والكلام، وأن يبين لنا أنه لأجل تهذيب الأنفس وبنائها يسير العمل والكلام جنبًا إلى جنب، ولا يغني الواحد عن الآخر“ (105).
بيقول مقدرش أنكر إننا محتاجين قدوة صالحة علشان نمارس الصلاح.. لكن ده لا يكفي وحده. ”لأنه ماذا يفيد السلوك والقدوة إذا اختصم الناس في نظرياتهم ونشب الجدال؟“، ”وماذا يفيد الناسك عرق النسك والتقشف إذا أوقعه جهله في هرطقة. فُصل لأجلها عن جسد المسيح؟“ لا شيء.. لأن الراعي لو صمت.. الناس ممكن تفتكر إن عقيدته هي اللي ضعيفة لما يشوفوه ”مغلوبًا وملازمًا الصمت“ (106).
المقالة الخامسة:
مرة ثاني بيقول في شرطين مهمين في القصة دي: احتقار المديح، وامتلاك ناصية الكلام.. والواعظ الناجح هو اللي يكون عنده ”من قلة الاكثرات لنفسه بقوة ما عنده من الفصاحة“ ويكون عنده ”من الفصاحة بقدر قلة الاكتراث للمديح“ (108). وبيقول حاجة غريبة ”الإنسان الذي لا يشعر بنشوة السرور، عندما يسمع مديحًا، فهذا شيء يفوق قدرة البشر“. وبالتالي اللي ”تغذوا بالمديح، لا يستطيعون أن ينقطعوا عنه“ (110). ”إنه لأيسر أن تجد بحرًا بغير عواصف من أن تجد نفسًا محبة للمديح بغير قلق وعذاب“ (110).
ثم يتطرق لشي مهم وهو أنه حتى اللي عنده موهبة الكلام لازم يدرس كويس: الدرس هو اللي هيبني الخطيب وليس الموهبة الطبيعية. وبيقول إن اللي عنده موهبة ذهنه هيصدي لو لم يغذيه بالمطالعة والدرس المتواصل.. ”الخطيب إنما يُحكم عليه بخطبته وليس بشهرته“، وبالتالي اللي يشتهر أكثر وجب عليه الاجتهاد أكثر.
وبيقول الأسقف لو وجد كاهن عنده أقدر منه في عالم الوعظ.. لازم يكون عند الأسقف فضيلة فوق البشر حتى لا يتملكه الحسد أو يسحقه اليأس... بيقول إن شهوة المجد الدنيوي وحش شرس من يقدر أن يلجمه! وهو وحش له 7 رؤوس عاوز ينبت داخل النفس- اللي يقوى عليها يرتاح.
المقالة السادسة:
بيقول ذهبي الفم إن الكهنوت يتطلب فضيلة ملائكية وطهارة الرهبان- مع أن الكاهن حياته أصعب بكتير من الراهب. والكاهن زي إمبراطور من حيث المهام. ”الكاهن يقترب إلى الله ليطلب منه، كما لو كان العالم باسره في عهدته، وكما لو كان أبًا للكل“ (119). أيه تقوى يجب أن تكون عنده ”ونحن نعلم أنه يستدعى الروح القدس، ويقيم الذبيحة الرهيبة، ويأخذ بييديه سيد الخليقة المطلق؟“، ”يجب أن يعرف (الكاهن) شؤون الحياة جيدًا كما يعرفها أهل العالم، وفي نفس الوقت متعريًا من العالم أكثر من الرهبان الذين يقطنون الجبال“ (120).
 ذهبي الفم بيقول إنه مينفعش للكهنوت لأنه لم يتخلص تمامًا من الغضب (129). وإنه من طبعه الخوفلا يتقبل الإهانات أو الكرامات ببساطة. وبيقول: ”التكريم يسكرني، والإهانة تقتلني“ (129). وبيقول صاحبه: عاوز تفهم ليه أنا رفضت الكهنوت.. وبيقوله مثل أميرة فارعة الجمال والحكمة وبيحبه أمير.. وعاوزين يجوزوها رجل سوقي من حثالة المجتمع.. هل فهمت ألم هذا الأمير.. هذا هو ألمي. أو مثل جيش هائل جاي علينا بكامل عتاده.. فيمسكوا صبي متربي في الحقول مش معاه غير عصا ويلبسوه لبس الحرب ويقولوله يالا قوم أنت قائد الجيش ده.. بالطبع هيغنى عليه. يعني ذهبي الفم بيقارن حالته بالجربوع اللي هيجوزوه الأميرة أو الصبي عديم الخبرة اللي عاوزينه يقود جيش جرار.

عن الكهنوت- ق يوحنا ذهبي الفم (ج1)


عن الكهنوت
النص ده اترجم مرتين..

الأولى بواسطة أبونا تادرس يعقوب في الكتاب ده
والثانية في الكتاب ده
من إصدارات منشورات النور..

بيحكي ذهبي الفم عن صديق له ويقول ”لم نكن لنتفارق أبدًا.. أخذنا العلم على نفس المعلمين“. وبيقول كانت ظروفهم حتى الاقتصادية والفكرية متقاربة أيضًا. وبيقول إنه ترهب.. وأنا مازلت مشدودًا بالأرض (ص37) بقيت الصداقة وفقدت العمق.. والسبب: ”عندما تختلف الاهتمامات.. يصعب أن توجد حياة مشتركة“ (38). كان ذهبي الفم محامي وبيروح مسارح لكنه صديقه وجه عقله نحو الرهبنة. حاول صديقه يقنعه بالرهبنة، لكن أمه لمّا عرفت بنواياه احضرته لغرفة نومها.. وقالتله أن أبوه تركها وهو طفل.. لكنه بيقول حاجة غريبة ”انفتحت عيني لتبصر لأول مرة نور الوجود“ وقالته كلام أزعجه جدًا.. وقالتله إن التزامات تربية الصبيان أصعب من البنات! ومردتش ادّخل راجل غريب في بيت أبيك- ”اجتزت وحدي أتون الترمل“ ولكن ”العناية الإلهية لم تتخلَّ عني“ (ص39).. لكن اللي كان بيبصرني وجهك أنت.. صورة أبوك إللي فقدته. وصرفت عليك من جيبي ولم ألمس تركة أبوك.. واترجته ”لا تذيقني الترمل ثانية“ انتظر رحيلي من هذا العالم (40). وبعد كده سافر حيث شئت.. ”ارم نفسك في بحر اختيارك“.
جات فرصة أن يترسم ذهبي الفم وصاحبه- حاول ذهبي الفم يقوله مش وقته ولا داعي للتعجل.. وفي النهاية اترسم صاحبه لكن يوحنا لم يحضر إلى الكنيسة. صديقه صعب عليه.. وبكي.. لكن بعد شوية قال ليوحنا.. اضحك زي ماء أنت عاوز -أنت كسرت صداقتنا- وأنت أحرجتنا حتى قدام الناس اللي انتخبونا.. زمانهم بيقولوا إحنا شوية أحداث.. أنت خدعتني وخنتني.. وأنا غلطان اللي باعتبك أصلاً. للأسف أنا كنت فاكر صداقتنا قوية.. لكن طلعت مريضة. مين دلوقت يعزيني؟ مين دلوقت أفتحله قلبي؟!
راح ذهبي الفم يقوله هدي نفسك شوية.. أنا هأقولك عملت كده ليه.. أزعل قوى إنك تتهمني بقلة الوفاء وأني كفرت بصداقتنا (ص45). أنا عملت كده لمصلحتك.. والخدعه مباحة في الحرب.. (المناورة) أو الخدعة في الحرب ممدوحة جدًا؛ لأنها بتوفر خسائر في المال والرجال، والخدعة مباحة أيضًا في حالة الزوج مع امرأته.. ومع الأولاد والصديق يعني (في مجال العلاقات). وجاب أمثلة زي ميكال اللي انقذت داود وخدعت أبيها.. ويوناثان عمل نفس الحكاية (ص47).[1]
صديقه بيقوله ده لا ينطبق على حالتنا.. فيوحنا بيقوله ”الخدعة جائزة الاستعمال لا في الحروب ومع الأعداء فقط، بل مع الذين هم أحب الناس إلينا“ الخدعة مهمة ”شريطة أن تُستخدم في مقصد نبيل ومفيد“. وفي هذه الحالة لا تسمى خدعة، بل فطانة وحُسن تصرف" صديقه بيقوله.. إذن مع هو القصد / أو المنفعة.
المقالة الثانية:
المنفعة.. أنك بقيت راعي ترعى خراف ربنا يسوع اللي اشتراها بدمه.. دي وظيفة رسولية. والصوم والصلاة والنسك أمر سهل لكن ”عندما تكون القضية، قضية إدارة الكنيسة وقيادة النفوس، فهذه مهمة عظيمة“، وبيقارن بين الراعي (للأغنام) والكاهن.. وبيقول الحرامية أهم حاجة عندهم القطيع.. لكن الشيطان في حالة الكاهن عاوزة يقضي عليه هو الأول.. علاج الأغنام أسهل من علاج النفوس ”لأن لا أحد يعرف الإنسان إلى روح الإنسان الذي فيه“ وبعدين بيقول ”ليس في المسيحية إكراه للمرء على إصلاح نفسه“ وده عكس السلطات المدنية.. اللي من حقها الردع واستخدام القوة. ”ليس لنا سوى وسيلة الإقناع، ”شفاء المريض بالقوة هو أمر مستحيل“ في نفس الوقت بلاش تساهل أو قسوة، بل يجب مراعاة حالة الخاطئ.. ”حتى لا يزاد الفتق من حيث يراد رتقه“.. ممكن التعنيف الشديد يفقده الحياء. لذا يحتاج الكاهن دائمًا إلى وضوح الرؤية والتمييز.
ذهبي الفم بيقول: ”الناسك لا يعمل إلا لنفسه، أما الكاهن فيعمل لأجل الشعب كله.“ وبعدين يقول خدمة النفوس شاهد على محبتنا للمسيح. فيقوله صديقه.. وأنت مش بتحب المسيح برضه؟ فيجيبه: طبعًا بحبه جدًا.. لكن خايف أسيئ خدمة من أحبه. فيقوله صديقه: ما السر؟ أنا مش فاهم! فيقول يوحنا: أنا أشك في كفاءتي لهذه الوظيفة. قاله أنا أتاكدت دلوقت أكثر من خيانك لصداقتنا. لأنه لو كلامك صح.. والكهنوت مسؤولية ثقيلة..كنت نصحتني وأبعدتني عنه.. لكن أنت شفت مصلحتك أنت بس.. ويقوله صديقه: ما أنت عارفني بخاف وبرتبك.. وكنت بتسخر مني أحيانًا.
ذهبي الفم يقوله: ده كان هزار صدقني.. لكن أنا هثبتلك من أعمالك وكلامك.. أن ده تواضع منك.. أنت فيك المحبة اللي قال عليها المسيح.. ويذكره بموقف أظهر فيه محبة باذلة وخلّص واحد بريء من المحكمة بشجاعته. فيقوله صديقه: طب هل المحبة بس كافية لخلاص النفوس؟ يقول يوحنا: هي أهم من كل شيء.. لكن أنت كمان عندك حكمة.. يقوله صديقه: كيف نرد على إهانة الناخبين اللي رشحونا للكهنوت؟ يقوله: أهم حاجة ربنا وبيحكي عن المعايير الغلط في اختيار الكهنة. فمثلاً يقول: ”لا يجب أن يمنع الكهنوت عن حديث السن مطلقًا، بل عن حديث الإيمان، غير المجرب، وبين الاثنين هوة كبيرة وفرق عظيم.
المقالة الثالثة:
وبيقوله عندما تنجلي الحقيقية ستختفي الاتهامات. الكهنوت وظيفة ملائكية. وبيوصف مشهد التناول.. وبيقارن بمشهد إيليا على جبل الكرمل، لكن في القداس الكاهن مش بيستدعي نار لكن الروح القدس. ده يُرى بعين الإيمان. سلطان الربط والحل لم يُعط للملائكة، وبيقول إن عظماء العالم عندهم سلطان الربط والحل لكن على الأجساد فقط. ”ما يقرره الكاهن على الأرض يُقرَّر في السماء“ وكرامتهم من كرامة المسيح اللي أعطاهم هذا السلطان. بيتكلم على أننا بنتناول من إيده ”فكيف لنا أن نجتنب نار جهنم.. بدون الكاهن؟“ إحنا اتولدنا روحيًا على إيديهم للحياة أبدية. الكاهن كمان بيصالحنا مع الله.
ثم يقول ”إذا أوليت مقاليد الأمور في الدولة إلى رجل ليست فيه كفاءة واستقامة.. تكون النتيجة السير بالبلاد إلى الخراب“ فماذا عن إدارة أمر كنيسة المسيح. وبيقول إنه لا يستحق عمل الكهنوت زي اسكافي أو حداد كُلف بقيادة حملة عسكرية. وزي واحد بيقوله: خُذ السفينة دي بركابها وبضايعها وقودها.. فما بالك بهلاك النفوس مش في بحر وإنما في أعماق جهنم. ”إنني أعرف نفسي. أعرف ضعفها وحقارتها، كما أني أعرف عظمة الكاهن ومصاعب وظيفته“ (ص67).
بيقول ذهبي الفم إن أول صخرة بيصطدم بيها الكاهن هي محبة المجد الباطل اللي هي أخطر من السيرين ودي ”سمكة بحرية تجتذب المسافرين بصيفرها الجميل لتبتلعهم“(ص67). وبيقول إن اضطراب الكنيسة سببه.. ”اختيار الكهنة أو أساقفة دون معرفة تامة بأنفسهم، ودون معرفة للناس بهم“ (ص69). بيوصف فساد كثير متعلق بالكهنوت في بلده .. ومحسوبيات وشهوة للأسقفية وصلة القرابة، ومن أحسن تملق الناس وخداعهم، وبيقول ”إن اشتهاء الكهنوت شقاء“(ص70).
يجب أن يكون للكاهن ألف عين ليرى كل ما حوله“ (ص71)، و”لا سبيل لإخفاء عيوب الكاهن. فإن أصغر هفواته تنتشر بسرعة أمام عيون الملأ“، وقالك ”إن الناس لا يقيسون الهفوة بنسبة فظاعتها، بل بنسبة قيمة الشخص الذي ارتكبها“ (ص74). والناس هتفضل فكراله أخطاؤه، الناس عايزه تشوف في الكاهن ”ملاكًا انعتق من كل ضعف بشريًا“ (ص74). بيقول الكاهن مينفعش يبقى غضوب. الإنسان الغضوب الأفضل ما يصاحبش كثير (2 أو 3 بس).. علشان نبعد الوقود من النار. كل ده خلاه يقول إنه يجب أن ”نختار للكهنوت النفوس التي لا تتغيّر، زي الفتية الثلاثة..“ لأن الكاهن برده بيدخل في أتون أصعب.. حتى التقوى بس مش كفاية، لازم معاها حسن الإدارة. وبيتكلم عن رهبان كانوا كويسين في الدير وفشلوا في المجتمع. والشعر الأبيض مش معيار للترقي في الكهنوت.. ده في ناس بيرسموهم كهنة علشان خايفين منهم!
بيقول سبب اضطراب الكنيسة:كهنوت في يد غير نقية أو في يد ضعيفة. الأولى تدنس قداسته، والثانية تعجز عن تحمل مسؤولية (ص77). ”إن أبناء المسيحية يلحقون من الشر بالكنيسة أكثر من خصومها“ (ص78). حتى خدمة التوزيع بدون تمييز تجلب متاعب كثيرة (ص80). يعدد ذهبي الفم مصاعب الكهنوت.. من اهتمام بالأرامل، والحفاظ على العذارى، والناس ضعاف النفوس اللي دايمًا بينتقدوا.. والحزن اللي هيشعر بيه لو اضطر يقطع حد من شركة الكنيسة.


[1] بالمناسبة في تشابه مع حديث شريف بيقول إن الخدعة/ الكذب مباح في ثلاثة مواقف: الحرب، والزوج وزوجته، وفي العلاقات بغرض الصلح بين الناس.

الثلاثاء، 22 يناير 2019

عن البتولية- ق يوحنا ذهبي الفم




بيانات الكتاب
عن البتولية – ق يوحنا ذهبي الفم
ترجمة أ. نشأت مرجان
إصدار مكتبة المحبة في 180 صفحة (قطع متوسط)

وتوجد ترجمة أخرى
لأبونا مرقوريوس الأنبا بيشوي
ودي ترجمة أخرى لبنانية.. 

(ملحوظة: قرأت الترجمة الأولى فيها أجزاء صعبة وغير واضحة.. والأهم من ذلك بعض الآراء الصادمة للقديس يوحنا ذهبي الفم عن الزواج – مما اضطر المترجم أن يختلف مع أبونا القديس في بعض المواضع).
إليك الملخص
في البداية بيهاجم ذهبي الفم بتولية الهراطقة.. لماذا؟ لأن دافعهم هو إن الزواج شيء دنس.. و”امتناعهم عن الزواج امتناع من اعتبر الزواج شرًا ينبغي تحاشيه“ (فصل 1: 2)- وده شيء إيجابي من ذهبي الفم. وقال إن محتقري البتولية سيعاقبون بالنار التي لا تطفأ والدود الذي لا يموت (فصل 2: 1). الغريب أن بيقول إن ربنا عاوز كل البشر تمتنع عن الزواج (2: 2) وده رأي بولس.. لكن ربنا عارف ضعف الجسد. بيرد على اعتراض عليه بأنه يحقّر من الزواج (8: 1) وبيقول لأ.. ”هوذا في معاملتك للزواج باحتقار شديد فأنت تهين حكمة الله.. إن كان الزواج دنسًا، فكل المولودين عن طريقه دنسين“ (8: 1). وبيقول إن مَن يتبتل وله نظره احتقار للزواج أو يعتبره شرًا، فليس له مكافأة. ودي شيء إيجابي آخر من ذهبي الفم.

ثم يستعرض موقفه من الزواج كالتالي: ”أومن أن البتولية مكرمة أكثر من الزواج، ونحن لا نضع الزواج في مصاف الأشياء الشنيعة، بل على العكس أنا أمدحه بحماس شديد، فهو لمن يستعملونه حسنًا ميناءً للعفة ويكبح جماح الطبيعة الشهوانية. الزواج الشرعى يقف كسد تتكسر على جدرانه الشهوات الجامحة ويصنعنا في آمان ويجلب نا الهدوء الشديد“ (9: 1). ولمّا ذهبي الفم بيشجّع على البتولية فهو لا يشين الزواج (9: 2). هو بينهي عن الزنا والنجاسة وليس الزواج (9: 3). واللي اعتنقوا الزواج ”فهم عفيفون ولا أكن لهم إلا المدح“ (9: 3). ”ولو حقرت من شأن الزواج،  ده معناه أنك بتحط من قدر البتولية، ولو كرمت الزواج، فده معناه إنك ترتقي بالإعجاب الذي تستحقه البتولية وتزيد بريقها“ (10: 1)
لكن في (10: 3) بيقول إن البتولية أعلى مرتبة من الزواج.. علو يساوي علو السماء عن الأرض. وبولس لما بيقول ”أقول أنا لا الرب“ فهو لا يقول شيئًا مخالف للمسيح.. معناها إن دي وصية لم يعطها الرب لتلاميذه.. لكنه أعطاها الآن لبولس (12: 3)! كمان بولس مش هيجرؤ أن يصرح بهذا التعليم إن لم يُعطى له بإلهام (12: 4)، والممارسة الكنسية تثبت هذه الوصية (12: 5).
بيرد ذهبي الفم على اعتراض.. لو خير للرجل ألا يمس أمرأة.. فما هدف مشروع الزواج.. وماذا سيكون دور المرأة إن مكنش زواج وخلفة أولاد؟ إيه اللي هيمنع انقراض الجنس البشري؟ ذهبي الفم بيحتقر الاعتراضات دي.. وبيقول إن ”العلاقات الجنسية والحمل والمخاض والولادة كلها أشكال للفناء“ (14: 3). و”أما عن تناقص (انقراض) الجنس البشري، فهذا شيء ليس من شأنهم“ (14: 14) وبيقول إن آدم وحواء كانوا في حالة بتولية- لكن ”الزواج أتى نتيجة العصيان واللعنة والموت. فحيث هناك موت يوجد أيضًا الزواج. انزع الأول يتلاشى الآخر“ (14: 6) ومتخافوش على الجنس البشري من الانقراض.. هو آدم كان جه إزاي؟ ولا حواء؟ وفي ربوات ملايكة بتخدم ربنا لم تأتِ عن طريق التناسل.. يعني سهل قوي ربنا يخلق بطريقة أخرى غير الزواج (14: 6). وبيأكد إن ”الزواج لا يستطيع أن يكثّر البشر بدون إرادة الله“ (15: 1)، لأن الله لو أراد ينميهم لما عِدم الوسيلة، لكنه شاء أن تكون بهذه الطريقة كما يقول الكتاب بسبب عصياننا (15: 1) ودليله في كده إن الزواج لم يظهر قبل السقوط، والجنس لم يظهر قبل الطرد من الفردوس والمخاض لم يظهر قبل اللعنة (15: 2). وبيقول مرة ثانية ”الله لم يكن بحاجة للزواج من أجل تكاثر البشر على الأرض“ (17: 5) والبتولية عمرها ما هتبيد البشرية بل الخطية (18: 1).
مرة ثانية بيقول إن الزوج ليه هدفين: الإنجاب، وتلطيف حدة الشهوات. وبعد أن امتلأ العالم بالبشر لم يبقَ إلا هدف واحد هو كبح جماح الزنا (19: 1). وبيقول إن اللي هيحتقر البتولية ربنا هيعقبه عقاب شديد وأورد الأطفال اللي استهزأوا بأليشع النبي ومريم أخت موسى، والجندي اللي راح يستدعي إيليا.. وبيرد على سؤال حلو.. ليه مش بيحصل كده في معظم الحالات- فأجاب بإنه ”إن أفلت أحد من العقاب فلن ينجو منه دائمًا“ (23). واستشهد بآية 1تي 5: 24 عن خطايا بعض الناس واضحة تتقدّم إلى القضاء أمّا آخرون فلن تكشف إلا فيما بعد. والخطاة لو لم يُعاقبوا فده مش معناه أنهم في مأمن بل سيعاقبون في الدهر الآتي.. جهنم تنتظرهم (24: 2).. وفي نار معدة لمن يحتقروا جمال البتولية (24: 4). وهو لا يستطيع أن يقارن الزواج بالبتولية أو يساوي بينهما (34: 5).
ينتقل لموضوع الزواج الثاني وبيعتبر من يتزوج بعد وفاة زوجته مثل حانثي اليمين وأنهم يجسدون التذبذب وعدم الثبات (على المبدأ أو الوفاء) (37: 2)، لأن الراجل يحزن وشعره منكوش ويبكي على زوجته الراحلة ثم فجأة تصفيق وأفراح وصورة عكس الأخرى.. زي الممثلين على المسرح.. وبالأمس كان بيقول إن الحياة لا تطاق بعد رحيل زوجته.. وأكثر شيء مثير للشفقة هو أطفاله.. هتجيلهم واحدة بتكره أمهم من غير سبب ويمكن من غير ما تشوفها.. وتقعد تشتم فيها والمسكينة في قبرها (37: 3). والزوجة الثانية بتيجي ”تجني ثمار أتعاب (الزوجة) الراحلة وتستمتع بممتلكاتها“.
في (39: 2) بيقول ذهبي الفم ”الزواج لم يكن مطلقًا ممدوحًا في حد ذاته، وإنما لسبب الزنا والتجارب وعدم النزاهة“. وده رأي صادم! لأن ذهبي الفم بيشوف إنه لم يذكر في أي موضع أن الهدف النبيل من الزواج هو إنجاب الأطفال لكن الكلام كله عن النيران والتحرق وعدم النزاهة وتجربة إبليس (39: 3). ثم يعتبر إن زواج المطلقين نوع من الجنس الجماعي أو تبادل الزوجات ”يصير الزواج وكأنهم يستعيرون من بعضهم البعض- بطريقة غير مباشرة- زوجاتهم في مشاع جنسي عام“ (40: 4).
في (41: 1) بيقول ذهبي الفم صراحة إن ”الزواج هو سلسلة (قيد)“ بسبب الاهتمامات المتعددة، ونوع من العبودية، والنير. وفي (45: 1) بيقول الزواج تجربة شديدة. وبيرد على اعتراض.. طب إزاي الكتاب قال عن المرأة أنها ”معين نظيره“. وبيجيب ذهبي الفم بأن هذا المعين هو مَن أخرجه من الفردوس! وأخذ يعدد كل النماذج السلبية للنساء زي مرات أيوب، وشمشون، وتجربة بعل فغور. وبيقول فعلاً المرأة خلقت كمعين ولكنها ”لم ترد أن تثبت في كرامتها الأولى“ (46: 3).
في (48: 1) بيقول إن المرأة التي تتعفف ضد رغبة زوجها ستقدم عن ذلك حسابًا عسيرًا. وفي (52: 1) بيوصف الحالة المزرية للراجل الغيور.. ثم الزوجة الغيورة في (52: 7). ثم يقول “لن تجد زواجًا خاليًا من المنغصات“ (52: 8)! في (56: 1، 2) بيوصف أحزان المتزوجة.. ”الزوجة عليها أن تخاف أكثر من موت، وتقلق لأكثر من نفس“، ”وكلما زاد الأغصان الخارجة من الأصل، كلما تزايدت الهموم“ لئلا يحدث مكروه لهذا أو ذاك. من مخاوف المرأة بشكل عام: خوف ألا  يأتي عريس، خوف من يوم الزواج، خوف من العقم، خوف من الولادة، خوف لئلا يحدث مكروه للرضيع، ثم يقول ”لا يوجد شيء في الزواج لا يصاحبه خوف“ (57: 4) – خوف من الإجهاض أو الإسقاط، ومن آلام الولادة، ومن وفاة الطفل، أو ولادته مشوهًا، أو لو كانت بتتمنى ولدًا وولدت بنتًا.. وهموم التربية بعد أن يولد الأابناء، وخوف على زوجها- ”لأن طول زمن العشرة يجعل الانفصال (الموت) غير محتمل بالمرة“ (57: 6). وحتى إذا توفرت كل أساب السعادة في الزواج.. لن يفيدنا شيء من كل هذا في الأبدية .. الفرق بين الأرض والأبدية هو فرق بين الحلم والحقيقة.
في (64) بيعتبر آلام المخاض عقوبة ولعنة. وفي (72: 1) بيقول حاجة لافته..”إن كان العصر الحالي على نهايته ويوم القيامة على أبوابنا إذًا ليس هذا زمن التفكير في الزواج.. بل التفكير في فقرنا وعوزنا الروحي“. طبعًا ده تفسير معروف إن سيطرة الشعور باقتراب المجيء الثاني بتؤدي مباشرة إلى عدم التفكير في الزواج والإنجاب وخلافه، ودس سمة كانت سائدة في الكنيسة على الأقل أول قرنين، لكن إحنا بنتكلم عن ذهبي الفم في القرن الرابع!في النهاية ذهبي الفم بيقول إن ”كل خيرات الأرض هي حقًا لعب أطفال“ (72: 2). يدعو ذهبي الفم لحياة التعفف وضبط النفس ”لأن مَن يحيا وهو قانع بما فيه لا يخاف من انقلاب الدهر عليه“ (71).

الاثنين، 21 يناير 2019

3 عظات عن الزواج- ق يوحنا ذهبي الفم


العظات الثلاثة مترجمة في الكتاب ده
لكني استخدمت نص مختلف للعظة الثالثة- ترجمة د سعيد حكيم
إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية
---------
العظة الأولى: القصد من الزواج
بعد مقدمة عن خطايا اللسان.. يبدأ ذهبي الفم من بولس وكلامه على أن مَن لا يتزوج يفعل حسنًا. لكن من أجل اجتناب الزنا ليكن لكل رجل امرأته (1كو 7: 22). ويؤكد أن الرب قدّم هدية للعرس (معجزة الخمر)، وأن الشر هو في الزني، ولا يوجد شر في الزواج، بل على العكس الزواج هو الدواء (ص142). بيناشد الناس أنها تدعو المسيح (متمثل في كهنته إلى العرس) ونترك العادات القديمة والرقص الخليع.. مع أنه بيقول ”من الصعب التنكر للعادات القديمة“ ولو قال حد إن دي عادة ومش هينفع نغيرها.. بيقولهم ”ليس من ثبات لأية عادة“.. وخلينا نكرّس عرف جديد.. اعملوا خير في المناسبات دي- وتكون فرصة لخدمة الفقراء (ص143). ولو قالوا مفيش في حد في المدينة بيعمل كده.. بيقولهم كونوا أنتم أول مَن يتبع العادة الجديدة والناس بعد كده هتعمل زيكم.
بيقول ذهبي الفم: ”إن الزواج لم يؤسس لأجل الزنا.. بل على العكس ليحفظ منه“ (ص146). الزواج عند ذهبي الفم وضع لسببين: 1- ضبط الميول الجنسية، و 2- انجاب البنين.. وبيقول السبب الأول هو الأهم.. والدليل على أن عدم الإنجاب ليس سببًا في الطلاق، وكمان لأن الجنس البشري ملأ الأرض كلها. في القديم..كل واحد كان عاوز نسل.. حتى يترك ذِكرًا وأثرًا.. علشان ”لم تكن مسألة القيامة موجودة.. وحين كان يبدو كأن كل شيء ينتهي بالموت“.. لذلك كان الإنجاب تعزية عن الراحلين.. أما الآن ”وقد أشرق علينا نور القيامة، وقد أصبح الموت عرضيًا، لا خاتمة لحياتنا.. لم يعد لإقامة النسل ذات الأهمية“ (ص147). في وسيلة دلوقت للخلود.. هي ”الولادات الروحية“. بناء على كده.. يبقى غاية واحدة من الزواج هي ”اجتناب الزنى“ (الرأي دي مش هيعجب ناس كتير).[1] لذلك خطية الزنا بعد الزواج وحشة جدًا.. ولو جت واحدة عاهرة علشان تجتذبك إليها- قولها: ”إن جسدي لا يخصني.. بل يخص زوجتي.. وليس لي حق التصرف به“ والموضوع ده في مساواة كاملة بين الرجل والمرأة (ص148). لأن ”من العفة والأمانة تتولد حرارة المحبة الحقيقية، ومن المحبة تتولد السعادة“ (ص49). ممكن ”تتوارى من أنظار شريك حياتك.. لكن لن تهرب من أنظار الله المنفتحة عليك والمراقبة إياك دائمًا“ (ص151).
يتطرق ذهبي الفم لحاجة اسمها (guilt-free sex) وبيقول: ”إن لذاتك مع إمراتك هي ملذات بلا تكدير، ومسرات بلا تبكيت. أما ملذاتك مع إمرأة غير امرأتك فكلها مرارة وشقاء وعذاب“ (ص152). أماكن الدعارة أبعد مكان ممكن تلاقي فيه السعادة.
العظة الثانية: عن الطلاق
بيقول ذهبي الفم: ”إن الزواج هو منبع السعادة لمن يحيا حياة مسيحية. وهو على العكس منبع شقاء وتعاسة لمن يسيء استعماله.. فالمرأة يمكن أن تكون سند حياتك، ويمكن أن تصبح سبب دمارك. والزواج قد يكون لك ميناء نجاة، وقد يكون لك بحرًا متلاطمًا للغرق. والزواج بطبيعته هو حسن. ولا يصبح سيئًا إلا بإساءة استعماله“ (ص155) بيقول حاجة مهمة جدًا ”إن الزواج ليس ضرورة، وليس هو بالتالي نظامًا أو أمرًا“ (ص157).
بالنسبة للطلاق هو رباط ينفك بالموت. بعكس القانون المدني.. لماذا سمح الله لموسى بالطلاق إذن؟ بيقول إن موسى ”أحل الطلاق محل القتل“ (158).. يعني لولا الطلاق كانوا هيقتلوا نساءهم في بيوتهم.. لأن إقدامهم على سفك الدماء لا يكلفهم شيئًا! لكن ناموس الخليقة أقدم من ناموس الطلاق.. وكان في تمهيد للشريعة الجديدة في سفر زي ملاخي.
أمّا عن الزواج بمطلقة، فبيقول ده زواج  يدعو للاشمئزاز: ”بأي نفسية تدخل بيتك“ وجوزها عايش.. والست دي داست ارتباطها مع زوجها الأول وارتباطها معك ليس له أية قيمة (ص160). واللي يخالف الوصية دي بيهدده ذهبي الفم بإنه سيوثق في نار جهنم (ص161). بيرد ذهبي الفم على فكرة احتياج الرجل لأكثر من زوجة بسبب قوة الشهوة لديه.. بأنه في رجال كثير ليهم نفس جسدك.. ونفس شهوتك.. ومع ذلك أمناء تجاه زوجة واحدة. والأكثر من كده في ناس عايشة في البتولية (ص162).
في رده على اعتراض إن بولس أعطى آراء خاصة بيه في موضوع الزواج والبتولية، بيقول ذهبي الفم أن الكتاب المقدس هو ”فكر الروح القدس، فكر الله، والقديس هو ترجمان لله“ ودي تنفع نظرية عن الوحي.. وبالتالي لمّا بولس يقول ”أظن.. فليس قوله عن تخمين، بل عن تواضع ليس إلا“ (ص163).
 العظة الثالثة عن اختيار شريك الحياة
(ترجمة د.سعيد حكيم – المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية).
ذهبي الفم بيقول لازم نتوخى الحرص في اختيار شريك الحياة أكتر من حرصك في  شراء العبيد والبيوت.. ”بالأحرى كثيرًا إذا تعلق الأمر باختيار زوجة“ لأن شراء البيت ممكن الرجوع فيه.. والخادم ممكن نرده للبائع.. لكن في اختيار الزوجة ”لن تستطيع أن تردها إلى أهلها مهما حدث“ (ص9). وأهم حاجة في اختيار الزوجة في رأي ذهبي الفم هو ”النفس“ أو بما نسميه إحنا ”الشخصية“ يعني يكون ليها فكر مستقيم ومتواضعة. ومعيار محبتك هو محبة المسيح.. فلو كانت سيئة أصلحها برقتك.. وزي العضو حتى لما يمرض لا يُبتر.. ولكن يعامل برفق (ص31). ومخافة الله تجعلنا نحتمل سوء حالة الزوجة (ص14).
بيقول إن الوالدين أيضًا قد يقبلون لابنتهم شخصًا لم يعرفوه من قبل ومع ذلك يفرحوا.. ويقدموها ليه ويتمنيا لها كل بركة لهذا الزواج.. ”يترك الزوجان ذويهم ويرتبط الواحد بالآخر ويبدآن حياة جديدة.. وهذا الأمر ليس إنسانيًا، بل هو نوع من المحبة قد زرعه الله في كليهما“ (ص15). ذهبي الفم بيقول ”لا يجب أن نفكر في الزواج لا كتجارة بل كشركة حياة“ (ص16). استكمالاً للشخصية.. لازم تكون قادرة على تدبير بيتها.. وبيدي الزوجة دور أكبر في كده لأن الراجل مسؤول عن العمل العام.. الرجل يقدر يدير أمور الدولة.. وهي تربي أولادها حسنًا.. وده عمل مش هين مع ذلك (ص17). ربنا ”وزع بينهما الأعمال لكي تستمر مسيرة الحياة“ (ص18). مرة أخرى بيقول إن هدف الزواج هو ”إجتناب الزنا“. ثم يشرح قصة عن خادم إبراهيم، العازر الدمشقي، وطريقة اختياره لزوجة ابن سيده. وبيقول:
1-  لم يذهب للعرافات بتوع الأساطير.
2-  صلى وقال ”يا إله سيدي تسير لي اليوم.. واصنع لطفًا“.
3-  إيه العلامة اللي حطها: نفس تحيا بالفضيلة.. والعلامة هي الضيافة.
4-  المعيار.. امرأة لها نفس طريقة تفكير سيده.. بيت مفتوح للغرباء.
5-  لم يسمع صوت ولم ير رؤية“ (ص23).
6-  لقى فيها حكمة..لم تبدأ هي بالحديث معه ..
7-  أخذ ”يتفرس فيها صامتًا ليعلم..“ (تك 24: 21) وهنا بيلاحظ الملبس، طريقة المشي، النظر، الكلام.. حتى يفهم قيمة هذه النفس (ص27) يعني علشان يعرف شخصيتها كويس..
8-  ربنا كان يتوسط الأمر.. وبيقول ”عندما نفعل شيئًا بدون حضور الله، فسوف نفشل ونُصاب بإحباطات كثيرة، حتى ولو كان هذا الشيء سهلاً وبسيطًا. لكن حضور الله واحتضانه لنا يجعل كل الأمور سهلة وبسيطة حتى وإن كانت غير ممهدة بالمرة“ (ص30).


[1] الغريب أن ذهبي الفم في عظتين له أتربيوس بيقول: ”الزواج في أعماقه هو حب وعشق.. أعمق من أن يُعبّر عنه أية أمور محسوسة أو حتى عواطف ومشاعر جسدية. هذا الحب يلازمه بالنسبة لنا كبشر العلاقة الجسدية بين العريس وعروسه كعلامة من علامات الحب بينهما، لكنه ليس هو كل الارتباط بينهما- قد يمتنعا للصوم، وأحيانًا لأسباب مرضية، أو لظروف قاهرة، لكنها مع ذلك جسد واحد.“ (الكنيسة تحبك، ص44، 45).
وفي (تعاليم الموعوظين، عظة 1: 11)- تعليقًا على آية "هذا السر عظيم" (أف 5).. بيقول : ”نعم هو حقًا عظيم.. فأي رجاحة عقل بشري يمكنه أن يدرك ما يحدث في الزواج. عندما يتفكّر الإنسان في كيف لزوجة شابة تربت على لبن أمها وحُفظت في البيت.. ثم فجأة عندما تحين ساعة الزواج تنسى آلام ولادة أمها.. وتنسى كل شيء وتسلّم مشيئتها لذلك الرجل الذي لم تره من قبل؟.. تتغيّر حياتها بالكامل.. وتعتبره أباها وأمها وزوجها وكل قريب لا يمكن ذكره“.

5 عظات على حنة أم صموئيل- يوحنا ذهبي الفم





ترجمت هذه العظات في 5 أعداد من مجلة مدرسة الأسكندرية الأعداد من ( 13- 17)
شارك في الترجمة أ.بيتر سدراك و أبونا يوحنا عطا، وفريق المجلة.
إليك الملخص:


العظة الأولى (عدد13)
يقول ذهبي الفم ”الله هدانا لمعرفته من خلال تمييز الخلق“ (ص25)- بمناشدة العقل. انذهلت عقولنا بجمال الطبيعة... فهي رائعة وعظيمة.. لكن كمان الطبيعة فيها علامات قصور ومحدودية.. الجمال والروعة لتعبّر عن خالقها، والقصور حتى لا نعبدها (ص26). يتحدث عن ذهبي الفم عن ثبات الطبيعة (النسبي) زي الشمس اللي عمرها ما ضعفت ولا مرضت لكن ده مش معناه إن الإنسان أدنى مرتبة .. لأن الإنسان عنده جزء خالد هو النفس.
لماذا نعاني من الشخوخة والمرض! ”بعدل، ولخيرنا“ (27).. العدل علشان سقطنا في الخطية، ولخيرنا.. لتصحيح العجرفة الفطرية اللي بنميل إليها.. طبعًا هو بيتكلم أن الله خلق السماء غير خاضعة لانحلال العمر بمرور الوقت (ده طبقًا بحسب العلم الحديث غير صحيح- لأن الشمس أيضًا تشيخ- وعندنا ظاهرة اسمها كلف الشمس، بالإضافة إلى قانون الأنتروبيا- لكن ذهبي الفم بيتكلم عن الثبات النسبي للطبيعة وده شيء صحيح).
يذكر ذهبي الفم 3 معلمين للبشر: الخليقة والضمير..و كلاهما علّم البشرية في صمت: الخليقة من خلال الرؤية والضمير من خلال الحكم الذي يصدره. المعلم الثالث هو: الوالدان. وبيقول إن التربية بتعتمد على عنصرين: الطبيعية+ حرية الإرادة.. وبيقول ”ليست الطبيعة هي التي تضع الوالدين بل الفضيلة“. وبيقول كمان: ”هذا هو تدبير عناية الله، عدم ترك الأطفال محرومين من العاطفة الطبيعية، وأيضًا عدم ترك كل شيء في عهدتها.“ أي في عهدة العاطفة الطبيعية.. (ص29). شيء طبيعي الوالدين يحبوا أولادهم بالطبيعة.. لكن كمان لازم تشتغل الإرادة.. ويغضبوا ويقوموا عيالهم.. لو حاجة من الاثنين غايبة (الطبيعة + حرية الإرادة) كانت هتحصل مشاكل كبيرة. بيقول ذهبي الفم إن ”المكافأة ليست ولادة الأطفال بل تربيتهم حسنًا“ (ص30) وبيعطي الأم دور أكبر في التربية بسبب انشغال الرجل في العمل.
ثم ينتقل إلى الحديث عن حنة أم صموئيل وتجربتها. ويحكي عن مرارة العقم. وإن ربنا لم يغلق رحمها بسبب كراهية أو نفور.. لكن علشان نتعرف على فضائل هذه المرأة. وبيقول بعض الناس بتوبخ الزوجة وتحملها مسؤولية العقم.. لكن ”الإنجاب يرجع مصدره إلى الأعالي، إلى العناية الإلهية، وأنه ليس طبيعة الزوجة أو الاتصال الجنسي أو أي شيء آخر هو المسؤول وحده عن ذلك.“ (ص32)
حنة في مرارة نفسها قالت ”أدوناي كيريي إلوهي صباؤوت“ ومعناها ”أيها الرب إلهي رب الجنود“ حيث لم تترجم الكلمات إلى السان اليوناني – لأن ترجمتها هيفقد تأثيرها (حاجة كده زي كتبة الأناجي لمّا خالوا عبارة إلوي إلوي لما شبقتني علشان يوصلوا تأثير الكلمات). كانت حنة في صلاتها.. ”ذهنها محل الورق.. ولسانها محل القلم، ودموعها محل الحبر“. لم تقل حنة لربنا أديني 3 عيال واديك 2.. لكن طلبت واحد وقالت هتكرسه كله لربنا. مش قادرة تدفع عربون، ”فهي تدفع الثمن مما هو آتٍ إليها“ (ص35). وأكد ذهبي الفم إنها لم تذكر غريمتها بأي سوء لا قبل ولا بعد. ودعت اسم الصبي صموئيل علشان ”تحفر ذكرى هذا الحدث باسم الطفل للمستقبل“ (ص36). ثم تحدث عن ضرورة أن نعلم أولادنا وشبابنا فضيلة ضبط النفس حتى ينجحوا في زيجاتهم المستقبلية.
العظة الثانية (عدد14)
بيقول إن حنة هي الأم والأب.. ليه؟ ”لم يتعلق الأمر بجماع الوالدين.. بل شكلت الصلوات والدموع بدايات هذه الولادة.“ (ص31). ثم يتحدث عن سوء ظن عالي الكاهن بها وتعاملها بنبل ووداعة مع هذا الأمر.. وبيقول إن عادة الشيطان يبعتلك واحد بكلام سلبي بعد الأزمات الكبيرة علشان يقضي عليك تمامًا.. وأهو مثال حنة وعالي الكاهن، وأيوب وامرأته، وداود وشمعي بن جيرا ونصيحة سلبية من بن صروية. لكن التعامل بنبل هو الحل. قدرت حنة بوداعتها إن تحول اللي بيتهمها (عالي) إلى مؤيد لها (صفحة 44).
العظة الثالثة (عدد 15)
نتعلم من قصة حنة كيف نتعامل مع العقم. وكيف نربي أطفالنا من أجل الله.. والقصة تقودنا إلى تقوى النفس.. وإننا نشوف ولادنا مكرسين من البداية لله (ص38)..حوّلت حنة بيها لهيكل.. ثم تركته في الهيكل ولم تحزن ”لأن النعمة تدخلت وغلبت التعلُّق الطبيعي“ (ص39).. وحنة تشبه أبونا إبراهيم اللي قدم ابنه ذبيحة.. وبيعلق: ”هل ترون المرأة وهي تنافس الرجل؟ أترون كيف أنه لم يكن هناك أي عائق فيما يخص طبيعتها الأنثوية لكي تحاكي البطريرك؟“ (ص41-42). يحثنا ذهبي الفم جميعًا أن نقود أولادنا وبناتنا للحياة المقدسة مش بتكديس المال لهم.. لكن بإيداع البر والفضيلة في أنفسهم.
العظة الرابعة (عدد16)
أظهرت حنة قدرة في التجاوز عن الاتهامات.. بالرغم من عضويتها في هذا الجنس المعيب! لكن ده درس ”أن النساء لم يصبحن هكذا بالطبيعة، بل بالاختيار، ومن الممكن أن يحققن أعلى درجات الفضيلة“ (ص23). قالت حنة في صلاتها ”ارتفع قرني بالرب“- وبيفسر إن القرن كناية على المجد. ثم قالت ”فرح قلبي بالرب“.. وبيقول في السبيعينية تُقرأ ”فرح قلبي بربي“. ويبعلق ”هذه هي طريقة العشاق في الحب، فهم لا يقنعون بالحب مثل عامة الناس، ولكنهم يصرون على إظهار مشاعرهم على وجه الحصر وبشكل فردي“ (ص26). وبعدين بيقول مش المدهش أن الناس تعمل كده..ل كن الغريب إن ربنا هو اللي يعمل كده.. فهو ”لا يقول أنه إلههم كقاسم مشترك لعامة الناس، ولكن إلههم بشكل فردي، ويقول "أنا إله إبراهيم وإسحق ويعقوب.."“ (ص26). وبيقول إن ربنا لا يفرح عندما يُدعى إله السماء والأرض.. لكن بيفرح بدعوته إله إبراهيم وإسحق ويعقوب.. وبيقول ”لا يُنتسب إبراهيم لله فقط، بل يُنتسب الله أيضًا لإبراهيم، فينتُسب السيد لعبده“!!!
ثم يتحدث عن الصلاة في أي مكان.. حتى لو عامل في المحكمة.. يرفع قلبه ويصلي قبل الدخول إلى القاضي.. المهم في الصلاة يقظة الذهن. والست وهي بتشتغل على المغزل بتاعها – أو في السوق.. مش مهم المكان ... المهم ذهن متقد وروح يقظة (ص31).
العظة الخامسة (عدد 17)
بيكمل شرح آية ”لأني ابتهجت بخلاصك.. “ وبيقول إن حنة لم تقل الخلاص لكن حددت ”خلاصك“.. فهي تقول ”أنا أفرح ليس لأنني نلت الخلاص بل لأنك مَن خلصني“، والقديسين ”يفرحون ليس بالعطية إنما بالرب الذي أعطاهم إياها“. وبيكمّل في نفس الفكرة ”إن ارتكبنا خطية فلنكتئب ليس لأننا سنعاقب، بل لأننا أحزنا الرب. وإن مارسنا فضيلة، نفرح ليس لأننا سندخل ملكوت السموات بل لأننا أبهجنا ملك السموات“. يجب أن نظن ”أن فعل أي شيء لا يرضي الله لهو أسوأ من الجحيم“.
ثم يتطرق لموضوع العناية الإلهية.. وبيقول في ناس بتحاكم ربنا على ما آلت إليه ظروفهم. وفي ناس بتقول ده غنى وده فقير.. وبيتخذوا من ده دليل على عدم وجود عناية.. لكن ذهبي الفم شايف العكس.. إن وجود الفقر والغنى أوضح دليل على وجود العناية.. لأنك لو قضيت على الفقر.. هتدمر كل الأعمال الحيوية والمعيشة كلها.. ومش هيبقى في فلاحين ولا بنائين ولا حرفيون من أي نوع. (ص22).
وبيقول إن ”شدة الاحتياج معلم ممتاز يحث كل هؤلاء على العمل“ (ص23) حاجة زي عبارة ”الحاجة أم الاختراع“ .. ولو الكل أغنياء هيصبحوا عاطلين. وبيقول أنت بتنتقد العناية الإلهية علشان واحد عنده مال كثير والتاني ممعهوش. ماذا لو أثبت لك أنهم الاثنين عندهم نصيب متساوي من العناصر الضرورية للحياة، هل ستعترف بوجود العناية؟ ثم يشرح إن..
1-              الماء العذب للفقير والغني.. وهو أهم من الخمرة..
2-              النار... من أهم المصادر ومتاحة للجميع.
3-              استنشاق الهواء في اشعة الشمس... ودرجة الاستفادة متساوية.
4-              النوم، أحلى وأهم من أي رفاهية. والفقير سيتمتع بيه أكثر علشان شقيان وتعبان.. والأغنياء بيجلهم أرق كتير.
5-              سلامة الجسم.. مع أن الأغنياء بيمرضوا أكثر.
6-              إنجاب الأولاد- وعدم الإنجاب بيخلي الغني أتعس حظًا .
7-       سكرات الموت تجوز على الجميع سواسية- حتى وإن اختلفت مراسم الدفن. وكمان قبر الفقير لا يتعرض للسرقة..
وبيقول: ”كلما زادت الأملاك لا يزيد معها إلا القلق“. وبالتالي ”الفقراء لا يقل نصيبهم عن الأغنياء في الاحتياجات الضرورية للحياة“ (ص24).