الثلاثاء، 11 يوليو 2017

هرمنيوطيقا النصوص النبوية-1





وظيفة النبي:
1-   النبي nabi : هو متحدث عن شخص آخر: "قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: انْظُرْ! أَنَا جَعَلْتُكَ إِلهًا لِفِرْعَوْنَ. وَهَارُونُ أَخُوكَ يَكُونُ نَبِيَّكَ" (خر7: 1) أي متحدثًا عنك، وتحت تأثير الروح القدس يصبح هذا الشخص نبيًا لله. معنى الكلمة حرفيًّا: "يفور كالنافورة".....
2-    الرائي: "سَابِقًا فِي إِسْرَائِيلَ هكَذَا كَانَ يَقُولُ الرَّجُلُ عِنْدَ ذَهَابِهِ لِيَسْأَلَ اللهَ: «هَلُمَّ نَذْهَبْ إِلَى الرَّائِي». لأَنَّ النَّبِيَّ الْيَوْمَ كَانَ يُدْعَى سَابِقًا الرَّائِيَ" (1صم9: 9)، "وَلَمَّا قَامَ دَاوُدُ صَبَاحًا، كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى جَادٍ النَّبِيِّ رَائِي دَاوُدَ قَائِلاً" (2صم 24: 11). واضح من الآية الأولى أن لقب الرائي كان قبل العصر الملكي (في زمن صموئيل وشاول). ينظر النبي في الأمور الإلهية ويأتي لنا برسالة من الله. النبي أُعطي قدرة على رؤية مشيئة الله وفكره فيما يحدث في بيئته.
3-   الرقيب (watchman): من كلام الله لحزقيال: "يَا ابْنَ آدَمَ، قَدْ جَعَلْتُكَ رَقِيبًا لِبَيْتِ إِسْرَائِيلَ. فَاسْمَعِ الْكَلِمَةَ مِنْ فَمِي وَأَنْذِرْهُمْ مِنْ قِبَلِي" (حز 3: 17).
4-  الرسول: "فَقَالَ حَجَّي رَسُولُ الرَّبِّ بِرِسَالَةِ الرَّبِّ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ قَائِلاً: «أَنَا مَعَكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ» (حج 1: 13). حجي هو فقط مَن أطلق على نفسه هذا اللقب، وهذه الكلمة (mal'ak) تترجم عادة "ملاك" في العهد القديم، وتشير في معناها العام إلى أي "رسول". ملاخي النبي معنى اسمه "ملاكي/ رسولي". 
5-  رجل الله: "فَأَجَابَ إِيلِيَّا وَقَالَ لَهُمْ: إِنْ كُنْتُ أَنَا رَجُلَ اللهِ، فَلْتَنْزِلْ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ..." (2مل 1: 12).
6-   عبد الرب: "وَكَانَ عِنْدَ إِصْعَادِ التَّقْدِمَةِ أَنَّ إِيلِيَّا النَّبِيَّ تَقَدَّمَ وَقَالَ: أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَإِسْرَائِيلَ، لِيُعْلَمِ الْيَوْمَ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ فِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنِّي أَنَا عَبْدُكَ، وَبِأَمْرِكَ قَدْ فَعَلْتُ كُلَّ هذِهِ الأُمُورِ." (1مل18: 36).
7-   إنسان الروح: (هو9: 7)
ماذا يتوقع الله من النبي؟
-        قد يعتقد البعض في وظيفة النبي كما لوكانت نوع من العرافة والتنجيم وإخبار بأمور تتعلق بالمستقبل، وقام أنبياء العهد القديم بهذا الدور، ومع ذلك لا يجب أن نحصر هذا المعنى لجوهر أسفار الأنبياء في العهد القديم. النومذج المثالي لعمل النبي هو "نموذج العهد" (covenant model).
-        تمثل فكرة "العهد" فكرة نحورية في الكتاب المقدس. لكن فهمنا لهذه الفكرة قد تطور بشكل كبير مع الاكتشافات الأثرية الحديثة. من خلال هذه الاكتشافات نفهم أن كتابات العهد القديم تصف علاقة الله بشعبه من خلال تعبيرات متشابهة للمعهادات السياسية في زمن كتابة الأسفار.
-        كان هناك نوعان من المعهدات: 1- معاهدات متكافئة (parity treaties): وتكون بين طرفين متساويين في القوة والسلطان. 2- معاهدات بين قوة مهيمنة وملك أو بلد خاضع مرؤوس وأقل قوة، وتسمى (suzerain vassal treaties). الطرف الأاقوى يضع شروط المعاهدة ويتعهد بالحماية، بينما يظرف الطرف الأضعف الخضوع بدفع الضرائب والمساندة في الحروب التي يخوضعها الطرف الاقوى. وهنا يبرز دور المرسلين أو الممثلين عن الطرف الاقوى الذين يذهبون إلى الطرف الأضعف ليذكروه بشروط المعاهدة، وفي حالة الرفض يأتي الطرف الأقوى بجيوشة لهزيمة الطرف الأضعف.
-        هذا الدور يشبه إلى حد بعيد دور النبي في العهد القديم. اي محامي بتكليف من الامبراطور العظيم (الله) للدفاع عن شروط المعاهدة ضد الطرف الآخر (شعب الله). يظهر هذا من خلال رؤية إشعياء أصحاح 6:
§        إش 6: 1  "رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ"- يرى إشعياء الله كملك أو امبراطور عظيم. "وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ ... لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ" (إش6: 5)
§        يستدعى إشعياء بسبب انتشار الشر والفساد بين الشعب
§        ثم تُطهر شفتا إشعياء كعلامة على تكريسه للمهمة المتوقعة منه
§        ثم يأتي التكليف: "ثُمَّ سَمِعْتُ صَوْتَ السَّيِّدِ قَائِلاً: مَنْ أُرْسِلُ؟ وَمَنْ يَذْهَبُ مِنْ أَجْلِنَا؟ فَقُلْتُ: هأَنَذَا أَرْسِلْنِي" (ع8).
-        بالرغم من الكثير من الأمور المتعلقة بالمستقبل والتي تنبأ بها الأنبياء، إلا أن هذا ليس أهم جزء من عمل النبي. لذا من أجل فهم صحيح لأسفار الأنبياء لابد أن نتخلى عن حب الاستطلاع بشأن تحقيق أمور مستقبلية. عمل النبي يتركز على الوعظ والحث والحض (preaching) أكثر من التنبؤ (predicting). لا يهتم النبي بإخبار (to inform) الناس بأمور متعلقة بالمستقبل، بقدر ما يهتم بتشجيعهم على تشكيل (to form) مستقبلهم. بمعنى أنه يريدهم أن يغيروا نمط حياتهم وفقًا لما يرتبه الله لهم في المستقبل من بركات أو دينونة. إذن الغرض هو التحفيز على حياة القداسة.
-        هذا لا يمنع أن النبي يتحدث في أمور تختص بالمستقبل؛ لكنه وهو يفعل هذا فهو يصيغ عباراته النبوية بلغة يفهمها سامعيه جيدًا؛ مع التأكيد على عقيدة يهودية ومسيحية بأن الله هو سيد التاريخ من ناحية، وأنه يتحدث في التاريخ وعن التاريخ، ومن ناحية أخرى يسير التاريخ نحو غاية، ونحو نهاية، ولسنا في دورات زمنية تتكرر إلى ما لانهاية. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق