الاثنين، 22 يناير 2018

المسيحية والعلم- 5

جون فليبونس / يوحنا النحوي/ يوحنا السكندري (490- 570)، وهو  فيلسوف ومفكر إسكندري.. ولد من أبوين مسيحيين وتلقى تعليمه الفلسفي في مدرسة الأسكندرية التي نالت شهرة بعد غلق مدرسة أثينا. من أوائل الذين عارضوا مبادئ أرسطو في الفيزياء والطبيعة.. لذا يعتبر يوحنا النحوي ممثل ما يعرف بالأرسطية المسيحية (Christian Aristotelianism). ترجم وفسر لأرسطو.. طبَّق يوحنا النحوي اللاهوت المسيحي على الفيزياء مما أدى إلى ظهور حقبة جديدة من العلم. وهو أول من مزج بين الكوزمولوجية العلمية (أي دراسة الطبيعة والكون) وبين الإيمان بوحدانية الله والعقيدة المسيحية عن الخلق.
على عكس أرسطو الذي نادى بأزلية الكون، نادى فليبونس بأن الكون مخلوق. وبينما اعتقد أرسطو أن الأجرام السماوية من مادة مختلفة عن الأجسام على الأرض، نادى فليبونس بأنها تتكون من نفس المادة. نادى أرسطو بأن النجوم عبارة عن أرواح من طبيعة الآلهة، لكن يوحنا قال بأنها مخلوقة وتخضع لقوانين الحركة العادية.[1] وربما أهم إسهاماته العلمية هي نظريته عن الدفع الذاتي (Impetus). قال أرسطو بأن الأرواح هي من تدفع حركة الأجرام السماوية، لكن فيلبونس قال أن الله في خلق الكون دفعها وهي تتحرك بقوة هذه الدفعة.
لا يُذكر جون فليبنونس في الكتب الطقسية أو التاريخية للأقباط، بالرغم من موقفه الداعم للعقيدة اللاخلقدونية بعد مجمع خلقدونية 451م، إذ طلب منه الملك جوستنيان (الخلقدوني) أن يأتي إليه ويشرح له موقفه شخصيًا، لكنه رفض وكتب رسالة توضح موقفه باسم ”المحكم- Arbiter“، وكان موقفه يميل إلى الموقف اللاخلقدوني. أكد في مقالته أن كلا الفريقين يقول نفس الشيء، أحدهما يؤكد على وحدانية المسيح خشية الثنائية، والآخر يؤكد على ثنائية الطبيعيتن خشية الامتزاج أو الاختلاط. لذا اتهم من الجانب الخلقيدوني بالهرطقة. وربما له أفكار غير أرثوذكسية عن القيامة والثالوث، وربما هذا يفسر عدم اعتزاز الكنيسة القبطية به. بالرغم أن البعض يصنفه مع ق ساويرس الأنطاكي في الدفاع عن العقيدة اللاخلقدونية.




[1] Dan Graves, Scientists of Faith: Forty eight Biographies of Historic Scientists and Their Christian Faith, p. 14- 16.

الثلاثاء، 16 يناير 2018

المسيحية والعلم- 4

القديس والفيلسوف أغسطينوس (354- 430م): أحيانًا ما يُتهم أغسطينوس بأنه ضد العلم والعقل؛ لأنه صاحب العبارة الشهيرة ((credo ut intelligam تعني ”أنني أؤمن لكي أفهم.“ كذلك لأنه عبَّر عن شكوكه في قدرة العلم أو ما كان يُسمى في تلك العصور ب ”الفلسفة الطبيعية“ على تفسير الكون. وبالرغم أنه لم يسهم بأي إسهامات في مجال العلم، لكنه ساهم إيجابيًا في شرح العلاقة بين المسيحية والكتاب المقدس والعلم. فهو يحذر من تصديق العلم المزيف الذي يتعارض مع الكتاب المقدس، وفي نفس الوقت يحذر المسيحيين من الجهل بالحقائق العلمية في المجالات المختلفة، ويقول:
من العار والخطير لجاحد أن يسمع مسيحيًا، من المفترض أنه يفسر معاني النصوص المقدسة، وهو يتحدث بكلام هراء حول هذه الموضوعات، ويجدر بنا اتخاذ كافة الوسائل لمنع هذه الموقف المحرج، الذي يُظهر فيه الناس جهلاً كبيرًا... وإذا وجدوا مسيحيًا يخطئ في مجال يعرفونه جيدًا، ويسمعونه يواصل آراءه الحمقاء عن أسفارنا، فكيف سيؤمنون بهذه الأسفار في أمور تتعلق بقيامة الأموات، ورجاء الحياة الأبدية، وملكوت السموات، إذا ظنوا أن صفحاتها تمتلئ بالمغالطات، وعن حقائق تعلموها هم بأنفسهم من خلال التجربة وفي ضوء المنطق والعقل؟[1]
كما يذكر أن مصداقية الكتاب المقدس تتعرض للتشكيك عندما يحاول بعض المسحيين الدفاع عن أفكارهم ونظرياتهم العلمية المغلوطة بالاحتكام إلى الكتاب المقدس:
إن شراح الأسفار المقدسة المتهورين وغير الأكفاء يجلبون متاعب لم يُسمع بها من قبل وأسى على أخوتهم الأكثر حكمة عندما يُمسكون بآرائهم المغلوطة، ثم يُعنفون ممن هم غير ملزمين بسلطان اسفارنا المقدسة... لأنهم عندئذٍ لكي يدافعوا عن آرائهم الحمقاء والخاطئة بشكل واضح سيحاولون الالتجاء إلى الكتب المقدسة بحثًا عن برهان، ويتلون من الذاكرة فقرات كثيرة يظنون أنها تدعم موقفهم، مع أنهم لا يفهمون ما يقولون، ولا الأمور التي يثبتونها.“[2]
هذا الكلام من اغسطينوس يؤنبنا في الحقيقة لعدة أسباب، منها إسراعنا غير المتروي لإثبات نظريات علمية، قد يُثبت خطؤها، أو يتم تعديلها بعد زمن، مما يعرض مصداقية كتابنا للتشكيك. وبالتالي، نحن ما نفعل هذا بإيدينا، وليس بأيدي من لا يؤمنون بالكتاب. لابد أن نفهم أن الأسفار كتبت حتى يفهمها الناس في زمانهم، وليس كنصوص مشفرة يُكتشف منها نظريات علمية في قرون لاحقة. الكتاب المقدس ليس كتابًا علميًا، بل وثيقة روحية تهدف إلى خلاص قرائها، ولا نعرف في لاهوتنا المسيحي ما يُسمى بالإعجاز العلمي في الكتاب المقدس.
يعترف أغسطينوس بالتناسق والتكامل في الخليقة، ويعترف بعجزه عن فهم بعض الظواهر أو المخلوقات:
إن الإله الحسن خلق عالمًا حسنًا. لابد وأن أعترف أنني عاجز عن معرفة سبب خلق الفئران والضفادع أو الذباب والحشرات.. ومع ذلك، أرى أن كل هذه الأشياء جميلة على طريقتها الخاصة.. لا أستطيع أن أنظر إلى جسم اي كائن حي بدون أن أجد القياس والعدد والنظام.. لقد رتب الفنان (الأعظم) كل شيء وفقًا لقياس وعدد ووزن.“[3]
الفكرة الأخرى التي أسهم بها أغسطينوس لها علاقة بطبيعة الزمن. من المعروف أن العقيدة المسيحية تؤمن أن الكون له بداية. هذه الفكرة كانت مثار سخرية الوثنيين من المسيحيين. وكانوا يسألون: ”ماذا كان يفعل الله قبل أن يخلق الكون؟“ فقدم أغسطينوس إجابة رائعة بأنه لم يكن هناك ”قبل“ أو زمن قبل الخليقة. ونادى بأن الزمن هو بمثابة علاقة بين المخلوقات، والزمن إذن مخلوق. ولو لم توجد مخلوقات، لما وجد الزمن. وقال أغسطينوس: ”هل يسألون ماذا كان الله يفعل ’وقتتذاك‘ (then)؟ لم يكن هناك ’وقتتذاك‘.“ ولم يصل العلم الحديث إلى هذه الحقيقة إلا في مطلع القرن العشرين مع النظرية النسبية لأينشتين، وظهور فكرة ارتباط الزمان بالمكان. لم تكن بداية الكون بداية للمادة فقط، بل بداية للمكان والزمان أيضًا. ومِن ثَم فإن الحديث عن الزمن قبل الخليقة ليس له معنى.[4]   




[1] Augustine, The Literal Meaning of Genesis, ch. 19. Section 39.
[2] Ibid.
[3] Augustine, On Genesis: A refutation of the Manichees, book 1, 26.
[4] Blackwell Companion to Science and Christianity, edited by J. B. Stump and Alan G. Padgett, p  176.

الخميس، 11 يناير 2018

المسيحية والعلم- 3

لقد اعتقد آباء الكنيسة أن الخلق الإلهي تضمن سمات رياضية مثل الوزن والعدد والمقياس، هذه السمات الرياضية طبعت في عقل الإنسان مثلما طبعت في بنية الخليقة. هذا المفهوم يضمن لكل أحد أن يدرس الكون ويتعلم عنه. ويفك شفرة سر هذا التناسق بين أدمغتنا والكون؟ لماذا يبدو الكون مفهومًا؟! يقول إينشتاين ”إن أكثر الأمور استعصاءً على الفهم أن الكون يبدو مفهومًا.“ لماذا يقول أينشتاين هذا؟ لأن هذا المهوم يبرهن على وجود خطة إلهية في ذهن خالق قدير. نحن نسلِّم بالأمر هكذا، لكن العقول الجبارة ترى لغزًا مستحكمًا في هذا الأمر.
القديس غريغوريوس النزينزي (329- 390م) يتحدث عن مبدأ هام جدًا في العلم، وهو ”مفهومية الكون“، أو ”انتظامية الكون“  أو ”معقولية الكون“ (Comprehensibility of Nature). يعبر عن هذا المعنى في خطبه، ويقول:
”لأنني أمتدح هذا الرجل، وإن كان وثنيًا، الذي قال: ما الذي أعطى حركة لكل هذه، ويدفع حركتها غير المتوقفة بلا عائق؟ أليس صانعها الذي غرس المنطق (reason- lógon) فيها كلها، والذي يتحرك وينضبط الكون بمقتضاه؟ أليس هو من صنعها وأحضرها إلى الوجود؟ ولتفترض جدلاً أن هذا غير صحيحًا.. إلى أي شيء يُنسب حفظها واستمراريتها بما يتفق مع شروط الخلق الأول؟ هل يُسب هذا إلى الصدفة، أم لشيء آخر؟ قطعًا ليس الصدفة. وما هو هذا الشيء الآخر سوى الله؟ وهكذا فإن المنطق الذي يصدر عن الله، والذي انغرس في الكل من البداية، وهو القانون الأول فينا، ومرتبط بنا كلنا، يرتقي بنا إلى الله من خلال الأشياء المنظورة. لذا دعنا نبدأ ثانية، ونعقل هذا.“[1]
يرى النزينزي أن الذكاء الإنساني ليس نتاج الصدفة، لكنه ينسجم مع نفس المنطق (اللوغوس) الذي طبعه الله في بنية الكون. وهذا ما يُسمى بالبصمة المزدوجة (double imprint) على كل من عقل الإنسان ومنظومة الطبيعة. ولقد استفاد فيما بعد العالم يوهانس كيبلر (1571- 1630 م) من هذا التقليد الآبائي. كتب كيبلر مقالة بعنوان ”عن تناسق الكون“ (On the Harmony of the Universe):  الهندسة التي هي أصل الاشياء كانت أزلية في عقل الله.“، كما كتب لأحد اصدقائه يقول: ”هذه القوانين التي تحكم العالم المادي هي في متناول استيعاب العقل البشري. لقد أراد الله أن ندركها حين خلقنا على صورته حتى نتشارك في أفكاره.. وإذا سمحت لنا التقوى أن نقول هذا.. فإن فهمنا في هذا الصدد هو من نفس نوع الفهم الإلهي، على الأقل طالما نحن قادرون على استيعاب جزء منه في حياتنا الفانية.“[2]
كان لفهم كيبلر لهذا المبدأ تأثيره الواضح على ألبرت أينشتين الذي يذكر كيبلر كمصدر إلهام له لمجهوداته في عالم الفيزياء، وقد كتب يقول: ”ليس القناعة العميقة لمعقولية الكون، واشتياقنا لنفهم ليس إلا إنعكاسًا ضعيفًا للعقل الإلهي المعلن في الكون.“[3]


[1] Orations 28.16. (my translation)
[2] Blackwell Companion to Science and Christianity, edited by J. B. Stump and Alan G. Padgett, p. 8-9.
[3] Ibid.

الأربعاء، 10 يناير 2018

المسيحية والعلم- 2

القديس باسليوس أسقف قيصرية (370 م): فهم القديس باسليوس من الكتاب المقدس أن الطبيعة تعمل وفقًا لقوانين إلهية ثابتة لا تتغيّر، وبالتالي يمكن التنبؤ بها. وهذا يمثل في حد ذاته أحد ركائن العلم الحديث، لأنه الأساس لدراسة أية ظاهرة طبيعية تحدث في الكون. كما يتحدث ق باسليوس عن الذاتية النسبية (Relative Autonomy) للطبيعة؛ فهي لا تعمل من ذاتها وإنما بإطاعة كلمة الله. وقدَّم تشبيهًا كلاسيكيًا عن مفهوم القوة الدافعة (Impetus)، فيقول:
”لتنبت الأرض- هذا الأمر البسيط تحول في لحظة إلى منظومة طبيعية شاسعة ومتقنة. وبأسرع من الفكر انتجت الأرض نوعيات لا حصر لها من النباتات. هذه الأرض لا تزال حتى يومنا هذا خاضعة لهذا الأمر، وخلال مواسم السنة تظهر قوة هذا الأمر وقدرته على إنبات الأعشاب والبذور والأشجار. ومثل النحلة الدائرية (spinning tops) التي بعد الدفعة الأولى تستمر في الدوران... هكذا الطبيعة عندما أخذت دفعة الأمر الأول، فإنها تتبع بلا انقطاع عبر الزمن وحتى نهاية كل شيء.“[1]  
كانت النحلة الدوارة معروفة لكل طالب يدرس الفيزياء الأرسطية. غير أن أرسطو كان يرى أن حركة دوران الأجسام السماوية ”غير طبيعية“ وتحتاج إلى طبقة من الهواء تدور من حولها، لكن ق باسليوس رأى أنها طبيعية تمامًا وهي مثل الدورة المنتظمة للزرع والحصاد (تك 8: 22) على الأرض. وبالتالي فإن الدفعة الأولى- سواء التواء الصباعين أو جذب الحبل في حالة النحلة الدوارة، أو الأمر الإلهي الأول- يستمر تأثيره حتى بعد توقف الفعل الأول. وهذا يعرف بقانون ”حفظ الزخم“ (law of conservation of Momentum). يرى ق. باسليوس أن كل الطبيعة، حية أو غير حية، تتحرك وفق القانون الإلهي.كما ينسب Sambursky الفضل في ظهور مبدأ الانتقال المباشر للزخم بعد عالم الفلك اليوناني هيبارخوس (190- 120 ق م) إلى جون فليبونس أو يوحنا النحوي (490- 570 م) ويهمل إسهام القديس باسليوس.[2]



[1] Basil of Caesarea, “Hexameron”, ch.5, section 10.
[2] Sambursky, Physical World of Late Antiquity, pp. 70 off, as cited in Christopher B. Kaiser, Creational Theology and the History of Physical Science, Brill, p. 38- 39.

الثلاثاء، 9 يناير 2018

المسيحية والعلم- 1


بالطبع يُشاع أن الدين يعادي العلم، وربما تعرضت المسيحية لهذا الاتهام أكثر من الأديان الأخرى. فما حقيقة هذا الأمر؟ في التدوينات التالية سأحاول أن أثبت أت السائد هو مساندة المسيحية للعلم والعلماء، ربما مع بعض الاستثناءات القليلة التي يجب أن نعترف بها. سنجد أن كثير من العقول البارزة في العلم عبر التاريخ لم يجدوا تعارضًا بين إيمانهم المسيحي والتفكير العقلاني والعلمي، بل أنهم تقدموا نحو دراسة الكون انطلاقًا من إيمانهم بأن الله خلق كونًا منظمًا يمكن دراسته وفهمه.
لا أحد ينكر أن التقدم العلمي الهائل في المعرفة العلمية حدثت في أوربا أثناء الحقبة المسيحية بقدر يفوق أي مكان آخر في أي حقبة أخرى. كان الفكر السائد أن العلم يخدم الدين، وسنجد أن المسيحيين كانوا يدرسون الكون بنابع من إحساس عميق بمخافة الله، ساعين إلى اكتشاف أسرار الله في خليقته. من المؤكد أنه حدثت هزة شديدة مع ظهور اكتشافات علمية قلبت الدنيا، وغيرت منظور الناس للكون الذي نعيش فيه. من خلال الأمثلة التالية سنرى أن المسيحية كديانة لم تكن تقمع العلم والبحث العلمي ولنبدا ب:
1-    العلامة ترتليان (190 م): آمن ترتليان أن العقل عطية من الله، ونفهم به العالم المحيط بنا، فيقول: ”إن العقل  هو من الله، باعتبار أنه لا شيء منحه الله الخالق أو أعدَّه أو رسمه إلا بالعقل- ولا يوجد شيء يريد ألا نتعامل معه أو نفهمه بالعقل. لذلك فكل الجاهلين بالله، لابد بالضرورة أن يجهلوا أموره، لأن مكان الكنوز لا يدخله الغرباء. ومن ثم عندما يبحرون في طريق الحياة بدون دفة (ردار) العقل، فإنهم لا يعرفون كيف يَعرضون عن الإعصار المحدق بالعالم.“[1]  
كما يحاول ترتليان إثبات وجود الله من خلال التأمل في الطبيعة، فيقول في مُعرَض رده على ماركيون الذي قال أن خالق الكون هو إله شرير: ”لم تكن ريشة موسى أول من سطَّر معرفة الخالق، فإن أغلبية البشر الذين لم يسمعوا بموسى ولا بكتبه- عرفوا إله موسى، فإن الطبيعة هي المعلم والنفس هي التلميذ؛ فوردة برية واحدة، ولا أقول لؤلؤة من البحر الأحمر، وأية ريشة طائر، ولا اقول ريشة طاووس، لا يمكن أن تكشف بأن خالقها شرير. قلِّد بيت النحل إذا استطعت، أو شبكة العنكبوت. إذا أريتك وردة فهل تحتقر خالقها؟“[2]
الشيء الغريب أن تشارلز دارون- في القرن التاسع عشر- يقول إن هناك شيئين يصيبانه بالغثيان: العين البشرية، وريشة الطاووس! لماذا تصيبه ريشة الطاووس الجميلة بالغثيان؟ ببساطة لأنها تدمر نظرية التطور ومبدأ البقاء للأصلح، وليس البقاء للأجمل، كما يعتقد دارون. بل أن الجمال ليس ميزة تطورية، وإنما تصبح نكبة على حاملها لأنه ستجعله واضحًا أمام كل الحيوانات المفترسة. التماهي هو الذي يمثل ميزة تطورية كأن يتبدل لون جلد أحد الحيوانات عندما يشعر بالحر أو بالخطر.    



[1] Tertullian, On Repentance, ch. 1, sections 2- 3, as cited in Living in the End Times, by Salvoj Zizek, p. 106.
[2] William Barclay, The Lord Is My Shepherd, Westminster John Knox Press, p. 106.