الثلاثاء، 18 يوليو 2017

ملخص كتاب أربع نظريات عن آدم التاريخي


هناك جدل مستعر في الآونة الأخيرة حول تاريخية آدم وحواء، وهل كانا شخصين حقيقيين، أم رمزين؟ فيما يلي تلخيص لكتاب (Four Views on the Historical Adam). هذا الكتاب يقدم 4 نظريات أو لنقل وجهات نظر لأربعة من الدارسين الذين يقدمون معالجة لموضوع تاريخية آدم.. باختصار كالتالي: 1- لا وجود لآدم التاريخي، ويتبنى هذا الرأي د. دينيس لامور. 2- آدم هو نموذج أولي archetype يمثل الجنس البشري كله، ويتبنى هذا الراي د. جون والتون. 3- ثم رأي يتبنى وجود آدم تاريخي مع طول عمر الأرض، ويتبنى هذا الرأي د. سي جون كولينز. 4- ثم رأي يتبنى وجود آدم تاريخي مع قِصر عمر الأرض ويتبنى هذا الراي د. وليام باريك.
ثم يعلَّق د. جرجوري بويد على النظريات الأربعة وينادي بأن عقيدتنا المسيحية لن تتأثر في شيء سواء كان آدم تاريخيًا أم رمزيًا. بينما يعلق د. فيليب رايكين بأن تاريخية آدم هي التي تحفظ العقائد المسيحية متماسكة، وبدونها لن نستطيع أن نفهم الكثير من الثوابت المسيحية.
1-  لا وجود لآدم التاريخي: نظرية تطورية للخليقة
الجزء الأول من الكتاب يقدمه دكتور دينيس لامور Lamoureux الذي يظهر اهتمامه بالشباب الجامعي الذي يترك الإيمان بأعداد كبيرة. ويرى أن السبب في ذلك الاكتشافات العلمية والتطور البيولوجي على وجه التحديد. ويريد أن يعلِّم الشباب أن إيمانهم لا يعتمد على آدم، بل على المسيح. يؤمن دكتور لامور بما يُسمى التطور الإلهي، أي أن الكون لم يأتِ صدفة، وأن العملية التطورية يقف وراءها خالق ومهندس أعظم.
ومع ذلك يقولها د. لامور صراحة: "لم يوجد آدم تاريخيًا أبدًا، وهذه الحقيقة ليس لها أي تأثير يُذكر على العقائد الأساسية في المسيحية."[1] وهو يثبت حجته بالحديث على أن الروح القدس قد يستخدم حقائق علمية خطأ لتوصيل حقائق روحية غير قابلة للخطأ. هذا المبدأ يُسمى  التكيُّف accommodation بمعنى أن "الكتاب المقدس يقول أشياء عن كيفية خلق الله للكائنات الحية لم تحدث في الواقع أبدًا."[2]
هذا الكلام معناه إنكار صريح لعصمة الكتاب المقدس. (هذه الفكرة غير صحيحة كما يقول د. كولينز فهو يخلط بين التكيف مع محدودية الإنسان والانسياق مع الخطأ البشري. ليس التكيف معناه استخدام العلم القديم (بما فيه من حقائق خاطئة) بهدف توصيل حقائق روحية أزلية. فمثلا إذا سأل طفل والدته "أنا جيت منين؟" ممكن تقوله "نوع من الغربان أحضرك إلينا"، وممكن تقوله: "ربنا بيخلط حاجة صغيرة من بابا على حاجة صغيرة من ماما، وبتنمو في بطن ماما." اعتقد النوع الأخير هو التكيف الصحيح والأمين الذي يعبر عن نصوص الكتاب المقدس مثل تك1، 2.
2-  الاعتراف بآدم التاريخي باعتباره نموذج أولي archetype
هذا الجزء يتبنى فيه د. جون والتون فكرة أنه يؤمن بالفعل بأن آدم وحواء شخصان حقيقيان عاشا على هذه الأرض وماتا. ودليله على ذلك أن نصوص العهد القديم جعلت آدم جزءًا من سلاسل أنساب كثيرة. (يقول الكتاب: "هذه مواليد آدم.. وكانت أيام آدم بعد ما ولد شيثًا ثماني مئة سنة، وولد بنين وبنات. فكانت كل أيام آدم التي عاشها تسع مئة وثلاثين سنة، ومات. تك 5: 4، 5. نرى هنا بوضوح أن آدم عاش ومات. لا مجال لفكرة أن آدم شخصية أسطورية خيالية.)
لكن د. والتون يرى أيضًا أن وجود آدم وحواء ليس أهم شيء في حد ذاته، لكنهما ممثلان عن البشرية كلها. يجب أن يُلاحظ أنه ليس كون الشخص نموذجًا أوليًا archetype يعني أنه لم يُوجد. وبالتالي فهو يعترف بتاريخية آدم، مع تأكيده بأن الدور التمثيلي لآدم كممثل للبشرية أكثر أهمية من دوره التاريخي.
§        يذكر د. والتون أن آدم وحواء يؤديان هذا الدور التمثيلي archetypal في خلقتهما ذكرًا وأنثى في تك 1.
§        كذلك كلمة آدم في العبرية هي نفسها الكلمة التي تترجم "بشر" .. أي الجنسي البشري.
§        استخدام التراب من الخلقة رمز لفناء البشر كلهم.
§        حواء ايضًا تمثل البشرية كلها لأنها "أم كل حي" كما في تك 3.
§        يرى أنه ليس ضروريًا أن تكون كل شخصية نموذجية archetype تاريخية، وإن كان آدم شخصية تاريخية بالفعل.  
يؤكد د. والتون على أن النقطة الأهم في قصة الخلق ليست هي خلقة آدم وحواء، بل السقوط. د. كولينز ينتقد د. والتون هنا، إذا كان آدم ممثل للبشرية، فبالتالي هناك شبهة اتهام لعدالة الله إذ كيف تُنسب خطية آدم لمعاصريه من البشر الآخرين، بدون وجود نوع من العلاقة الطبيعية بينهم."[3]
3-  وجود آدم التاريخي مع طول عمر الأرض
في هذا الجزء يتبنى د. كولينز فكرة أن آدم وحواء شخصيتان تاريخيتان، لكنه يرفض قراءة قصة الخلق حرفيًا. يرى د. كولينز أن النص التاريخي لا يعني أنه نثر، ولا يعني أنه لا يتضمن عناصر مجازية، ولا يعني أنه مكتمل التفاصيل، ولا يعني أنه يهتم بالتتابع الزمني الدقيق. وبالتالي قصة آدم وحواء قصة تاريخية لكنها مكتوبة في سياق "ايديولوجي وأدبي".
يتبنى د. كولينز فكرة أن آدم وحواء كانا على رأس قبيلة "توجد علاقة وثيقة فيما بينهم" (لم يشرح معنى هذه العلاقة الوثيقة)، وسقطت القبيلة لأن آدم وحواء كانا قادة هذه القبيلة.
4-  وجود آدم التاريخي مع قصر عمر الأرض
يرى د. وليام بريك أ، آدم لم يكن فقط شخصية تاريخية، لكنه الرأس الأوحد لكل البشرية. وأن تاريخية آدم لا غنى عنها لفهم العقائد المسيحية الأساسية مثل خلق الإنسان على صورة الله، والسقوط، الموت، والخلاص، وحتى عصمة الكتاب المقدس. ويعتمد على سلاسل الأنساب في اعتقاده بقصر عمر الأرض.  
تاريخية آدم لن تؤثر على إيماننا
يدور تعليق د. جريجوري بويد حول هذه الفكرة؛ لأن إيماننا يعتمد على المسيح وليس آدم. يقول د. بويد أن قوانين الإيمان القديمة لم تشترط تاريخية آدم لتكون مسيحيًا. (لاحظ أن هذا دليل نفي..)
لن نفهم إيماننا بدون آدم التاريخي
يدور تعليق د. فيليب رايكن حول أن تاريخية آدم لا غنى عنها لفهم الإيمان المسيحي على نحو صحيح. يرى د. رايكن أن رفض تاريخية آدم يُضعف من رسالة الأإنجيل لأنه يُضعف من "شمولية الخطية والذنب على كل الجنس البشري، وإمكانية التبرير، ورجاء القيامة، وعقائد أخرى في الإيمان المسيحي."[4] يدلل د. رايكن على كلامه بالإشارة إلى أن الكنيسة تعاملت مع هرطقات تتعلق بآدم مثل الهرطقة البيلاجية في القرن الرابع والخامس. رفض بيلاجيوس فكرة تأثُّرنا بخطية آدم، وجعل كل إنسان مسؤول عن نفسه، وبالتالي جعل كل منا آدم مستقل بذاته. ويرى أن هذه نتيجة رفض تاريخية آدم أيضًا. كذلك حدث في الكنيسة الكاثوليكية أنها حكمت على شخص اسمه Isaac La Peyrere بالهرطقة لأنه أعتقد بوجود (pre-adamites) أو آداميين قبل آدم. 




[1] Four views on the Historical Adam, Zondervan, 2013, p. 38
[2] Ibid, p 56.
[3] Ibid, p. 130.
[4] Ibib, p. 279. 

هناك تعليقان (2):