الثلاثاء، 30 يوليو 2019

قيامة الأموات- أثيناغوراس الأثيني



(ملحوظة.. دي ترجمة دار فيلوباترون، من صفحة 108- 135. وهي ترجمة أكثر سلاسة من ترجمة أخرى متاحة باللغة العربية)
فصل (1): بيقول أثيناغوراس إن الأفضل أننا نشرح الحق ذاته قبل الدفاع عنه.. لكن للضرورة هنعكس الأمر ده علشان زي الفلاح ننقر التربة أولاً قبل وضع البذار.. وهيتبع نفس الأمر في كلامه عن القيامة.
فصل (2): ثم يقول إن اللي بينكروا القيامة بيبنوا موقفهم ده على حاجة من اثنين: 1- إما إن القيامة فكرة مستحيلة على ربنا، 2- أو ضد مشيئة ربنا. أثيناغوراس بيأكد إن مفيش مستحيل على ربنا أنه يجمع الأجساد المتحللة مرة أخرى. وبيشرح بشكل فلسفي ما هو المستحيل؟ وبيقول إن المستحيل إمّا بسبب الجهل بالشيء.. أو عجز الإنسان وافتقاره للقدرة. وبالنسبة للأمرين دول أولاً ربنا ”غير جاهل بطبيعة الأجسام التي يراد إقامتها“ (109). وكمان على علم إلى أين ينفذ كل جزء من الأجزاء المتحللة. وأنه عارف كل شيء مسبقًا.. ”ويعرف أيضًا الأشياء التي تحللت“ (110).
فصل (3)- ثانيًا: ربنا عنده قدرة كافية لقيامة الأجساد. وزي ما خلقها من العدم يقدر يقومها بنفس السهولة. ”نفس القوة (الخالقة) يمكنها أن توحد ما قد تحلل“ (110). حتى لو حصل ما يُسمى ب chain consumption وأن الأجساد المتحلة التهمتها حيوانات معينة ثم أكلت الحيوانات دي حيوانات تانية .. أو تحللت للعناصر الأولي.
فصل (4): بيتكلم عن حد مثلاً مات في البحر فأكله السمك.. أو حد مات في البحر ولم تدفن جثته جت حيوانات وأكلته.. فالمعترض بيقول فصل جسم الميت ده من الحيوانات اللي أكلته شيء مستحيل. ولو الحيوانات دي أكلها بشر بعد كده.. أو حصلت مجاعة والناس كلت عيالها.. جسم مين اللي هيطلع سليم بعد المرور من كائن لآخر.
فصل (5): بيرد أثيناغوراس إن ربنا حدد لكل حيوان تغذيته اللي تناسبه.. ومش لازم كل طبيعة تتحد بكل جسم.. وإن مش كل حاجة هتدخل الجسم هتتحد بيه.. سواء في المعدة أو حتى ما يتعرض لتفاعلات الكبد عليه.
فصل (6): في طعام غير مناسب للحيوان وبيخليه يتقيأ أو يمرض أو يخرج من الجسم.. جزء فقط من الطعام هو اللي بعد تنقيته بيتحد بالجسد.
فصل (7): أثيناغوراس بيقول إن الجسد المقام ”لن يشترك في دم أو نخاع أو مرارة أو نفس“ (114). وحتى إذا أتحد بجسم الكائن اللي تغذى عليه فهي غير ثابتة أيضًا وممكن يفقدها بعد كده.
فصل (8): أكل لحوم البشر أمر غير طبيعي- ولا يمكن أن يتحد لحم البشر مع الجسم حتى لو مر داخل معدته.
فصل (9): المعترضين بيهينوا ربنا لما بيعتبروه زي نجار مش عارف يجمع حاجة اتكسرت ”يقارنون عمل الفن بعمل الطبيعة“، وما ليس ممكنًا عند الناس هو مستطاع عند الله.
فصل (10): المعترض قال إن الله لا يريد قيامة فأثيناغوراس بيشرح الشيء اللي لا يتفق مع إرادة الله إما يكون ظلم- أو يكون شيء غير جدير بالله. من حيث الظلم لن يتضرر أي مخلوق بقيامة الجسد.. حتى الكائنات غير العاقلة (الحيوانات) لن تخسر لأتنها مش هتكون موجودة بعد القيامة.. أو حتى لو كان ليه وجود فلن تتأذى في شيء لأنها في هذه الحياة بتخدم الإنسان ولا تشعر بأي ظلم، إذ ليس لها تصور غن الظلم أو العدل، فما بالك لما نكون غير فاسدين ومش محتاجين أي حاجة منها.. وفي غنى عن خدماتها.. وهي نفسها تتحرر من الاستعباد. ثم يقول أثيناغوراس أنه محدش يقول إن قيامة الأجساد أمر غير جدير بالله.. لأن إذا كان الأردأ (خلق الجسد المعرض للفساد) غير جدير بالله- فكم هو أجمل عندما يخلق جسدًا غير معرض للفساد (117).
فصل (11): وبالتالي قيامة الأجساد المتحللة مش مستحيلة بالنسبة لله الخالق، ومتفقة مع مشيئته، وجديرة به. ثم ينتقل أثيناغوراس إلى الدفاع عن الحق ذاته المتعلق بقضية القيامة.
فصل (12): هيثبت القيامة من خلال التأمل في خلق الإنسان نفسه.. وبيقول إن أي إنسان عاقل بيعمل حاجة بيعملها عن قصد ولغاية معينة. زي اللي بيبني بيت علشان يستفاد منه هو وأولاده ومواشيه. ”هذا هو تفكير الإنسان. ولكن اللع لا يمكن أن يكون قد عمل شيئًا عبثًا“. ربنا مش هيستفاد حاجة من خلق الإنسان.. ولا خلقه علشان يخدم الجماد أو الحيوان.. العكس هو الصحيح. وبالتالي خلق الإنسان لنفسه وباركه وعيّن له البقاء الأبدي (122). ولو هو خُلق علشان الجماد والحيوان يبقى هيروح معاهم! وبالتالي ”الكائن الذي خُلق هكذا يجب الفاظ عليه أبد الدهر“. وبالتالي ربنا خلقه يمر بتغيرات معينة والقيامة هي نوع من التغيير وآخر التغيرات للأحسن طبعًا (121).
فصل (13): أثيناغوراس بيقول إننا واثقين إنا ربنا مش هيخلق إنسان ويديله ذكاء وحياة عاقلة وروح خالدة إلا علشان يستمر إلى الأبد. وإن ”الغرض من خلقه هو وعد لاستمراره إلى الأبد (121). وبالتالي اليقين بالقيامة منبعه قصد الله من خلق الإنسان.
فصل (14): بيقول إن البعض أثبت القيامة من خلال ضرورة الدينونة، وهو بيقول إن ده مش الغرض الرئيسي للقيامة لأن الأطفال الصغيرة هتقوم لكن مش علشان الدينونة!
فصل (15): هو عاوز يثبت القيامة من جهة طبيعة البشر. ثم يتحدث عن قيامة المكونين (الجسد والروح).. علشتن زي ما عاشوا تجربة مشتركة هنا يعيشوا تجربة مشتركة هناك. لو الجسد مش هيقوم يبقى عبثًا ”مواءمة الروح مع احتياجات الجسد.. وتقييد الجسد حتى لا يتمكن من الحصول على ما يشتهيه.. وعبثًا كان الفهم.. والحكمة ومراعاة الاستقامة ـو مزاولة أي فضيلة“ (124).
فصل (16): ثم يتحدث عن النوم ”شقيق الموت“ كانه اعتراض للحياة الحسية بالتوقف أو ”غياب جميع الحواس عن الحاضر والماضي أو بالأحرى عن الوجود نفسه“ (125).  
فصل (17): ثم يقول غن البذرة (البشرية) عمرك متصدق أن فيها كل القورة دي من عظم وأعصاب وعضلات.. لكن إحنا بالتجربة بنشوف ده ومصدقينه.
فصل (18): ثم يتحدث عن أن الإنسان مسؤول عما يفعل لذلك في القيامة سيتلقى إما الثواب أو العقاب. وبيقول الإنسان بجسده ونفسه معرّض للدينونة عن كل عمل اقترفه.. وطالما أن في الحياة هنا مفيش عدالة؛ الأشرار متهنيين والأبرار متهانين، يبقى لازم يقوم الجسد ووفقًا للعدالة يتلقة الإنسان ما يستحقه سواء خيرًا أو شرًا (128).
فصل (20): ثم يقول إنه علشان الحكم الإلهي يكون عادل ويجب ”ألا نتوقع أي دينونة يمكن أن تصدر عن الله أو من الله وهي تفتقر إلى العدل“ (130). ولكن الحكم علشان يبقى عادل لازم يُحفظ بقاء الكائن اللي مارس الصلاح أو لم يلتزم بالشريعة. وأن اللي مارس أي فعل هو الإنسان مش الروح بمفردها أو الجسد بمفرده.
فصل (21): ولو في مكافأة يبقى مينفعش الجسد اللي شارك الروح في تعبتها أنه لا يشارك في مكافآة الصالحات. ولو في دينونة للذنوب، يبقى الروح لن تعامل بالعدل إذا تُركت ”تدفع العقوبة عن الأخطاء التي اقترفتها وهي متحدة بالجسد والتي استدرجت إليها عن طريق شهوة الجسد“ (131). أحيانًا الروح بتكون محمولة بالجسد أو مجذوبة بعنف أو حتى بالاتفاق معاه. كيف يمكن أن تدان الروح وحدها.. إذا كان الجسم أول من يحس بشهوات معينة ثم يجر الروح للمشاركة فيها. ”حياة الإنسان واحدة، رغم أنها مكونة من الاثنين“.
فصل (23): أخيرًا يجأ مرة أخرى للغرض الأول من خلقة الإنسان ويقول ”كل شيء يُخلق له غاية وحتمًا غاية الإنسان، وهو ذو طبيعة خاصة، يجب أن تكون منفصلة عن مجموع الباقين. لأنه ليس منطقيًا أن نفترض غاية متماثلة لكائنات محرومة من الفكر المنطقي وتنتظم أعمالها تحت القانون الفطري.. وبين كائنات تعيش حياة عاقلة وتراعي العدالة“ (134).
فصل (25): في النهاية يقول ”الاختيار يتعلق بالأفراد، والثواب أو العقاب لحياة عاشت في خير أو شر تتناسب مع استحقاق كل أحد“ (135).  
استطراد:
قرأت في كتاب ”تهافت الفلاسفة“ للإمام أبو حامد الغزالي، حوالي 1100 م تقريبًا، وكان بيهاجم الفلاسفة اللي تأثروا بأفكار الفلاسفة اليونانية، فأنكروا بعث الأجساد بعد مفارقتها للنفوس. لاحظت تماثل/ أو اختلاف بعض الأفكار اللي قدمها الغزالي واللي قدمها قبل منه أثيناغوراس بحوالي ألف سنة. يعني مثلاً الغزالي بيقول إن مسألة بعث الأجساد مستمد من الشرع ولا يمكن الوصول إليه بالعقل.. في حين أثيناغوراس حاول يبرر القيامة من القصد من خلق الإنسان ذاته.. بشكل فلسفي. الغزالي قال إن قدرة الله تقدر تجمع الأجساد حتى لو أكلتها الطيور أو تحولت إلى بخار وماء.[1]  أو حتى إذا الإنسان تغذى بلحم إنسان ”وقد جرت العادة به في بعض البلاد ويكثر وقوعه في أوقات القحط“ فقال المعترضون أنه بهذا يتعثر حشرهما معًا ”لأن مادة واحدة كانت بدنًا للمأكول وصارت بالغذاء بدنًا للآكل ولا يمكن رد نفسين إلى بدن واحد“.[2] لكن الغزالي كما فهمت يقول إن الإنسان بنفسه لا ببدنه.. فالبدن يتبدل ”من الصغر إلى الكبر، بالهزال والسمن، وبتبدل الغذاء“.[3] يعني مش مهم نفس الجسد بالضبط.   



[1] تهافت الفلاسفة، للإمام الغزالي، تحقيق وتقديم سليمان دنيا، دار المعارف، ص 297.
[2] نفس المرجع ص 298.
[3] نفس المرجع ص 299.

الثلاثاء، 16 يوليو 2019

التفكير المعيب والتشوهات الإدراكية



التفكير المعيب: 16 تشوهات إدراكية
(Cognitive Distortions)
الإنحرافات الإدراكية من أهم المفاهيم في العلاج المعرفي أو العلاج المعرفي السلوكي، ويشير إلى أفكار غير دقيقة. مشكلة الإنحرافات الإدراكية دي أنها تؤدي إلى مشاعر وسلوكيات غير إيجابية، زي الغضب والقلق والدونية والاكتئاب، بالإضافة إلى المشكلات العلاقاتية. وبالتالي لازم نحددها الأول وبعد كده نشتغل عليها. من التشوهات الإدراكية ما يلي:
1- الفلترة Filtering: إنك تركز على السلبيات وتتجاهل الإيجابيات تمامًا. الفلاتر الذهنية دي بتتكون على مدار خبراتنا الماضية.. وبنعمل إسقاط بيها على واقعنا الحالي.
2- التفكير المستقطب Polarized Thinking: إنك تفكر على طريقة الأبيض والأسود- وعدم القدرة على رؤية الرمادي. دايمًا بتحط الأحداث والناس في إمَّا/ أو. دايمًا بيشوف الموقف في صورته المتطرفة يمين أو شمال.. مفيش وسط. 
3- التعميم المفرط Overgeneralization: إنك تفترض أن كل الخبرات وكل الناس زي بعض.. بناء على تجربة سلبية في الماضي. أو تقول فلان عمره ما هيعمل كذا.. أو أنا عمري ما هانجح في الموضوع الفلاني.
4- القفز للاستنتاجات Jumping to conclusions: أنك تقتنع بشيء بأدلة قليلة أو بدون أدلة تدعم هذا الاعتقاد.
5- الشخصنة Personalization: إنك تعتقد أن أنت المسؤول عن كل شيء سلبي بيحصل حواليك. مش بتقدر تصدق إن الآخرين مسؤولين عن أخطائهم أيضًا.
6- التهويل Catastrophizing: إنك تفترض أسوأ سيناريو دايمًا، وتضخم السلبيات وتقلل من الإيجابيات. إنك تقول مثلا: أنا عمري ما هأشفى من صدمات طفولتي.
7- مغالطات السيطرة Control Fallacies: إنك تظن أن كل شيء يحدث حواليك هو بسبب عيوب فيك. فإما تشعر بأنك ضحية الظروف، أو أنك تتحمل مسؤولية سعادة اللي حواليك أو تعاستهم. 
8- مغالطة العدالة Fallacy of Fairness: بتبقى مشغول زيادة عن اللزوم بأن كل شيء يكون فيه عدالة وإنصاف.
9- إلقاء اللوم Blaming:   إنك دايمًا تلوم الآخرين لما تبحث عن سبب لأي حدث سلبي بيحصل.. بدل ما تراجع نفسك.
10- الالتزام بالقواعد Shoulds: أنك دايمًا تتمسك بالقواعد اللي حاططها لنفسك وعايز الناس يمشوا عليها.
11-  التفكير العاطفي Emotional Reasoning: إنك تعتقد أن مشاعرك هي البوصلة الحقيقية للصواب والخطأ. فلو حسيت أني اتصرفت بغباء في موقف معين، فأقول لنفسي أنا غبي.
12- مغالطة التغيير Fallacy of Change: إنك تتوقع من الىخرين أنهم يتعيروا علشان يناسبوا رغباتك أو احتياجاتك. فيها نوع من الأنانية، وأحيانًا ممكن تمارس ألاعيب
13- التسميات المضللة Mislabeling: إنك تعمم موقف أو اثنين وتصدر حكم بناءً عليهم باستخدام لغة مشحونة بالعاطفة. هي نوع من التعميم برضو. يعني مثلاً توصف نفسك بكلمة واحدة زي ”فاشل“ أو ”غير محبوب“.
14- دومًا على صواب Being always right: إنك تعتقد إنك من المستحيل ومن غير المقبول إنك تغلط.
15- مغالطة مجازاة السماء Heaven’s Reward Fallacy: إنك تعتقد إن أي عمل كويس انت بتعلمه سيكافأ وستعوض عليه. مش دايمًا بيحصل كده مما يؤدي إلى الإحباط.  
16- العجز عن النفي Inability to disconfirm: إنك ترفض أي أدلة ممكن تتعارض مع أفكارك السلبية.. يعني لو عندك فكرة أنك ”غير محبوب“ ترفض أي دليل يظهر أن في ناس بتحبك. ودايمًا بتقول في عوامل أخرى.

في وصفة مختصرة لعلاج التشوهات الإدراكية اختصارها 3C كالتالي:
1- الخطوة الأولى: ارصدها Catch it : حدد وقت ما تبدأ الأفكار السلبية بتجيلك، وحاول توصف المشاعر التلقائية دي، وأنت بتتبع المشاعر دي حاول تعرف الأفكار اللي بتخليك تحس المشاعر دي. مثلاً: أنت قابلت حد ومسلمش عليك. ده الحدث. فبدأت تشعر تلقائيًا بالإحباط والدونية. لكن لو سألت نفسك أنت حسيت كده ليه، هتلاقي نفسك بتقول أنا غير محبوب أو غير مرغوب. دي الأفكار أو المعتقدات اللي خلتك تحس كده.. وهتحس كده غالبًا في المواقف الشبيهة.
2- الخطوة الثانية: راجعها Check it: توقف للحظات مع نفسك وفكر في الأفكار نفسها، واسأل نفسك: هي في دليل يثبت ده؟ هل المقربين مني بيفسروا الموقف بنفس الطريقة؟ دي أصعب خطوة، لأنه مش سهل على الإنسان أنه يقيم ويراجع أفكاره بشكل موضوعي. ده محتاج معالج أو صديق وفي وأمين وعنده خبرة.
3- الخطوة الثالثة: غيرها Change it: لازم تستبدل الأفكار السلبية بأفكار تانية واقعية ومتوازنة عن الموقف. وبعد كده تمارس وتتمرن على الطريقة دي، بحيث يترسخ عندك نمط جديد في التفكير.


الاثنين، 15 يوليو 2019

التواكل والقدرية والعناية الإلهية- يوحنا ذهبي الفم


الكتاب ده عبارة عن 6 عظات ليوحنا ذهبي الفم ترجمة د جورج عوض عن اليونانية
المقالة الأولى
ذهبي الفم بيقول إن كان الفقر شرًا يدعو إلى الحزن فالمفروض الغني يعيش بلا حزن.. ولو اللي اتحرم من الإنجاب لازم يحزن.. يبقى المفروض اللي عنده أولاد ميحزنش أبدًا.. لكن ده مش اللي بيحصل (ص 11). وبيقول كمان ان الحزن والاضطراب والقلق ملوش علاقة بالعوامل الخارجية.. لكن ”النفس هي التي اعتادت على تجسيدها“ أي المشاعر دي (11). ولو الحالة النفسية كويسة ولا هيهمنا حتى لو الموج بيضربنا من كل ناحية، ولو الحالة النفسية وحشة هنحس بالقلق حتى لو الدنيا حوالينا كلها على ما يرام.
المشكلة مش في الظروف الخارجية.. في ناس فقراء لا يتوقفون عن شكر الله، وفي ناس ”لا يصيبهم أي مكروه ويستمرون في التجني على عناية الله“ (13). مرة تانية بيقول ”إن حالة نفوسنا وفكرنا هي السبب فيما نشعر به وليس طبيعة الأشياء في حد ذاتها“ (13). ثم يذكر بولس كرمز للشخص الذي يعاني وهو شاكر ربنا، وبيقول إن شجاعته النفسية خلته لا يُهزم من الألم.
يقول ذهبي الفم إن ربنا خلق عنين الحيوانات تنظر لأسفل، لكن في الإنسان كما لو كانت عنيه في قلعة عالية. علشان ”الحيوانات لا تملك شيئًا مشتركًا مع السماء، بينما أُعطى لك من البداية وصية من الله أن تنظر إلى فوق“ (17). وعلشان كده خلقه منصب القامة علشان لا يلتصق بأمور الحياة الأرضية. ثم يختتم بأن الإنسان لما بيحدد سعادته على أساس المتع والغنى ”فهذا لا يتناسب مع شرف وأصل الإنسان“.
المقالة الثانية
ذهبي الفم بيعتبر الناس اللي بيضعوا حتمية القدر فوق حكمة العناية الإلهية يجدفون على الله. الإيمان بالقدرية زي جنود بيقتنعوا أن مفيش داعي لجهادهم.. لذلك تنطفئ حماستهم (ص 21). وبيقول إن الشيطان بيقولنا أننا منقدرش نهرب من المكتوب، لكن ربنا بيقولنا ”لو شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض“. ونفس الشيء عن اختيار الإنسان للخلاص. ثم يقول: ”لا تقبل أن تُجرح حتى لا تُضيع زمنك كله في شفائك من جُرح أصابك به آخرون. أمّن صحة نفسك بالكتب الإلهية“ (28).
المقالة الثالثة
ذهبي الفم بيقول إن الإيمان بالقدرية خطية واضحة جدًا.. ولو في واحد بيُحاكم بالزنا وقال إن القدر أوقعني في الزنا الناس هتضحك عليه وهيدان بعقوبة قاسية.. لذلك فإن القدرية هي ”بدعة شيطانية وخرافة وهذيان“، فمن ”يأخذ القدرية كحجة لكي ينجو من العقاب، لا ينجح أبدًا“ (33).
المقالة الرابعة
ذهبي الفم بيقول ”عندما ترى شخصًا يغتني بدون استحقاق، فلا تظن أنه يستحق الحسد، ولا تتجنى وتتطاول على العناية الإلهية. ولا يدفعك ذلك إلى الظن أن أمور هذا العالم تخضع للصدفة وتحدث بلا هدف“ (37). ويضرب مثل بقصة الغني ولعازر اللي لم يشك في عدل الله أبدًا. وبيقول للناس اللي بتبص لغيرها ”انتظر النهاية وعندئذِ سوف ترى أن كل واحد وإن كان فقيرًا أو غنيًا سيكافأ حسب استحقاقه. ولا تقلق ولا تضطرب قبل أن يتسلم كل واحد ما يستحق سواء عقاب أو تيجان“ (41).
لا تتهم الله بالظلم لأن في ناس بتسرق وتقتل بدون عقاب ”لأنهم لم يُسلموا بعد للعدالة الإلهية“ (41). ولو فكرت أن ربنا لازم يعاقب الخطاة هنا على الأرض، ذهبي الفم بينصحك بأن ”تفحص ضميرك فسوف تغير رأيك“، وستقتنع وتقبل طول أناة الله. بيرد ذهبي الفم على ناس بتنكر وجود حياة بعد الموت.. وبيقولهم حتى عباد الأوثان واليهود والهراطقة وأي إنسان حتى لو اختلفوا في أمور ثانية لكنهم يجمعون بوجود حياة أخرى ووجود دينونة.. وبيربط الإيمان بوجود حياة أخرى بعد الموت بوجود الله نفسه.. لأن لو مفيش حاجة بعد الموت.. يبقى ربنا مش موجود برضو. ”لكن لو كان الله موجود فلابد أنه يكون إلهًا عادلاً ويعطي كل واحد حسب استحقاقه“ (46).
ثم يقول في ناس هنا بتسعد وبتُكرّم بدون ما يستحقوا.. وناس تانية عايشة بالفضيلة وعايشين في معاناة وعذاب ”فأين يكون العدل عندئذ؟“ لازم يأتي زمن المجازاة طالما إن المجازاة دي مش بتتحقق في هذه الحياة. ولو محصلش يبقى ربنا مش عادل.. ولو مش عادل يبقى مش إله.. وهذا تجديف.
المقالة الخامسة
يتعرض ذهبي الفم للنتايج المترتبة على الإيمان بالقدرية.. اللي نهايتها فوضى.. وكلنا لازم ننام في البيت ونستنى القدر يقولنا نعمل إيه.. ولو كل شيء يتم طبقًا للقدر يبقى المنطقي متعملش حاجة.. ومتنصحش ابنك.. ومتودهوش المدرسة.. ولا تدخر له المال.. سيبها للقدر! (50). سيب ابنك ينحرف.. ”وما قدرته القدرية هو الذي سيحدث في كل الأحوال“ (50).
وبيسأل ذهبي الفم: ليه بتعاقب خادمك؟ ولماذا تمدحه أيضًا؟ مفيش حد صالح أو شرير.. طالما مبيختارش يكون كده من ذاته، وبكده تكون أُلغيت الفضيلة (51). وإذا رأيت لصًا فلا تمسكه ولا تعاقبه (53)، وبيقول ”لو وجدت القدرية لما وجد ثناء ولا إدانة ولا تقوى ولا حياء ولا قوانين ولا محاكم“ (53). ولو سألت ليه في غني وليه في فقير، فالأفضل أنك متعرفش بدل من تعليم فاسد.
المقالة السادسة

بيقول إن اليهود هما اللي قالوا ”نأكل ونشرب لأننا غدًا نموت“ وده ورد بالفعل عنهم في إش 22: 13، وأنا كنت فاكر أن العبارة دي منسوبة للأبيقوريين فقط.. ثم يتكلم عن النهم، وبيقولوا اللي بيعتقدوا أنهم جاءوا إلى الحياة علشان ياكلوا.. دول هيرحلوا عن الحياة بعد أن يعدوا لأنفسهم مائدة في الجحيم.. وأن السعادة الحقيقية في القناعة والنفس الشبعانة تدوس العسل.  

الله ليس مسببًا للشرور- باسليوس الكبير


بيانات الكتاب
عظة للقديس باسليوس الكبير ترجمها عن اليونانية د جورج عوض
عظة للقديس باسليوس الكبير كتبها بعد أن حدثت نكبات في عهد ق باسليوس.. فتساءل الناس: هل الله مسبب للشرور؟ ق باسليوس بيقول إن الناس بعد الضيقات الكبيرة ممكن يقولوا ربنا مش موجود، كنه بيرد عليهم: ”إن لم يوجد الله الذي يري كل الأمور، وإن لم يوجد الله الذي يجازي كل واحد حسب أعماله، إذًا فما الذي يمنع أن نظلم الفقير ونتسلط عليه ونقتل الأيتام؟“- سؤال منطقي. وبيعتبر إن اللي بيقول الله مسبب للشرور زي اللي بيقول مفيش إله. ”خطية الاثنين واحدة، لأن الأول والثاني ينكران الله الصالح“. فالناس سألت: طب الأوبئة والشرور دي منين؟ بيرد ق باسليوس ”لن نعاني شيئًا بدون أن يكون له إرادة في ذلك“ (ص 20). وبيقول إن في شرور تتوقف علينا زي الظلم والإنحلال الخلقي والقتل والدسائس- أما المرض الجسدي وفقدان أحد الأحباء فهي تأتي من الرب الصالح والحكيم لفائدتنا. وبيقول إن الموت بيجي في الوقت المناسب في النهاية اللي حددها ربنا منذ البداية.
وبيقول إن ”المجاعات والسيول هي نكبات مشتركة تأتي على المدن والأمم لكي توقف وتحجم فعل الشر المتفاقم“ وهي بمثابة إجراء قاسي زي الطبيب الذي يبتر عضوًا ولا نتهمه بأي اتهام. لأن ”الخطايا هي سبب دمار المدن وليس الله المنزه عن أية تهمة“ (ص 23).
ثم يشرح ق باسليوس بعض الآيات الملتبسة زي إن الله مصور النور وخالق الظلمة (إش 45: 7)، وبيقول إن هنا ربنا بيوصف نفسه كخالق لكل الخليقة حتى لا تظن بوجود إلهين أو آلهة متعددة. ”خالق الشر“ معناها اللي بيغير الشر!!! وبيستشهد بآيات بيجي فيها الفعل ”خلق“ بمعنى يجدد زي آية ”قلبًا نقيًا أخلق في“.. هذا التكتيك استخدمه الآباء في الرد على الأريوسيين لما اعتمدوا على آية أمثال 8: 22 ”الرب قناني أو خلقني أول طرقه“.[1] وبالتالي الله يغير الشر إلى سلام. ثم يقول إم شرور الحروب تسقط على من يستحقون العقاب زي سدوم وزي أورشليم لما رفضت المسيح.
آية تانية هي ”أنا أميت وأحيي“، وبيقول إن دي تتفهم بأن الشر وبالعصا الله يشفي.. ويميت الخطية لتحيا الفضيلة. آية تالتة في عاموس هي ”هل تحدث بلية في مدينة والرب لم يصنعها؟“ مرة أخرى بيعتبره ألم إصلاحي ”لكي يوقف الظلم قبلما ينتشر ويمتد.. مثل تيار النهر الذي يوقفونه بسد أو بجدار متين“ (ص 27). نفس المعنى ده قريناه في المربي للقديس إكليمندس السكندري الكتاب الأول.
بالنسبة للكوراث الطبيعية وأمراض الجسد هدفها هو ابتعاد الإنسان عن الخطية ”الطبيب يشفي المرض لكنه لا يتسبب في حدوث المرض نفسه“ (27).. قصد ربنا هو تهذيب البشر.. ”أما الشر الحقيقي فهو الخطية“ (28). يقر ق باسليوس إن عدل الله ينزل عقوبات لتهذيب الإنسان.. وبيدي مثل على كده قصة داثان وابيرام اللي ابتلعتهم الأرض ويعلق: ”بهذا العقاب طبعًا لم يصيرا في حالة أفضل (لأنه كيف يحدث هذا طالما نزلا إلى الهاوية؟) ولكن بهذه العقوبة القاسية صار الباقين أكثر تهذيبًا“ (28- 29).
ثم يذكر مثال فرعون اللي كان آنية غضب غير قابلة للاستخدام وجديرة بالفناء وإن ربنا كان ينبغي أنه يهلكه لأنه ”كان غير قابل للشفاء. لقد قسى الله قلبه بتأجيل العقاب فيزداد شرًا ويظهر هكذا حكم الله العادل“ (30). وأن ربنا تدرج معاه بعقوبات صغيرة حتى يلين لكنه احتقر أناة الله.
ثم يناقش مسألة الشر بحسب الحجة الأفلاطونية ”الشر ليس له جوهر، فالشر هو غياب الصلاح“. زي العمى.. الشر لم يخلق لكن ق باسليوس مش بينكر الشر وتأثيره وبيقول إننا شايفين الشر موجود وفعله ظاهر. فكيف نقول ليس له وجود؟ بيقول ربنا خلق الجسد اللي ممكن يمرض والنفس اللي ممكن تميل للشر.. طب ليه النفس تقبل فعل الشر؟ الإجابة هي: لأن لها حرية إرادة تتناسب مع الكائنات العاقلة. ”والله لم يخلق الموت لكننا جلبناه على أنفسنا بالإرادة الشريرة“ (34).
ثم يجيب على سؤال افتراضي: طب ليه ربنا لم يمنحنا طبيعة لا تميل للشر؟ بيقول ق باسليوس كده تبقى عبد.. والله لا يحب أن ينفذ ”أمره عن إجبار“، ”والفضيلة تتحقق بالإرادة الحرة وليس بالإجبار“.. اللي بيعترض على ربنا إنه مخلقهوش بطبيعة لا تميل للشر ”بيحتقر طيعته العاقلة“. ثم يوصي ق باسليوس ”ليتنا نتوقف عن تقييم أعمال الله الحكيم. وإن غابت عنا مقاصد خططه فيا ليت توجد داخل نفوسنا عقيدة واحدة وهي ان الله الصالح لا يصدر عنه أي شر“ (35).  
ثم يجيب على سؤال افتراضي آخر وهو ”من أين أتى الشيطان؟“.. والإجابة هي نفسها اللي في تفسير الشر عند البشر: الشيطان مخلوق يتمتع بحرية الإرادة والاستعداد الشخصي. وبيقول جملة خطيرة إن الله استخدم خداع الشيطان كوسيلة لكي تتدرب نفوسنا (41). ربما يكون ده أن ربنا بيستخدم حتى نتايج دخول الشر في العالم اللي كنا إحنا السبب فيه لمصحتنا برضو في النهاية.
ملاحظاتي على النص:
1- الدفاعيات الحديثة فعلا بتقسم الشر لنوعين: الشر الأخلاقي Moral Evil اللي ناتج عن اختيارات الناس الأخلاقية من قتل وسرقة.. إلخ. وده ميزه ق باسليوس في كتابه، والنوع الثاني هو شر الطبيعة  Narural Evil وده الزلازل والبراكين والكوراث الطبيعية عمومًا.. الدفاعيات الحديثة مش بتنكر كمان دور الإنسان في النوع الثاني بسبب الاستخدام البشري الجائر لموارد الطبيعة.. فمثلا الأوزون لما خرمناه بالإنبعاثات الضارة زادت درجة حرارة الأرض مما أدى إلى ذوبان الجليد.. إلخ.
2- عجبني ق باسليوس اللي لما استخدم الحجة الأفلاطونية الشهيرة للشر وأنه الشر ليس له جوهر لم ينكر مع ذلك تأثيره الواضح، إن تي رايت ليه رأي مشابه هنا ”هذا لا يعني بأي حالٍ من الأحوال أن هذا شيء ضبابي أو غامض أو يجب أن نقلق بشأنه. إذا وجدت حفرة في الطريق حيث أتوقع أرضًا صلبة، فإن حقيقة "عدم وجود شيء هناك" خطيرة جدًا سواء كنت أسير على قدميّ أو بالدراجة أو أقود سيارتي. كذلك حقيقة غياب درجة من السلم النازل إلى البادروم في منتصفه لا تعني شيئًا غامضًا – حين أتحسس طريقي في الظلام.“ 
3- النقطة الثالثة هي الالتجاء لمحدودية الإنسان وعدم قدرتنا على فحص حكمة الله المتعالية في تفسير بعض الأحداث.. وده بيتسخدموه المدافعين المعاصرين، فمثلاً واحد اسمه سكوت أولفنت بيقول: ”المسافة بين الله والخليقة مسافة شاسعة جدًا يمكن تشبيهها بالمسافة الفكرية بين الإنسان وقواقع البحر“. وحتى في عبارة شهيرة لما بنسأل لماذا ومش بنعرف: نحن نعرف لماذا لا نعرف لماذا! We know why we don’t know why! والإجابة هي: لأننا محددون!


الجمعة، 12 يوليو 2019

المربي- ج2 إكليمندس السكندري



الكتاب الثاني:
بيتكلم ق إكليمندس عن آداب خاصة بالأكل، وبيقول إن المربي "يشجعنا كيما نتناول الطعام كي نظل أحياء، وبحيث ألا يكون الطعام هو همنا وشاغلنا، ولا يكون متعتنا وهدفنا في الحياة". ق إكليمندس بيقدم نصائح بخصوص الدايت وآداب المائدة منها:  نمد إيدينا لما يقّدم لنا بطريقة مهذبة راقية، لا نلوث أيدينا وذقوننا أو الحاجة اللي قاعدين عليها، لا نصدر أي صوت أثناء ابتلاعنا الطعام، نمد يدنا من وقت لآخر بأسلوب منظم، نتجنب الحديث أثناء تناول الطعام، لا نأكل دون أن نكون جوعى، ناكل الأبصال والزيتون والأعشاب الخضراء واللبن والجبن والفواكه وكل الأطعمة المطهية بدون إضافة صلصات، إذا رغبنا في اللحم ليكن مشويًا بدلا من المسلوق وبيقدم نصيحة عامة بتقول: ”أنسب أنواع الطعام ما يصلح للاستخدام الفوري دون أن يدخل النار“.. يعني من الأرض مباشرة زي ما بيقولوا!
بعد كده بيتكلم عن شرب الخمر وبيقول إنه بيلهب الشهوات،, الكحوليات تؤدي إلى اضطراب الرؤية.. ، الكحوليات تؤدي إلى الغثيان.. ، متقولش أنا مش هتأثر لأن ”الأتون يختبر الحديد.. والخمر يمتحن قلوب جبابرة الحرب. عند الإسراف في الشرب يشبه الإنسان ”سفينة غارقة في البحر.. ينزل إلى الأعماق وقد غلبته الأمواج العاتية للخمر.. أما الربان الذي يمسك الدفة (العقل) فيطيح به رياح السكر.. ويدفنه في لجج البحر وقد أعمته ظلمات العاصفة، وأخذته بعيدًا عن مرفأ الحق حتى يصطدم بالصخور التي في قاع البحر، ويهلك مدفوعًا بالإسراف في الشهوات النجسة.   
ثم يتحدث عن الآنية الثمينة.. وان في ناس كانت بتجيب مباول مصنوعة من الفضة وآنية من الكرستال لقضاء الحاجة. يعني بيرفض الكلام ده وبيشجع على الحياة البسيطة.
ثم يتحدث عن آداب الحفلات العامة وبيجيب سيرة الموسيقى وبيتحدث عن الموسيقى وتأثيرها ...وبيذكر ان ذكور الايائل كانوا بيسحرولها بصوت الناي، وإناث الخيل كانوا بيعزفولها علشان تأتي للتلقيح. ودي أمثلة بتبين فعلا تأثير الموسيقى علينا، وبعدين بيقول : ”لا يجب أن نغني أغاني العشق والغرام ونقتصر على تسبيح الله ... وقبل ما تقول عليه سلفي بيقول إن في ألحان مائعة بتلعب على المقامات اللحنية وبتغري الانسان بالميوعة والتخنث والبذاءة أما الألحان الرصينة الجادة المهذبة فهي تطرد أثر الخمر من شاربها وتعيده الى رشده“.
ثم يتحدث عن الضحك.. وبيقول إن البشاشة والمرح لا بأس بهما.. ولكن ليس التهريج.. وليس الانفلات والتسيب. ثم يتحدث عن الحديث القذر.. وبيقول أننا كمسيحيين لازم نبعد عن الكلام القذر.. والمنحط.. اللي بيدل أن ”غير مهذب.. وغير جدير بالاحترام“. وعن الشتائم اللي بتتضمن أعضاء معينة في الجسم.. بيقول الأعضاء في حد ذاتها مفيهاش أي شيء يدعو للخزي او الخجل.. أما المخجل ان تستخدم هذه الأعضاء في الخطية .. ثم يقول التلفظ بألفاظ الفسق يشجع على الخطية أما مراعاة الحياء والتقوى في الألفاظ هو نوع من التدريب على العفة.
من نصائح إكليمندس للشباب بشأن أدبيات الحوار بيقول: بلاش كلام يثير عدوات بالنقد الجارح، في وضع الجلوس مع الكبار بلاش وضع ساق على ساق او فخذ على فخذ، يجب ان نتحكم في الضحك الزايد عن الحد، بلاش نتكلم أزيد من المطلوب، نترك الميل الى الايذاء بالكلمات او لمجرد إثبات الذات ، التنعيم في الصوت دليل على الليونة والتخنث، بلاش تسارع ولا إسهاب ممل، وانت قاعد تاكل مع ناس.. اترك المائدة مبكرا لان ده دليل على التعفف وعزة النفس، وأخيرا البصق والنحنحة وتسليك الزُّور ومسح الأنف .. كلها أمور مقززة ”لأننا مش هينفع نقلد الثيران والحمير اللي مكان طعامها هو مكان مخلافاتها“ ، وأخيرا لو جاتلك الزغطة خليها مع الزفير (مش عارف ازاي) ولو في فقاعة هوا في معدتك (التجشؤ) حاول تخرجها بشكل لائق.      
حتى بيتكلم عن العطور والبرفانات وبيقول الاعتدال شيء كويس.. وبيرفض زيوت التدليك.. للرجال وبيقول إنه "مدعاة للتخنث".
وعن النوم الكثير لا فائدة منه لا للجسد ولا للروح.. وعن الملابس اللي مفروض تكون لغطاء الجسد وحمايته.. وبيتكلم عن نوعية ملابس "لا تخفي شكل الجسد.. وتلتصق بالجسد.. وتفضح قوام المرأة". وبيفضل الملابس البيضاء.. والملونة لأ.. هو بيقول "لأن من الشر أن يكون الجمال مصيدة للرجال".
بلاش التباهي بالحلي والجواهر.. وبيقول حاجة مهمة جدًا "الرجل الوسيم هو الرجل الفاضل.. لا جمال دون فضيلة". وبعدين بيتكلم عن الرضا والقناعة.. وبيقول "إنها حالة يرتضي فيها الإنسان بما هو ضروري". وبيقول حاجة غريبة جدًا.. هو لا يفضل ثقب الأذن ليه "لانه ليس من الصواب أن نجبر الطبيعة ونرغمها على ما ليس فيها". وأجمل حاجة للأذن هو أنها تسمع التعليم الصادق.. وكحل العيون هو الكلمة.

الكتاب الثالث: 
يرجع يتكلم عن زينة الجسد ويقول "ليست العبرة في المظهر الخارجي للإنسان، بل هي الروح التي يجب أن تتزين بالصلاح". وبيقول في ستات بتبالغ في الزينة الخارجية لدرجة تفسد فيها جمالهن الطبيعي. وخزعبلات زي استخدام براز التماسيح.. ده كله بيعبر عن هوس فظيع بالتجميل. وبيقول جملة خطيرة جدًا "مستحضرات التجميل والصبغات تدل على مرض عضال في النفس". وبيذكر اسطورة نرجس الذي تطلع في صورته في البحيرة وأعجب بنفسه حتى مات هكذا.
 القديس إكليمندس السكندري في كتابه (المربي) يتحدث بإسهاب عما يُسمى بالتخنث عند الرجال.. وبيوصف أن هؤلاء الرجال:  يلبسون ما هو رقيق يشف عما تحته من ثياب، يتشدقون بمضغ اللبان، ينعمون البشرة، ويتخلصون من الشعر الطبيعي في أجسادهم باستخدام المواد اللاصقة أو ينزعونه بالملقاط! يطيلون شعور رؤسهم ويجعلونها خصل مموجة، ويبدلون لون الشعر بالأصباغ ، بيعملوا شراشيب في ملابسهم، بيلبسوا حلقات في كواحلهم. المهم أنهم فقدوا كل حياء وانعدمت الرجولة فيهم.. ويصعب عليك أن تعرف أنه رجل أو امرأة.. وبيفسر أسباب رفضه لكده أن الله خلق الرجل خشن بطبعه.. والشعر عند الراجل هو علامة الرجولة.
المهم أن السياق الاجتماعي اللي بيتكلم فيه مختلف نوعًا ما لأنه كان في الممارسات الشاذة الجنسية بكثرة.. وبيقول ”لو نزع الشعر ده بغرض جذب الرجال فهو من قبيل التخنث، ولو بغرض جذب النساء فهو من قبيل الزنا.  ونصيحته للرجل: ”أما الرجل الذي يبغي لنفسه الجمال، فإنه يجب عليه أن يسعى إلى تجميل وتزيين، أجمل ما في البشر، أي العقل.. ويجب عليه أن ينزع من جسده لا الشعر بل الشهوات.
ثم يتحدث عن الانفلات الجنسي.. وأنه ممكن أب دون أن يعلم يضاجع أبنه اللي بانفسه للشيطان أو ابنته اللي صارت عاهرة. ثم يرفض الشذوذ الجنسي بأنواعه.. ويذكر سدوم وعمورة.. وبيعيد اللي قاله في الكتاب الأول من المربي مرة أخرى وأن اللي حصل فيهم عقاب عادل من الله، وبيقول: "ما حلّ بسدوم وعمورة من عقاب عادل هو نموذج طرح للبشرية يوضح صورة الخلاص وحتى يحسب الإنسان حساباته ويختار طريقه.. لأن من لم يصنعوا مثل هذا الشر.. لن يعاقبوا بمثل هذا العقاب". ثم يرفض الشعر المستعار.. وصبغ الشعر.. حتى المشي لازم يكون رزين.. ورفض مطاردة النساء والكلام عليهم.. واللعب بالزهر.. والقمار.. ثم يتكلم عن الاحتشام في الذهاب الى الكنيسة.. واشياء أخرى عملية كثيرة.