أبواك ليسا مثاليين، ولم يعيشا في
عالم مثالي، بل لهما نصيب من الصدمات، والنقائص، والعيوب، والأخطاء بمختلف
درجاتها.. طيف كامل من العادات الساذجة إلى الإدمانات الكارثية. ومن الظلم
مطالبتهما بما ليس في استطاعتهما. هذا الوضع المثالي يمنع بشكل أو بآخر توفير
المناخ الملائم لنضوجك بشيء سوي. ربما بدأ الألم في حياتك مبكرًا.. وقد تراكمت
طبقاته بمرور السنين.. والذاكرة تسجّل كل شيء. وهذا يعرقل خطواتنا أحيانًا، ولا
نكاد نجري وننطلق حتى نتعثر في أشياء أخرى.
قد يكون أبوك ذلك الشخصية الغضوبة،
وكان يبرحك ضربًا في كل مرة حاولت استفزازه بعدم إطاعة الأوامر.. وقد يكون أخوك
الأكبر حقودًا أو غضوبًا أو مدمنًا أو أشياء أخرى. هذه السيناريوهات وغيرها تساهم
في عدم استقرار الحياة وقتها، ولا تزال ترسبات هذا الماضي تطاردك. ما يعقد الأمر
أكثر أن إبليس يستغل هذه النقاط الضعيفة فينا ليحكم قبضته علينا أكثر من خلال
مشاعر عدم الاستحقاق والدونية والنقص أو ربما الشفقة على الذات.
لست من هواة التنقيب في الماضي، وفتح
جروح لا نستطيع غلقها بعد ذلك. لنترك الماضي ونتجاوزه، ولا نبقي منه إلا الذكريات
الجميلة والعبر النافعة. شيء مهم أن تعرف أن آثار الجروح التي تحملها تؤكد على
شيئين هامين: الأول، أنك نجوت من هذه الجروح بالفعل، وهذا إنجاز في حد ذاته. الأمر
الثاني: أن هذه الظروف الصعبة التي خضتها تجعلك أكثر مرونة وثباتًا أمام الحياة
بما تجلبه من صعوبات حتمية.
ربما تفيد النصائح التالية:
- لا
تدع الذكريات السلبية في ماضيك أن ترسم ملامح مستقبلك. لا تسمح لرجليك أن
تنغرسا في طين الماضي. اغفر لمَن آذوك، واغفر لنفسك أيضًا. تأمل ما تقوله
"كوري تين بووم"، هذه المرأة التي شهدت الأهوال في أحد معسكرات
التعذيب النازية: "الله يأخذ خطايانا- الماضية والحاضرة والمستقبلية-
ويدفنها في البحر، ويعلق لافتة تقول: ممنوع الصيد هنا."
- اقبل
جروحك وما حدث لك من إيذاء، واسعَ للشفاء منها. سمعت ذات مرة أحدًا يقول:
"إذا تحطّم قلبك، يمكنك أن تصنع من الأجزاء المحطمة أعمالاً فنية."
- حاول
أن توفر بيئة آمنة حتى لا تتسع رقعة الجروح أو تتعقد. هذا الأمر يحدث من خلال
وضع حدود سوية في العلاقات على كافة المستويات. ولا تحاول إرضاء نفسك أو
تعويضها عن الوجع بأمور لا تكرم الله. هذا الأسلوب بمثابة مسكن ويعقد المسائل
بعد ذلك.
- اسعَ
لبناء علاقات سوية وصداقات حقيقية. هناك أشياء قليلة تجلب السعادة في الحياة
أكثر من الأصدقاء الحقيقيين الذين لا يجاملونك في وجهك ثم يغتابونك في ظهرك،
الذين لا يبخلون عليك بالنصيحة والمشورة الصالحة، والذين يشاركون أفراحك
وأحزانك.
- تجنب
الإشفاق على الذات، والتلذذ بدور الضحية بحجة أنك لم تحصل على الحب في حياتك.
توقف عن إلقاء اللوم على نفسك أو الآخرين أو المجتمع الذي نشأت فيه. تذكّر
أنه إذا فاتك أن تكون محبوبًا (وأشك في ذلك.. لأنك محبوب ومقبول في المسيح
منذ تأسيس العالم. في الصورة المرفقة، إذا أردت أن تعرف كم أحبك يسوع، اقرأ
بين الخطوط.. آثار الجلد) لكن لا يفوتك أبدًا أن تحب أنت من يستحق حبك.
عندئذٍ ستجد كنزًا من السعادة في خدمة الآخرين.
- سلّم
حياتك لله فعلاً. وأكثر من الصلاة، والتأمل في كلمة الله، وبالأخص سفر
المزامير. تأمل دواد وهو يحكي ويشكو حاله إلى الله: "أمل يارب أذنيك
واستجب لي، أنا يارب مسكين وبائس. أحرسني يا إلهي لأني تقي. خلص عبدك المتكل
عليك. تحنن عليّ يا إلهي، فإليك أصرخ نهارًا وليلاً. فرح نفس عبدك يارب، لأني
إليك رفعت صلاتي." (مزمور 86: 1-4(
- تذكر
أن لعازر مات "ليتمجد الله"، ومن المؤكد أن الله سيتمجد من خلال
جروحك. لأن "كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله." (رومية
8: 28(
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق