الخميس، 26 أبريل 2018

3 كتب جديدة عن الدراسات الكتابية


الكتاب الأول، 101 سؤال وجواب حول الكتاب المقدس، تأليف رايموند بروان، ترجمة ماري فكري، بمعرفة دار الأكويني:

الكتاب ده بيشرح بلغة غير متخصصة مشاكل كتير متعلقة بالوحي الكتابي، والتناقضات الظاهرية بين الأناجيل، أو ما يُعرف بمشكلة الإيزائية. المؤلف كاثوليكي، وبيقدّم موقف الكنيسة الكاثوليكية في هذه الموضوعات. الكاتب بيرى سفر يونان مثلاً كقصة رمزية (صفحة 60)، ولكنه بيقول إن ده ليس معناه إنكار للوحي الكتابي؛ لأن القصة وغن كانت رمزية، لا يزال بها رسالة إلهية موحى بها من الله.
في نفس الوقت بيقول حتى لو قصة المجوس في متى 2 يصعب إثباتها تاريخيًا، لكنه بيلوم أي حد يصرح هذا ”التأكيد المطلق بأنه لم يوجد مجوس“؛ لأن ده أمر يتجاوز ”ما يمكن أن تثبته الدراسات الكتابية. فمن الصعب جدًا دعم هذا بأدلة مثل هذا النفي المطلق، وحتى على أساس علمي بحت لا ينبغي أن نقول ذلك.“ (صفحة 62)
عن تاريخية الأناجيل بشرح 3 مراحل لكتابة الأناجيل: 1- تقليد يسوع (ما قاله وما فعله يسوع)، 2- تقليد البشارة (ما فهمه التلاميذ في ضوء القيامة)، 3- تقليد الأناجيل (وده تقليد متطور نسبيًا، وبيقول صراحة هي كتب تاريخية، ولكن ليس كذاكرة دقيقة لسرد حرفي.“ (صفحة 112)
في سؤال عن النسبة المئوية مما ورد في الأناجيل ويُنسب فعليًا للمسيح، قال أنه لا يستطيع إعطاء أي نسبة، وبيقول صراحة أن بعض الباحثين لرغبتهم في أن يكونوا دقيقين تمامًا، ”يصبحون ضيقي الأفق في نهجهم إلى حد اعتباره هو الصحيح.“ (صفحة 125) وبيقول حاجة مهمة جدًا، وهي في فرق بين الإثبات.. ومجرد الافتراض. لا يمكن أن يكون الناس اللي كرزوا بالمسيح مكنوش مهتمين بما قاله يسوع بالفعل، وكان كل همهم أنهم يكرزوا بتصوراتهم المبتكرة من خيالهم. ليه وعلشان إيه؟
بيقدم شرح جميل للحبل العذراوي، وتعبير ”أخوة يسوع“، باللجوء إلى إنجيل يعقوب المنحول اللي بيتكلم عن يوسف كرجل شيخ كان لديه أبناء عندما تزوج مريم، والأهم باللجوء إلى المصطلحات السامية، ومعنى كلمة ”أخوة“ في الأصل السامي، لأن المسيح اتكلم آرامي، أما الأناجيل فكتبت باليونانية. كلمة ”أخوة“ في تك 8: 13 تصف العلاقة بين لوط وإبراهيم، مع أن لوط ابن أخو إبراهيم.
أول مرة أعرف من الكتاب ده أن جيروم هو اول من اتكلم عن بتولية يوسف النجار أيضًا. وأول مرة أعرف أن ترتليان أول من قال أن تعبير أخوة يسوع يقصد بيه أبناء ولدتهم مريم.    
الكتاب الثاني، النص تحت الفحص، تأليف د مارك ألفونس، بمعرفة دار سلام:


في هذا الكتاب بيقدم د مارك 3 موضوعات أساسية في الدراسات الحديثة للعهد الجديد: نقد الشكل، نقد التحرير، ونقد المصادر. بيأكد الكاتب على أن الأناجيل كُتبت لخدمة حياة وإيمان الكنيسة الأولى (صفحة 18). الكتاب بيقدم معظم أو كل العلماء اللي اشتغلوا في المجال ده، واسهاماتهم. وبيعرض كل الآراء بتقييم حيادي إلى حد كبير.
على سبيل المثال، في كلامه عن جون كروسان اللي بيقول أن ألوهة المسيح ألوهة رمزية (صفحة 73 حاشية رقم 107)، بيقول في صفحة 95 إن جيمس دَن بيقول أن كروسان بيفترض اكثر ما بيفسَّر (أو يثبت). وفي مقابل استعراض كل الآراء اللي ممكن نعتبرها ”ليبرالية“ بيتسعرض رأي حد زي ديل أليسون من معهد بيرنستون اللي بيقول: ”لا يمكن ترجيح أو تكذيب أي مما قاله أو فعله يسوع.“ وأننا ”نثق في قدراتنا أكثر من اللازم، وأننا لا نملك المواهب المبهرة التي لشارلوك هولمز.“ وبيقول أن ديل أليسون يرى أن الحجج اللي بيقدمها الطرفين، المحافظ والليبرالي، تفتقر للدليل الدامغ. وكل حجة فيها نقاط ضعف ونقاط قوة. وبالتالي محدش عارف يقنع الطرف التاني.

بشكل عام لغة الكتاب متخصصة بعكس الكتاب السابق. وبصراحة وجدت صعوبة في استيعاب المحتوى، لأني لم أتعود هذه النوعية من الكتب. شكرًا د. مارك، على أنك أديتنا فكرة كبيرة في المجال ده.


الكتاب الثالث، التفسير الكتابي- اتباع نهج تكاملي، للكاتب دبليو راندولف تاتي، وترجمة عادل زكري، بمعرفة دار الكلمة لوغوس، في حوالي 400 صفحة. 

الكتاب بيعتبر مقدمة جيدة لعلم الهرمنيوطيقا- علم التفسير، وبيلقي الضوء على نقد الشكل ونقد التنقيح. والعوالم الثلاثة اللي هي (عالم النص، وعالم القارئ، وعالم الكاتب)، وإزاي بتتفاعل معًا وتؤثر على فهم النص. بالإضافة إلى فكرة عن الأجناس الأدبية في العهدين القديم والجديد. الكتاب بيذكر في نهاية كل فصل ترشيحات أخرى لمزيد من الإطلاع، وبيذكر أهم المصطلحات اللي وردت في الفصل، مع تدريب على أحد النصوص.

في قوائم المصطلحات دي في نهاية كل فصل، يمكن أكثر من 150 مصطلح، ستجد ترجمة ليها، ودي أهم المصطلحات في علم الهرمنيوطيقا. كمان في ملحق في نهاية الكتاب عن أنواع النقد، القراءات المختلفة للكتاب المقدس، مثل النقد الأفروأمريكي، النقد الحضاري، التفكيكية، نقد ما بعد الحقبة الاستعمارية، لاهوت التحرير، النقد النسائي، والأيديولوجي، الماركسي، والنقد السردي، والنقد ابلاغي الاجتماعي.
بشكل عام، الكتب الثلاثة دي مش سهلة، وعايزة صبر، وحتى لو اختلفت مع ما تقدمه من آراء، لازم تكون مطلع على هذه الآراء حتى تصبح مؤهلاً للاشتباك، بالرفض أو القبول، بس يكون على أساس مظبوط. 

الاثنين، 2 أبريل 2018

أشهر نصوص لآباء الكنيسة عن الزواج



النص الأول للقديس يوحنا ذهبي الفم، وهو بطريرك القسطنطينية في النصف الثاني من القرن الرابع، وهو من أكثر الآباء الذين كتبوا عن الحياة الزوجية والعائلية، في إحدى عظاته على رسالة أفسس يقول:
”لقد ضممتكِ يا حبيبتي لتكوني شريكة حياتي،
وأحضرتكِ لتشاركيني أوثق وأكرم الروابط (العلاقاتية)، 
وتشاركيني أبنائي، والإشراف الكامل على أمور بيتي...
عندما كان بإمكاني أن أتزوج من كثيرات.. 
سواء من الثريات أو من العائلات النبيلة، لم أختر هذا،
 لكنني فُتنتُ بكِ، وبجمال سيرتكِ، وحشمتكِ، ورقتكِ، ورجاحة عقلكِ.
 لذا توددت إليكِ، وأحببتكِ، و(الآن) أفضلك عن نفسي؛لأن الحياة الحاضرة كلا شيء.
 وأصلي وأتضرع وأفعل كل ما أستطيع لكيما نُحسب مستحقين أن نحيا هذه الحياة الحاضرة، 
 لعلنا نقدر هناك في العالم الآتي أن نتحد سويًا في طمأنينة كاملة.
لأن زماننا هنا قصير وفالت، 
 لكن إذا حُسبنا مستأهلين بعد أن نرضي الله أن نبدّل هذه الحياة بالأخرى، 
 فإننا سنكون سويًا مع المسيح ومع أحدنا الآخر إلى الأبد.. في متعة أكثر وفرة.
 أعتز بمحبتك أكثر من أي شيء آخر، 
 ولا شيء أكثر مرارة وإيلامًا بالنسبة لي أكثر من أكون في خلاف معكِ.
 وحتى إذا كان نصيبي أن أفقد كل شيء، وأن أصير أفقر من شحاذ، وأتعرض لأشد المخاطر، وأعاني صنوف الألم كلها، 
 فكل هذا سأقبله وسأتحمله أمام صدق مشاعركِ نحوي.[1]

النص الثاني للعلامة ترتليان (160- 220 م)، ونلاحظ من كلامه أنه يكتب في مقالة موجهة إلى زوجته في فترة اضطهاد تمر بها الكنيسة، يقول فيها:
”أي جمال لزواج اثنين من المسيحيين! اثنان ولكن واحدًا في الرجاء، وفي القلب،
وفي نمط الحياة الذي يتبعانه، واحدًا في الديانة التي يمارسونها.
أخ وأخت يخدمان نفس السيد.
لا شيء يفصلهما، لا في الجسد ولا في الروح.
اثنان بالحقيقة في جسد واحد، وحيثما وجد جسد واحد، كان الروح واحدًا أيضًا.
يصليان معًا، يتعبدان معًا، يصومان معًا، يعلمان أحدهما الآخر، ويشجعان أحدهما الآخر.
جنبًا إلى جنب يواظبان على حضور كنيسة الله، ويتشاركان وليمة الرب.
جنبًا إلى جنب يواجهان الضيقات والاضطهاد، ويتشاركان ما لديهما من تعزيات.
لا يخفيان سرًا عن أحدهما الآخر، ولا يتحاشان اجتماعهما معًا ابدًا.
لا يجلبان حزنًا على قلب أحدهما الآخر.
دون استحياء يزوران المرضى ويساعدان المحتاجين.
يقدمان الصدقات دون قلق، ويخدمان الذبيحة دون تعثُّر، ويؤديان تداريب التقوى اليومية دون عائق.
لا يضطران لرشم علامة الصليب خلسةً، ولا يهابان تحية الإخوة، ولا يطلبان بركة الرب في صمت.
ينشدان الترانيم والمزامير لأحدهما الآخر،
يجاهدان ليثبتا أيهما سيشدو تسابيح الرب بأكثر جمالٍ.
وعندما يسمع المسيح ويرى هذا، يبتهج.
إلى مثل هؤلاء يمنح المسيح سلامه. عندما يوجد اثنان معًا، فهو يوجد أيضًا. وحيثما يوجد هو، لا يوجد الشر بعد.“[2]  
النص الثالث للقديس غريغوريوس اللاهوتي (النزينزي)، وهو أحد الآباء الكبادوك الثلاثة الكبار، في أواخر القرن الرابع، ويقول ما يلي:
”عندما نعيش معًا نكون لأحدنا الآخر بمثابة اليدين، والأذنين، والقدمين.
الزواج يضاعف قوتنا، ويبهج أصدقاءنا، ويُحزن أعداءنا.
الاهتمام المتبادل يجعل التجارب أكثر احتمالاً.
المباهج العادية تهبنا سعادة أعظم.
والتناغم يجعلنا نستمتع أكثر بما تكسبه أيدينا.
بل هو أبهج من كل غنى لمن ليس لديهم ثروة.
الزواج هو سر اعتدال الرغبات وتناغمها، وهو ختم الصداقة العميقة.
شراب فريد من ينبوع مختوم،
ليس لمن هم من الخارج دخول إليه.
يحثان أحدهما الآخر بمنخس حبهما المتبادل، متحدين في جسد واحد، وفي روح واحد.
لأن الزواج لا يبعدنا عن الله، لكنه يقربنا أكثر إليه؛ لأن الله هو من يجمعنا في الزواج.[3]




[1] NPNF, first series, vol. 13. Homily on Ephesians, 20, p. 151
[2] Anti-Nicene Fathers, vol. 4, Tertullian, To His Wife, Book II, ch. VI.
[3] Poem in Praise of Virginity, PG 37.542A-543A (English translation in Boniface Ramsey, Beginning to Read the Fathers [New York: Paulist Press, 1985], pp. 138-139).