السبت، 30 سبتمبر 2017

موجز الآراء الفلسفية- ليبنتز


عاش ليبنتز بين 1646- 1716 م، وهو له إسهامات رياضية بجانب أعماله الفلسفية، فقد اكتشف اللامتناهي في الصغر (حاجة في التفاضل- بشكل مستقل عن نيوتن)، وطوّر الآلة الحاسبة التي اخترعها باسكال. فكرة الجوهر ترجع إلى أرسطو.. الجوهر هو ماهية الشيء.. تظل الماهية ثابتة حتى وإن تغيَّرت السمات الخارجية للشيء. في القرن ال 17، 18 ظهر فلاسفة كثير أيدوا وعارضوا هذه الفكرة. التجريبيون (مثل هيوم وبيركلي) قالوا مفيش جوهر.. الماهية وهم. أما العقلييون مثل ديكارت فقال بجوهرين الفكر والامتداد وجوهر مطلق هو الله، وسبينوزا قال بجوهر واحد هو الله أو الطبيعية.[1]
-        أمّا ليبنتز فخرج بفكرة المونادات وهي الجواهر البسيطة.. حاجة شبه ”الذرات الحقيقية التي تتكون منها الطبيعة“.
-      المونادة لا تقبل القسمة.. لا يمكن تصورها إلا عن طريق الفكر.. ليست مادية.. ولا شكل لها.. ولا تتكون ولا تفنى.. ولا يمكن أن تُكتشف بالعلم.
-        يقول ليبنتز ”الجوهر كائن قادر على الفعل.“
-      كل فرد به مونادة رئيسية تتحكم في المونادات الأخرى.. المونادة الرئيسية هي الانتيليخيا.. موجود في النبات، وفي الحيوان تسمى النفس، وفي الإنسان تسمى العقل.
-      عنده مبدأ آخر يسمى ”التناسق المقدر“.. فقد حرص الله عند خلق المونادات على تحقيق التجانس بينها جميعًا. وشبه الله بصانع الساعات الذي أنشأ عدة ساعات تدور في وقت واحد بغير أن تؤثر على إحداها الأخرى.
-      يقسم العالم إلى مملكتين: مملكة الجواهر المركبة أي الأجسام، ومملكة الجواهر البسيطة اي المونادات. الأول تحكمها العلية الآلية، والأخرى تحكمها العلية الغائية.[2]
-     ليبنتز عنده فكرة هي أن العالم اللي إحنا فيه هو أفضل العوالم الممكنة. وكتب في كتاب ليه اسمه (Theodicy) أسطورة ثيؤدونيس اللي ظهرت له واحدة من الآلهات التي بتكشف ليه كتاب القدر وبتشرح فيه كل الاحتمالات اللي كانت أمام جوبتر علشان يحقق أفضلها.
-       وعندما ثار السؤال لماذا يوجد سيكستوس Sextus، وهو علة المعاناة وضحية ليها في نفس الوقت، جاوبت الآلهة وقالت: ”أبويا جوبتر مخلاش سيكستوس شرير، لكن هو كان كده منذ الأزل، وهو كده بحريته.. أبويا منحه هذا الوجود وبحكمته أوجده في العالم. وخلاه يعبر من نطاق الممكن إلى الوجود الفعلي. وجريمة سيكستوس خدمت أشياء عظيمة. تحررت روما.. ولكن هذا كله لا يقارن بقيمة العالم ككل وجماله الذي سيبهرك.“[3]
-        فيما بعد جه فولتير وقال لو هو ده أفضل العوالم الممكنة يبقى أسوأ العوالم شكله إيه. وحتى لو الخير أكتر من الشر.. والمتعة أكتر من الألم.. لكن ده مش بيعزي المتألمين أنفسهم.
-        يرى ليبنتز أن فكرة أفضل العوالم الممكنة هي ما تفسر وتجيب على أهم سؤال سأله وهو ”لماذا يوجد شيء بدلاً من لا شيء.“




[1]  مقدمة كتاب المونادولوجيا، ليبنتز، تعريب وتعليق د. عبد الغفار مكاوي، دار الثقافة للطباعة والنشر، بالقاهرة، 1678 م، صفحة 26.
[2]  المرجع السابق، صفحة 34.
[3] Nicholas Rescher, A Journey Through Philosophy in 101 Anecdotes.

موجز الآراء الفلسفية- هيوم


عاش هيوم بين 1711- 1776م، هو أول من وجد مشكلة في الاستقراء induction. هو بيقول إن حقيقة مثل ”كل حديد يتمدد بالنار“، نتيجة  الاستقراء بعد عمل عدد من التجارب، هيوم يشكك، ويقول مهما أجرينا عددًا أكبر من التجارب، لا يمكن القطع بهذا، هما بدت قوة الاستقراء. فنحن لم نجرب هذا على كل هذا الحديد في العالم كله، وبالتالي شكك في كل المعارف.
-    كما شكك هيوم في الرابط المنطقي بين السبب والمسبب أو مفهوم العلية. وقال إن العادة (عادة سيئة) والخيال هو ما يوهمنا بالسببية، مع أن الأمر لا يزيد عن اقتران أو تتابع الشيء بالشيء. حاجة زي الديك لما يدَّن.. الفجر يطلع! مفيش أي علاقة سببية. إذن هو توصل إلى أنه في الواقع مفيش أي ترابط حقيقي بين الأشياء. الموضوع كله زي شريط السينما.. صور متتابعة ليس أكثر.   
-        هو يرى الوجود كله كأحداث مفككة itemic، لا علاقة ببعضها البعض. هو بيعمل حاجة اسمها individuation تفريد أو تجزيئ لكل شيء. الخبرات دايمًا عنده itemic وليست relational.
-      تشبه فلسفته كلام أبو حامد الغزالي: يقول الغزالي: ”الإقتران بين ما يعتقد في العادة سبباً ليس ضرورياً عندنا، بل كل شيئين، ليس هذا ذاك، ولا ذاك هذا، ولا إثبات أحدهما متضمناً لإثبات الآخر، ولا نفيه متضمناً لنفي الآخر، فليس من ضرورة وجود أحدهما وجود الآخر، ولا من ضرورة عدم أحدهما عدم الآخر، مثل الري والشرب، والشبع والاكل، والاحتراق ولقاء النار، والنور وطلوع الشمس، والموت وجز الرقبة، والشفاء وشرب الدواء، واسهال البطن واستعمال المسهل.. الخ[1]
-        رأي هيوم يشبه في جوهره رأي الأشاعرة ”لا فاعل حقيقي إلا الله.“.. الماء لا يروي.. الله هو علة الإرواء. النار لا تحرق، ولكن الله يأمرها بأن تحرق. أبو حامد الغزالي قال بهذه الفكرة، واستشهد بها لتفسير قصة إحراق سيدنا إبراهيم- حسب رواية القرآن- وبيقول إن الله فك الارتباط التزامني المتعاقب، حيث لا يوجد ترابط منطقي أصلاً- وبالتالي لم تحرقه النار.
-        ويرى البعض أن هذا الترابط الزمني هو تسخير الله للكون.. حتى نفهم.. حتى نستطيع أن نراكم المعرفة.. ونبني حضارة.
-        بناءً عليه ينكر العلة الأولى: الله، وينكر المعجزات[2]، حتى إن قال الناس أن المعجزات متواترة، فهو يقول إن كذب المتواتر أصدق من صدق المعجز، وكذلك أنكر خلود الروح. هو في أفضل الأحوال ”لاأدري“.
-        طبعًا عندما ينكر مبدأ العلية/ السببية، يبقى هيضرب في الحجة الكونية لإثبات وجود الله. ”كل ما يبدأ في الوجود لابد له من علة.“
-      كذلك أنكر هيوم العقل نفسه، يقول إن حللنا العقل وجدناه مجموعة من الانطباعات.. فهو يقول أنه لا يوجد شيء مستقل يُسمى العقل. كان يقول إن العقل غير خاضع للرصد أو الملاحظة.. كل الأفكار متولدة عن انطباعات.. وكل شيء عبارة عن صفات لا جواهر لها.
-     كذلك أنكر النفس.. وقال إن النفس مجرد وهم. بيقول كل ما ندور في ذواتنا مش هنلاقي غير مجموعة من الأحاسيس والتصورات.. مثل حلقات في سلسلة.. إنك تحاول تلاقي ذات موحدّة وراء التصورات كأنك بتدور على سلسلة بعيدًا عن الحلقات. كلامه بيردد صدى سؤال مهم: هل لو مسحت ذاكرتنا، هنكون نفس الشخص؟
-        يرى هيوم أنه كلما تعمق في ذاته لا يجدها.. ويتعثر في تصورات وإدراكات.. ثم إذا نام.. يفقد الشعور بذاته، أو بحسب تعبيره يفضل أن الذات لا تكون موجودة بالنوم.
-        يرى هيوم أن كل ما لدينا هو ذكريات وتصورات تتخزن في صدفة دائمة التغير (ever-changing shell).
-        تحدث عن الإدراك بتداعي المعاني.. وقال إن الذاكرة ترتبط بالانطباعات بناء على حدتها ووضوحها.
-        كما أنكر حرية الإرادة، لأنه قال إن قوانين التداعي حتمية.. ولا توجد أفعال بشرية حرة.
وبالتالي يعتبر هيوم هو شيخ المشككين، أنكر العلية، والعقل، والنفس، والمعجزات.. إلخ. حتى أن الفيلسوف إيمانويل كانط قال إن هيوم هو من أيقظه من ثباته الدوجماطيقي.. بمعنى هو الوحيد الذي نجح في أن يشككه في معتقداته الثابتة.  



[1] الغزالي،  تهافت الفلاسفة، تحقيق سليمان دنيا، دار المعارف، الطبعة الخامسة، صفحة 239.
[2]  هناك من يحاول أن يفند رأي هيوم في إنكار المعجزات، بقولهم طالما أنك يا هيوم ترى كل شيء مفكك بدون علاقة سببية ين الأشياء وبعضها، فلماذا لا تعتبر المعجزة حدث فريد في حد ذاته، وليس كسرًا لقوانين الطبيعة المعتادة! كذلك من المستحيل إنكار العلية على مستوى الفكر، فهو يحاول أن يقنعنا بأسبابه (سببية)!

موجز الآراء الفلسفية- بيركلي


جورج بيركلي، أسقف أيرلندي، عاش بين 1685- 1753م،  تأثر بفلسفة جون لوك، ورأى في عصره انتشار النزعة المادية والإلحادية، وربوبية نيوتن، وتفسيره الميكانيكي (الآلي) للكون، وعدم الاحتياج لتدخلات من الله إلا لملء الفجوات. من هنا جاء مصطلح ”إله الفجوات“، بمعنى أن العالم يسير وفق قوانين طبيعية منضبطة، ولا يحتاج إلى الله إلا من حين لآخر لعمل بعض التظبيطات.
-        أهم ما فهمته في فلسفة بيركلي مبدأ ”وجود الأشياء يتطلب إدراكها“ (to exist is to be perceived)، هذا المبدأ يُستخدم بأشكال مختلفة.
-        يرى بيركلي أنه لا يوجد شيء اسمه مادة (نفس كلام هيوم)، وكل ما في الوجود هو تصورات وعقول تتصورها، وهذا المذهب يُسمى اللامادية immaterialism، والعالم المادي ما هو إلا فكرة في الإدراك، وبغياب الأدراك تغيب المادة أو الأشياء. ربما هذا يُذكر بسؤاله الشهير: إذا سقطت شجرة في غابة ولا يوجد من يسمع، هل ستصدر صوتًا؟
-        لذا يعتبر بيركلي فيلسوفًا مثاليًا idealist، وضد الواقعية anti-realist.
-        البعض عارض فلسفته جدًا، ومنهم د. صموئيل جونسون، الذي ضرب الحجر برجله، وقال هكذا أفنِّد فلسفة بيركلي، اضرب الحجر لتدرك واقعية الأشياء.
-        يرى بيركلي أن كل شيء مراقب وملاحظ طوال الوقت في عقل الله.. لذا هي موجودة. (ده يخلينا نقول أن الله لو غفل لحظة واحدة عن الكون، أصبح غير موجود- وده رده على ربوبية deism نيوتن.. واللي انتشرت في عهده).
-        عارض بيركلي أفكار نيوتن، وليبنتز، وقال بأن الحركة مصدرها جوهر روحي فعال: هو الله.
-         من أهم أعماله ”3 حورات بين فيلونوس (محب العقل) مع هايلاس (راعي المادة)“، تنتهي بفوز فيلونوس (يمثل بيركلي)، ويعترف هايلاس (يمثل لوك ونيوتن) بأن الأشجار والكراسي ما هي إلا مجموعة من الأفكار، والله هو الذي ولدها في أذهاننا، ولولا إدراك االله لهذه الأشياء ما استمر وجودها.[1]



[1] Anthony Kenny, The Rise of Modern Philosophy, vol 3, p 77.

الاثنين، 25 سبتمبر 2017

موجز الآراء الفلسفية- جون لوك


عاش جون لوك بين 1623- 1704 م، وهو أحد ثلاثة فلاسفة تجريبيين مهمين: جون لوك، جورج بيركلي، ديفيد هيوم. ما الفرق بين الفيلسوف التجريبي والفيلسوف العقلاني، الأخير يعتقد أن الإنسان يُولد ومعه بعض الأفكار الفطرية (الغريزية) الحاضرة لديه في الوعي، والسابقة لكل تجربة. في المقابل الفيلسوف التجريبي يعتقد أن أي وعي بالأشياء لا يتكون لدينا قبل أن ندركها بحواسنا.[1]
-        الفيلسوف التجريبي يعتقد في صيغة أرسطو التالية: ”لا شيء يوجد في الوعي، دون أن يوجد قبلاً في الحواس.“
-     رأى لوك أن الوعي بمثابة صفحة بيضاء قبل أن يحس بالأشياء. ويشبه الوعي بغرفة مظلمة دون أثاث. ونبدأ بالحواس في ترتيب أفكارنا التي نتحصل عليها بالتجربة، من انطباعات بسيطة إلى أفكار مركبة. ويعني بالتجربة experience : التفكير reflection والإحساس sensation .
-      بالنسبة للإحساس قال إن الأحاسيس التي ينتجها نفس الشيء تختلف باختلاف الظروف؛ الماء الفاتر سيكون دافئًا لليد الباردة، وباردًا لليد الساخنة. وكذلك الألوان التي تعكسها البلورة تختلف باختلاف كمية الضوء الساقط عليها. النار مثلاً تولد فينا الدفء عند مسافة معينة، وتولد فينا الألم عند مسافة أقرب. واستنتج من ذلك إن سخونة المياه أو الألوان ليست خصائص أولية بل ثانوية (ظاهرية) للمادة.
-        العقل صفحة بيضاء لو يُخط عليها حرف ولا فكرة واحدة.. بما في ذلك فكرة وجود الله (وهو بهذا يعارض ديكارت). وقال: ”لو كان في النفس معنى غريزي عن الله لآمن به جميع الناس.“[2]
-       في تجريبيته يعارض ديكارت أيضًا وفكرته عن الحتمية الحدسية أو الأفكار الفطرية الغريزية. ويفند آراء ديكارت بأن الأفكار الفطرية هي 1- مُسلَّم بها جميعًا من الناس بلا استثناء. 2- العقل البشري يدركها بمجرد وعيه ويقظته. في النقطة الأولة قالك إن في قبائل متوحشة لا تسلم بها وحتى لا تعلم بها. وفي النقطة الثانية قالك الطفل لا يعي هذه الأمور. فمثلاً قانون عدم التناقض (استحالة أن يكون الشيء وألا يكون في وقت واحد)، هل هذه الفكرة فطرية موروثة فينا أم مكتسبة من الحياة.[3]
-        يقول لوك إن الأطفال والبلهاء لا يدركونها بالرغم من بداهتها.. وبالتالي ليست فطرية وإنما مكتسبة. (بالطبع واجهت هذه الفكرة اعتراضات)
-      له أفكار مهمة عن الحرية الإنسانية في كتابه ”مقال عن الفهم البشري“، ويقول فيه: ”لنفترض أن رجلاً حُمل، وهو نائم، إلى غرفة يوجد بها شخص يتوق إلى رؤيته والتحدث معه. ثم أغلق عليه الباب، ولا يقدر على الخروج. ثم يستيقظ ويفرح ليجد نفسه في رفقة ممتعة، وهو ما يجعله يمكث راضيًا.. ويفضِّل إقامته عن المغادرة. أنا أسال، هل هذه إقامة طوعية؟ لا أعتقد أن أحدًا سيشك في هذا. ومع ذلك، كونه محبوسًا بالداخل، فمن الواضح أنه لا يملك الحرية الفردية  liberty في ألا يبقى، ليس لديه الحرية للخروج. لذا فإن الحرية الشخصية liberty لا تتعلق بالاختيار أو التفضيل. وإنما تتعلق بالشخص القادر على أن يفعل أو يُمسك عن أن يفعل، حسبما يختار عقله أو يوجهه.
-        وبناء على ذلك، الفعل الطوعي الكامل ليس فعلاً حرًا عندما يُفعل لأن فاعله من خلال التلاعب الخارجي حصل له غسيل مخ، وصار عنده دوافع غير أصيلة للفعل.
-       في النهاية حرية الإرادة فكرة معقدة للغاية ، ومن يتسرعون لنفيها أو وجودها، لا يقومون بواجبهم في تعريفها بشكل مفصل. حرية الإرادة مثل الزمن.. كثيرون يظنون أنهم يفهمونها والحقيقة عكس ذلك.[4]   
-      جون لوك له إسهامات في مجال فلسفة السياسية، وكتابته ألهمت في صياغة الدستور الإمريكي، ويرجع إليه فكرة تقاسم السلطات، والتاكيد على الحرية الشخصية، وحرية الاعتقاد التي ترعاها الدولة، وبالتالي تعتبر أفكاره أساس الديمقراطية الغربية.




[1]  عالم صوفي، صفحة 273- 274.
[2]  قصة الفسلفة الحديثة، يوسف كرم، صفحة 149.
[3]  قصة الفسلفة الحديثة، د. زكي نجيب محمود، صفحة 206.
[4] Nicholas Rescher, A Journey Through Philosophy in 101 Anecdotes, p 132. 

الجمعة، 22 سبتمبر 2017

موجز الآراء الفلسفية- سبينوزا




عاش اسبيوزا بين 1632- 1677 م، وكان يهوديًا. اختلف مع ديكارت في أن الوجود كله مصدره واحد. وقال إن الله والطبيعة شيء واحد. وهذا ما يُسمى بالحلولية أو وحدة الوجود (Pantheism). هذا المذهب يرى الله في كل موجود، وكل موجود في الله. وبالتالي إذا كان ديكارت اثنيني، فاسبينوزا هو وحدوي أو وحدي. لذا يلقبة البعض بـ ”ابن عربي الغرب“.
-        يعتبر أول فيلسوف تبنى ما نسميه ”النقد التاريخي“ للكتاب المقدس، وهذا ما أدى به إلى حرمانه من دخول المجمع اليهودي، ومحاولة طعنه أو اغتياله، مما اضطر إلى الهرب، وتغيير اسمه.
-        اعتقد سبينوزا بمبدأ واحد للوجود، وإن كان ميز بين المادي والروحي، لكنهما حسب فكره ممتزجان وغير قابلين للتجزئة- بعكس ديكارت.
-        اعتق سبينوزا بالجبرية، وقال إن القول بالحرية يخفي جهلاً بالأسباب. الإنسان ليس لديه إرادة حرة. لأن ضرورة البقاء تحدد الغرائز، والغرائز تحدد الرغبة، ثم الرغبة تقيد الفكر والعمل. ”قد يتوهم الناس أنهم أحرار لأنهم لا يدركون رغباتهم وشهواتهم، لكنهم يجهلون الأسباب التي تدفعهم أن يرغبوا ويشتهوا.“
-        ويُشبه سبينوزا الإنسان في حياته بحجر مُلقى لا يملك في نفسه اختيارًا، غير أنه وهب شيئًا من الشعور ليزعم مع ذلك أنه إنما يسير في هذا الاتجاه المعين برغبته، وأنه هو الذي رسم لنفسه مكان السقوط.[1]   
-        يقول سبينوزا إننا جزء من الطبيعة، مثل شجرة، نسير وفقًا لقوانين الطبيع. الطفل الرضيع لا يطلب اللبن بإرادته، ولكن غريزة البقاء هي ما تدفعه إلى ذلك.
-        ومع ذلك يقول سبينوزا أن الحرية تتحق إذا تُركنا لننمي إمكانياتنا الكامنة.
-        السعادة عنده هي وجود اللذة وانتفاء الألم. واللذة والألم نسبيان وليسا مطلقين. اللذة هي انتقال إلى حالة أكثر اكتمالاً، بينما الألم هو الانتقال إلى حالة أقل اكتمالاً.
-        الفضيلة الأولى عند اسبينوزا هي ”محاولة الفهم“.. في مقابل العاطفة التي تمثل فكرة ناقصة. والعاطفة العمياء حتى يهديها العقل.
-        الحرية هي سيطرة العقل ولتخلص من قيود العواطف العمياء التي لا تستنير بهدى العقل.
يُنسب لاسبينوزا تعبير ”النظر إلى كل شيء من منظور الأبدية“ (sub specie aeternitatis). هذا المصطلح يستخدمه العديد من الكتاب مثل توماس نيجيل[2] وفتنجشتين وحتى ديترش بنهوفر الذي دعى إلى أننا في اختياراتنا الأخلاقية لا بد أن نفكر في أفعالنا ”من منظور الأبدية“.     


[1]  د. زكي نجيب محمود، قصة الفلسفة الحديثة، صفحة 159.
[2]  يقول توماس نيجيل: ”إذا كان من منظور الأبدية sub specie aeternitatis لا يوجد سبب لنؤمن بأهمية أي شيء، فبالتالي هذا أيضًا لا يهم، ونستطيع أن نعيش حياتنا العبثية بالسخرية بدلاً من البطولية أو اليأس.“ (Thomas Nagel, "The Absurd", The Journal of Philosophy, vol 68. No. 20).