الثلاثاء، 26 فبراير 2019

ضد الوثنيين- ق أثناسيوس (ج2)



بيانات الكتاب
ترجمة أبونا مرقس داود  
بمعرفة مكتبة المحبة
ملحوظة: مش بصدد المقارنة بين الترجمتين.. لكن بحسب ظني هناك خطأ في ترجمة د جوزيف- وقد أصاب أبونا مرقس داود في الترجمة إلى حد كبير. في الفصل الثالث بيقول أثناسيوس أن البشر أبعدوا ذهنهم عن كل ما هو ”واقعي ومنظور“ وبدأوا يفكرون في أنفسهم (وتكرر الأمر في بداية الفصل الرابع). لكن أبونا مرقس ترجمها أبعدوا أنفسهم عن ”الأشياء المدركة بالتفكير“ وليس الأشياء الواقعية أو المنظورة. لكن المصطلح ده بحسب Thomson بيقول (Intelligible reality) ودي معناها ”عالم المعقولات أو المدركات“ وهو يقابل بحسب الفلاسفة اليونانيين ”عالم المحسوسات“ (sensible reality). وبكده يستقيم المعنى.
فصل (33): بعد ما أثبت أثناسيوس أن النفس متميزة عن الجسد.. وإن كان الجسد فاني.. يبقى النفس خالدة. النفس ليها حركة ذاتية (ممكن دي متكنش فكرة مظبوطة بالمناسبة) وبتتحرك بعد الموت ذاتيًا. والنفس مستيقظة حتى لو الجسد نايم. وبيقول: ”إن كانت وهي متصلة بالجسد كانت تحيا خارج الجسد فكم بالأولى تستمر حياتها بعد الموت“. هكذا خلقها اللوغوس. ليه النفس بتفكر في الخلود؟ لأنها عديمة الموت. ليه الجسد فاني؟ لأن حواسه تتطلع إلى ما هو فاني. لكن وقود النفس هو التفكر في الخلود. وبالتالي النفس تعرف اللوغوس لا من الخارج بل من ذاتها.
فصل (34): بيقول أن النفس لما تتنقى و”تتخلص من أدران الخطية التي تغطيها وتستبقي فقط ما في شبه الصورة من نقاء، وإذ تستنير بهذا النقاء.. فإنها ترى كما في مرآة صورة الآب أي اللوغوس“. ماذا لو كانت النفس مطموسة بتعاليم غريبة؟ قدامها سكة تانية تعرف بيها ربنا هي الخليقة.
فصل (35): طالما أن الله غير منظور فقد جعل الكون بنظامه الحالي يعلن عنه.. ”لأنه كثيرًا ما عُرف الصانع بصنعته حتى ولو كان غير منظور“. وبيقدم حجة زي البرهان الكوزمولوجي عن طريق تساؤل: ”مَن ذا الذي يرى الشمس تشرق نهارًا والقمر يضيء ليلاً.. والنجوم تسير في أفلاكها المختلفة.. وبعد ذلك لا يدرك يقينًا أن هناك خالقًا هو الذي يتحكم فيها؟
فصل (36): من اللي بيشكل من ال diversity وحدة موحدة unity؟ من اللي بيوازن ما بينها حتى وإن لم يراه.. وبيسرد ظواهر طبيعية عجيبة زي تتابع الفصول وثبات الأرض وتوالد الحيوانات وبيقول: ”مَن يرى أشياء متنافرة ومتضادة بعضها لبعض تتوازن وتتوافق ويظل مصرًا ولا يفكر أن هناك قوة تنظم وتضبط هذه الأشياء..
فصل (37): يحاجج ق أثناسيوس من انتظامية الكون والتناسق والتكامل بين عناصر الطبيعة.
فصل (38): الله هو الضابط والسيد.. وحدة الكون تعني واحدية الخالق. أكتر من إله يعني فوضى.. وعدم وجود إله فوضى برضو. ”التوافق بين الأشياء المتعدة وما بينها من اختلافا يثبتان أن مَن له السلطان عليها هو واحد“.
فصل (39): يدحض أثناسيوس فكرة الأكوان المتعددة. وبيقول أكوان متعددة معناها آلهة متعددة! زي ما مينفعش كون واحد يكون ليه أكتر من إله. ولو غير كده.. هنسأل إيه اللي كان ينقص الإله الواحد علشان يكمله إله آخر. كمان الكون مش هيعرف يطيع أكتر من خالق.. المركب ليها قبطان واحد.
فصل (40): بيقول هنا الخالق الحقيقي (الله وكلمته). حركة الكون يحكمها المنطق (اللوغوس) وبالتالي من يسود عليه هو الله اللوغوس. اللوغوس بالنسبة لأثناسيوس هو المنطق والعقل والخالق والابن والمسيح.. كلهم. وبيميز بين 3 أنواع أو معاني للوغوس.
فصل (42): اللوغوس بيوحد كل شيء في سيمفونية متناغمة. أمسك اللوغوس الكون كقيثارة وبيحرك الكون بروعو وتناسق. وهو غير متحرك (مع الآب) مع أنه يحرك كل الأشياء (ودي فكرة أرسطو عن الله هو المحرك الذي لا يتحرك).
فصل (43): شبه ده بالكورال أو الأوركسيترا.. والنفس التي تحرك كل حواس الجسد.. وبالملك الذي نظم ويدير مدينة. ”بإيماءة واحدة من الله اللوغوس تنتظم كل الأشياء في وقت واحد“.
فصل (44): بيقول ”لا شيء في الكون يدفعنا لعدم الإيمان“.
فصل (45): الكلمة تدل على العقل مصدرها.. هكذا اللوغوس يدل على أباه.
فصل (46): شهادة الكتاب المقدس عن عناية الله بالكون.. اللوغوس هو الخالق مع الآب.
فصل (47): الكلمة تنازل لكي يعرف العالم بمن ولده.. لكن البشر أُعجبوا بالصنعة أكثر من الصانع.

الاثنين، 25 فبراير 2019

ضد الوثنيين- ق أثناسيوس (ج1)



بيانات الكتاب
ترجمة د. جوزيف موريس فلتس
ومراجعة د. نصحي عبد الشهيد
صدر بمعرفة المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية في حوالي (150 صفحة).
وفي ترجمة أخرى (في الجزء الثاني)
فصل (1): بيمدح ق أثناسيوس الشخص اللي باعتله المقالة لأنه عاوز يعرف الإيمان.. وبيقول إن الوثنيين بيهزأوا بينا ”متذرعين بواقعة الصليب فقط“ وبيهزأوا بيه.. مع إن الصليب ده فيه عمل إلهي كان سبب في اندثار الوثنية. هم بيشككوا في الصليب والصليب كل يوم بيكسب نفوس جديدة. صاحب الإنجاز ده هو ”الله وكلمة الله“. (بيقول Behr إن الكتابين ضد الوثنيين وتجسد الكلمة هما عبارة عن دفاع apology عن منطقية الصليب- مفاجأة بالنسبة لي).
فصل (2): ماذا لو لم يسقط الإنسان؟ كان هيتمته بالحوار مع الله، ويحيا حياة الخلود، وشركة القديسين، وسعادة حقيقية، وهيشوف صورة الآب اللي هو اللوغوس اللي الإنسان اتخلق على صورته أصلاً.. وهينبهر بعناية الله في العالم ”يرى الكلمة وفيه يرى الآب أبو الكلمة.. فيمتلئ بهجة بالتأمل فيه ويتجدد بالإنجذاب نحوه“.
فصل (3): كيف حدث السقوط؟ الإنسان ترك الأمور الأسمى وراح للأمور الأقرب إليه (الجسد وحواسه): ”فضلوا أن يتأملوا في شهواتهم الذاتية عوضًا عن التأمل في الإلهيات“. لما كان الإنسان مصوب ذهنه نحو الله.. لم يكن يعطي انتباهًا للجسد.. كن لما ابتعد عن التفكير في الله بدأ يتأمل في نفسه.. فسقطا (بيلاحظ Behr أن في انتقال من صيغة المفرد للجمع/ أو المثنى.. ودي التشرذم والتفكك اللي حصل بعد السقوط). وبيقول إنهم حسوا بالعري مش من الهدوم بل ”تعريا من التأمل في الإلهيات“.
فصل (4): بدأت النفس تسيء فهم معنى كلمة ”حسن“ لأنها ظنت إن الملذات هي الأمر الحسن الحقيقي.. وده بوصف أثناسيوس نوع من الجنون! ثم يصف حركة النفس نحو كل شيء ما عدا التأمل في في الله ”النفس لا تكف عن الحركة“ فلو متحركتش نحو الله هتتحرك نحو كل ما هو شر. ثم يعرف أن الخير هو ما له جوهر والشر هو العدم. ليه؟ لأن الخير يجد له نموذجًا في الله الموجود/ الكائن.. وبالتالي الشر يصبح وهمًا! وبيقول ”النفس لم تُخلق كي تتحرك فقط بل لكي تتحرك كما يليق“.
فصل (5): بيشبه الإنسان بمتسابق خيل ومركبة.. ومش عارف هو عايز يروح فين.. كل اللي همه يجري.. بكده يكون شرح السقوط.. لكن الوثنيين عندهم تفسير آخر لوجود الشر هيبدأ اثناسيوس في تفنيده.
فصل (6): أول حاجة اعتبروا أن الشر له جوهر.. وبالتالي يصبح الخالق هو خالق الشر أيضًا. وبيقول إن ده ”غريب ومستحيل“، لأن الشر مينفعش يجي من الخير أو يختلط بيه.. وإلا يبقى الخير كمان مش خير. الهراطقة من ناحية تانية قالوا إن الشر صنيعة إله آخر .. فأثناسيوس بيرد عليهم من الكتاب المقدس وبالمنطق بوجود إله واحد.. الله يملأ السماوات والآرض.. كلي الحضور .. فأين سيوجد الآله الآخر؟ الله خالق كل شيء.. طب الإله الثاني بيشارك بإيه؟ وجود إلهين يعني لازم حد فيهم هيعمل حاجة ضد إرادة التاني أو بدون رغبته.
فصل (7): بيقول من المستحيل تواجد إلهين لأن كل واحد بيحاول يبيد الآخر.. وهيبقول محتاجين فاصل ما بينهم من جوهر مختلف يعني إله ثالث. وبناء على ما سبق يصبح الشر صنيعة الإنسان.
فصل (8): بيقول الإنسان مع الوقت ”تناسى الإلهيات“ وزاد انحصارًا في شهواته وابتعد أكثر عن الله. وبالشهوات تنطمس المرآة التي أعطيت داخل نفسه ليرى فيها خالقه.. وبالتالي أثناسيوس بيفسر الوثنية بأن الإنسان مبقاش يشوف غير الماديات واعتقد أنها الله (بس غريبة أنه منسيش فكرة وجود الله أصلاً).
فصل (9): بعد الانحدار والجنون والزحف ”كالقواقع التي تزحف في الوحل“ ألهوا كل شيء وأعطوها كرامة إلهية. ثم يثبت أثناسيوس أن الشهوة هي أصل الوثنية. وبيجيب دليل هادريان الأمبراطور اللي كان بيمارس الدعارة مع شاب لما مات عمله إله، والناس أطاعت خوفًا منه. ثم يشرح إزاي الأباطرة كانوا بيألهوا بشر مائيتين زيهم. وبكده أعطوا ما لا يملكون (لأنه بشر أدنى) لمن لا يستحق (لأنهم ميتين بالفعل).
فصل (10): يشرح نشأة الآلهة على أنهم كانوا بشر والناس ألهتهم.
فصل (11): الآلهة كانوا بيرتكبوا أعمال منحطة يعاقب عليها القانون الروماني نفسه.
فضل (12): زنا محارم ووحشية وسُكر وإله آخر وقع من السماء فصار أعرج.. مهزلة.
فصل (13): الأصنام هي صنعة النحات اللي بيعبد وثن وينسى انه هو اللي صنعه.
فصل (14): عن شهادة أنبياء العهد القديم ضد عبادة الأوثان.
فصل (15): الشعراء هم اللي نسجوا الأساطير عن الآلهة..
فصل (16): لو كلام الشعراء كذب يبقى لفقوا أعمال الآلهة وأسمايهم كمان.
فصل (17): الشعراء نفسهم شعروا بالإحراج من التصرفات المعيبة للآلهة فنسبوا ليهم اسم أعلى من البشر.
فصل (18): البشر هما اللي اخترعوا الفنون المختلفة مش الآلهة.. مينفعش كل واحد هيخترع شيء نألهه.
فصل (19): ليه شكلوا آلهة على شكل حيوانات؟ بسبب انحصار ذهنهم في الماديات والشهوات وفقدوا المنطق.
فصل (20): كان أولى يُعبد البشر على الأقل لأنهم عندهم مهارة صنع الأوثان اللي مش بتسمع ولا بتشوف.
فصل (21، 22): الأصنام بتترمم وتجدد أما الله فهو غير قابل للفساد.
فصل (23): كل ما يزيد الأمم تزيد آلهتها.. كل قرية ومدينة ليها آلهتها.
فصل (24): الحيوانات اللي بيعبدها المصريون بتقدم ذبائج لآلهة أخرى في أماكن تانية.
فصل (25): في ناس بتقدم ذبائح بشرية للأوثان.. ”بدأوا يقلدون آلهتهم بارتكاب أفعال مشابهة“.
فصل (26): بيتكلم عن نساء بتقدم أجسادها إرضاءً للآلهة وعلاقات مشينة بين الذكور. تعلموا من زيوس الزنا وإفساد الأطفال.  
فصل (27):  ينتقل إلى عبادة عناصر من الطبيعة.. وبيقول إزاي نعبد عنصر معين مع أنه معتمد على بقية العناصر. مفيش عنصر قائم بذاته.
فصل (28): عناصر الطبيعة.. إزاي نطلب منها حاجة وهي محتاجة لبعضيها.. لازم يكون الله مكتفي بذاته.
فصل (29): مينعش عنصر معين في الطبيعة يقهر الآخر.. الربيع والصيف مثلاً.
فصل (30): يجي هنا لنقطة مهمة.. إزاي نعرف الإله الحقيقي؟ أثناسيوس بيقول مش محتاجين غير (أنفسنا): ”الله ليس بعيدًا أو خارجًا عن أنفسنا، بل هو فينا ومن السهل أن نجد أنه يبدأ من داخلنا“.. الطرق لله كلنا نعرفه.. لكننا للأسف بنفضل الأنحراف عنه. ”وإذا سأل أحد عن ماهية هذا الطريق لأجبت قائلاً إنه نفس كل واحد فينا والعقل الكائن فيها؛ لأنه عن طريق العقل وحده يمكن التأمل في الله وإدراكه“. يعني بيقول ضمنًا قال أن ربنا عرفوه بالعقل. وبيقول ”لأنه لا يليق بأناس عقلاء أن ينكروا الله الخالق ومبدع العقل البشري“. الإنسان عنده نفس عاقلة.. والهراطقة بينكروا النفس وبيظنوا أن الإنسان ليس إلا هذا الجسد المنظور. فإثبات النفس يعني إثبات الله.
فصل (31): إيه دليلك يا ق أثناسيوس على وجود نفس عاقلة؟ بيقول إن الإنسان هو الوحيد اللي ”بيفكر فيما هو خارج عنه، ويتذكر ما قد مضى، ويميز ويختار ما هو أفضل، وبيقدر يحكم عقله في غرائزه.. فهو يفكر ويعيد التفكير أيضًا“ العقل غير الحواس.. لأن العقل بيحكم فيما يراه ويسمعه ويحسه ويشمه.. الفم ممكن يتذوق السم لكن العقل هو اللي يعرف إن ده مؤذي.. العين بتشوف كل حاجة لكن العقل يقولك إيه اللي يجب عليك أن تراه..
فصل (32): من أعمال العقل أيضًا يقول ”طالما أن الجسد مائت بالطبيعة، فكيف يفكر المرء في عدم الموت.. وفي مرات كثيرة يفضل الموت من أجل الفضيلة؟“ الجسد بذاته لا يقدر أن يفكر بهذه الأفكار من نفسه.. وبالتالي اللي يفكر ضد الجسد وطبيعته يجب أن يكون مختلفًا عنه.. الجسد لم يخلق ليقود ذاته بذاته.. والشي المختلف ده هو النفس العاقلة.  
ده بيفكرني في مرة قريت واحد بيرد على شخص بيقول إن مخ الإنسان مجرد كمبيوتر محمل بمعلومات.. وكلها كميا وأعصاب مش أكتر.. علشان كده لما المخ بيصاب ممكن الشخص يعمل تصرفات زي الحيوان. الرد كان أن ده صحيح فعلاً إلى حد كبير.. وفي اتصال عجيب بين المادي واللامادي.. لكن عمرك قمت بالليل لاقيت الكمبيوتر بتاعك مش راضي عن حاله.. أو عنده أرق.. أو بيدور عن أسباب ميتافيزيقية عن الشر ومعنى الحياة.. أو بيتطلع للحياة الأخرى.. لا يمكن يكون الإنسان جسد أو مادة فقط. إحنا بنتجاوز واقعنا المادي بشكل كبير.

الأربعاء، 20 فبراير 2019

الثالوث القدوس قبل نيقية



بيانات الكتاب
للباحث: أمجد بشارة
ومراجعة الأنبا هرمينا
في حوالي 250 صفحة.
يبدأ الكاتب بإشارات عن الثالوث في العهد القديم.. وبيقول ”إن البحث في هذا الموضوع ما كان ممكنًا لو لم يبلغ الوحي بالثالوث كماله في العهد الجديد“ (13). وده رأي مبدئي مهم.. لأن الإعلان متدرج بحسب النزيانزي، ثم يستعرض الظهورات الإلهية للكلمة في العهد القديم، ورأي الآباء في قصة إبراهيم وضيوفه الثلاثة ما بين أنهم الكلمة وملاكين أو ظهور للثالوث أقانيم.. اقرأ ده بالتفصيل في صفحة (22)، ثم يستعرض آيات كثيرة فيها إشارات للثالوث.. واستعرض الكاتب فكرة لغة الجمع في تك 1 ”لنعمل الإنسان“، وأثبت الكاتب من الآباء أن هذا ليس جمع للتعظيم.. وفنّد الرأي اليهودي أن الله كان يستشير الملائكة (36-37). وفي جزء جميل جدًا عن إشارات الرابيين للاهوت المسيّا وفيلو السكندري.
ثم ينتقل الكاتب إلى الثالوث في العهد الجديد.. والظهور الإلهي في معمودية المسيح ووصيته الأخيرة بتلمذة جميع الأمم.. وربط الاثنين بأقوال الآباء ثم الثالوث في الرسائل وسفر الأعمال. بعد كده في استعراض للثالوث في كتب أبوكريفا العهد الجديد.. وتعلمت أنها تحتوي على حقائق وردت أيضًا في الأناجيل الأخرى زي ”أبوكم إبراهيم رآني“، أو ”من يجدف على الروح القدس لن يغفر له“.
بعد كده في كلام جميل عن الثالوث في الفن المسيحي المبكر.. وشفرة السمكة، وأقوال الآباء عليها (73). ثم الثالوث في الصلوات الليتورجية.. وطبعًا أهمها المعمودية.. اللي كان الاعتراف بالثالوث مشترك في كل الكنائس وبيستعرض الكاتب أقوال الآباء مبكرين ومتأخرين للتأكيد على الفكرة دي.. لكن الكاتب أخذ خطوة أوسع للأمام واتكلم عن الثالوث في الافخارستيا (عجبتني جدًا) وبيظهر من تحليله أن في استدعاء للثالوث في التقاليد المبكرة أو ما كان يسمى ”بالنداء باسم الثالوث على الخبز والخمر“ (92)، وبيثبت ده بأقوال كثيرة.
ثم يستعرض الكاتب في قوانين الإيمان المبكرة، أو ما يُسمى بقاعدة الإيمان، أو قاعدة أو قانون الحق أو التسليم.. وجاب الأشكال المبكرة لقاعدة الإيمان من العهد الجديد ثم الآباء المبكرين- زي أغناطيوس وبوليكاربوس وترتليان إلخ.
ثم يأتي لاستعراض الثالوث في كتابات الآباء ويبدأ بالآباء الرسوليين بمقدمة مهمة عنهم.. واستعراض واحد واحد من الكتابات دي وموضح بأمثال كثيرة عن الثالوث من (أغناطيوس/ بوليكاربوس/ برنابا/ هرماس/ ديوجنيتيس/ أناشيد سليمان والنص الأخير ده اقتباساته كانت محتاجة شرح أكثر.. خصوصًا تشبيه الابن بالفنجان والآب بمصدر اللبن.. وعندما رجعت لترجمة أحدث وجدتها كالآتي: ”الابن هو الكأس والآب هو الذي حُلب والروح القدس هو الذي حَلب“- بشكل عام النص ده فعلاً صعب جدًا وغريب بعض الشيء لكن يُقرئ بقواعد الشعر). ثم يستعرض أهم هرطقات القرون الثلاثة الأولى: (السيمونية/ الابيونية/ الغنوصية وأشهر مناصريها/ والمونارخية ومؤلمي الآب).
ثم يأتي للآباء المدافعين وعمل مقدمة حلوة جدًا ليهم.. زي تاتيان السوري أول مرة اقرأ له نصوص/ أرستيدس الأثيني نفس الشيء/ ميليتوس أسقف ساردس وده عنده نص صعب برضو فيه شبهة الموداليزم لما بيقول أنه ”هو الآب.. وهو الابن.. وهو كل شيء“ (159).  ثم ثيؤفيلوس الأنطاكي، وكبريانوس والكاتب بيعرض قول لكبريانوس بيربط فيه بين الثالوث وصلوات السواعي.. أول مرة أقرأ عن صلاة السواعي في الوقت المبكر ده!! (166). الكاتب بذل جهد كبير في البحث عن آباء لا نعرف إلا القليل عنهم زي ثيؤغناسطس السكندري.
ثم ديونسيوس السكندري وحتى نوفاتيان المنشق أورد ليه أقوال مهمة عن الثالوث.. وميثوديوس الأوليمبي.. ثم إكليمندس السكندري والعلامة هيبوليتوس الروماني وكان معاصر للعلامة أوريجانوس أورد الكاتب أقوال مهمة عنده ثم إيريناؤس اللي بيمثل حلقة مهمة في اللاهوت السابق لنقية.. وتعبيرات خاصة جدًا لإيريناؤس عن ”يدي الله“ ويقصد الابن والروح القدس.. لكن الكاتب في الحقيقة أورد أن هذا التشبيه استمر لدى ق أثناسيوس وكيرلس السكندري وأمبروسيوس (197).
في جزء مهم جدًا عن مشكلة الخلط بين أقنومي الكلمة والروح القدس والكاتب عمل بحث رائع في المسألة دي.. وبيفسر المسألة دي بشكل رائع وأوضح أن الآباء بيأكدوا على وحدة العمل في الثالوث (202- 204). ثم جزء مهم عن شرح بدعة التراتبية أو التبعية والآباء المتهمين بها.. وأثبت أن يوستينوس نفسه أكد المساواة بين الأقانيم في كتاباته وشرح النص الوحيد عند يوستينوس اللي فيه شبهة تراتبية وبيقترح تفسير لكلام يوستين.. وإنه ليس ترتيب على حسب القيمة على الإطلاق (212).
نفس الشيء مع أثيناغوراس الفيلسوف والعلامة ترتليان (وأظن الكاتب وقع في مغالطة وهي أنه نسب المونتانية لماني وليس لمونتانوس.. وفي فرق كبير بين المونتانية والمانوية.. وكمان المانوية ظهرت بعد ترتليان على حد عملي- ص 220). ثم يختم ببحث جميل عن العلامة أوريجانوس وكيف شرح الثالوث القدوس وهو أول من استخدم لقب ”هوموأوسيوس“ (254)، وأكد على الولادة الأزلية للابن، وشهادة ق أثناسيوس لصحة تعاليم أوريجانوس في الموضوع ده، حتى أن ق أثناسيوس لقب أوريجانوس بمحب التعب ”فليبونس“، ثم استعرض رأي أوريجانوس في لاهوت الروح القدس.
بشكل عام:
هذا الكتاب للأمانه يعتبر مرجع أو نقدر نقول عليه دليل شامل لموضوع الثالوث قبل نيقية.. وستقرأ فيه عن آباء لم تسمع عنهم من قبل. يُحسب للكاتب اطلاعه على عدد كبير من المراجع العربية والأجنبية.. ووفر على القارئ هذا العناء الكبير. هذا الكتاب يوفر عليك البحث في عشرات الكتب في نفس الموضوع.

الثلاثاء، 19 فبراير 2019

حب بلا تدليل- القديس باسليوس



بيانات الكتاب
ده ترجمة لرسالتين رقم 44، 46 للقديس باسليوس
الأولى لراهب ساقط والثانية لعذراء ساقطة
ترجمة أبونا تادرس يعقوب- أسكندرية- (31 صفحة صغيرة)
والرسالة 44 ترجمها أيضًا الأرشيدياكون رشدي واصف
(غير متذكر المصدر للأسف)

رسالة 44: إلى راهب ساقط
في البداية بيقول ق باسليوس إنه مش مصدق أن الراهب ده سقط في هذه الجريمة، وأنه حزين عليه، وأن الخدام والكهنة والحجارة المفروض تذرف عليه الدموع. ثم يشرح كيف آل الأمر بهذا الراهب: ”هوذا آذان السامعين مرتبكة كيف أن ناذر العفة- الأكثر بريقًا من الذهب- قد صار مظلمًا في حلكة“ (12). وبيعبر ق باسليوس على أنه قد أصابه جرح عميق بسبب سقطة هذا الراهب.
ثم يقول له: ”استيقظ بلا تأخير.. انفض عنك الركود الذي اكتنفك، واصمد أمام العدو الذي طرحك أرضًا“ (13). وبيشجعه ويقوله لا تيأس من الخلاص.. اذكر مراحم الرب.. شيل كل الاعتبارات وتعالى.. كلنا مستعدين نرحب بيك.. تذكر أيام القدم.. الشريعة بتاعتنا فيها رحمة.. الأبواب لم تُغلق بعد.
رسالة 46: إلى عذراء ساقطة
المرة دي بيقارن ق باسليوس حزنه بحزن إرميا على شعبه.. على عذراء ارتكبت الزنا (17). وبيشوف أن خطيتها دي انتهاك لعرس المسيح وبيقولها ”لقد هربت من الحجال المقدس الذي للملك الحقيقي“ (18). ”أنتِ تجحدين العهد“.. وبيشجعها ويقوها تذكري خدمتك وحياتك الروحية وأيام الهدوء والمزامير والصلوات.. بلاش تضيعي كل حاجة بنفخة من رئيس سلطان الهواء.
بيفكرها أنه ساعدها بالكلام وبالتخويف وبالصلوات أيضًا.. لكن جهادي من أجلك ضاع باطلاً.. ”وصارت المرارة نهاية لعذوبة أتعابي“ (23). أنتِ بدلتِ مجدك بالعار.. وتركتِ عريس النفوس الحقيقي. ثم يستحضر ق باسليوس آيات كتيرة من العهد القديم كان ربنا بيعاتب فيها شعب إسرائيل.. وبيطبقها بشكل مباشر على هذه العذراء. وده استكمال لفكرة علاقة الله مع شعبه وعلاقة الله مع النفس البشرية وممكن النصوص نفسها تنطبق على الاثنين (زي تفسير نشيد الأنشاد لأوريجانوس).
بيفكرها بالدينونة.. والوقوف أمام منبر المسيح. ”إذن ماذا يفعل الذين يعيشون حياة شريرة؟! أين تختبئ تلك النفوس التي انفضح خزيها أمام الجميع؟ بأي جسد هذا يحتمل هؤلاء من الآلام في النار التي لا تطفأ والدود الذي لا يموت، وفي أعماق الهاوية حيث الظلمة والرعب والنحيب المر والعويل والبكاء وصرير الأاسنان الذي بلا نهاية؟“ (29).
لا مجال للهروب من هذه الويلات بعد الموت.. في دلوقت فرصة للهروب منها.. ثم يختم كلامه للعذراء بأنه ربنا بيقبل وهو طبيب النفوس اللي بيشفي ويحرر.. مفيش عذر. ارجعي وهو وأنتِ بعيدة هيجري وهيقع على عنقك.. وبيكمل تفاصيل مثل الابن الضال.

الاثنين، 18 فبراير 2019

حث على الاستشهاد- العلامة أوريجانوس



بيانات الكتاب:
رسالة إلى الشهداء- ترجمة أبونا موسى وهبة
ودي ترجمة لمقالة لأوريجانوس بعنوان (Exhortation to Martyrdom). كنيسة ما رجرجس خماروية- شبرا مصر
المقدمة:
كتب أوريجانوس المقالة دي لتشجيع وتعزية صديقيه أمبروسيوس وبروتكتيتوس اللي كانوا في السجن منتظرين الاستشهاد.. وبيشجعهم فيها على قبول هذه الضيقة اللي وصفها ”بخفة ضيقتنا الوقتية“.. وبيفكرهم أن اللي بيحب ربنا من كل قلبه بيشتاق للالتصاق بشخصه المبارك، وبيتطلع لساعة الموت (صفحة 23)، ولو في صعوبة في كده يبقى الإنسان لم يعطش بعد إلى الله (24). أوريجانوس بيفكرهم بمكافآت ربنا وبيقولهم: ”إذن فلا تجزع أرواحنا، بل حتى أمام كراسي القضاء، وفي مواجهة السيوف التي شُحذت لتقطع رقابنا، تظل أرواحنا محفوظة في سلام الله الذي يفوق كل عقل.. نستطيع أن نشعر بالطمأنينة الهدوء، عندما نتذكر أن الذين يفارقون الجسد يعيشون مع إله الكل“ (25).
أوريجانوس بيقولهم إن ربنا بيعتني بكل الخليقة وإحنا كمان ”في يده أمرنا جميعًا، لذلك فإن التغافل عن هذه الحقيقة هو ضرب من ضروب الحماقة والجهل“ (26). خصوصًا إن الناس اللي بيضطهدونا هيموتوا وهيدانوا أمام الله. وبيقولهم دي معركة بين التقوى والقوى الدنيوية المعادية وبيقول لازم الاعتراف بالخلاص ولا نكتفي ”بقصر الإيمان على القلب“ (27).
الفصل الأول:
يذكرهم بعدم السجود للأوثان.. ولا حتى تماشيًا في الظاهر مع الناس.. وإن ربنا وصف نفسه بإنه غيور علشان يحمي شعبه من عبادة الأوثان- ”من يحمل الشهادة يرتبط مع من يشهد له ويصير واحدًا معه كالعريس والعروس“ (35). وفي المقابل الإنكار بيفصل الإنسان عمن ينكره. ”مَن يكيل مكياله شهادة.. سينال نفس المكيال شهادة له. ومن يكيل مكياله جحودًا.. يأخذ نفس المكيال "لا أعرفكم"“ (35).
الفصل الثاني:
لو عايزين الخلاص لأنفسنا لازم نفقد أنفسنا في بطولة الاستشهاد.. وبالاستشهاد هنشوف اللي بولس معرفش يوصفه (39). أوريجانوس بيفكر صديقه أمبروسيوس بكلام بطرس أنه ترك كل شيء وتبع المسيح.. فسمع بطرس وعد المسيح بالمكافأة (مت 19) بضعف من الأخوة والأطفال والحقول والبيوت.. إلخ. لكن أوريجانوس بيعلق ويقول أنه مجبش سيرة الزوجات.. والسبب في كده أنه في القيامة مفيش جواز. أوريجانوس هنا بيقرأ من مرقس 10: 19، 20 اللي لم يذكر تعويض عن المرأة أو الزوجة. ثم يذكر صديقيه بعهدهم مع ربنا وقت المعمودية.
الفصل الثالث:
بيذكر أوريجانوس قصة أليعازر المكابي وأنه تقدم للتعذيب بإرادته (2مك6: 19) وبيحكي قصة من سفر المكابيين مليانه بسالة وشجاعة عن الأخوة السبعة (مك 7) اللي اتعذبوا على يد أنطيوخس. وأنهم اختاروا أن يموتوا ولا يخالفوا شريعة آبائهم. واحد منهم سلخوه وقطعوا أطرافه وفي الآخر شووه على النار.. لكن أوريجانوس بيعلق ”كان اعتقادهم راسخًا بأن عين الله ترقبهم وتشهد آلامهم“. وبيقول إحنا هنقوم في الآخر لكن الطاغية سيقوم للخزي الأبدي. ثم يمتدح اوريجانوس ثبات أم الأبناء السبعة دول.. وبيقول: ”لأن ندى التقوى وأنفاس القداسة التي تتردد في صدرها لم تسمح لمشاعر الأمومة الملتهبة أن تغلبها فتنكص على عقبيها“ (58). وبيقول إن القصة دي بتعلمنا أن التقوى ومحبة الله أقوى من أي شيء آخر- ”حُب الله لا يقبل التعايش مع الضعف البشري، بل يطرده ويقصيه عن نفس الإنسان“ (58).
الفصل الرابع:
بيقول أوريجانوس أن الشهيد بياخد كأس الخلاص (الاستشهاد) كتعبير عن العرفان لله. ثم يفند الادعاء بأن المسيح خاف في جثيماني أمام الصليب ولأن المسيح ”قلبه الممتلئ بالمعرفة المقدسة كان مستريحًا في الآب عندم اندلعت الحرب ضده“ (62). ثم يسمي تعدد الآلهة ”كفر وإلحاد“، وبيقول كأن نبوخذ نصر الآن يوجه تهديده لنا نحن إسرائيل الحقيقي (عب11) (67). ثم يقوهم ”ابذلوا حياتكم لكي تنالوا الحياة الأبدية“ (76).
يتناول أوريجانوس فكرة بغضة الزوجة والأولاد والأب والأم.. وبيقول البغضة دي لخيرهم.. لأنها هتدينا دالة عند الله لنتشفع لأجلهم (76). ولما نواجه الموت بشجاعة هنقدم ليهم حب أعظم. بيقول إن ده وقت تمجيد.. لأن الصبر ينشئ تذكية. ثم يقول حاجة جميلة جدًا: ”رغبتنا في المعرفة تظهر في أعمالنا اللي تتوافق مع المعرفة.. العفة تظهر في تجنب الدنس.. إحنا أبناء إله طويل الأناة وأخوة للمسيح الصبور. وبالتالي علينا أن نظهر احتمالنا وصبرنا في كل ما يحل علينا من ضيقات“ (83).
الفصل الخامس:
يقول أوريجانوس أن الجسد الفاسد يقيد الروح.. المسكن الأرضي يخنق العقل بكثرة الهموم. ”لماذا لا نتخلص من قيودنا ونحرر ذواتنا من عواصف الشهوات التي يثيرها علينا الجسد والدم“ (86). وبيوصف موجة الاضطهاد دي بأنها اختبار هل البيت مبني على الصخر ولا على الرمل. واختبار لنوعية التربة بتاعتنا.. فلو تحملنا الاضطهاد ”سنثبت أن قلوبنا استوعبت زرع الله كتربة صالحة“ وهنثبت ”إن زرع الله لم تخنقه الأشواك.. لأنهم سيرون بعيونهم أنه لا هموم هذا العالم، ولا غرور الغنى، ولا لذات الحياة، استطاعت أن تكتم كلمة الله في أرواحنا“ (88).  
في النهاية بيعبر لصديقيه أنه بيلمس ظروفهم الصعبة .. وبيعتذرلهم أنه لو قال شيء تافه أن يتغاضوا عنه.. وبيختم رسالته ليهم بعبارة ”إلى أن نلتقي معًا.

الاثنين، 11 فبراير 2019

نظرة على الكنيسة المبكرة- مينا فؤاد



الفصل الأول: (دراسة الماضي وكيف نفهمه)
يستعرض الكاتب تعريفات مختلفة لمفهوم التاريخ، سواء تعريفات محافظة أو أخرى ليبرالية. فمثلاً بيجيب تعريف ”تاكر“ المحافظ، وتعريف ”كروسان“ الليبرالي شوية (ص 19، 20). لكن الكاتب في الحقيقة بيعرض كل الرؤى المختلفة. لكن في النهاية بيخلص لفكرة إننا ممكن نوصل "للحقيقة المؤكدة بصورة كبيرة“ (ص 29). على نفس المنوال بيأكد الكاتب أن كتابات العهد الجديد حتى وأن كانت مصبوغة بأجندة لاهوتية، لكن هذا لا يلغي الجانب التاريخي فيها.. على غرار اهتمام ”المؤرخين القدماء بكل الحقيقة وكيفية إيصالها“ (ص29). ثم يستعرض أهم المؤرخين الكنسيين زي (يوسابيوس، لاكتانتيوس، سقراطـ، سوزومين.. إلخ).
الفصل الثاني: (البدايات الغامضة)
وهو عن البدايات المبكرة جدًا من عمر الكنيسة بعد أعمال الرسل، وبيقدم الكاتب نقدًا لأطروحات ليبرالية شوية زي أطروحة ”والتر باور“ و”بارت إيرمان“ من بعده اللي بتقول إن مكانش في تيار غالب للمسيحية في القرون الأول والثاني.. لكن بالنظر إلى الاكتشافات والدراسات الحديثة، ينتصر الكاتب في النهاية لفكرة أن الطوائف المهرطقة لم تكن موازية بل منحرفة وخارجة عن التيار الأرثوذكسي. يعني التيار المنتصر للمسيحية (بعد كده في نيقية) يمتد بجذوره إلى البدايات المبكرة جدًا وبيتفق مع العقائد المستقاة من أسفار العهد الجديد.
الفصل الثالث: (الأرثوذكسية والهرطقة)
عن أهم الهرطقات، والكاتب عمل تركيز كويس جدًا على الغنوسية، وبعض مدارسها ومؤسسيها، زي فالنتينوس، وكذلك تحدث عن ماركيون والكتابات المنحولة. وركز على بعض محتوى الكتابات المنحولة دي اللي وجد طريقه إما إلى النص القرآني أو التقليد القبطي.
الفصل الرابع: (الاضطهاد والاستشهاد)
 يتحدث الكاتب في هذا الفصل عن عصور الاضطهاد وأسبابها والإشارات ليها في الكتابات الرومانية وعند المؤرخين المسيحيين، مثل اضطهاد (نيرون، دومتيان، وهادريان.. إلخ). بصراحة وجدت في هذا الفصل إجابة كنت محتاجها عن ماركوس أوريليوس وإزاي كان فيلسوف رواقي وعنده كتاب أسمه ”الخواطر“ وفيه مبادئ إنسانية راقية جدًا، لكن في نفس الوقت كان مضطهد للمسيحية. (للتشويق ستجد الإجابة في ص 137- 138). ثم يستعرض الكاتب حكم دقلديانوس.. وفكرة الحكم الرباعي (ودي هتلاقيها بالتفصل في كتاب ”الدولة والكنيسة“ لدكتور رأفت عبد الحميد- ج1). ثم يستعرض أهم المدافعين زي أثيناغوراس ويوستين، ومنهج كل واحد فيهم.
الفصل الخامس: (آباء الكنيسة وبدايات الكتابة اللاهوتية)
بيدور حوالين العصر الآبائي والمقصود بلقب ”أب“، وكذلك التقليد وشروطه بحسب أب مهم جدًا اسمه ”فنسينت الليرنسي“. ثم أهمية كتابات الآباء الرسوليين، ثم نشأة المدارس اللاهوتية: اسكندرية وأنطاكية. واستعرض الكاتب الخلاف بين المدرستين سواء في المنهج التفسيري للكتاب المقدس، او النظرة الخريستولوجية. لكن أنا بختلف قليلاً مع الكاتب في الجزئية الخاصة بالمنهج التفسيري. أنا أؤيد أكثر ما قاله Karlfried Froehlich أن مفيش تفرقة حادة بين المدرستين. أوريجانوس كان حرفي وتاريخي في بعض الأوقات، والأنطاكيين كانوا برضو بيتكلموا عن الثيؤريا والمعنى الروحي، ولم ينكروا وجود طبقات متعددة للنص الكتابي. كمان التفسير الرمزي التيبولوجي ده كان موجود في المدرستين عادي جدًا.
الفصل السادس: (قسطنطين وأثناسيوس والأزمة الأريوسية) 
يتحدث هذا الفصل عن إيمان قسطنطين، وبداية الأزمة الأريوسية، وعن الصراعات اللي حدثت بعد مجمع نيقية على مصطلح ”هوموأوسيوس“- ستجد عند الكاتب شرحًا رائعًا للأسباب والملابسات. ثم يتحدث عن الدور اللي لعبه ق أثناسيوس في المجمع وبعده. يوجد في نهاية الكتاب ملحق عن الترجمة السبعينية- جيد جدًا. لكن كنت أتمنى أن أقرأ المزيد عن ملامح النص السبعيني وهل هو ترجوم أم ترجمة. وأمثلة أكثر عن الاختلافات بين النص العبري والنص اليوناني.
بشكل عام أستطيع أن أقيم الكتاب في النقاط التالية:
1-        يظهر اطلاع الكاتب الواسع على دراسات قديمة (ربما كانت مستقرة لحين) والدراسات الحديثة أيضًا تتيح له نقد الدراسات الأقدم في ضوء الاكتشافات الحديثة.
2-           يحاول الكاتب استعراض الأخبار التاريخية من مصادر مختلفة. ويحب أن يستعرض أولاً المصادر غير المسيحية ثم ينتقل بعد ذلك للمصادر المسيحية، ويعامل النوعين من المصادر بنفس المعايير، وهذا يُظهر سعي الكاتب إلى الحيادية بقدر المستطاع.
3-         يتأكد هذا من خلال استعراضه للآراء والتعليقات المحافظة والتقليدية والليبرالية أيضًا؛ ولا يتورع في نقد الليبرالية منها في حالة ثبت عدم صحتها في ضوء الاكتشافات أو الدراسات الحديثة.
4-              الكاتب يستند على قدر كبير من المراجع العربية والأجنبية.
5-              وأخيرًا ستجد الأسلوب سهل، وتدفق الأفكار بشكل سلس. 

الخميس، 7 فبراير 2019

الإنسان المسيحي- غريغوريوس النيصي



الكتاب ده في ترجمة 3 مقالات من الأعمال النسكية
لاغريغوريوس النيسي من مجلد رقم 58 من سلسلة (The Fathers of the Church)
ترجمها أبونا اشعياء ميخائيل، في (145 صفحة)
المقال الأول
ده ترجمة (On  what it means to be a Christian) أو ”ماذا يعني أن تكون مسيحيًا؟“ بيقتبس النيسي قصة عن الأدب العالمي عن أحد القرود الذي يلبس قناعًا إلا أنه لم يقدر أن يختفي طويلاً بل تجرد منه وجرى ليأكل المكسرات التي ألقيت أمامه والقصة دي اقتبسها ناس غير النيسي، زي لوسيان، في سياق آخر.
في هذا المقال يتحدث إلى صديق له ليرد على أسئلته، وبيقوله كان نفسي أقابلك ونتكلم وجهًا لوجه لكن ”ضرويات الحياة“ هي التي تمنعنا. بيقول إن لقب مسيحي زي أي لقب آخر (طبيب، مهندس، محامي) لازم يحصل على تعليم وخبرة وممارسة. ”استخدام اللقب يحتم على مَن يتصف به أن يمارس العمل نفسه“ (12). وبالتالي علشان نعرف معنى كلمة ”مسيحي“ لازم يكون عندنا معرفة معينة وممارسات خاصة. ثم يقبس قصة القرد من الأدب العالمي. ويحكي عن واحد درَّب قرد على الرقص.. والناس كانوا معجبين به، لكن واحد من الحاضرين الأذكياء رمى حبات اللوز.. فأثار شهوة القرد.. والقرد نسي الرقص.. وجري ليأكل اللوز.. ولّما معرفش يأكل من القناع خلعه.. فاكتشف الأمر. يعني ”القرد لم يستطع إخفاء طبيعته“ لمّا أُلقيت إليه حبات اللوز (13)، وبالتالي المؤمنين المظهريين عند اختبارهم هيظهروا على حقيقتهم.. الشيطان بدل اللوز بيزرع المجد الباطل.. والخطايا.. ”كثيرًا ما نتلوّن ويكون لنا مظهر الاسم فقط في حين نكون على عكس ما نظهر به تمامًا“ (14).
مسيحي.. يعني ينمو في المسيح وبالتالي يحمل من صفات المسيح غير الفاسدة (16). ”ولو أن أحدًا حمل اسم المسيح، ولكنه لم يحيا حياته، فماذا يمكن أن يفيد هذا الاسم؟“ (16). ثم يقول ”المسيحية هي أن نتشبه بالطبيعة الإلهية“ ولو حد اعترض إن طبيعتنا ضعيفة.. نرد عليه أن آدم خُلق على صورة الله، و”المسيحية هي إعادة الإنسان إلى حالته الأولى“ (17)، ثم يقول ”المسيحية هي التشبه بالله“ (18).
إحنا بسلوكنا بنقدِّم صورة عن الله- ولو سلوكنا سيئ يبقى بنهين الاسم.. وبنهين الله. كيف يصير الأرضي مشابهًا للسماوي؟ الإجابة: نسلك في الأعمال الصالحة.. ونتغرب عن الخطية.. في كل الأحوال إحنا مش منفصلين عن الله.. لأنه الله بيلمس كل عنصر من عناصر الوجود بغير فساد (20). إحنا بالفكر ممكن نصعد إلى السماء.. وبغلق طريق الملذات.. والسير في طريق الأبدية.
المقالة الثانية:
ودي ترجمة لمقال بعنوان (On The Christian Mode of life) أو ”السلوك المسيحي في الحياة“، بيقول فيها النيسي إن نعمة المسيح تبدد الخداع اللي عايشه فيه النفس.. فتجد نور الحق وتشق طريقها نحو القداسة. يقدّم النيسي في هذه المقالة ملخص للمبادئ والإرشادات اللازمة للرحلة المسيحية من الكتاب المقدس حتى لا نعتمد على غباوة تفكيرنا الخاطئ السفلي ولا بمعزل عن نعمة المسيح (29).
يتحرك الإنسان نفسًا وجسدًا نحو الله.. وقوة المسيح تعينه. أخذنا عربون عدم الفساد في المعمودية.. والنعمة اللي أخذناها في المعمودية هي اللي تخلينا نتاجر ونربح بالوزنات (32). ونتقوى بالروح في الفضائل، حتى تصل النفس إلى ”كمال جمالها عن طريق نعمة الروح القدس الذي يعمل في المجاهدين والساعين نحو هذا التغيير“ (34). وبيقول ”الإنسان ينال نعمة الروح وفقًا لقراره وطلبه“ (34).
ثم يتحدث من الكتاب المقدس عن الجهاد والتغصب، والصبر والمثابرة، والركض في الميدان.. ”عطية النعمة تقاس بمدى العمل لمن يستقبلها، لأن نعمة الروح تعطي الحياة الأبدية والفرح غير المنطوق به في السماء. ولكن يجب أن يكون فينا محبة المثابرة والجهاد، ولكن الإيمان هو الذي يجعل النفس مستحقة لاستقبال المواهب والتمتع بالنعمة“ (35). الاقتباس اللي فات فيه دور للنعمة، وللجهاد، وللايمان. النيسي يؤكد على السينرجيا: ”حين يتكامل العمل مع نعمة الروح ويتعاونان معًا فإن النفس تمتلئ من الحياة المباركة، ولكن حين ينفصل العمل عن النعمة، فإن النفس لن تنال أي شيء“ (36). ”لأن نعمة الله لا تعمل في النفوس التي تهرب من الخلاص“ (36).
وبيقول إن الفضائل لا تكفي لأن يكون للنفس شركة مع النعمة.. ”إن لم يبن الرب البيت“ (مز 127). الجهد البشري لا يكفي لنوال الإكليل.. لكن لازم نحط رجاءنا في إرادة الله (36). وفي سعينا ”يأمرنا بأن نرجع كل مجد لله، ونوجّه كل عمل لإرادة ذاك الذي سوف يكافئ كل أعمال الفضيلة“، وبيقول ”وجّه حياتك نحو الله ومجده“ (41). واهرب من التقدير البشري الذي نهايته الخزي الأبدي. وبيقول الإنسان الذي يسعى للكرامة لا يعد بين المؤمنين (مت 5: 44).
بيفسر النيسي آيات من العهد القديم (تث 22: 9-11؛ لا 19: 19) عن عدم وضع النير على جنسين مختلفين من الحيوانات، أو ارتداء ملابس من نوعين مختلفين، على أنها ”ليس حسنًا أن تنمو الفضيلة والرذيلة في النفس الواحدة“- وده تفسير رمزي أليجوري. ”كيف يعطي الإنسان طريقًا للعدو، ويريد أن ينتصر في المعركة؟“ (47). الإنسان اللي في شركة مع الله من المستحيل أن يسقط من رجائه أو تهمله النعمة أو تتخلى عنه (47). النيسي يحثنا على اللجاجة في الطلب، ثم في الجد نحو المواهب، لكن بيقول ”المواهب لا تكفي لحياة الكمال“ لازم المحبة اللي هي ”أساس كنز النعمة“، لأن محبة الله من كل القلب والنفس.. هو هدف التقوى الذي حدده الرب نفسه (54). يعود مرة أخرى للمثابرة والجهاد والتقدم للأمام.. والرغبة الثابتة نحو البر.
ثم يتحدث عن السلوك المسيحي تجاه الآخرين. يجب أن تقوده حكمة الله ”إلى التوافق مع أخيه حتى يصلا معًا إلى شاطئ إرادة الله“ (58)، وكذلك يوصي بأن نخدم بعضنا بعضًا، ”لأن مَن يحمل نير الرب بفرح حتى النهاية برجاء صالح فإنه يجب عليه أن يخدم الكل كما لو كان يسدد الدين المطلوب منه“ (59). لأنه بيقول ”لو أن محبة الله غير موجودة، فإن محبة القريب لا توجد“ (63).
النيسي بيقول إن حاجة واحدة تحرس النفس هي التذكر بأن ننظر دائمًا إلى الله.. ”وحب الله يجعل الجهاد خفيفًا“ (67). الشيطان هيحاول ينزع مخافة الله ومحبة الله فينا وبعد كده يحاربنا بالملذات (67). ولازم الصلاة اللي بيشبهها النيسي بقائد الخورس لكل الفضائل. الصلاة بحماس وبلا ملل. وباحضار النفس في الصلاة (74).
المقالة الثالثة:
ودي عنوانها ”عن الكمال“ (On Perfection).
بيقول النيسي لمَن يرسل إليه المقاله أنه سيقّدم وصفًا دقيقًا للحياة التي يجب أن يهدف إليها الإنسان المسيحي  (93). في الأول لازم نفهم عظمة العطية (أن ندعى على اسم المسيح) ثم نُظهر بحياتنا عظمة هذا الاسم. ثم يأخذ من بولس مرشدًا فهو يعرف مَن هو المسيح أكثر من الكل (94). ثم يقدّم من بولس 30 صفة للمسيح، ولازم مَن يحمل اسم المسيح، ”أن يظهروا ما يتضمنه ذلك الاسم، ويحملوا في أنفسهم ما يحمله ذلك الاسم“ (99).
وبيحكى عن ناس لها طبيعتين عقلية وشهوانية زي الحيوان الخرافي (المانيتور) اللي نصه إنسان ونصه حيوان- ”لا يمكن الجمع بين كليهما في حياة أي إنسان“ (102). لأنه بيكون في حرب مضادة لنفسه.. لازم خصم ينتصر على الآخر. النيسي بيرفض فكرة اجتماع الشر والخير جوه الإنسان (فكرة سائدة في أفلام وأغاني كثير.. شرير بس قلبه في خير!!).
بيقول خلى أسماء المسيح هي مرشدنا لحياة الفضيلة (103)، 
- المسيح قوة الله وحكمة الله والإنسان المسيحي بيتقوى بالمسيح، وبيطلب الحكمة. ولمّا يتمثل بالمسيح ”سوف يتقوى ضد الشر، وسوف تظهر الحكمة فيه“ (105).
- المسيح هو السلام (أف 2: 14)، والمسيحي سينزع كل عداوة وكراهية.. وفي حالة تصالح من خارج ومن داخل.
- المسيح هو النور.. والمسيحي يستنير بالفضائل ويتخلى عن كل أعمال الظلمة.
- المسيح قدوس... والمسيحي يتمثل بقداسته.
- المسيح فادي.. والمسيحي يصير عبد لفاديه.. ولا نعيش لحساب ذواتنا، ولكن لحساب من اشترانا (109).
- المسيح هو فصحنا.. وإحنا هنقدم أجسادنا ذبيحة لله عن طريق إماته الأعضاء (110).
- المسيح بهاء مجد الآب.. لذلك نعبده.. هو حامل كل الأشياء بكلمة قدرته.. هو علة كل شيء.. وهو قادر أن يعلن لنا عن الله غير المرئي وغير الزمني وغير المادي من خلال الرؤية والزمن والمادة في تجسده (114).
- المسيح هو الصخرة.. وده يساعدنا على الثبات في الفضيلة.
- المسيح هو حجر الزاوية.. لذلك نبني عليه إيماننا.
- المسيح هو صورة الله غير المنظور.. ولو إحنا عايزين نكون صورة لله غير المنظورة لازم يبقى اسلوب حياتنا يكون على المثال الموضوع أمامنا (المسيح) (120). إحنا بنزين وبنلون صورة حياتنا بفضائل (ألوان) المسيح.. ويصير كل واحد فينا ”صورة الله غير المنظور“.
- المسيح هو الرأس.. وهو عديم الفساد لذلك الأعضاء يجب أن تكون عديمي الفساد. ”من الضروري أن نحرك أجسادنا وفقًا للرأس الحقيقية“ (124).
- المسيح هو البداية.. المسيح هو بداية كل صلاح فينا.
- المسيح ملك السلام.. وهو يملك علينا.. ولا نترك جنديته ونذهب إلى جيش الشر.
لازم نختبر كل فكرة وكل كلمة وكل فعل.. ”وأن يكون كل فكر وكل قول وكل فعل مطابق لألقاب المسيح لكي تكون أفكارنا وأقوالنا وأفعالنا خاضعة للقوة الإلهية العالية” (137) (حاجة زي فكرة WWJD). بكده يكون الكمال المسيحي هو اتفاق أفكار وأقوال وأفعال الإنسان مع أسرار المسيح.. لكن النيسي في النهاية بيقول إن ”الكمال المسيحي هو عدم التوقف عن النمو نحو كل ما هو أفضل. وعندئذٍ لن نضع أي حد للكمال“ (142). في الآخر بيقول: ”إن احتفظ أي إنسان بهذه الأمور في عقله، وهي أنه شريك في الاسم المقدس.. فإنه سيصير حاملاً في نفسه القوة التي لألقاب المسيح.. وحينئذٍ تكون حياته هي الشركة في كل لقب من هذه الألقاب“ (137).
على هامش الكتاب:
النيسي في شرحه أن المسيح هو الوسيط بيقول إنه صار بشرًا وصار جزءًا من الطبيعة العامة، ولكنه ”لم يخضع أو يميل إلى الخطية الموجودة في هذه الطبيعة“ (129). وبيفسر كلام المسيح لمريم المجدلية "أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وألهكم" من خلال فكرة أن المسيح هو الوسيط بين الآب وبين المحرومين من الميراث.. علشان يجعلنا بنين للآب، وبعد أن كنا أعداء لله نصير شركاء في ألوهيته! وإحنا بنقترب إلى الأب بقدر إمكانياتنا في الشركة مع المسيح الوسيط (132).