ندخل
دلوقت في مرحلة ملتهبة وهي محطة الجدل النسطوري، وخلينا الأول ناخد فكرة عن نسطور،
قبل ما نشوف الآباء اللي ردوا عليه. من أشهر الشخصيات في الجدل الخريستولوجي هو
نسطور.. وهو على المستوى الشخصي يمثل شخصية تدعو للتأمل.. انظر ماذا يقول عنه
سقراط في تاريخه الكنسي (7:
29) فبمجرد أن رُسم أسقفًا قال للأمبراطور: ”أعطني
يا سيدي الأرض طاهرة من الهراطقة، أعطيك السماء مكافأة. ساعدني في القضاء على
الهراطقة، وأنا أساعدك في التغلب على الفارسيين“. وبيقول سقراط أنه بالرغم أن
التصريح ده عجب البعض بسبب كراهيتهم للهراطقة، إلا أن ”القادرين على التمييز لم
يُخفى عليهم.. خفة فكره، وعنف مزاجه، والمجد الباطل الذي جعله يندفع في مثل هذا
التصريح دون أن يمهل نفسه أقل مدة من الوقت“.
عجيب
نسطور هذا عندما تستمع إلى كلامه: ”إن رغبة قلبي الحارة أنه حتى إذا حُرمت أن يهرب الناس من
التجديف على الله.. وألا يخلطوا بين الوثنية والمسيحية، ويعترفوا بأن المسيح
بالحقيقة وبالطبيعة هو الله وإنسان.. هو أزلي لا يتألم بالطبيعة كإله، ومائت وقابل
للألم كإنسان- وليس إله في كلتا الطبيعتين أو إنسان في كلتا الطبيعتين. هدف رغبتي
العميقة أن يتبارك الله على الأرض كما في السماء“. لسنا بصدد تقييم أو إدانة
الرجل مرة أخرى.. لكن إن جاز لنا أن نتعلم من التاريخ والمواقف.. فهو كوكتيل جهنمي
كده بيصيب المتصدرين للكلام في اللاهوت.. شوية اندفاع على شوية ثقة زيادة في
النفس.. على شوية عدم إصغاء للآخر- الصديق والخصم.. على شوية نرجسية.. فليحمينا
الله من كل هذا الشقاء.
بالنسبة
لموقف ق كيرلس من نسطور يتخلص في الآتي: 1-
اقتراح نسطور بأنه يقول على العذراء ”كريستوتوكوس“ أو ”أم المسيح“
بدلاً من ”ثيؤطوكوس“ أو ”والدة الإله“ لم يقبله ق كيرلس لأنه من حيث
المبدأ اعتبر ده خروج عن التقليد الكنسي، ونوع من الابتداع. 2- أن هذا اللقب لا يحفظ سر وإعجاز التجسد الإلهي. 3- أن هذا
اللقب يُستشف منه أن الكلمة لم يصر جسدًا، ولم يولد من امرأة بحسب الجسد، وهذا
يُفلس تدبير الخلاص ويفرغه من مضمونه.
وبالتالي
يرى ق كيرلس في تردد نسطور بشأن لقب والدة الإله تهديدًا لحقيقة اتحاد الله
بالطبيعة البشرية، وهذا التردد يهدد اكتسابنا للمكاسب التي حصلنا عليها من خلال
هذا الاتحاد. 4- بينما تحدث نسطور بلغة المصاحبة association بين
الطبيعتين أصر ق كيرلس على لغة الاتحاد union وكلمة
تانية في منتهى الأهمية هي appropriation وأنا أترجمها ”الاستملاك“.. أي أتخذ جسدًا
بشريًا وأصبح خاصًا به.. يجوز بعد ذلك أن نقول ”جسد الله“.
يُتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق