نأتي للقرن الخامس ولازم نتعرف على بعض الشخصيات اللي لعبت دور في الجدل الخريستولوجي بعد مجمع خلقيدونية. منهم مثلاً ثيؤدوريت أسقف قورش، واللي عاش بين (393- 458 م) يعني توفى بعد مجمع خلقيدونية 451 م ب 7 سنين.. أبونا تادرس يعقوب في كتابه ”مقدمة في علم الباترولوجي“ بيقول إن ثيؤدوريت القورشي قام بتفنيد ال 12 حرم بتوع ق كيرلس ضد نسطور.. ولكنه هو اللي وضع صيغة الوحدة بعد كده بين ق كيرلس وبتكليف من البطريرك يوحنا الأنطاكي.. لكنه لم يوقع على حرم نسطور إلا مضطرًا في مجمع خلقيدونية.
وبيقول أبونا تادرس أن
بعض الدارسين قالوا أنه تبنى آراء نسطور حتى سنة 436 م، وأنه تخلى عن آراء نسطور
على الأقل بعد 451م. وده شيء جميل..
أن ترجع متأخرًا خير من ألا ترجع أبدًا!! ولدينا ما يؤكد
هذا.. في رسالة رقم 116 أرسلها ثيؤدوريت أسقف قورش لكاهن اسمه ريناتوس.. تعالوا
نسمع منه قال إيه: بيقوله
إنه إزاي بعد 26 سنة أسقف وله أتعاب كثيرة وجاهد من أجل الحق، وحرر الآلاف من
الهراطقة من ضلالاتهم.. يُحرم من كهنوته بلا احترام لشيخوخته.. وشيبته. وأنه كتب
أكتر من 30 كتاب ضد أريوس وأفنوميوس وماركيون ومقدونيوس والوثنيين واليهود. وأنه
فسر الأسفار المقدسة.
وبيقول بنبرة الحزن أنه
أي حد ممكن يعرف أنه اتبع خطوات الرسل وأنه كرز بابن واحد وآب واحد وروح قدس
واحد.. وألوهية واحدة للثالوث.. ولاهوت كامل للمسيح وناسوت كامل لأجل خلاصنا.. وركز في العبارة اللي
جايا دي.. ”ولا أعرف ابن إنسان وآخر ابن الله، لكن واحد فقط“. لكن الغريب أنه بيقول
إنه تعلم هذا من القديس ليون.. ودي حاجة عجيبة برضو! وفي النهاية يُقال أنه
وقع على حرم نسطور وتم قبوله في مجمع خلقيدونية.
من الشخصيات المهمة في
الجدل الخريستولوجي، ما رابولا الرهاوي- أسقف الرها، واللي توفى 435م، يعني
قبل مجمع خلقيدونية، وبعد مجمع أفسس. في البداية أيد نسطور، لكن بعد أشهر
قليلة اقتنع بتعاليم ق كيرلس، وكان في مراسلات بينهم، ووصفه ق كيرلس بأنه
"عمود الحق" في الكنيسة السريانية. وترجم للقديس كيرلس بعض
أعماله إلى السريانية. أحرق
كتابات ثيؤدور المبسويستي وديودور الطرسوسي علنًا، وده أثار عليه متاعب كثيرة من
شعب الرها بقيادة هيبا الرهاوي اللي عينه الشعب اسقف بعد ممات مار رابولا.
من الشخصيات المهمة
أيضًا هو هيبا الرهاوي، واللي توفى عام 457 م، يعني بعد مجمع خلقيدونية ب 7
سنين فقط. هيبا الرهاوي
كان معجبًا بكتابات ثيؤدور المبسويستي.. وتطاول على ق كيرلس السكندري وحروماته ال
12، وفي إحدى خطبه قال الآتي: ”لا أحسد المسيح إذ صار إلهًا، ذلك أن ما صار هو
صرتُ أنا أيضًا لأنه من طبعي“.
وقال أيضًا ”يجب أن نتأمل الإله والإنسان
منفصلين.. واحد هو الذي مات وآخر الذي في السماء“ (وهذا التعليم مرفوض). وشبه جسد المسيح بملابس
الملك وقال ”كالأرجوان للملك كذلك جسد المسيح، وكما أنه إذا أهين الأرجوان
توجَّه الإهانة إلى الملك، كذلك الألم وجّه إلى الله“. كلامه
لا يعبر عن اتحاد حقيقي.. وبالتالي هو نوع من النسطورية.
من الشخصيات المهمة
أيضًا إسحق الأنطاكي الأول، واللي توفى عام 491 م.. وعاش أيام الأمبراطور
زينون.. وحارب النساطرة.
وفي إحدى قصائده يقول: ”سمعت الناس يتساءلون:
أمات الله أم لم يمت؟ يا للجهل!ّ إن نسطور.. أنكر لاهوت ربنا.. فرد عليه الثاني
(أوطاخي) منكرًا ناسوته... لذلك فإن مريم والدة الإله التي تجيد منها تعطي الويل
لأوطاخي، كما أن العناصر التي اضطربت بالكصلوب تبصق في وجه نسطور.. فلولا
أنه إله فكيف أظلمت الشمس.. ولولا
أنه إنسان فمَن الذي احتمل السياط..؟ حقًا لم يمكن لجسد وحده
معلقًا على خشبة الصليب بدون الله، ولم يكن الله يتألم في الجلجلة بدون الجسد. فافتخار
البيعة العظيم هو أن ربنا له لاهوت وناسوت معًا، ليس في فرصوفين (شخصين) أو
طبيعتين. فهو ابن واحد كامل..
فافتخار الكنيسة هو أن الله مات على
الصليب لا بطبع أزليته بل بجسد ناسوتنا. لأنه لو لم يكن
ممكنًا أن يذوق الله الموت فإذ شاء أن يموت تجسد وذاق الموت بمشيئته. بل لولا رآه الموت
متجسدًا لخاف أن يقترب منه. فمحروم من يفصل اللاهوت عن الجسد. إن طبيعة الوحيد هي
واحدة، كما أن أقنومه أيضًا واحد مركب بدون تغيير“.
لن ننسى ق يوحنا ذهبي
الفم، (344- 407م) اللي في تفسيره لرسالة فيلبي بيشرح تعبير ”صائرًا في شبه الناس“ ويقول: ”لأجل هذا يقول ’في
شبه الناس‘
حتى لا تعتقد حينما تسمع أنه أخلى نفسه، أن هناك تغييرًا أو تحولاً أو اختفاءً قد
حدث، فهو يقول بينما ظل كما هو الله بالطبيعة، فقد أخذ ما لم يكن له، وبينما صار
جسدًا إلا أنه باقٍ إلى الأبد الله الكلمة.. الطبيعة لم تتحول، ولم يحدث لها أي
اختلاط.. فحينما يقول ’في
شبه جسد الخطية‘
فإنه لا يعني بذلك أنه لم يكن له جسد، وإنما يعني أن هذا الجسد بلا خطية، لكنه كان
يشبه جسد الإنسان الخاطئ... في طبيعته وليس في الشر“.
في
أواخر القرن الخامس برضو، عندنا شخصية مهمة، هي ديونسيوس الأريوباغي
(المنحول). د بطرس كرم في مقالة نشرت في دورية مدرسة
الأسكندرية (سنة 11 عدد 1) بعنوان ”التعاليم الخريستولوجية عند ديونسيوس
الأريوباغي المنتحل“ بيشرح لينا إزاي في مجمع القسطنطينية 532 م، استشهد غير
الخلقيدونيين بنص من كتابات ديونسيوس الأريوباغي وهو الآتي: ”بشكل يفوق
المفردات الكلامية، بساطة يسوع صارت شيئًا مركبًا، غير الزمني اتخذ لنفسه زمن
الزائل، وبدون تغيير أو امتزاج فيما هو عليه، دخل إلى طبيعتنا البشرية، ذاك الذي
يفوق تمامًا نظام الكون الطبيعي“، وده بغرض أثبات صحة الوقف الخريستولوجي
اللاخلقيدوني.. هنلاحظ إن الأريوباغي
بيقول ”يسوع البسيط“ ويقصد أقنوم الكلمة قبل التجسد.. قد نزل ودخل وجودنا
الملموس والمتعدد- من أجل خلاصنا. ووصف الوحدة بأنها مركبة.. بطريقة مخفية وتفوق
العقل والتعبير.
يشرح د بطرس أن
الأريوباغي تجنَّب ذكر المصطلحات اللي عليها جدل زي طبيعة وأقنوم وبروسبون.. كما آمن الأريوباغي بوجود فعل إلهي/ إنساني واحد في المسيح كالتالي: ”ليس
بكونه إلهًا فعل الأمور الإلهية، وليس بكونه إنسانًا فعل الأمور الإنسانية، لكنه
بالأحرى يكون الله الذي صار إنسانًا حقق شيئًا واحدًا في وسطنا: الفعل الإلهي/
الإنساني. (تين ثيانديريكين إينيرجيان)“ أو
(one theandric acticity).
مع القديس إيسيذوروس
الفرمي (360- 450م) بنشوف حاجة مهمة. في رسالته رقم 310 بيوجه عتاب عنيف
للقديس كيرلس وموقفه في مجمع أفسس (كما هو واضح في الصورة).
لكن مترجم العمل بيشير إلى كتاب إيريس المصري، قصة الكنيسة القبطية، ج1، ص 483- 484، وقالت إن البعض نجح في تشويه صورة ق كيرلس مما أثار عليه أحد أحبائه وهو ق إيسيذوروس الفرمي.
يُتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق