نأتي
لمحطة في غاية الأهمية في الكلام عن طبيعة المسيح، وهو القديس كيرلس الكبير، (376- 444م) واللي ليه مؤلفات كثيرة جدًا في هذا الموضوع. نبدأ واحدة واحدة كده ناخد فكرة عن
آرائه. من الكتب الممتاةز والسلسة جدًا.. في شكل حواري.. كتاب ”حوار حول تأنس
الابن الوحيد“، وبيرد فيه ق كيرلس على عدد من الهرطقات.. قبل النسطورية. فكيف
يرد على الخيالية مثلاً؟ يقول: ”لو كان التدبير خيالاً وظلالاً، فإنه لا يكون
قد تجسَّد حقًا.. ولا تكون العذراء قد ولدت.. ولا تشبَّه بإخوته... ولا يسري عليه
قول (فيما هو قد تألم مجربًا) لأن الخيال لا يجوز عليه الألم“.
ولو
الموضوع خيال أو ظل.. بيسأل ق كيرلس: ”أي ظهر قبل السياط لأجلنا؟ أي خد سلّم لضاربيه؟ كيف سُمرت
الأيدي.. أي جنب طعنه جنود بيلاطس؟ ولا كان مات لأجلنا.. ولا كان قد قام..
(وبالتالي) يكون إيماننا بلا معنى! بأي طريقة يمكن للظل أن يموت؟ كيف أقام الآب المسيح، إن كان المسيح
ظلالاً وخيالاً؟!“
في
نفس الكتاب ق كيرلس بيرد على هرطقات مختلفة، منها: 1- أن الكلمة حصل على بدايته مع
التجسد، يعني في وقت التأنس فقط صار الله أبًا.. ودي كانت هرطقة سهلة وبيرد عليها
بكمية آيات كتير يكفي أن المسيح قال ”قبل إبراهيم أنا كائن“. 2- بيرد كمان على
اثنين اسمهم ماركيليوس وفوتينيوس اللي قالوا إن الابن ”مجرد قول ولد من الله مثلما
يولد النطق واللفظ“ وليس له وجود حقيقي، وق كيرلس قال إن الابن هو صورة الله، فلو
الصورة ملهاش وجود حقيقي يبقى الأصل ملوش وجود حقيقي. 3- ثم يرد على أتباع أبوليناريوس
اللي قالوا ان المسيح ملوش ”نفس عاقلة“، لكن ق كيرلس قال إن المسيح وهب جسده من
أجل جسدنا، ووهب نفسه فدية من أجل نفوسنا، ولازم يتحد ببشرية كاملة غير ناقصة..
لاحظت
حاجتين في منتهي الأهمية في الجزء ده: 1- إن ق كيرلس بيستخدم لفظ المصاحبة بين
الطبيعتين (قبل نسطور) فمثلاً بيقول: ”نحن نعتقد أنه تمت مصاحبة... وأنا أقصد
اتحادًا بين طبيعتين“، وده يعلمنا أن أي مصطلح لابد أن يُقرأ في سياقه.. ونعول
على المعنى دايمًا مش اللفظ..لأننا بنشوف هنا إزاي بيقول أقصد بمعنى الاتحاد. 3- الحاجة
التانية أن نفس المسيح نزلت الجحيم، لكن كان شكلها إيه النفس المتحدة بالألوهية؟ ق
كيرلس بيقول ”هذا ما لا نستطيع فهمه ولو على سبيل التخيل“.
ق
كيرلس في نفس الكتاب بيرد كمان على جماعة تانيين ”فصلوا عمانوئيل إلى إله وإنسان“
وبيقدموه كشخص مزدوج.. فبيقول إن الكلمة الأزلي ”أخذ الطبيعة البشرية دون أن
يفقد ألوهيته.. ولد من نسل داود كإنسان، وولادته هذه حادثة زمنية.. ومع ذلك فهو
ليس غريبًا عن الجسد الذي اتخذه، لكنه يحسب كواحد معه بنفس الطريقة التي يمكن
للمرء أن يرصد تكوين الإنسان باعتباره منسوجًا من عنصرين مختلفين من جهة الطبيعة،
أي النفس والجسد، وإن كان الاثنان يدركان على أنهما شخص واحد. وسواء أشرنا
للإنسان مرة بالجسد أو مرة بالنفس فنحن نشير للاثنين مع بعض“ يعني أحيانا
الكتب المقدسة ”تكرز بالمسيح كإنسان بينما يلف الصمت ألوهيته، وأحيانًا يكرز به
كإله، ويطبق الصمت حول الطبيعة البشرية“. وهنا هنلاقي رأي واضح ليه حتى قبل
اشتعال الجدل النسطوري، وهنلاقي تشبيه استخدمه معظم الآباء قديمًا وحديثًا ألا وهو
تشبيه اتحاد النفس بالبدن. وبيقول ق كيرلس لما بنسجد لعمانوئيل فنحن لا نسجد لمجرد
إنسان، لأن الطبيعة البشرية بفعل الاتحاد اتكست بالمجد الإلهي! ق كيرلس بيقول إننا
نقدر نلاقي آلاف الأقوال اللي تدلل على أنه ”يوحد الاثنين في واحد، وأن
الطبيعتين تتبادلان خواصهما فيما بينهما“. وبكده يكون ق كيرلس قال بمفهوم ”تبادل
الخواص“ أو (idiomatum communicatio).
يُتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق