الأحد، 10 يناير 2021

رحلتي مع سر الاتحاد- 19

 

نتكلم أكتر عن ”ابن المكين“ (ق 14) اللي في موسوعته الشهيرة بالحاوي ج 4، واللي بيتكلم فيها عن نسطور، وبيقول فيما معناه إن مش كل اللي طلع من أنطاكية هيبقى زي يوحنا ذهبي الفم! ويذكر أن نسطور ألف كتاب قال فيه أن ابن ”شهرين أو 3 شهور“ لا يمكن يكون إله.. وإن المولود من مريم ده مسيح، والمسيح شيء، وكلمة الله شيء آخر، والمصلوب ليس إلهًا. ثم يأتي لمجمع خلقدونية اللي بيوصفه بأنه كان ”بغواية العدو المضاد“ ليه؟ لأن الإيمان المسيحي قبل المجمع ده في رأيه كان مستقر عليه.


ثم خلال شرحه لقانون الإيمان يقول إنه بمجرد ما قالت العذراء ”ليكن لي كقولك“، ”ففي ذلك الآن عند صدور جواب العذراء للملاك ابتدأ الزمني في تخلقه متحدًا بالأزلي. فالاتحاد بين أقنوم الأزلي وأقنوم الزمني اللذين صارا واحدًا في الموضوع والمحمول“. المحمول والموضوع دي مصطلحات في منطق أرسطو.. ببساطة الموضوع هو ال subject  والمحمول هو ال predicate ويقصد في رأيي أن أصبح بفضل الاتحاد نقدر ننسب ليهم هما الاثنين نفس الصفات.

 بيقول ابن المكين: ”ليس هو إلهًا فقط ولا إنسانًا فقط، بل إلهًا متأنسًا متجسدًا، لذلك صحت الإشارة إليه بالأسماء المتضادة“ (يقصد صفات الألوهة مرات وصفات الناسوت مرات- وهو ده تبادل الخواص). ثم يقول ”إذ كان جوهرًا من جوهرين متحدين والاثنين غير منفصلين بعد الاتحاد“ وهنا ”جوهر“ بمعنى طبيعة. ابن المكين بيشرح حاجة حلوة جدًا .. أن المسيح لما يقول ”أنا هو“ بيبطل القول بالمشيئتين.. لأن ”أنا هو“ تدل على حقيقة اتحاده، وأنه ”واحد متقوم عن اثنين“ وليس هو اثنين. و”أفعاله صادرة عن واحد في موضوعه ومحموله“؛ لأن لفظة ”هو“ لا يصح الإشارة بها إلى اثنين.

لما بيجي ابن المكين يشرح عبارة ”نزل من السماء“ يقول النزول هنا مش معناه انتقال الجوهر الإلهي من حيز إلى حيز؛ لأن ”الجوهر الإلهي لا يقبل الأحياز“أو التحيز. دي لو بتقراها بالإنجليزي هتبقى  non-dimensional. وهو ”غني عن المَحل“ أو المكان. وبيفسر النزول هنا بمعنى التواضع زي بولس البوشي أيضًا. وبيقول عبارة جميلة ”أي نزول أبين من هذا النزول وأي جود أكمل من هذا الجود“-- ده كرم ما بعده كرم! هذا السر هو ”فوق الكيف“.. وليس عن احتياج لأن الله ”غني عن كل ما هو خارج ذاته“. ويقول ”ولم يبتدئ الناسوت إلا متحدًا بالكلمة الأزل“، لكن مكنش ينفع يجي عن طريق التناسل.. ليه؟ بيقول ”شرط الاتصال المناسبة“ يعني لازم يكون الناسوت خالي من الضعف و”الانحطاط الألمي“ و”الانفعالات الألمية“ بحسب تعبير بن المكين، ويقصد الشهوانية.

يُتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق