الأحد، 10 يناير 2021

رحلتي مع سر الاتحاد- 20

 

في القرن (14) برضو هل نقدر نقرأ للاهوتي نسطوري علشان نشوف وجهة نظره؟ اسمع مار عبد يشوع الصوباوي النسطوري في كتاب له بعنوان ”الجوهرة“. هو الأول بيقول إن الكنيسة كلها كانت فكر واحد بعد مجمع نيقية.. لكن بعد 100 سنة حصل نزاع بين قورلس (كيرلس) بطريرك الأسكندرية، ومار نسطوريوس بطريرك بيزنطية حول التجسد. وقال إنه قبل كده الكل كان بيؤمن أن المسيح إله كامل وإنسان كامل.. لكن الجدل الحالي ”حول نوعية الاتحاد“. وبيشرح إن كيرلس كان بيقول العذراء والدة الإله، وكتب 12 حرم، فرد عليه نسطوريوس هذا غير صحيح؛ لأن كلمة ”والدة الإله“ لم ترد في الأنبياء ولا في الرسل.


لأن الأنبياء قالوا المسيح، والرسل بشروا بالمسيح (الإله والإنسان)، فلو قولنا إن العذراء ”والدة الإنسان“ هنتشبه ببولس السماساطي وفوتينوس الغلاطي (اللي من غلاطية يعني- ودول قالوا بإن المسيح ولد كإنسان عادي ثم تبناه الله بعد ذلك- التبنوية adoptionism). لكن لو قولنا برضو إنها ”والدة الإله“ فقد نتشبه بسيمون ومناندروس (غنوصيين) القائلين ”بأن الله لم يتخذ جسدًا من مريم، وإنما التأنس كان بالخيال لا بالحقيقة“. لكن لما نقول ”والدة المسيح“ فهذه التسمية واردة عن الانبياء والرسل وتشير إلى الاتحاد الكامل. طبعًا ده كلام غير صحيح، ما هو إشعياء تنبأ عن المسيح وقال عليه ”إِلهًا قَدِيرًا، أَبًا أَبَدِيًّا، رَئِيسَ السَّلاَمِ(إش 9). لكن شيق أنك تسمع الآخر من على لسانه هو.. وتعرف إيه تخوفاته.. وتعرف فين الجنوح.. لأن الهرطقة في تعريفها هي جنوح في اتجاه على حساب اتجاه آخر.

الصوباوي بيقول إن حرمانات كيرلس هي حرمانات للكتب المقدسة (إلى هذه الدرجة!)، لأن الرسل والأنبياء قالوا إن المسيح إله كامل وإنسان كامل.. صورة الله وصورة العبد، ابن داود وابن العلي، الجسد والكلمة.. فنشأ الأنقسام وتراشق الطرفان بالحرم. فانعقد مجمع خلقيدونية.. والصوباوي شايف أن المجمع ده أيد التعليم اللي بينادي بيه نسطور؛ لأن المجمع ده أيد عقيدة الطبيعتين في المسيح والتمييز بين خواص كل منهما.. وحرم كل من يقول بالمزج الذي يشوه كلتا الطبيعتين (طبعًا إحنا مع التمييز بين الطبيعتين وخواصهم.. ومع عدم الاختلاط) لكن الصوباوي بيقول لأن مفيش في اللغة اليونانية تمييز بين الأقنوم والشخص (مفهمتش دي) أقر المجمع ”بأقنوم واحد في المسيح“، فحرم المجمع أتباع كيرلس لأنهم لا يسلمون بالطبيعتين، وحرم أتباع نسطور لأنهم لا يسلمون بالأقنوم الواحد، فانقسمت المسيحية إلى 3 مذاهب: 1- اليعاقبة: يعترفون بطبيعة واحدة واقنوم واحد..  2- الملكيين: يعترفون بطبيعتين واقنوم واحد..  3- والنساطرة: يعترفون بطبيعتين وأقنومين في المسيح ”لكن بنوة واحدة وإرادة واحدة وسلطة واحدة“.

ويرجع يقول حاجة لذيذة جدًا..  الشرقيين عمرهم ما غيروا عقيدتهم أبدًا.. و”سموا ظلمًا نساطرة، فنسطوريوس لم يكن بطريركهم، ولم يكن لهم معرفة بلغته. إلا أنهم لما سمعوه يعلم بطبيعتين واقنومين في المسيح وإرادة واحدة وابن وحيد لله ومسيح واحد شهدوا بأنه يقر بالإيمان القويم“. وبيقولوا أن نسطور نفسه طلب منهم أن يحرموه فرفضوا..  لكن نسطور هو اللي تبعهم وليس هم الذين تبعوه.. بالفعل كنيسة المشرق الأشورية الحالية مش بيحبوا يتقال عليهم نساطرة.. بالرغم أنهم بيعتبروا نسطور قديس!

الصوباوي بيفند المذهب الخلقيدوني واللاخلقيدوني..  وبيقول إنه لو قلنا إن المسيح طبيعة واحدة وأقنوم واحد بعد الاتحاد، فده معناه إما تزول الطبيعة أو الأقنوم البشري وكده مفيش خلاص..  أو تزول الطبيعة والأقنوم الإلهي، وهذا إجحاف. وإذا اختلطوا فهذا هو الانحلال..  ويستشهد براهب نسطوري آخر اسمه يوحنا عمل برهان (عمل فني) ليميز بين المزج والاتحاد.. بكتابة اسم المسيح بالحبر الأسود والأحمر.. (انظر الصورة المرفقة). المزج.. مبقاش في أحمر ولا أسود. أمّا الاتحاد حافظ على الأحمر والاسود.


ثم يكمل الصوباوي.. لو عايزين نقول إن خصائص الطبيعتين محفوظة يبقى لازم المسيح يكون طبيعتين وأقنومين و”يوحدهم شخص الابن!!“. الصوباوي رافض لقب ”والدة الله“ لأن ده معناه إنها والدة الثالوث! ثم يختم بقوله ”لو آمنا بابنين في المسيح لاسنحققنا هذه الملامة، لأن الآب والروح القدس مع الابنين يصبحان أربعة أشخاص.. لكننا نؤمن بابن واحد ومسيح واحد وشخص واحد“.  والنقطة الأخيرة دي أنا لاقيتها عند ال 3 طوائف.. اليعاقبة بيقولوا على الملكانيين أنهم بيقولوا بأقنومين -- فده هيؤدي إلى رابوع وليس ثالوث. والملكانيين بيقولوا إن اللي بيقولوا طبيعة مركبة (من طبيعتين) أدخلوا رابوع على الثالوث.. وأدي النساطرة رافضين نفس الفكرة. يتهيألي لو بدأنا من اللي خايفين منه ممكن نوصل لاتفاق.. لكن لو بدأنا من نقطة تانية مش هيبقى في اتفاق.

يُتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق