نأتي إلى العصر الحديث،
وهنتقابل مع القمص سرجيوس سرجيوس، واللي بيرد على مَن يهاجمون عقيدة التجسد
في كتاب ليه بعنوان ”رد القمص سرجيوس على الشيخين الطنيخي والعدوي“. هو
بيحاول تقريب إمكانية فكرة التجسد بالآتي: 1- بيقول في ملائكة روحانية بيظهروا في شكل إنسان. 2- بيقول في
بعض القوى زي الكهربية والمغناطيسية ملهاش صورة لكنها بتتجسد في أسلاك أو خلافه.. ثم
ينتقل لسؤال: هل يمكن رؤية الله في الدنيا؟ قال ويعرض قول الإمام ”سيف الدين
الأمدي“ قال بأن رؤية الله جائزة عقلاً.. وحتى طلب موسى اللي رُفض في رأيه
دليل على ”جواز الوقوع، وإلا كان جهلاً من موسى وهو محال في حقه“، كما أن
الله علَّق إمكانية الرؤية على قدرة الجبل على الاستقرار.. وهو أمر ممكن.
القمص سرجيوس بيقول إن
الإسلام بيغالي في تنزيه الله وده من وجهة نظره ينافي النبوة والوحي والخلق.. ثم يفند بعض الاعتراضات مثل.. أن التجسد سيؤدي إلى حدوث تغيير في الله؟
لكن القمص سرجيوس بيقول كيف تعامل الله مع المحدثات.. فقد تعامل مع حفنة طين في
مكان وزمان محدد وخلق منها آدم.. دون أن يحده مكان أو زمان. والخطأ في رأيي
المتواضع هو استدلال القمص سرجيوس ببعض الأوصاف الانسانية- زي وجه الله ويد الله
.. إلخ، لأننا عارفين إن دي أنثربومورفيزم.. وتؤخذ على سبيل المجاز.. زي ذراع الله
بمعنى قوته، وإلا وصلنا إلى ما يؤمن به ال
Mormons بأن الله له يد ووجه حقيقي.
ثم يجيب على سؤال آخر: لما
بنقول الله معانا.. هل هو معانا بصفاته أم بذاته؟ ويقول إن المعتزله قالوا
بصفاته وقدرته وليس بذاته.. لكن بيرد عليهم بما قاله الإمام ”الغزنوي“ بأنه
قال ببطلان هذا الرأي. لا ينكر القمص سرجيوس أن لما القرآن بيقول ”وَنَحْنُ
أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ“ أن معية الله أسمى من معية أي
مخلوق مادي.. لكن ما نفهمه أن الله قريب إلى خليقته.. ومتداخل معها.. طالما أنه
يحفظ وجودها ويمارس سلطانه عليها.
(تعليق): بشكل
عام في العصر الحديث الكلام عن التجسد دلوقت يمكن شبه توقف عن الطبيعتين والقصص
دي، لكن الاعتراضات الفلسفية دلوقت منصبة حوالين سؤال: هل التجسد يعني حدوث
تغيير في الله؟ من المعروف أن أحد صفات الله هو أنه غير قابل للتغيُّر، لكن هل
الكلمة- الأقنوم الثاني في الثالوث القدوس- في ملء الزمن صار إنسانًا (مركبًا من
نفس وجسد)، والنفس والجسد دول عرضة للتغير.. (بيكبر، وينمو، ويتألم، ويصلب، ويموت،
ويقوم) يعني بيتعرض لأحداث وتغيرات،
فهل معنى كده أنه فقد صفة أنه غير زمني، وصفة أنه غير قابل للتغير، خصوصًا أننا
نؤمن أنه صعد بناسوته الممجد، وهو الآن على يمين الآب؟
الأول ماذا يقول
الآباء؟ ق كيرلس في رسالته رقم 17 (والثالثة لنسطور) بيقوله ”الذين يقولون..
أنه عرضة للتبدل أو التغير.. فأولئك تحرمهم الكنيسة الجامعة.. نحن نقول إنه نزل
لأجلنا.. وتنازل.. وتجسد وتأنس.. وجاء كإنسان من امرأة، دون أن يفقد ما كان عليه،
ولكن رغم أنه ولِد متخذًا لحمًا ودمًا فإنه ظل كما كان.. الله بالطبيعة والحق“. ويبان من الكلام ده إن
التجسد لم يؤثر مطلقًا على عدم قابلية الله للتغير.
في ناس بتقول أن
المقصود بعدم قابلية الله للتغير هو ثباته الأخلاقي.. شخصيته وأمانته.. مش أكتر..
(ده غلط). وفي لاهوتيين- زي وليام لين كريج بيقول إن في تغير داخلي
(أنطولوجي) في الله intrinsic
change - وده محصلش أبدًا ولا هيحصل، وفي تغير
خارجي extrinsic
change.. تغير في علاقاته مع خليقته وده حصل مثلا قبل
كده في الخلق. لذلك
هتلاقي ناس كتير بترد على الحكاية دي باللجوء إلى الخلق. في الخلق لم يتغير الله
بالرغم أن أصبح الله في علاقة (جديدة وزمنية ومكانية) مع كائنات مخلوقة حادثة
متغيرة محدودة في الزمان والمكان.
كذلك الله بيحفظ الخليقة ويمارس عنايته في خليقته..
المتزمنة والمحدودة والعارضة.. دون أن يتغيّر.. اللي بيغالي في صفة عدم
قابلية الله للتغير.. هيوصل لأفكار غلط كتير منها: إن الكون أزلي، أو أنه وجد
ذاتيًا، أو من إله آخر، أو ينكروا العناية الإلهية، وبالتالي ممكن ينكر النبوة
والوحي والمعجزات.. وأي شيء يمت بصلة لتدخل الله في عالمنا المتزمن والعارض
والمحدود!
يُتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق