نأتي
لمحطة مهمة جدًا في الجدل النسطوري مع مار ساويرس الأنطاكي، واللي
عاش بين (456- 538م)، واللي ليه مكانة كبيرة في الكنيسة القبطية ويُذكر اسمه في
المجمع بعد ق مار مرقس مباشرة.. ماذا
يفعل؟ بيعمل بحث أكاديمي موثق من آباء سابقين ليه وعلى رأسهم (ق كيرلس،
والنزيانزي، وباسليوس) وآخرين.. حتى هو قال: ”من كلمات كيرلس، كما من مرساة
مقدسة، لا أُقلع“. لو
بصينا على رسالته الأولى لسرجيوس النحوي اللي بعتله ليستوضح بعض الأمور.. وكان
سرجيوس بيقوله فيما معناه لو اللاهوت ليه سمة خاصة والناسوت ليه سمة خاصة.. ومحصلش
اختلاط أو تشويش بينهم.. يبقى
”سنكون مضطرين للحديث عن طبيعتين“ وبالتالي إيه الفرق بينا وبين ”مرض
خلقيدونية وجنون ليون؟!“
رد ق ساويرس هيكون
كالآتي: خواص كل من
اللاهوت والناسوت لم تُفقد بعد الاتحاد... أصلي غير كده يبقى حصل اختلاط وتشويش أو
ذوبان.. بكل تأكيد جوهر الجسد مختلف عن جوهر الله.. وهيفضلوا كده.. لكن ق ساويرس
بيستشهد بكلام ق كيرلس أنه مفيش أي عيب في أننا نقول إن الجسد شيء واللاهوت شيء
آخر (من جهة خواص طبيعة كلاً منهما).. لكن خُد بالك هنا: التمييز
ده لا يعني الانقسام.. وبيقول ”الاختلاف
لم يُلغى .. لكن الانقسام قد أزيل“؛ ”لأنه باقترانهما في أقنوم تم استبعاد
الافتراق“. ويؤكد
نفس المعنى في رسالته الأولى لإيكومينيوس وبيقول ”الاتحاد يغلي الانقسام“.. لن نقسِّم
عمانوئيل بعد الاتحاد. ده كان
تأكيد ق ساويرس الأنطاكي.
ق ساويرس بيقول في
رسالته الأولى لسرجيوس: ”لا
نرفض الاعتراف بوجود الاختلاف (بين الطبيعتين).. لكننا نهرب من تقسيمنا للمسيح
الواحد إلى طبيعتين بعد الاتحاد“. نفس الشيء بيأكد عليه في رسالته الأولى
لإيكومينيوس: ”نحن
لا نحرم الذين يعترفون بخصائص الطبيعتين التي يتكون منهما المسيح الواحد، بل
(نحرم) الذين يفصلون الخصائص ويقسمونها لكل طبيعة بمفردها“
(بعد الاتحاد).. ولسرجيوس بيقوله
إحنا لما بنحرم اللي بيقولوا أن عمانوئيل ليه طبيعتين مش علشان هما بيميزوا بين
خواص وأفعال كل طبيعة.. لكن لأنهم بيتكلموا عن وجود طبيعتين منفصلتين بعد الاتحاد.
بيميز ق ساويرس
الأنطاكي بين الفاعل agent والفعل activity.. طيب
المسيح بيعمل أعمال متنوعة بعضها يلائم اللاهوت وبعضها يلائم الناسوت.. هل ده
معناه إن فيه فاعلين؟ لأ.. (”لأن الفاعل الواحد يقدر يقوم بأفعال متنوعة“ زي الإنسان كده ممكن
يقوم بأفعال عقلية وأفعال حسية لكن في النهاية في subject واحد. وبيضربلنا أمثلة
على كده: 1- ”لعازر حبينا قد نام، لكن أذهب لأوقظه“. ”أوقظه“ بمعنى أقيمه..
ده فعل يلائم لاهوته.. لكن ”يذهب“ دي فعل يلائم ناسوته.. لأنه كإله يقدر يقيمه من
مكانه.. ”لكنه مزج بين الأمرين وأكد بذلك أنه واحد غير منقسم“. 2- المشي على الميه.. أنه
يمشي على الميه ده أمر إلهي.. لكن القدمين اللي بيتحركوا على الميه ده أمر يخص
الناسوت.. لكن في النهاية ده فعل ناتج عن شخص الكلمة المتجسد الواحد.. مش شخصين
منقسمين.
طيب هل ق ساويرس حط
إيديه على الخلل اللي في طومس لاون؟ في رسالته لسرجيوس قال إن طومس لاون ذكر الآتي: ”كل هيئة تعمل ما يخصها:
الكلمة... ما يخص الكلمة، والجسد... ما يخص الجسد. الواحد يشرق بالعجائب، والآخر
يقع تحت الإهانات“. ثم
يعلق بأنه لو كل طبيعة تقوم بما يخصها دي تبقى ”شراكة مغشوشة“. وفي رسالته لإيكومينيوس
اقتبس نفس الجزء من طومس لاون وقال:
”يوجد فرق كبير بين الأشياء التي عملها
المسيح الواحد، فبعضها يليق باللاهوت بينما الأخرى هي بشرية.. المشي أو السفر..
أمر بشري بدون جدال.. بينما منح الشفاء.. أمر إلهي. ومع ذلك فإن الكلمة المتجسد
الواحد هو من صنع الأولى والثانية“.
وبالتالي أنت ممكن تقرأ
عبارة طومس لاون ومتحسش أن فيه أي مشكلة.. وقال زيها ق كيرلس وق ساويرس.. لكن
الخلاصة ان الطرف غير الخلقيدوني شاف أن التركيز على وحدة شخص المسيح بعد الاتحاد
هو الأقرب لنص الإنجيل.. وتعليم الآباء السابقين.. في حين الموقف الخلقيدوني وإن
كان بيتفق مع غير الخلقيدونيين في التمييز بين الطبيعتين إلا أنه تجاوز حدود التمييز
إلى حدود التقسيم!
يُتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق