الجمعة، 27 نوفمبر 2020

رحلتي مع الثالوث- 6

 

ظهر في القرن الثالث واحد اسمه بولس الساموساطي (200- 275م)، اللي قدّم شكل آخر من السابلية أو المونارخية (الله أقنوم واحد) واللي طور مونارخية تسمى المونارخية الدينامية.. ليه اتسمت كده؟ الأول مونارخية معناها (واحد.. الله أقنوم واحد)، ودينامية معناها (من ديناميس باليونانية يعني قوة)؛ لأن أنصار أفكار الساموساطي شافوا أن الابن والروح القدس مجرد قوى وليسا كأقنومين.. الابن هو الكلمة أو عقل الله زي الفهم عن الإنسان.. والروح القدس مجرد قوة لها فعل التطهير.



تسمى البدعة دي أيضًا بالتبنوية (adoptionism)، لأنهم رأوا أن المسيح إنسان عادي جدًا.. ونظرًا لتقواه (تبناه) الله، ثم فارقته الحكمة عند الصليب. الهرطقة دي امتداد للأبيونية- وهي طائفة من المسيحيين من أصل يهودي اعتبروا المسيح مجرد نبي إنسان.. وهي امتداد أيضًا لفكر واحد اسمه ثيؤدوتوس البيزنطي اللي حرمه البابا فيكتور الأول بسبب نفس الأفكار. أقيم مجمع في أنطاكية لمحاكمة بولس الساموساطي.. وأرسل البابا ديونسيوس السكندري 2 كهنة لتمثيله هناك (وهما يوسابيوس وأناطوليوس) وبعد المجمع ده تمسَّك شعب أنطاكية بالكاهنين دول ورسموا الأول أسقف على أنطاكية ورسموا الآخر بعد نياحة الأول.

في بدايات القرن الثالث أيضًا هنجد القديس غريغوريوس العجائبي (213- 270)، وله صيغة إيمانية تسبق قانون الإيمان النيقوي يقول فيها: ”هناك رب واحد، إله من إله، ابن حق من آب حق... أبدي من أبدي. هناك ثالوث تام في المجد والأزلية... ليس فيه شيء مخلوق أو في عبودية، ولم يُستحدث عليه شيء، كما لو كان في الزمان السابق غير موجود ثم في فترة متأخرة تواجد. وهكذا فلا الابن أقل بالمرة من الآب ولا الروح القدس من الابن“ (روفينوس، تاريخ الكنيسة، 7: 26).

ثم نصل إلى محطة أخرى على أعتاب القرن الرابع، مع البابا ألكسندروس القديس (312- 328)، واللي ظهر في عهده أريوس اللي نادى بأن الآب وحده هو الأزلي وغير المولود الذي بلا بداية.. وفي نفس الوقت غير مفحوص وغير موصوف ولا يمكن الاقتراب إليه. وبالتالي بحسب أريوس يحتاج الآب لوسيط هو الابن أو اللوغوس.. حتى يتصل بخليقته.

هذا اللوغوس بحسب أريوس مخلوق بالأمر المباشر وبإرادة الآب..كما نادى أريوس بأن سمو الله وتنزيهه يجعله غير معروف بالنسبة للابن. وأن الابن يعبِّر فقط عن إرادة الآب وليس شخصه.. وطالما أن الآب ولد الابن يصبح الآب سابق للابن ولا يمكن يكون الاثنين متساويين في الأزلية.. وبالتالي كان شعار أريوس ”كان زمان ليس فيه الابن“. الابن بالنسبة لأريوس هو ontologically subordinate يعني جوهريًا أدنى من الآب.

البابا ألسكندروس عنده بعض الرسائل اللي بيرد فيها على أريوس واللي فيها بيأكد أنه ”إذا كان الابن هو كلمة الله وحكمته وعقله، فكيف وجد زمن لم يوجد فيه؟ هذا كمن يقول بأنه وجد زمن كان فيه الله بلا عقل وحكمة“. يعني إذا كان أريوس قال there was a time He was not، فإجابة البابا الكسندروس بتقول باختصار always Father, always Son. البابا ألكسندروس حرم أريوس، لكن أريوس لجأ إلى يوسابيوس النيقوميدي اللي حرم هو التاني البابا ألسكندروس.

يُتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق