نتوجه
ناحية الغرب مع محطة أخرى مهمة عند 3 من الآباء اللاتين، ونبدأ بالقديس هيلاري
أسقف بواتييه (315- 367م)، يُلقب بأثناسيوس الغرب، وعنده كتاب بعنوان ”عن
الثالوث“، بيشرح فيه آية تك 1: 26 ”نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا“
ويوجه سؤالاً: هل تعتقدون أن الله كان بيقول الكلام ده لنفسه؟ ولا الكلام موجَّه لآخر؟
لو قلت أنه كان بيقول لنفسه.. يعني بيصدر الأمر لنفسه.. هيدينك الصوت الإلهي نفسه اللي
استخدم صيغة الجمع.. وبيشرح إن الصيغة دي بتنفي أي فكرة عن الانعزالية (isolation) عند الله. لأن اللي يحيا في انعزال لا يمكن أنه يكون عنده نوع من
الشركة.
والصيغة
اللي قيل بيها الفعل ”نَعْمَلُ“ لا تنسجم مع فكرة العزلة أو الوحدة loneliness دي.. وضمير الملكية (نا) لا يمكن أن يستخدم إلا في
حالة المرافقة.. وبالتالي صيغة (نحن/ ونا) لا تنسجم مع فكرة وجود إله منعزل أو منفرد
يتكلم مع نفسه.. ومن ناحية تانية لا تنسجم إذا كان رفيقه ده غريب عنه مفيش شيء بينهم
مشترك.. وبالتالي (نحن/ ونا) تظهران أنه لا يحيا وحيدًا alone منعزل ، ولا تشير إلى وجود أكثر من واحد مختلفين
عن بعض.
لأنه
كمان بيقول ”عَلَى صُورَتِنَا“ (our
image) وليس ”على صورتينا“ أو ”صورنا“ (not
our images).. ده باختصار بيقول إننا نؤمن بإله واحد وليس
إله وحيد (منعزل أو يعيش في وحدة).. God is one but not
lonely. دايمًا ق هيلاري بيأكد أننا لا نستطيع أن نستوعب
سر الثالوث بشكل كامل.. ويقول: ”هيئوا عقولكم لإدراكه ككل، ولسوف يرواغكم. دعونا
نعترف بصمتنا أن الكلمات تعجز عن وصفه.. دعوا العقل يعترف بأنه هُزم في محاولة الفهم،
والمنطق في محاولة التحديد“.
القديس
أمبروسيوس أسقف ميلان (339- 397 م) في كتابه ”سر تجسد الرب“ بيرد
على اعتراض بخصوص الثالوث.. والاعتراض بيقول إن الآب موجود بذاته (بدون عِلة/ يعني
غير معلول) أمَّا الابن مولود من الآب (يعني علة وجوده هو الآب.. يعني معلول).. وكده
فرق كبير بين الآب والابن.. فإزاي يكونوا متساويين في الأزلية؟
أمبروسيوس
بيحاول يثبت وحدة الجوهر بالرغم من البدايات المختلفة different
beginnings، إن جاز إننا نقول بدايات، بالنسبة لكل من الآب
والابن بالأمثلة الثلاثة التالية: مثال (1) بيقول إن الطيور مرة اتقال عنها ”ليطر طيرًا“
(تك 4: 20)، ومرة جُبلت من الأرض (2: 19)، ومرة بالإكثار (التكاثر) (1: 22). بدايات
مختلفة للطيور لكن لها نفس الطبيعة: نفس الجوهر. مثال (2) جسد ربنا يسوع نفسه أتى عن
طريق الروح القدس وإحنا جسدنا بيأتي بالتكاثر -ومع ذلك جسد المسيح وجسدنا ليه نفس الطبيعة.
إذًا علة التوالد مختلفة، لكن نفس الطبيعة. مثال (3) آدم نفسه -جُبل من الأرض- لكنه
شارك طبيعته مع أولاده بالتكاثر حتى يشاركوه في نفس الجنس- وبالتالي الوالد هنا (آدم)
له بداية مختلفة عن (أولاده). لكن في النهاية ليهم نفس الطبيعة. أمبروسيوس بيوصل لنتيجة
مفادها هي: ”عدم تماثل البداية لا يضر أبدًا تماثل الجوهر“.
لو
رجعنا لغريغوريوس النيسي هنلاقيه في نفس المقالة (on
Not three Gods) بيرد على نفس السؤال كالتالي:
النيسي بيقول في فرق بين حالة الوجود mode
of existence وطبيعة الشيء نفسه.. وضرب مثل:
لو سالت مزارع وقولتله هل الشجرة دي مزروعة ولا نمت من تلقاء نفسها، هيقولك إما أنها
مزروعة أو غير مزروعة.. لكن ده سؤال مختلف تمامًا عن طبيعة الشجرة اللي هي هي في الحالتين.
نأتي
لمحطة مهمة عند ق أغسطينوس (345- 430م)، واللي بيعلق على معمودية المسيح
في نهر الأردن وبيقول: ”لدينا هنا الثالوث بشكل متمايز.. الآب في الصوت، الابن في
الإنسان، الروح القدس في الحمامة“، ثم يقول: ”الآب والابن والروح القدس ثالوث
بلا انفصال. إله واحد وليس ثلاثة آلهة. لكن بالرغم أنه إله واحد، لكن الابن ليس هو
الآب، والآب ليس هو الابن، والروح القدس ليس هو الآب والابن... هذا هو الثالوث غير
المصوف“. ولو سألت ق أغسطينوس فين أوضح تشبيه لفهم الثالوث.. هيقولك: ارجع لنفسك
(فاكر ق غريغوريوس النيسي!).
العالم
الداخلي للنفس البشرية (الذاكرة، الفهم، الإرادة).. تشبيه سيكولوجي له أصل عند ترتليان.
الذاكرة بتخزن كل حاجة، والفهم للي بيتخزن، وبالإرادة نقدر نحتفظ بالمعلومات في ذاكرتنا
ونمارس الفهم.. ده مجرد تشبيه ال 3 حاجات في النفس البشرية لهم عمل واحد.. مش أكثر
من كده. ف يناس بتقول إن الشرح ده نوع من السابلية، لكن ق أغسطينوس مش أول واحد
يشرح الثالوث ب3 ملكات للنفس زي ما شفنا، لكنها في النهاية تشبيه للتوضيح زي بقية
التشبيهات. ق أغسطينوس بيأكد أننا قاصرين عن الفهم بسب ووجودنا في محدودية الزمان والمكان..
لكن صعب جدًا نستوعب بالكامل ما نقوله عن الله.. ولو قدرت تفهمه بالكامل.. يبقى أنت
فهمت حاجة تانية غير الله. ق أغسطينوس دايمًا فاكر أنه الله فوق قوي.. وهو تحت قوي..
(God is far above, and I am far below).
يُتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق