الاثنين، 30 نوفمبر 2020

رحلتي مع الثالوث- 23

 

نقفز قفزة كبيرة شوية، وندخل القرن ال 19 في مصر، علشان نقابل محطة مهمة مع القمص فيلوثاؤس إبراهيم، كاهن الكنيسة المرقسية، عاش بين (1837- 1904م). هذه المرة يكتب رسالة بعنوان ”الله واحد“ للرد على شخص مسيحي ينتمي إلى الأخوة البلموسيين، وهذا الشخص انكر ”وحدة الذات الإلهية“. هذا الشخص اعتمد على فيلبي 2: 6 عن أن المسيح معادل لله وقال ”المعادل لم يكن هو والمعادل له ذات واحدة“. المرة دي هتكون المهمة هي إثبات الوحدانية، كأننا رجعنا لزمن الوثنية تاني.


يقول القمص فيلوثاؤس عوض ”نعوذ بالله من هذا الضلال!“. هذا الشخص اضطر أن يفسر آيات مثل ”أنا والأب واحد“ بطريقة خاطئة بأنه قال إن في يو 17 قال ”ليكونوا واحدًا فينا“ فوحدتنا بحسب رأيه لا تجعلنا ذاتًا واحدًا مع الاب والابن. القمص فيلوثاؤس قال النقطة الأخيرة دي صحيحة وحدتنا مع الآب والابن غير وحدة الابن مع أبيه؛ لأن الأخيرة وحدة ذاتية وجوهرية.. ليه؟ ”لأننا مخلوقون متحيزون (في المكان) ومحدثون (لينا بداية في الزمن)“. أما الثالوث القدوس المتوحد في الجوهر فهو ”أزلي لا بداية له، أبدي لا نهاية له، ويستحيل أن يكون الأزلي أكثر من واحد في الذات“. الأزلي لازم يبقى واحد.  

بعد أن يقتبس من العهدين آيات تثبت وحدانية الله يقول: كما أن إشعياء في رؤياه وجد السيرافيم يثلثون التقديس ويوحدون الربوبية، هكذا العظيم يوحنا في رؤياه شهد بأن الأربعة حيوانات تمجد العلي مثلثين التقديس وموحدين الربوبية“. ثم يبدأ القمص فيلوثاؤس في سرد أقوال من علماء الطوائف (أقباط وسريان وروم ولاتين). ويبدأ بالصفي بن العسال (القبطي جنسًا والأرثوذكسي مذهبًا) ويقتبص من كتابه ”أصول الدين“: ”أن الله لو كان كثيرًا لوجب أن يوجد من هذه الكثرة اشتراك واختلاف وبالتالي التركيب..  فيكون قبل الخالق (آخر) وجب عنه تركيبه“. ويواصل الصفي قوله.. لو كان فاعلو العالم كثيرين.. ”فلا يخلو أن تكون قواهم متساوية أو غير متساوية“.. ”فإن تساوت منع الواحد الآخر من الفعل- إذا اختلفوا في الإرادة. .. ولو قواهم غير متساوية منع الأقوى الضعيف“. كما أن الكثرة توجب التحيز.. والتحيز يعني التركيب.. وبالتالي تلغي الوحدانية.. هذه الحجة المبنية على التحيز أو المكان تعرضنا لها في السابق.

القمص فيلوثاؤس بيعمل بحث جيد لإثبات ”وحدانية الله“ يقتبس فيه من مؤلفين آخرين.. بعد ما يقتبص من الصفي بن العسال وكتاب ”أصول الدي“ يقتبس من ابن العبري من كتابه ”مناراة الأقداس، ثم يقتبس من عبد الله بن الفضل الأنطاكي من كتابه ”بهجة المؤمن ، ثم يقتبس من يوحنا الدمشقي وبيلقبه ”ينبوع الذهب، ثم يستشهد بتوما الأكويني من كتابه ”الخلاصة اللاهوتية“، ثم يقتبس من المعلم يوحنا بيروني اليسوعي وكتابه ”مختصر المقالات اللاهوتية“، ويستشهد عن مدرس (غالبًا انجيلي) لطلبة إرساليات أمريكي.

عن توما الأكويني يقول: إن الله مشتمل في ذاته على كل كمال الوجود.. فلو كانوا آلهة كثيرون لوجب أن يتمايزوا فيما بينهم.. فيصدق على الواحد شيء ليس يصدق على الآخر“، وبالتالي لا يصدق الكمال على أي منهما! وبالتالي لازم يكون الكامل واحد. ثم يستشهد بترتليان من كتابه ”ضد ماركيون“ اللي بيقول فيه ”إن الله إذا لم يكن واحدًا لا يكون موجودًا.. ليس مَن لا مساوي له إلا مفردًا“.

يُتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق