الأحد، 29 نوفمبر 2020

رحلتي مع الثالوث- 15

 

دخلنا الآن في محطات كلها تنتمي للحقبة العربية والإسلامية، في مصر وبلاد الشام والعراق وفارس، أو تحديدًا ما يسمون اللاهوتيين العرب، يعني كل من كتب في اللاهوت باللغة العربية. هنستثني بس محطة مهمة، كان لا يزال يكتب باللغة اليونانية، وهو يوحنا الدمشقي، وهو يوحنا منصور بن سرجون، اللي عاش بين (676- 749 م)، وكان يعمل هو ووالده في بلاط الدولة الأموية.

يقول الدمشقي أننا نؤمن بآب واحد- مبدأ وعلة الكل، غير مولود، وغير معلول. ونؤمن بالابن المولود ازليًا من الآب.. وما كان قط زمنٌ لم يكن الابن فيه.لأنه ”بدون الابن لا يُسمى أبًا“، ثم يميز الدمشقي بين الخلق والولادة ويقول إن الولادة هي ”صدور المولود من جوهر الوالد مساويًا له في الجوهر“، أمَّا الخلق فليس من جوهر الله، بل من العدم إلى الوجود بإرادته تعالى. المولود مساوي للوالد.. لكن المخلوق غير مساوي للخالق أبدًا. الولادة أزلية لأنها فعل الطبيعة، ولأنها صادرة من جوهر الله. أما الخلق فهو فعل إرادته وليست مساوية لله في الأزلية.


نأتي لمحطة أخرى عند ثيؤودور أبو قرة أسقف حران (الملكاني)، واللي عاش بين (740- 825 م)، واللي نقدر نعتبره أول مسيحي في المنطقة العربية يكتب باللغة العربية، وقد جادل في حضرة الخليفة المأمون.. في زمن الدولة العباسية. في أحد ميامره يناقش قضية الثالوث ويقول إن في أسماء تدل على الطبيعة (زي إنسان/ ثور)، وأسماء تدل على الوجوه (لاحظ أنه بيسمي الأقنوم ”وجه“) زي بطرس/ بولس/ يوحنا. ويوجد وجوه كثيرة لها طبيعة واحدة.. ثم يقول ”ليس يستقيم أن توقع العدد على الإنسان، الذي هو طبيعة هؤلاء فنقول 3 أناسي. وإلا جعلت طبيعتهم الواحدة التي اسم الإنسان دليل عليها طبائع مختلفة ووقعت في الجهل“.

كذلك الآب والابن والروح القدس 3 وجوه لها طبيعة واحدة. فإذا عددتم فليس ينبغي أن توقع العدد على اسم الإله.. اعلم أن بطرس إنسان ولكن ليس الإنسان هو بطرس.. وهكذا لا تقول 3 أناسي وإلا أوقعت العدد على غير المعدود“. نفس الشيء لا تقول 3 آلهة وإلا فقد أوقعت العدد على غير المعدود. وبالتالي يرى أبو قرة أن العدد لا يصح أن يطلق على الله من الأساس. أبو قرة يلجا إلى تشبيهات مثل 3 مصابيح أنارت المكان- لا تستطيع أن تفصل ضوء كل واحد منها.وأيضًا 3 قطع من الذهب لا نقول عليها 3 أذهاب بل ذهب واحد. هذا الكلام يتشابه مع كلام ق غريغوريوس النيسي وآخرين.

يُتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق