الجمعة، 27 نوفمبر 2020

رحلتي مع الثالوث- 5

نأتي إلى العلامة ترتليان اللي عاش بين (155- +220م). ترتليان كان بيحارب ماركيون اللي بيقول بآلهين: واحد طيب والتاني شرير، وأكد ترتليان بأنه لا يوجد إلا إله واحد، خالق كل الأشياء. من ناحية تانية كان بيحارب واحد اسمه باركسياس، اللي كان بينادي بالموداليزم أو الشكلانية، ودي معناها إن الثالوث عبارة عن أقنوم واحد له 3 أشكال أو 3 modes يعني (سابلية حتى قبل أن يظهر سابليوس نفسه).



انبرى ترتليان في إثبات التمايز بين الأقانيم، وقال ”أنا أتمسك بأن الابن يتمايز عن الآب لكن ليس بالافتراق.. وهو مختلف ليس بالانفصال بل بالتمايز... هكذا يكون الآب متمايزًا عن الابن بقدر ما يتمايز مَن يلد عمَن يولد“ (ضد براكسياس 9). كما يفسر ترتليان صيغة الجمع في آية ”نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا“ (تك 1: 26) كدليل على وجود أكثر من أقنوم في الثالوث.. (ضد براكسياس 12). من ناحية تانية ترتليان شاف إن كلمة الله ليست مجرد صوت، لأن الصوت يصدر من العدم ويتلاشى على الفور.. لكن كلمة الله هو الخالق لكل شيء (ضد براكسياس 7).

ترتليان له الفضل في ابتكار عدد من التشبيهات، زي الجذر والشجرة، النبع والنهر، الشمس والشعاع.. استخدمت فيما بعد بكثرة. كمان ترتليان بيضع أساس للتشبيه السكيولوجي اللي هيطوره أغسطينوس فيما بعد لما بيشرح أنه عندما تفكر فهناك كلمة في داخلك.. وعندما تتصور شيء فهناك فكر تحتاج أن تقوله داخل عقلك.. ”وعندما تتكلم، فأنت تنطق بما قد تحدثت به إلى نفسك.. وهكذا تكون الكلمة بمفهموم ما هي مخاطب second person داخلك، وهذا الكلام ينطبق على الله، الذي له عقل داخله، حتى عندما كان صامتًا، وكلمته متغلغل في عقله هذا، ومن هذا أقول... أنه حتى قبل خلق الكون لم يكن الله بمفرده، إذ كان له في ذاته عقل، ومتأصل في هذا العقل كلمته“ (ضد براكسياس 5)

 نأتي لمحطة مهمة جدًا، مع اللاهوتي الأشهر، العلامة أوريجانوس (184- 254م). الكلام عن فكر العلامة أوريجانوس عن الثالوث.. يطول جدًا.. لكن الخلاصة أن البعض يعتبر أوريجانوس أبو الأرثوذكسية النيقوية (يعني كان بينادي بعقيدة نيقية قبل نقية) وده الفريق اللي بيدافع عن أوريجانوس، وفي ناس بتعتبر أوريجانوس أبو الأريوسية.



لإثبات الفكرة الأولى هنلاقي أوريجانوس في كتاب المبادئ 4: 4: 1 بيقول الآتي: ”لا نقول إن جزءًا من جوهر الله انقلب ابنًا، أو بأن الابن قد جاء به الآب من العدم، أي من خارج جوهره، بحيث وجدت بُرهة لم يكن فيها موجودًا“. هنلاحظ في النص السابق أن أوريجانوس بيقول عكس اللي كان بينادي بيه أريوس بأن الابن مخلوق (من العدم وأن له بداية)، أو أنه من جوهر مختلف، وكان شعار أريوس الشهير: ”كان وقتًا لم يكن موجودًا“. فلما أوريجانوس ينفي أنه توجد برهة لم يكن فيها غير موجود.. ده خلى البعض بيقول إن دي تعديلات مترجمه روفينوس.. (الإثبات أو النفي هنا هيكون صعب جدًا).

هنلاقي أوريجانوس أيضًا في المبادئ 1: 2: 2 بيقول ”نعلم أن الله هو أبدًا أب لابنه الوحيد، المولود منه، دونما أي بدء، زمنيًا كان أم تعليليًا“-- واضح أنه في نفي تام للفكر الأريوسي.. من ناحية تانية في بعض النصوص لأوريجانوس بتشير أنه كان عنده فكرة التدنوية subordination بمعنى أن الابن أقل من الآب، والروح القدس أقل من الابن..

وردت التدنوية في مقالته عن الصلاة (فصل 15) واللي فيها بيفضّل الصلاة للآب وليس للابن؛ لأن ده أكثر اتفاقًا مع الكتاب المقدس، لكن هنلاقي في تفسير رومية 8: 5 بيقول الآتي: ”إذا دعوت باسم الرب أو صليت للرب فهما الشيء ذاته، فكما أن المسيح يُدعى باسمه، فلابد أن يُصلى له أيضًا. وكما تُقدَّم الصلوات لله الآب، الذي هو أول الكل، كذلك تُقدَّم للرب يسوع المسيح. وكما نقدِّم طلبات للآب، كذلك نقدم طلبات للابن أيضًا. وكما نقدِّم التشكرات لله، كذلك نقدم الشكر أيضًا للمخلص. لأنه كلمة الله تعلِّم أن كرامة واحدة تُعطى لكليهما، أي إلى الآب والابن حين تقول ”لِكَيْ يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآب“ (يو 5: 23).

هنري شادويك لا يتسبعد تعديلات روفينوس هنا، ولكنه يذكر أن أوريجانوس لم يرفض تمامًا الصلوات الموجهة للابن. ويمكن حل هذا الخلاف إذا فهمنا أن أوريجانوس يعني أن المسيح بصفته الوسيط لا يجدر الصلاة له. لكن المسيح باعتباره الكلمة والابن يمكن أن توجه إليه الصلاة. وهذا رأي شادويك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق