الأربعاء، 15 أبريل 2020

لعنة الناموس- ج4



بعد ما استعرضنا رأي ق كيرلس في تفسير ”لعنة الناموس“، واستعرضنا رأي الأب متى المسكين من خلال تفسيره لرسالة غلاطية، تعالوا نشوف تفسير الدكتور هاني مينا ميخائيل، في الفصل السادس من كتابه العدالة الإلهية؟

يبدأ د هاني بأن الله لا يمكن أن يُنسب له اللعنة والبركة في آن واحد، مع أن أبونا متى المسكين أصر على فكرة أن مصدر اللعنة هو الله على فم الناموس! (وبالرغم أني فاهم أن الله هو مصدر الصلاح فقط.. ولا يخرج منه سوى الخير.. لكني بتكلم عن الحساسية المفرطة لدى البعض اليوم أنه يقول إن المسيح وقف كملعون من الله- صوريًا حتى- في حين أبونا متى وق كيرلس قالوها بصراحة تدعو إلى التعجب!) ثم يقول د هاني ”لم يذكر الكتاب المقدس أن الآب لعن الابن“، وإن دي فكرة علم بها لوثر وحركة الإصلاح.. (ص 228).
ثم يقول إن الذبائح في العهد القديم لم تكن مصدر لعنة أو تحمل لعنة. صح هي مش مصدر لعنة، محدش قال بكده، لكن راجع التدوينة السابقة هتلاقي أبونا متى بيقول إنها تحمل اللعنة. ثم يقول إن الإنسان ميقدرش يقدم ذبيحة ملعونة لربنا. برضو صح، ومحدش قال كده، بل بالعكس لازم الذبيحة تكون بلا عيب.. علشان ترفع اللعنة اللي جت على الخاطي نتيجة عدم تكميل الناموس. كتير يقول د هاني إن الذبيحة لا تحمل خطية الإنسان لتموت عوضًا عنه، في حين الأب متى المسكين في التدوينة السابقة قال أنها تحمل الخطايا وتحترق بها في نار الذبيحة.. ونفس الشيء المسيح حمل الخطية في جسده واحترق بنار النقمة الإلهية. (بالمناسبة مش شرط أكون مقتنع 100% بكلام أبونا متى أو د هاني.. أنا بس بقول إن في حد أرثوذكسي آبائي زي أبونا متى، اللي بيعتبره د هاني حجة في كثير من المواقف، قال عكس الكلام اللي بيقوله.. بس).
ثم يستنتج د هاني ”إذا كان الرب هو كمال تحقيق الذبائح فهو لا يُحسب لعنة بل قدس أقداس“. هو قدس أقداس صح.. لكنه في الصليب صار لعنة بحسب الكتاب المقدس والشروحات السابقة. ويكتفي د هاني بإنه يقول إن معنى ”صار لعنة لأجلنا“ بأنه ”طهرنا من لعنة الناموس، أي الموت“. طبعًا ضاربًا بعرض الحائط كل شروحات ق كيرلس.. والكلام الصريح لأبونا متى. ثم يقول لم يمت كمعاقب. ودي صح وغلط في نفس الوقت. بشخصه لم يخطئ فلم يستحق العقاب، وبقبوله الصليب ولعنة الناموس، ارتضى أن يظهر كمعاقب أمام الله، وهذا ما أكد عليه ق كيرلس وأبونا متى اللي قال إنه لم أتهم كمخالف للناموس لم يرد المحكمة.
ثم يقول إن النص الخاص بالمعلق.. يتعلق برفع القاتل على الخشبة ودفنه.. حتى لا ينجس الأرض.. فالقاتل مستوجب الموت.. لكن المسيح لم يكن قاتلاً. صح. لكن ما قرأناه سابقًا أن المسيح ارتضى أن يُحسب كخاطئ. بعد ذلك يستعرض د هاني أقوال للآباء.. عاوز أتوقف عند أقتباسه من ق أثناسيوس من ضد الأريوسيين.. لأن في خطأ- على الأغلب غير متعمد- في السياق. الاقتباس هو: ”عندما نسمع: صار لعنة لأجلنا، وأيضًا: لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا. فإننا لا نفهم من كل هذا أنه هو نفسه قد صار لعنة وخطية، بل تحمل اللعنة الموجهة ضدنا..“ الحقيقة ق أثناسيوس هنا كان بيتكلم في سياق مختلف.. لأن الأريوسيين جمعوا الآيات اللي فيها أفعال زي ”خلق، جعل، صار“ علشان يقولوا حصلت صيرورة/استحالة/تغيير في جوهر الابن.. زي آية ”الكلمة صار جسدًا“ وقال الأريوسيين أن الكلمة صار كله جسدًا! وأمام هذا التفسير الخاطئ رد عليهم ق أثناسيوس بأن كلمة ”صار“ في آيات تانية لا تفيد معنى الاستحالة أو التحول أن التغيير زي آيات ”صار لعنة“، أو ”جعل.. خطية“. وده بديهي جدًا.. لأن الآيات لا تعني أن المسيح تحول جوهريًا إلى لعنة/ خطية (لأن كمان اللعنة والخطية ليس لها جوهر أصلاً). وبالتالي هذا الاقتباس ليس في محله على الإطلاق، ولا يفيد قضيتنا وهي كيف صار لعنة.. وكيف تحمل اللعنة كما يقول ق أثناسيوس.
ثم يستعرض بعض اقوال الغربيين، وعاوز أقوله هنا أن في لاهوتيين غربيين انتقدوا المغالاة في فكرة غضب الله أو صب الله لغصبه على المسيح على الصليب.. فده مش contrast  بين شرق وغرب.. لكن في لاهوت شعبوي غربي زي ما في لاهوت شعبوي شرقي. لكن برغم أن د هاني بيقول إننا اللي علقنا المسيح على الصليب كملعون، لكنه ينفي أن الآب صب عليه اللعنة أو النقمة أو العقوبة. أرجو من القارئ مراجعة ما قاله أبونا متى عن أن المسيح تحمل نار النقمة الإلهية.. واحترق جسده بها..
ثم يتحول إلى شرح ق كيرلس بحسب رسالته عن التيس المرسل إلى البرية.. ويقتبس نص ق كيرلس عن رفضه أن يقدم التيس الثاني لشيطان نجس.. ثم يقتبس ”حسبما كتب بولس الحكيم: لأجلنا جعله خطية وهو لا يعرف خطية (2كو5: 21)، أي الله الآب. ونحن لا نقول أن المسيح صار خاطئًا، حاشا، هو بار والبر ذاته“ (234). حاشا أن المسيح يكون ارتكب خطية. مفيش مسيحي يقول كده. لكن د هاني أخفق في أنه يشرح أنه برغم براءة المسيح الكاملة من أي خطية.. قد صار خطية، واللي جعله كده مين، الله الآب بحسب الاقتباس السابق اللي أخده من ق كيرلس. بل قالها الأب متى المسكين ارتضي بحكم رؤساء الكهنة واتهامهم له بأنه مخالف للناموس، ولم يرد المحكمة!
وهذا يظهر في الاقتباس التالي مباشرة اللي بيقول فيه ق كيرلس إن المسيح لم يخطئ ”لكنه احتمل الحكم الذي يليق بالأحرى بالأثمة“ ودي ترجمتي أنا لعبارة He endured a condemnation most suitable for the wicked وأولاً عاوز أقول إن كلمة ”حكم“ هنا ليست بمعنى ”تشخيص“ كما يقول البعض.. لكنها إدانة بحسب نفس الترجمة التي فرح بها د هاني عندما صدرت لأول مرة.
لكن د هاني يصل إلى الاستنتاج إلى أن كلام ق كيرلس ينفي بكلمات قاطعة أن ربنا يسوع صار خطية أو خاطئًا. وهذا نصف الحقيقة! فعلاً عمره ما أخطأ.. لكنه لم يرد المحكمة! بعد ذلك يصل من كلام ق كيرلس أن المسيح لم يُستعبد لعقوبة الموت ويورد النص الإنجليزي (not subject to the penalty of death with us).. وأريد أن أقول لدكتور هاني أن الترجمة الإنجليزية التي فرحت بها تسمي السقوط عقوبة penalty وليس نتيجة أو عاقبة consequence كما قلت مرات في الفيديوهات!
(تحياتي لدكتور هاني.. وكل الدراسين الآخرين. حاولت أن أبيّن في هذا التدوينة، أن دارس مهم زي د هاني مينا ميخائيل بيقول كلام يختلف مع دارس مهم آخر هو الأب متى المسكين.)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق