الأربعاء، 15 أبريل 2020

لعنة الناموس- ج1



تصفحت مؤخرًا كتابين عن موضوع الخلاص والفداء ولاحظت أنه لا وجود لإشارة أو اقتباس أو تعليق من أو على نص غلاطية 3: 9- 14.. مع أن النص له أهميه سوتيريولوجية كبيرة.. وبالتالي خلينا نشوف تعليقات آبائية على النص ده، ونبدأ برسالة برنابا- من كتابات الآباء الرسوليين... كاتب رسالة برنابا بيربط لعنة الصليب بقصة التيسين في لاويين 16 كالآتي: موسى قال لهارون في يوم الكفارة قدم تيسين متشابهين.. واعمل قرعتين.. اللي يطلع قرعة الرب قدمه ذبيحة محرقة.. واللي يطلع قرعة عزازيل يُطلق للبرية..
كاتب رسالة برنابا بيقول إن التيس الثاني ”فليكن ملعونًا“ ويشرح: ”لاحظوا هنا كيف يرمز ليسوع“.. ثم يقول شاهد غير معروف وغير موجود في لا16 بأن الناس تبصق عليه وتطعنه وتضع صوف أحمر حول رأسه.. ثم ينقاد إلى البرية.. وفي البرية يُنزع عنه الصوف الأحمر ويوضع على شجيرة تسمى شجرة التوت.. ثم يشرح أن واحد يوضع على المذبح والآخر ملعون- ولاحظوا أن ”الذي لُعن هو المكلل (على راسه إكليل يعني)“.. لأنه في المجيء الثاني سينظرون لابس الرداء القرمزي المتدلي وسيقولون أليس هذا الذي صلبناه نحن واحتقرناه وطعناه.. وبصقنا عليه؟ نعم إنه كان بالحقيقة هو- الذي استعلن نفسه ابن الله.[1]
ق يوستين الشهيد في حواره مع تريفو اليهودي (فصل 89- 97).. تريفو اليهودي بيقوله آه إحنا متأكدين إن المسيا هيتألم وسيساق كحمل.. لكن ليه يموت الموتة المشينة التي لعنها الناموس؟ يوستين بيشرحله إن يسوع (أو يشوع) بن نون انتصر بعلامة الصليب.. برفع يدي موسى على الجبل.. والشعب شُفي من لدغ الحيات بالنظر إلى الحية النحاسية المرفوعة.. ويرجع يقوله إن عمل حية من النحاس ده عمل ضد الناموس أصلاً.. ومش كده بس لكن الناموس وضع لعنة على كل من يُصلب من الناس على خشبة.. ثم في فصل 95 بيقوله إن كل الجنس البشري واقع تحت لعنه لأنه لا يقيم عمل الناموس تث 27: 26 .. ثم يقول ”إن كان الآب أراد لمسيحه أن يأخذ على نفسه لعنة الجنس البشري كله عالمًا أنه سيقيمه بعد صلبه وموته، فلماذا تتهمون من احتمل هذه الآلام حسب إراداة الآب بأنه إنسان ملعون؟“ لكن ”كما أن موسى ظل حتى المساء واقفًا على شكل صليب رافعًا ذراعيه بمساعدة هارون وحور.. كذلك أيضًا ظل الرب على الصليب حتى المساء تقريبًا إلى أن دُفن“.  
ثم نأتي للقديس كيرلس الكبير في تفسير يوحنا[2] اللي كان بيتكلم عن عن الصك الذي كان ضدنا.. الذي سمره الرب بصليبه.. ”لأن جميع الناس على الأرض بسبب أنهم قد سقطوا في فخ الخطية.. قد جعلوا أنفسهم تحت اتهام إبليس.. والصك يحوي كتاب يدِّ ضدنا- أي اللعنة- التي تقع على المعتدين بواسطة الناموس، والحكم الذي يسري على كل الذين أخطأوا ضد أوامر الناموس القديم، مثل لعنة آدم، التي سرت ضد كل جنس البشر، إذ أن الجميع كسروا وصايا الله. فإن غضب الله لم يتوقف بعد سقوط آدم، بل إن الذين أتوا بعده أغضبوا الله أيضًا بإهانتهم لوصية الخالق، وامتد اتهام الناموس ضد المعتدين.. إذن فنحن كنا ملعونين ومدانين بحكم الله، بسبب تعدي آدم، وبسبب كسر الناموس الذي جاء بعد آدم، لكن المخلص محا الصك الذي كان ضدنا، بأن سمره في صليبه... لأنه لأجلنا احتمل عقاب خطايانا.. فرغم أن الذي تألم هو واحد فقط، إلا أنه عالٍ فوق كل خليقة، وهو أثمن من حياة الجميع.. لكن ”قد تبررنا الآن؛ لأن المسيح احتمل العقوبة عنا، لأننا بجلدته شفينا إش 53: 3 ..إذ ان المسيح قد تألم لأجلنا.. كما لو كان ينبوع وأصل ضعفنا.
ق كيرلس في النص السابق بيأكد على كذا حقيقة كالتالي:
-       بيقول أن في صك بيكتب على مَن يعتدي الناموس.. ويصير تحت لعنه.. وده كلام بولس في غلاطية 3 بالضبط.. صرنا ملعونين ومدانين بحكم الله وبحكم الناموس.
-       لكن بصلب المسيح بدلنا وكما لو كان هو سبب ضعفنا- بالرغم أن ده مش حقيقي- لكنه صوريًا كده قبل أن يكون في وضعنا.. تحت لعنتنا.. مع أن اللعنة بتيجي علينا لأننا لم نكمل الناموس.. لكن ق كيرلس بيقول إن المسيح تألم كما لو كان هو ”أصل ضعفنا“.. كلمة في منتهى الخطورة.  
-       ولأن المسيح حياته أثمن من الجميع- فبتقدمته الغالية- حياته- اللي قدمها طواعية وهو غير مدان قد محا الصك الذي علينا وسمره في صليبه.
ق كيرلس مرة ثالثة يقول في تفسيره لإنجيل لوقا[3] الآتي: لأنه من أجلنا صار لعنة، أي ملعونًا، لأنه مكتوب: ملعون كل من عُلق على خشبة تث 21: 23، لكن عمله هذا أبطل اللعنة التي كانت علينا، لأننا معه وبسببه نكون مباركين. لأنه بآلامه حلت علينا البركات، وهو دفع ديوننا بدلاً عنا وحمل خطايانا، وكما هو مكتوب ’هو حمل خطايانا وجُلد عوضًا عنا‘ (إش 53: 6 س) وأيضًا ’هو حمل خطايانا في جسده على الخشبة‘ (1بط2: 4)، وحقًا إننا ’بحبره (بجراحاته) شُفينا‘ (إش 53: 5 س)“.

ق كيرلس لا يجد أدنى مشكلة أنه يقول إن المسيح صار لعنة أي ملعونًا!! المهم أن العمل ده كان سبب البركات كلها.. وبالفعل بولس في نص غل 3: 9 -14 بيقول إن الغرض من أن المسيح لُعن لكي تصير ”بركة إبراهيم للأمم.
  مرة كمان مع ق كيرلس الكبير وتفسيره لإنجيل يوحنا[4] اللي بيقول: فإن ”موت المسيح قلب الأمور بصورة غير متوقعة. لأن آلامه قد أُعدت كفخ لاصطياد قوة الموت.. فإنه احتمل في شخصه الحكم الذي حكم به الناموس ضد الخطاة. لأنه ’صار لعنة لأجلنا‘ غل 3: 13 كما يقول الكتاب ’ملعون كل مَن عُلق على خشبة‘ تث 21: 23؛ لأننا جميعًا ملعونون لأننا لم نستطع أن نتمم ناموس الله. لأننا في أشياء كثيرة نعثر جميعنا يع 3: 2. وطبيعة الإنسان قابلة للخطية بسهولة. وحيث إن الناموس يقول: ملعون كل مَن لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس تث 27. إذن فاللعنة تخصنا نحن وليس غيرنا. لأن الذين يتعدون الناموس وينحرفون عن وصاياه يستحقون العقاب بالتأكيد. لذلك فذاك الذي لم يعرف خطية، لُعن من أجلنا، لكي ينقذنا من اللعنة القديمة... إذن الذي حمله المسيح لم يكن بسبب ما يستحقه، بل كان هو الصليب الذي ينتظرنا والذي نستحقه بسبب إدانتنا من الناموس.   
ق كيرلس بيأكد إننا إحنا اللي نستحق اللعنة.. وأننا بعد السقوط اتوصفنا بأننا ملعونين.. يعني مش كل حاجة نظرة شفائية.. وأننا أصبحنا مرضى.. ده صحيح بالـتأكيد؛ لكن الكتاب المقدس والآباء بيقولوا كلام تاني.. بيقولوا لعنة وصك.. واللي عايز يفهم يعني إيه لعنة يروح للعهد القديم ويشوف نص تثنية ونص لاويين بيتكلموا على إيه.. اللعنة معناه إن الله يسيبك لنفسك... يحجب بركته عنك.. والمسيح لُعن لأجلنا لكي ينقذنا من هذه اللعنة. النص اللي فات بيتكلم عن العقوبة الناتجة عن عصيان الناموس.. وإننا نستحق الصليب ده.. لكن المسيح من تحننه تحمله بدلنا. يُتبع



 
[1] المرجع: الآباء الرسوليين، بناريون، ص 50- 51.
[2]  تفسير يوحنا، كيرلس الكبير، المركز الأأرثوذكسي، جزء 2 ص469-470.
[3] تفسير لوقا، كيرلس الكبير، المركز الأرثوذكسي، صفحة 747.
[4] تفسير يوحنا، كيرلس الكبير، المركز الأرثوذكسي، ج2، ص 466- 467.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق