ترجمة د سعيد حكيم، مراجعة د نصحي عبد الشهيد، بمعرفة
المركز الأرثوذكسي، في 270 صفحة (قطع متوسط). وهو عبارة عن ترجمة 7 عظات فقط من
هذا العمل.
هشارك ببعض الأفكار المتناثرة اللي عجبتني في هذا
الكتاب.
العظة الأولى
بيقول فيها أن المزمور ”ينتزع الدموع من القلب
المتحجر“.. وبيعلم مش بالقهر ولكنه ”يخترق نفوسنا بالنعمة والفرح“. بيعلق
على المزمور الأول وبيقول ق باسليوس حاجة جميلة هي: لماذا سُميت الحياة بالطريق؟ يجيب
ق باسليوس الكبير:
”الحياة
تُسمى بالطريق لأن كل واحد يُولد هو في مسيرة نحو النهاية“. زي اللي نايمين
في سفينة.. هتمشي بيهم لحد النهاية.. هكذا نحن في زمن حياتنا.. بواسطة الحركة المستمرة..
يتجه كل منا نحو نهايته.. ”هناك طريق يركض فيه جميع
البشر، يتعجل كل واحد منا ليصل إلى نهايته.. أنت سائر بلا عودة في هذه الحياة، تُسرع الخطى في كل شيء، وتترك كل شيء
خلفك. ترى في الطريق نباتًا.. عشبًا..
ماءً.. شيئًا يستحق المشاهدة.. تبتهج لبرهة. وتصادف وديانًا.. صخورًا.. وحوشًا.. أشواكًا.. أشياءً تسبب الانزعاج.. فتغتم
لوقت قليل.. لكن بعد ذلك تتركها خلفك..
هذه هي الحياة.. فلا الأمور المفرحة دائمة..
ولا المحزنة تستمر.. لا الطريق لك.. ولا الأمور
الحاضرة ملكك.. أما السائرون على الطريق، فبمجرد
ما يترك الأول أثر القدم على الأرض، يدوس الثاني على الفور، ثم يأتي التالي له“(ص 62).
في نفس العظة بيبان تأثره بأوريجانوس في فكرة إن ”ممارسة
الخطية التي تجذرت وتأصلت في النفس تصبح مع مرور الزمن، غير قابلة للشفاء؛ لأن
العادة في الغالب تتحول إلى طبيعة“ (ص 66). والكلام ده قاله العلامة أوريجانوس
في كتاب المبادئ، في سياق تشككه في خلاص الجميع (والشيطان) بسبب الحكاية دي.. أنه
بسبب التمرس على الشر.. ربما لن تلين إرادة الأشرار- ده إن صحت فكرة الخلاص الشامل
(الأبوكتاستاسيس) اللي كان بيتكلم عليها.
العظة الثانية
بيظهر كمان اهتمام ق باسليوس بشرح عنوان المزمور وحل الإشكاليات
النصية.. يعني بيعمل نقد نصي بالشكل الحديث. لما المرنم بيقول ”قم يارب بغضبك“
(مز 7: 6) بيقول ق باسليوس ”لن ينتقم لي، بل لوصيتك التي أعطيتها أنت، والتي
أحتقرت“ (83). هل الكل هيدان بنفس الطريقة؟ يقول ”أنا أعتقد أن كل من أخذ
الجسد الترابي.. لم يُهان من قبل الديان العادل، بطريقة واحدة؛ لأن العوامل
الخارجية والتي تختلف تمامًا بالنسبة لكل منا، تجعل إدانة كل واحد مختلفة عن الآخر“
(85). وبيقول إن اليهودي سيدان بطريقة مختلفة عن السكيثي (البربري) اللي اتربى على
العنف..
هل الله يدين؟ يقول ”الله قاض عادل.. ولا أن يكون
لديكم فكرة وضيعة عن الله حتى تعتقدوا أنه يستحيل أن ينتقم، لأنه هو أيضًا جبار“.
طب ليه مش بيعاقب الخطاة مباشرة؟ لأنه طويل الأناة (94). الأكثر من كده أنه على
الآية التالية ”إن لم ترجعوا يصقل سيفه“ (مز 7: 12) يقول ق باسليوس: ”كما
أن الذين ينظفون الأسلحة يُظهرون بهذه الطريقة حماسهم للحرب، هكذا الله أيضًا،
لأنه أراد أن يوضح رغبته في العقاب، قال إنه يصقل سيفه“ (94)، وبعد كده بيقول
إن ”أدوات العقاب تكون على أهبة الاستعداد لعقابه“ (95) أي الخاطئ.
العظة الثالثة
دي عبارة عن عظة جميلة عن الربا والقروض.. وإزاي المرابي
ده بيفقر الناس.. وإزاي اللي بياخد قروض ده بيدمر نفسه وبيضحي براحته ونومه..
وإزاي ”المقترض هو عبد للمقرض“ (109). وأن الفوائد على القروض هتزيد من
فقرك..
العظة الرابعة
نيجي لسؤال خطير جدًا هنا، وهو ”هل الله يهان
بخطيتنا؟“.. السؤال من عندي بس تعالوا نشوف ق باسليوس بيرد على السؤال ده
إزاي. يقول: ”إذا كنا نقدم مجدًا لله بواسطة الأعمال الصالحة، هكذا نحن نصنع
العكس بواسطة ممارسة الأعمال الشريرة“ (129). ثم يقتبس من الكتاب المقدس أم3:
9، إش 52: 5 اللي اقتبسها بولس في رو 2: 24 عن أن اسم الله بيجدف عليه بسببنا،
وبيجيب كلام بولس في رو 2: 23 ”أبتعدي الناموس تهين الله؟“ ثم يقول ”إن
الاحتقار والتعدي للناموس يعتبر إهانة للمشرع (واضع الناموس)“ (129)، وبيضرب
مثل بيت فيه غضب وصياح وضجيج وشتائم وضحكات وفسق ”فإن خزي هذه الأعمال يأتي على
قائد ومدبر هذا البيت“ (130) ثم يقول ”كما أن الله يتمجد بالأعمال الصالحة،
هكذا فإن العدو الشيطان يتمجد بالأعمال الشريرة“. لما آخد أعضاء المسيح
وأخليها أعضاء زانية يبقى بنقل ”مجد مخلصي إلى مهلكي“. ثم يختتم قوله ”إذًا
لنخف لئلا نعطي مجدًا للشيطان بخطيتنا، فنكون قد سلمنا أنفسنا معه إلى الخزي الأبدي“
(130).
في تعليقه على آية ”صوت الرب يقطع لهب النار“ (مز
29) يقول إن النار ليها قوتين: قوة حارقة وقوة منيرة مشرقة. ”الأولى تلهب وتحرق
وتستمر قوة النار العقابية لأولئك الذين ستحقون أن يحرقوا، أما القوة المنيرة
المشرقة فهي تعطى للأبرار كميراث.. نار الجحيم تصبح ظلامًا.. أما في موضع الراحة فالنور
لا يحرق“ (145).
العظة الخامسة
ما هو غضب الله؟ في تعليقه على آية ”لأن غضبه في سخطه“
(مز 30) يقول: ”هناك غضب في سخط الله، كما لو كان الغضب هو نفسه السخط، إلا أن
الفارق كبير. السخط إذًا هو قرار الله أن تُفرض بعض العقوبات القاسية على من يستحق
العقاب. أما الغضب فهو الألم، والعقاب الذي قضي به الديان العادل بقدر الظلمك الذي
ارتُكب“ (167).
العظة السادسة
شيء جميل اللي بيعمله ق باسليوس في تعليقه على آية ”كل
أعماله حق“ (مز 33).. وبيقول طب إزاي الحق في الحجر أو الحيوانات.. فيخدنا
فيما يعرف بإثبات وجود الله من خلال التصميم الإلهي في الكون.. ”لو انتبهت
للسماء.. يكون لك مرشدًا إلى الحق.. وإن لاحظت الترتيب والنظام.. يزداد إيمانك
بالله.. حتى الحجر إن فحصته فإنه يحمل دليلا على قجرة الخالق.. بل والنملة أيضًا
والحشرة الدقيقة والنحلة.. لا تقل إن هذه الأعمال البديعة قد صارت بالصدفة.. لا
يوجد شيء في الخليقة بدون هدف“. ده اللي بيسموه الحجة المرتكزة على التصميم argument from design أو الحجة الغائية teleological
argument في إثبات
وجود الله.
ما علاقة عدل الله برحمته؟ يجيب ق باسليوس كالآتي:
”يحب الرحمة والإنصاف.
ومن رحمته تمتلئ الأرض“ (مز 33: 5). يعلق قائلاً: ”لو وجد إنصاف (عدل) الله
وحده.. وفجأة بدأ يجازينا بحسب أعمالنا، فأي رجاء سيكون لنا؟ ومن من سائر البشر سيخلص؟
لكنه يقول الآن "يحب الرحمة والإنصاف" كما لو كان الله قد وضع الرحمة إلى
جواره، وأظهرها من عرش الإنصاف الملوكي، وهكذا يقود كل أحد إلى الدينونة العادلة... فلا رحمة بدون إنصاف، ولا عدالة بدون رأفة. هذان مرتبطان فيما بينهما: أي الرأفة والدينونة.. فلا الرحمة تثير الخمول والكسل.. ولا الدينونة وحدها تدعو إلى اليأس والقنوط. يريد الديان أن يرحمك.. إذا وجدك متضعًا. إما إن رأى قلبًا غير تائب.. يفضِّل لك المجازاة
والمحاكمة. إنه يستخدم الرحمة مع التائبين،
والعقاب مع غير التائبين“. (190- 191).
العظة السابعة
ما معنى آية ”هلم أيها البنون.. فأعلمكم مخافة الرب“
(مز 34: 11)؟ ق باسليوس بيقول مش كل خوف يعتبر نوع من الصلاح.. ومش كل خوف يعتبر
خوف خلاصي أو محرر.. في خوف من العدو وخوف من الموت.. وده نوع وحش. لكن الخوف
المخلص.. الخوف الذي يقدس.. الخوف الذي ينشأ من الحرص والاهتمام.. هو ”عندما
تريد أن ترتكب خطية ما، فكر في القضاء الرهيب، وغير المحتمل الذي للمسيح له
المجد.. حيث يجلس الديان فوق عرش عالٍ.. وتُعرض أمامه كل الخليقة، مرتعدة من حضوره
الممجد“ واللي كانت حياته شريرة.. بيظهرله ملائكة مخيفين.. بيتنفسوا نار..
وشوشهم شبيهة بالليل المظلم.. ثم ”توجد هوة عظيمة.. وظلام لا مخرج منه، ونار
بدون وهج ولمعان“، ثم توجد ”مجموعة من الحشرات السامة.. تأكل بشراهة، ولا
تشبع أبدًا“، ثم يكون ”الجحيم الذي هو أكثر فزعًا ورعبًا من كل شيء، العار
والخزي الأبدي“.. هذه هي الأشياء التي يجب أن تخاف منها (ص 239- 241).
ربنا يعوض تعب محبتك يا دكتور... ملخص رائع ومفيد
ردحذف