الأربعاء، 30 يناير 2019

التوبة – يوحنا ذهبي الفم



عبارة عن 8 عظات ليوحنا ذهبي الفم
مترجمة أ. نشأت مرجان
بمعرفة دار النشر الأسقفية
في 170 صفحة (قطع متوسط)
العظة الأولى:
ذهبي الفم بيقول في شرين: 1- اليأس، 2- التواكل/ التراخي.. الكبرياء تطرحنا من أعلى السماوات، اليأس يطرحنا في القاع اللانهائي للشر“ (ص16). وبيذكر قصة أهل نينوي، أنه بالرغم من صدور الحكم الإلهي..لم يغرقوا لم ييأسوا. ”لأن الشيطان يعتبر اليأس أعظم أسلحته“ (18). وخطايانا مش بتفرحه بقدر فرحته عندما نفقد الرجاء. ذهبي الفم يقول إن ”الرذيلة هي نوع من الغرغرينا التي تلتهم الجسد تدريجيًا“ (20). حتى خطية الآخر.. ”أيًا كان فاعل الخطية سواء أنتم أم أخيكم. أنتزعوا أنفسكم من براثن هذه الكارثة، سدوا طريقها، أوقفوا الغرغرينا وامنعوا امتدادها“ (21). الحزن على الخطية مفيد لكنه مهلك إن صار بإفراط- ومثال على كده يهوذا الأسخريوطي.
ذهبي الفم بيفسّر مثل الابن الضال بطريقة تخدم احتياج كنسي عنده.. بيقول هو ابن.. وبالتالي لازم يكون معّمد.. وكونه تاب.. يبقى ينفع التوبة بعد المعمودية.. وبكده رد على الناس إللي بتأجل معموديتها لنهاية حياتها. بيقول إن الأب استقبله كأب وليس كقاضي، وعمل وليمة لا لإكرام الخطية بل التوبة. لم يضربه بالسياط لكنه حمله على أكتافه.. ”لنحذر اليأس حتى لو كنا غارقين في الشر. لكن لنتحاشى أيضًا الثقة الزائدة في أنفسنا عندما تبتسم لنا النعمة“ (27).
العظة الثانية:
بيحكى ذهبي الفم عن قايين وبيقول إن ”الوقاحة أشر من الخطية ذاتها“ (31)، وده ظهر من رد قايين على ربنا.. إبقاء ربنا على حياة قايين كان مهم ”حتى لا يسقط الحق في النسيان“ (31) ويكون كأنه عقاب إلهي متجسّد وحي ومتنقل.. ثم يشرح إن السن مش هو المشكلة في الخطية، ومثال على كده دانيال وقصة سوسنة والشيخين، ودانيال كان عنده (12 سنة) وقتها. الشيبة لن تحمي من التجربة.. والعكس صحيح لو كانت الفضيلة ثابتة فهي تحمينا من حمية الشباب. ثم يتحدث عن 3 طرق للتوبة: 1- الاعتراف بالخطأ، زي حالة آخاب (1مل 21: 29)، 2- الندم، زي أهل نينوي، 3- الاتضاع.. زي العشار، وكمان بولس اللي بتواضعه.. اللي ”برغم من قصره قدر أن يدور حول الأرض كملاك ذي أجنحة“ (42).
العظة الثالثة:
بيتكلم مع شعبه وبيقولهم: ”إن أعددت لكم تعليمًا فأنا أنتفع به أكثر منكم“ (46) وهيفتقر إذا حجب هذا التعليم.. وهيغتني لمّا ينقله للآخرين. الطريق الرابع للتوبة هو 4-الصدقة. وبيفسّر مثل العذارى بشكل رمزي (allegory)، وبيقول إن الزيت هو الصدقة.. ”النار ترمز للبتولية، والزيت للصدقة“ (49) وبيقول إن العذارى الجاهلات حفظوا البتولية ولم يحفظوا الصدقة.. والتجار هم الفقراء اللي على باب الكنيسة.. ”برغيف خبز تقدمونه، تحصلون على الفردوس في مقابلة.. اعطوا خيرات أرضية تنالون مقابلها خيرات سمائية“ (50). الطريق الخامس للتوبة هو 5- الصلاة.. والصلاة بعمق وبدموع زي بطرس.
العظة الرابعة:
بيتكلم عن التعزية اللي بنحصل عليها من قراءة الكتاب المقدس: ”فلتكن الكتب المقدسة لنا حصن ضد الشرور التي تهاجمنا، وفيها نجد نبعًا لا ينضب وعزاءً عظيمًا“ (66). وبيكمل على طريق الصلاة.. وبيقول: نتحاشى في الصلاة الكبرياء.. والرغبة في الانتقام ”ونتحاشى أن نصف لله الدواء الذي ننتظره منه“ (73) زي المحامي أنت بنحكيله ملابسات القضية.. ونترك له اختيار طريقة الدفاع بحسب خبرته وكفاءته. ”اشرحوا لله قضيتكم وأخبروه عن أتعابكم، ولكن امتنعوا عن تحديد طريقة العلاج التي ترغبونها، فهو يعرف تمامًا كل تعاستكم“ (73، 74).
العظة الخامسة:
بيتكلم عن طريق الصوم، وبيشرح حاجة كده زي قسمة الصوم الكبيرة، وإن موسى وإيليا كان يرجعان للصوم كلما أراد لقاء الله التحدث إليه.. والصوم كان ”ضرورة في الفردوس، فكم بالأولى خارجه“. أهوائنا كانت نائمة في الفردوس، فكم بالأحرنا الآن.. والصوم خلص مدينة نينوي، والصوم هو أفضل فترة مناسبة للتوبة. مرة كمان بيقول ”اليأس أسوأ من السقوط نفسه“ (84). ثم يتحدث عن يونان اللي خطيته كانت هي اللي متقلة السفينة مش الأحمال. لكن المفارقة الرهيبة إن البحارة نصبوا محاكمة نزيهة ودقيقة.. ولم يتسرعوا في التخلص من يونان.. احترامًا منهم لحياة شخص واحد.. وهو ذات الشيء اللي افتقر ليه يونان (89). ثم يقول إن الصوم هو اللي خلص الفتية الثلاثة من أتون النار.. ثم فوائد الصوم للصحة.
العظة السادسة:
يؤكد على صوم النفس وليس الجسد فقط.. والبعد عن المناظر الخليعة.. وإن الزاني سيقف أمام المحكمة الإلهية حيث العقاب سيكون أبدي.. والشهوة هي أصل الشر.. والمسيح كطبيب حكيم سعى إلى استئصال المرض وأسبابه.. ”وتعقب الشهوانية بالرجوع خطوات إلى الخلف ليستأصلها من جذورها. فأعطى النظرة الشهوانية الشهوانية نفس تقييم الزنا ذاته“ (103). أهم حاجة القلب.. هو قائد المركبة.. لكن ”إذا قُتل القائد ودُفع للأرض من أعلى مركبته، فباطلاً تستطيع الخيول متابعة سيرها“ (103). ثم يتكلم عن النار الأبدية (106)، وعن البتولية.. ورأيه هنا مهم لأنه بيقول:
لم يعطِ الرب الأمر إطلاقًا بحفظ البتولية.. لكنه أعطاها في صيغة نصيحة.. وترك للمؤمن كل الحرية في الاختيار..“ وبالتالي الأمر ليس وصية لكنه كوصية. وكذلك بيقول ”إن المسيح لم يقل.. تبتلوا كلكم.. وحينئذٍ كان كمن يقاوم الطبيعة“ (108)، وبالتالي لم يدرج البتولية في سباق الفضائل، ولكنه جعلها هدفًا لتنافس اختياري زي فضيلة الفقر الاختياري.. لم يقل للجميع ”اذهب بع كل ما لك“، بل قال ”إن أردت أن تكون كاملاً فاذهب  وبع كل مالم“ (108).
 بعد كده بيتكلم عن طريقة تفسير النبوات. 1- النبوة التشبيهية (prophecy by example) عن طريق الأحداث، ومثال على كده الكبش الموثق بقرنيه في قصة إبراهيم كصورة تشبيهية عن محرقة خلاصنا.. 2- النبوة اللفظية (prophecy by words) بالكلمات زي آية ”كشاة تساق إلى الذبح“ إش 53: 7. وبيقول إن إرميا تنبأ لفظيًا عن العهد الجديد، وإبراهيم عمليًا.. المسيح هو اللي أعطى الشريعتين.. القديمة والجديدة.. ووضعهما في توازٍ لنحكم نحن بأنفسنا.. ولنرى اي شريعة أكثر سموًا (116). لأنهم في القديم لم يكونوا ناضجين (117). لماذا الشريعة الجديدة أصعب؟ لأن المكافأت أعظم (117).
العظة السابعة: (منسوبة لسفيرس الجبالي)
بيجاوب على فكرة حلوة.. ربنا رحيم للخاطئ ولذريته.. ومثال على كده تارح أبو إبراهيم..كان عابد أوثان..لوم يعاقبه الله لكفره.. حتى لا يقطع الأصل.. وبالتالي علشان تظهر ثمرة إبراهيم.. نفس الشيء عيسو لم يهلكه.. لأنه حسب تك 36: 33 ولد يوباب أو أيوب (أمبروسياستر أيضًا بيقول إن أيوب من نسل عيسو). كذلك المصريين..لم يعاقبوا بالفناء..من أجل الأديرة التي أقيمت فيما بعد (124). ”فلو كان العدل تقّدم التوبة لكان العالم قد دُمّر وهلك عن آخره“ (124). ربنا بيظهر شدية مع البار وتساهل كبير مع الخاطئ.. مش معنى كده أنه يتغيّر.. لكنه ”ينوّع مظاهر صلاحه لكي يجعلها أكثر فاعلية“ (125). الله مهوب للقديسين وأكثر عذوبة للخطاة حتى يجتذبهم.. ”المخافة حارسة البار، والرأفة توقظ الخاطئ“ (126). ”الله يترك للخطاة الدَّين كله، ولكنه يطالب الأبرار بالفوائد“ (127).
وبيقول حاجة جميلة إن ربنا بعكس البشر بيبني بسرعة ويهدم ببطء: ”السرعة في البناء، والبطء في الهدم والتدمير صفة لكمال الله، الصفة الأولى توافق قدرته، والثانية تلاءم صلاحه“. ربنا بنى العالم في 6 أيام.. وتمهّل على أريحا 7 أيام. يتساءل ذهبي الفم: ”أي عقبة تلك التي تعترض قدرتك؟“ فيجيب: ”ليست القدرة التي تنقصني، ولكن صلاحي هو الذي جعلني انتظر..“ وهل ربنا وفّر بشير للتوبة لأهل أريحا؟ بيقول : نعم.. هي راحاب الزانية. اللي شبهها كحجر ثمين كان مغمور في الوحل، وزهرة منعتها الأشواك عن التفتح (36).
وبيعمل مقارنة رائعة بين راحاب وشعب بني إسرائيل- هما شافوا كل العجائب.. وبعدها جابوا عجل ذهبي وقالوا ”هوذا آلهتك يا إسرائيل“ بينما راحاب لم تشاهد.. بل سمعت فقط، واعترفت بإله إسرائيل. بيقول إن راحاب هي رمز للكنيسة.. ويبرر كذب رحاب على أهل مدينتها. بدلاً من ”خيانة الأمور الإلهية“ (139). يرجع مرة أخرى للتوبة ويقول إن الله لن يتنازل عن الحكم بعد صدوره، لكن أمامنا فرصة فقط قبل صدور الحكم (141).، ثم يرجع للصدقة ويقول ”الصدقة تقدم الأجنحة التي تطير بها التوبة“. ربنا بيقدم لنا أوكازيون.. اشتري البر بسعر رخيص (142). لنشتري الخلاص بواسطة الصدقة.. وبيقول الآية بتاعة ”مَن يرحم الفقير يقرض الرب“ (أم 19).. وبيشرح إنه لم يقل مَن يرحم الفقير يعطي الرب، بل يقرض الرب. لأن العطية لا ترد.. لكن الله سيعوض بالكثير.
ثم يتحدث عن جهنم: ”الله لا يهددنا بجهنم لكي يلقينا فيها بل ليقينا منها. لو كان الله لا يريد لنا إلا العقاب لما حذرنا بأن نسعى للخلاص من تهديداته، وبالتالي فهو يوضح لنا العقوبة لكي نتحاشاها“ (148). العقوبة تولد فينا خوفًا خلاصيًا، والمكافآت تجتذبنا لمحبة الفضيلة.
العظة الثامنة:
بيقول الكنيسة أعظم من فلك نوح.. لأن لو دخلها صقر خرج حمامة.. والذئب سيخرج خروفًا (152). وحاجة مهمة جدًا إن إحنا اعتمادنا مش على التوبة ولكن ”صلاح الله هو أساس اعتمادنا“ (154). خطايانا تتلاشى زي الشعلة عندما تتلامس مع محيط صلاح الله (154). ولو سقطنا تاني وتاني.. نرجع للتوبة (الدواء).. أو زي الحطاب اللي بياخد بلطة ويضرب مرة إثنين وثلاثة وأربعة وعشرة.. لحد الميل للخطية نفسه يُقتلع.. ويجب أن نخجل مع أخطائنا وليس من التوبة. لأن الشيطان عارف أن الخطية بتولد فينا الخزي والتوبة بتولد فينا الثقة.. لكن الشيطان قلب الوضع! (158). الله يقبل توبتنا ويعالج كل الجروح ولا يترك أي ندب، بخلاف جراح الجسد، لأنه يحرر النفس من كل شر ويجعلها تستعيد جمالها الأصلي (161).
ثم يذكر إشعياء الذي يحكِّم السماء والأرض على عصيان إسرائيل.. فهو ”لم يستشهد بهارون ولا بأي أحد آخر لأنهم جميعًا مائتون“ (163). ”أيتها السموات اسمعي، لأنك أنت التي أسقطت المن وأنتِ أيتها الأرض أصغي لأنك أنت الذي أعطيتِ السلوى“ (164). النفس تقدر تقوم حتى لو هي على شفا الموت وأخيرًا إن الله أب ممتلئ حنانًا.. وأحشاؤه تتحرك أكثر من أي أب. (169).. وبيشرح هنا الأنثروبومورفيزم.. أو التجسيم. ”مع أن الله فوق الأحاسيس البشرية، إلا أنه يستعير أحاسيس الإنسان.. ويظهر حنانًا يفوق حنان الأم“ هل اضطرب الله حقًا؟ لا، فالله فوق هذه الانفعالات، ولكنه يستعير لغتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق