الاثنين، 28 يناير 2019

عن الكهنوت- ق يوحنا ذهبي الفم (ج2)




العظة الرابعة:
قاله صديقه لكنك لم تسعى لهذه الوظيفة. لكن ذهبي الفم بيثبتله إنه مش مهم الإنسان دُعي للكهنوت أو طلبها.. المهم النتيجة إيه وبيدي أمثلة (زي شاول، صموئيل، موسى، هارون، يهوذا الاسخريوطي).. وبعدين بيقول: أنا ضعيف وسيلة النجاة بالنسبة لي هي عدم التعرض للكهنوت.. وأنت قوي (يقصد صديقه) وسيلة النجاة بالنسبة له هو عدم الإساءة للكهنوت والاعتماد على قدرة ربنا. وبيقوله حتى ”إذا تعالت آلاف الأصوات في يوم الأنتخاب تهتف لك.. فلا تعوّل على هذا ولا تنزل عند رغبتهم إلا بعد فحص عميق لنفسك“ (ص94). إدي العيش لخبازه.. ”الكهنوت هو العلم الذي يُعني بالنفوس الخالدة“.
بيقول ذهبي الفم واحد يبقى حاسس بضعفه ولم يسعى للكهنوت لكن أول ما الناس فتشت عنه وجد نفسه فجأة رجلاً آخر.. أليست هذه مهزلة؟ (ص95). ثم يقول لازم المترشح للكهنوت يكون عنده موهبة الكلام؛ لأنه بيشخص وبيداوي بالكلام.. والرد على أعداء الكنيسة بالكلام. أصلي لو كان عندنا موهبة صنع المعجزات.. مكناش هنشعر بأهمية الكلام (ص98). لازم الراعي يبقى زي الجندي في الحرب وشعبه متحصن ومتهيأ بكل الوسائل والأسئلة حتى لا تحدث ثغرة. عندك حرب مع الوثنيين، واليهود، والمانويين، ولازم نقاومها كلها. وبيقول إن اتباع ماركيون واليهود متخانقين.. الأولونيين رفضوا العهد القديم كله والثانيين تعصبوا أكثر وأكثر. ماذا عن المسيحيين؟ ”الكنيسة.. اتخذت حلاً وسطًا، لا تتقّيد بالناموس تمامًا ولا تحط من قدره. واستغناؤها عن الناموس الموسوي في الحاضر لا يمنعها من أن تمدح وترى نفعه في الماضي“ (ص99). ولو هاجمنا ماركيون وفالنتينوس اللي بيرفضوا العهد القديم..كده بنمكن اليهود من الغلبة.. وبالتالي زي اللي ماشي في طريق مليان حفر.. وبيقول لازم نتجنب الخلط الكفري بتاع سابيليوس والتنويع الكفري بتاع أريوس. وناس كثيرة بتسأل أسئلة ومناقشات والسلاح هو الكلام وقوة البلاغة.
في اعتراض هنا: طب ليه بولس لم يسعى للحصول على موهبة الكلام وكان بيتكلم مع ناس بتاعة فصاحة وبلاغة. ذهبي الفم بيقول: ”إن هذا وهم وقع فيه كثيرون، وحدا بهم إلى عدم التسلح بقوة الكلام“ (ص101). هو بيقول إن مفيش وجة للمقارنة ببولس لأن ”رجال العصر الحالي مع صلواتهم ودموعهم لا يحصلون على القوة التي كانت تنبعث من ثوب بولس وحده“. وبيفرق هنا بين الجهل بصناعة الكلام.. والجهل بالحقيقة.. وقال إن بولس مثلاً بلاغته ممكن تكون أقل من الفلاسفة والشعراء ”لكن كان على علم صحيح وعميق بالحقيقة“، وهو أفحم اليهود ونجح ببلاغته أنه يجتذب قاضي قضاة أثينا ديونيسيوس ومراته. وفي مجادلاته مع أتباع أبيقورس والرواقين.. ده رسائله هي حصن ضد الهرطقات.. ومصدر لقواعد الأخلاق.. وطلب من تيموثاوس أنه يواظب على القراءة والمسيح قال ”من عَمل وعلّم يُدعى عظيمًا“، ”فلو كان العمل كافيًا دون التعليم، لكان من الفضول قوله (وعلّم) ولكان اكتفى بالقول (مَن عمل). ولكن السيد هنا أراد أن يجعل فرقًا بين العمل والكلام، وأن يبين لنا أنه لأجل تهذيب الأنفس وبنائها يسير العمل والكلام جنبًا إلى جنب، ولا يغني الواحد عن الآخر“ (105).
بيقول مقدرش أنكر إننا محتاجين قدوة صالحة علشان نمارس الصلاح.. لكن ده لا يكفي وحده. ”لأنه ماذا يفيد السلوك والقدوة إذا اختصم الناس في نظرياتهم ونشب الجدال؟“، ”وماذا يفيد الناسك عرق النسك والتقشف إذا أوقعه جهله في هرطقة. فُصل لأجلها عن جسد المسيح؟“ لا شيء.. لأن الراعي لو صمت.. الناس ممكن تفتكر إن عقيدته هي اللي ضعيفة لما يشوفوه ”مغلوبًا وملازمًا الصمت“ (106).
المقالة الخامسة:
مرة ثاني بيقول في شرطين مهمين في القصة دي: احتقار المديح، وامتلاك ناصية الكلام.. والواعظ الناجح هو اللي يكون عنده ”من قلة الاكثرات لنفسه بقوة ما عنده من الفصاحة“ ويكون عنده ”من الفصاحة بقدر قلة الاكتراث للمديح“ (108). وبيقول حاجة غريبة ”الإنسان الذي لا يشعر بنشوة السرور، عندما يسمع مديحًا، فهذا شيء يفوق قدرة البشر“. وبالتالي اللي ”تغذوا بالمديح، لا يستطيعون أن ينقطعوا عنه“ (110). ”إنه لأيسر أن تجد بحرًا بغير عواصف من أن تجد نفسًا محبة للمديح بغير قلق وعذاب“ (110).
ثم يتطرق لشي مهم وهو أنه حتى اللي عنده موهبة الكلام لازم يدرس كويس: الدرس هو اللي هيبني الخطيب وليس الموهبة الطبيعية. وبيقول إن اللي عنده موهبة ذهنه هيصدي لو لم يغذيه بالمطالعة والدرس المتواصل.. ”الخطيب إنما يُحكم عليه بخطبته وليس بشهرته“، وبالتالي اللي يشتهر أكثر وجب عليه الاجتهاد أكثر.
وبيقول الأسقف لو وجد كاهن عنده أقدر منه في عالم الوعظ.. لازم يكون عند الأسقف فضيلة فوق البشر حتى لا يتملكه الحسد أو يسحقه اليأس... بيقول إن شهوة المجد الدنيوي وحش شرس من يقدر أن يلجمه! وهو وحش له 7 رؤوس عاوز ينبت داخل النفس- اللي يقوى عليها يرتاح.
المقالة السادسة:
بيقول ذهبي الفم إن الكهنوت يتطلب فضيلة ملائكية وطهارة الرهبان- مع أن الكاهن حياته أصعب بكتير من الراهب. والكاهن زي إمبراطور من حيث المهام. ”الكاهن يقترب إلى الله ليطلب منه، كما لو كان العالم باسره في عهدته، وكما لو كان أبًا للكل“ (119). أيه تقوى يجب أن تكون عنده ”ونحن نعلم أنه يستدعى الروح القدس، ويقيم الذبيحة الرهيبة، ويأخذ بييديه سيد الخليقة المطلق؟“، ”يجب أن يعرف (الكاهن) شؤون الحياة جيدًا كما يعرفها أهل العالم، وفي نفس الوقت متعريًا من العالم أكثر من الرهبان الذين يقطنون الجبال“ (120).
 ذهبي الفم بيقول إنه مينفعش للكهنوت لأنه لم يتخلص تمامًا من الغضب (129). وإنه من طبعه الخوفلا يتقبل الإهانات أو الكرامات ببساطة. وبيقول: ”التكريم يسكرني، والإهانة تقتلني“ (129). وبيقول صاحبه: عاوز تفهم ليه أنا رفضت الكهنوت.. وبيقوله مثل أميرة فارعة الجمال والحكمة وبيحبه أمير.. وعاوزين يجوزوها رجل سوقي من حثالة المجتمع.. هل فهمت ألم هذا الأمير.. هذا هو ألمي. أو مثل جيش هائل جاي علينا بكامل عتاده.. فيمسكوا صبي متربي في الحقول مش معاه غير عصا ويلبسوه لبس الحرب ويقولوله يالا قوم أنت قائد الجيش ده.. بالطبع هيغنى عليه. يعني ذهبي الفم بيقارن حالته بالجربوع اللي هيجوزوه الأميرة أو الصبي عديم الخبرة اللي عاوزينه يقود جيش جرار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق