عن كتاب ”عن الصلاة“ ترجمة أبونا موسى وهبة،
شبرا، من صفحة (51- 111).
العلامة أوريجانوس بيسرد نص الصلاة كما جاء
في متى ولوقا وبيرصد الاختلافات النصية ومناسبة الصلاة. وبيقول يبدو انه في لوقا
التلميذ اللي طلب من المسيح أنه يعلمه الصلاة مكنش موجود ساعت ما قالها المسيح بعد
الموعظة على الجبل. (ده شغل النقد النصي). ثم يتحدث عن أدبيات الصلاة قبل الخوض في
شرح ”أبانا الذي“.. وبيقول ”الصلاة عند القديس.. ليس مجرد نزعة أو ميل طارئ
ولكنها موضوع محبة قلبه“ (صفحة 54).
ثم يتحدث عن غلق الباب بمعنى غلق كل أبواب
الحس.. وعن تكرار الكلام باطلاً باطلاً بمعنى أننا "لا نفحص ذواتنا.. ولا
ندقق في الكلمات التي نقدمها في صلاتنا" (55). وبيقول حاجة غريبة جدًا:
"من يرفع صلاته إلى الرب الساكن في السماء وفوق علو السموات ثم يطلب
الأرضيات والماديات، إنما هو من الأمم الذين يكررون الكلام باطلاً" (56).
ده معنى تكرار الكلام باطلاً من وجهة نظره.
أبانا الذي..
بيقول اوريجانوس إنه دور في العهد القديم ولم يجد فيها هذه الدالة.. مش بينكر وصف
الله كأب.. ده موجود.. لكن ملقاش حد بيصلي بالدالة دي.. وبيقول إننا هنقول كده بس
من خلال إيماننا بالابن.. الذي سيعلن لنا الآب.. وبيقول أوعى تظن إن الله في
السماء فقط، بل هو يحيط بكل شيء. وهو هنا بيحارب بدعة التجسيم.. وبيشرح أنه في
تعبيرات لا تفهم حرفيًا عن الله زي أنه كان بيمشي في الجنة، أو حتى اختباء آدم، أو
الأغرب أن ربنا كان بيسأل "أين آدم؟".
ليتقدس اسمك..
بيقول أوريجانوس إزاي إنسان يصلي من أجل تقديس اسم الله وكأنه ليس مقدسًا..
وبالتالي بدأ يفسر الاسم ثم يعني إيه تقديسه. وبيقول في الكتاب المقدس أي حد بيطرأ
عليه تغيير كان بيتغير اسمه (ابراهيم/ بطرس/ بولس)- لكن الله لا يتغير لأنه هو
الكائن. ولا نعرف عنه سوى القليل أو الأقل من القليل. وبالتالي الصلوة دي معناها
"يتقدس إداركنا له ومعرفتنا له وتصوراتنا عنه". ثم يناقش إن
أحيانًا صيغة التمنى تُفهم كصيغة أمر. وأورد عن تاتيان اللي فهم عبارة "فليكن
نور" على أنه نوع من التمني.. وبيقول إن ده غلط. التفرقة بين صيغة الأمر imperative عن التمنى optative شيء مهم.
ليأتِ ملكوتك..
بيقول لا يأتي ملكوت الله بمراقبة. وبالتالي معناها "لكي يقام في داخله
ملكوت الله". والمسيح والآب يملكان في القلب.. زي ما قال إليه نأتي وعنده
نصنع منزلاً. طب ليه نواصل الصلاة حتى لو لم تستجاب.. لأنه لو تحققت ستتحقق جزئيًا
فقط في هذا العالم. بيقول كمان لا يمكن أن تقوم مصالحة بين مملكة الخطية ومملكة
العالم (71).. وبيستشهد بآية "لا تملكن الخطية في جسدكم المائت"، بل
نميت أعضاءنا.. "حتى يتمشى الله فينا كما في فردوس روحي". ولما
يملك علينا يجعل جميع أعدائه فيناتحت قدميه.. لحد ما المسيح يقول فينا "أين
شوكتك يا موت؟".
لتكن مشيئتك..
بيقول إن الطلبة دي مش موجودة في لوقا! (شغل النقد النصي). ومعناها حتى لا تتعارض
أفعالنا مع مشيئة الله زي اللي حاصل في السماء. وينفع نقول عبارة "كما في
السماء كذلك على الأرض" على بقية الطلبات. وبيقول كمان تفسير رمزي: السماء هي
المسيح، والأرض هي الكنيسة. وبيقول صراحة أن في ناس هترفض التفسير ده.. لأن كمان
عنده مشكلة إزاي نقول كما في السماء والسماء فيها أجناد الشر الروحية! وبيخرج من
المأزق ده بأنه يقول "الأمر لا يتوقف على الحيز والمكان الذي يسكن فيه
الإنسان، بقدر ما يتوقف على اتجاهات قلبه وميوله، حتى إن الإنسان وهو مازال على
الأرض جسديًا يستطيع أن يكون مواطنًا في السماء" (75). "وما دام
قلبه في السماء ويحمل صورة السماوي فهو لم يعد بعد أرضيًا" (76). لما تعمل
نعمة الله في الخطاة نتحول جميعًا إلى سماء.
خبزنا الجوهري..
بيدحض أوريجانوس التفسير المادي- عكس ق كيرلس- واعتراضه أن ده عكس الصلوات الروحية
اللي فاتت.. وبيقول كمان الكتاب بيقول اعملوا لا للطعام البائد. وان المسيح اتكلم
عن نفسه على أنه الخبز النازل من السماء.. ولا يوجد ما يفوق الكلمة كغذاء للروح!
أوريجانوس بيفهم كلمة "إيبي أوسيوس" super
substantial أي فوق جوهري، بالمناسبة
الأب بولس فغالي بيترجمها "فوجوهري"..
بيأكد أوريجانوس أنها كلمة مش دارجة ولم
يستخدمها الفلاسفة اليونانيين. وبيقول مفيش غير كلمة قريبة منها في الكتاب المقدس
هي "بيري أوسيوس" بمعن خاص.. عن شعب الله الخاص. وبالتالي هو شايف الخبز
الجوهري هو الكلمة المتحد بجوهرنا.. بينما "بيري أوسيوس" معناها الشعب
الملتصق بالله. ثم ينخرط في الكلام عن جوهر "أوسيا" الكون.. سواء جوهر غير
مادي زي ما بيقول البعض (افلاطون)، أو جوهر مادي (ويقصد الأبيقوريين والرواقيين). وبالتالي
يصل أوريجانوس إلى أنه الخبز الروحي اللي بيدي قوة ويكسب الروح صحة ونضارة.
الخبز هو شجرة الحياة.. وبيقول إن قصة
إبراهيم رمزية لأن الملايكة كش بياكلوا فعليًا! لكن ممكن يشاركوا في الطعام الروحي
مع البشر. حتى المسيح قال "أدخل وأتعشى معه". ثم يقول إن متى بيقول
"اليوم" (semeron)،
ولوقا بيقول "كل يوم" (kath hemeron). والمسيح هو أمس (الماضي كله) واليوم (الزمن الحاضر) وإلى الأبد.
وأن الزمن كله عند ربنا زي اليوم الواحد بالنسبة لينا. وبالتالي حتى اللي هيصلي
"أعطنا اليوم" فهو لا يطلب من أجل اليوم فقط!
اغفر لنا.. كما نغفر..
وبيعرف إن قراءة متى بتعني الديون وليس الذنوب. وإننا مديونين للناس بالمحبة.. ولو
معلمناش نبقى مقصرين. وكمان إحنا مديونين تجاه أنفسنا واستخدام جسدنا.. ومديونين
للمسيح اللي فدانا.. وللروح القدس.. وللملاك الحارس. وبيلمح أن نفس المعنى عن
الواجبات الزوجية الواجبة بين الزوجين في 1كو7. كمان بيقول إن تعدياتنا منقوشة في
عقولنا وهي بمثابة الصك ضدنا. وتُقدم في ساحة القضاء وقت الحساب. حتى قرائته لنص
لوقا اللي بمعنى خطايانا بيقول إنها تُسمى خطايانا لأننا "نخطئ حين لا
نؤدي ما علينا" (95).
لا تدخلنا في تجربة.. أوريجانوس بيقول كيف
نصلي هذا وحياتنا على الأرض "ما هي إلا تجربة متصلة مستمرة"،
وبالتالي بيقول لا نطلب عدم التعرض للتجارب على الإطلاق، "بل نطلب ألا
نسقط تحت سلطان التجربة وقوتها" (101). هل الله يدخل في التجارب؟ هنا
أوريجانوس بيتعرض لبدعة اتباع ماركيون والكلان عن أن فيه إلهين صالح/ وعادل. ثم
يذكر قصة بكاء الشعب ورغبته في البرية أنه ياكل لحم.. وربنا بعتلهم المن والسلوى..
لحد ما كرهته نفوسهم. وده معناه لحد ما ماتت شهوتهم للحم. وبيقول إن نفس الشيء
عقوبات ربنا هي بهدف التطهير.. حتى عقوبات النار الأبدية (ده فكر أوريجانوس
دايمًا.. وكتير من الدارسين بيلقبوه بالمتفائل الأبدي.. وأغسطينوس بيسمي عقيدته
"وهم الرأفة السمحاء").
ثم
ينتقل للكلام عن فوائد التجربة في حياتنا..وأنها بتكشف اللي في قلوبنا (تث 8: 3، 15).
وبيقول إن تجربة حواء كشفت اللي في قلبها بقاله وقت طويل! وده اللي عرف الحية
بأنها ممكن تسمع كلامها.. وكمان تجربة يوسف اظهرت عفته.. علشان كده في أوقات
الراحة بين التجابر علينا أن "نعد أنفسنا لما قد يواجهنا منها"
(107). أخيراً واضح إن شرح أوريجانوس هو
الأكثر دسمًا وتعقيدًا وتركيبًا في كل النصوص اللي قريتها عن الصلاة الربانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق