في هذا الكتاب بيحكي سي إس لويس خبرته بعد
وفاة زوجته، وبيشرح فيه خبرة الحزن عليها، وتساؤله ”أين الله؟“، وبيوصف
إزاي أنه لم يحصل على إجابة، وكأن باب اتقفل في وشه، ولا توجد أضواء من النوافذ ويقول:
”كلما انتظرت وقتًا أطول، تأكد الصمت“ (صفحة 31). وبيتساءل ليه ربنا يبدو
حاضرًا عندما لا نطلبه، وغامضًا عندما نطلبه بشدة؟ (32). بيقول إن زواجه أقنعه بأن
الجنس ليس بديلاً عن الدين. لأنه حتى مع الاستمتاع بالجنس في الزواج لا يقل
الاهتمام بالله (33). شعر لويس أن غياب زوجته أصبح ”مثل السماء، يمتد فوق كل شيء“
(36). ويقول ربما نهاية مآسي زوجته التي كانت مريضة بالسرطان أصبحت بداية لنضوج
مآسيه هو (38). ويقول إن ذاكرة صوتها فقط يمكن أن تحوله في لحظة إلى طفل باكٍ
(40).
بيقول أنه بدأ يتشكك في كل شيء، حتى الصور
الذهنية اللي بتجيله عم زوجته، حتى صلاته من أجل الموتى، حتى أنه بدأ يشك في قدرة
الدين على تقديم التعزية (48)، وبدأ يقول ”أنت لا تدرك إلى أي مدى تؤمن بشيء، إلا
أن يصبح صدقه أو كذبه مسألة حياة أو موت. من السهل أن تعتقد أن حبلاً ما قوي ومتين
بما يكفي إذا كنت ستستخدمه فقط في ربط صندوق. لكن إذا كنت ستتعلق به فوق هوة
سحيقة، أفلا تحاول عندئذٍ أن تتيقن بشأن مدى ثقتك الفعلية بذلك الحبل؟“ (46).
ويؤكد أن ”المخاطرة الحقيقية هي التي تختبر صدق الإيمان“ (46). ثم يصل إلى ذروة شكوكه حين يقول: ”عندما
بدا الله في أقصى درجات الرحمة، كان في الواقع يعد لنا المقصلة“ (53).
يصارع لويس مع فكرة صلاح الله ويقول: ”وهكذا
فإن كلمة صالح عندما ننسبها إليه فهي لا تعني شيئًا مثل آبراكادبرا، وهكذا لا يكون
لدينا عندئذٍ أي دافع لطاعته ولا حتى دافع الخوف.. إذا كانت القسوة من وجهة نظره
صالحة، ربما يكون الكذب فضيلة.. إذا كانت فكرته عن الصلاح مختلفة تمامًا عن فكرتنا،
فما يسميه سماء قد نحسبه نحن جحيمًا“ والعكس بالعكس (54). بالطبع العدل والصلاح
مختلفين في الدرجة وليس النوعية حتى وإن بدا لنا ذلك في خضم صراعاتنا.
ثم يقول إن الإنسان مش هيشعر بأهمية وجود
إله من عدمه، أو أنه صالح أو سادي، أو أن في حياة أبدية ولا لأ، ”إذا لم يكن هناك شيء على المحك. ولن تكتشف
بتاتًا مدى جدية الأمر، إلا عندما ترتفع قيمة الرهان إلى قيمة عالية، حين تدرك أنك
لا تلعب على أشباه لا قيمة لها، وعلى قروش ذهيدة. بل على كل ما تملك في هذا العالم“،
”فقط العذاب هو الذي يمكن أن يُخرج الحقيقة إلى النور، وتحت العذاب يمكن أن
يكتشف الإنسان نفسه“ (59). بعده كده هيقول إن المشلكة في أن الله صالح إنه
يؤلم لكي يشفي.. فحتى لو إنسان قاسي يمكن رشوته، لكن ربنا لأ. وحتى الإنسان القاسي
قد تنتابه نوبة وقتية من الرحمة، لكن ربنا يفترض أن عنده الرحمة على طول حتى وهو
يعاقب. لكن ”افترض أن مَن تواجهه هو جراح، كل نياته صالحة. فكلما كان رحيمًا ويقظ
الضمير، كان مثابرًا ومستمرًا في استخدام مشرطه. وإذا استجاب لتوسلاتك وتوقف عن
إكمال العملية، فسيكون كل الألم الذي تعرضت له.. قد ذهب هباءًا منثورًا“ (64).
ثم يقول مستنكرًا ”ما الذي يعنيه الناس عندما يقولون: إني لا أخاف من الله لأني
أعم أنه صالح؟ ألم يذهبوا إلى طبيب الأسنان من قبل؟“.
حتى عندما يقول عن الله أنه إله سادي، سمى
هذا نوع من التنفيس عن الذات، ونوع من الحصول على لذة الانتقام. ثم يفكر ان رغبته
في عودة زوجته إلى الحياة هي نوع من الأنانية، لانها ستموت مرة ثانية. ثم يرضى
ويقول ”إن النفس الأكثر إيمانًا يمكنها أن تقفز إلى الكمال والسلام في اللحظة
التي يحشرج الموت في حلقها“ (63).
يشح لويس أنه أحيانًا لما نلّح على طلب معين
من الله بيكون ده الوقت اللي ربنا مش هيقدم فيه المساعدة لأنك ”عندئذٍ تكون مثل
الغريق الذي لا يمكن إنقاذه، لأنه يتشبث أكثر من اللازم“ (67). وصدى صراخك هو نفسه
هو اللي بيصم أذنيك.
يلجأ لويس إلى فكرة عجزنا عن إدراك الحقيقة
كاملة ويقول: ”خمس حواس، وعقل يمارس التجريد بلا هوادة، وذاكرة عشوائية
الانتقاء، ومجموعة من المفاهيم والافتراضات المسبقة الكثيرة جدًا حتى إني لم أستطع
فحص إلا القليل منها دون أن أكون حتى واعيًا بها جميعًا. كم من مجمل الواقع، يمكن
لمثل ذلك الجهاز أن يستقبل“ (82).ثم يقول في السماء هنلاقي إن ”الإجابة
الحقيقية ستكون نوعًا من البساطة الشديدة التي من شأنها أن تهدم أفكارنا المعقدة
تمامًا“ (87).
تنويه: الناس ممكن تُصدم في شكوك لويس في هذا الكتاب وممكن يقولوا فين المدافع العظيم عن المسيحية، لكن إنك تعاني عاطفيًا ده شيء، وإنك تفند أفكار معينة بعقلك ده شيء تاني، دفاعيات لويس عن الشر والألم هتلاقيها في كتابه ”إشكالية الألم“ (The Problem of Pain). لكن هنا تجربة شخصية للغاية. ومع ذلك لم ينكر لويس وجود الله أبدًا في هذا الكتاب، كذلك قال إنه ستوجد إجابة في السماء لسؤال ”أين الله“.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق