الأربعاء، 5 سبتمبر 2018

عظات على سفر التكوين- ق يوحنا ذهبي الفم



بيانات الكتاب:
عظات على سفر التكوين للقديس يوحنا ذهبي الفم
ترجمة ل 8 عظات قام بها د. جورج فرج، ومراجعة د. جورج عوض
ونشرت بمعرفة المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية
في حوالي 200 صفحة (من القطع الصغير)

في القرن الرابع، في أنطاكية، قدم ق يوحنا ذهبي الفم سلسلة من العظات في الصوم الكبير، على سفر التكوين. تحدث فيها عن خلقة الكون من العدم، وفي تعليقه على آية ”خلق الله السموات والأرض“ يقول هل خلق السقف قبل القاعدة؟ لكنه يجيب: ”إن الله ليس خاضعًا لما يقتضيه الترتيب الطبيعي، ولا يذعن للقوانين الفنية“؛ لأنه مبدع الموجودات كلها (ص 74).
وفي حديثه عن آية ”لنعمل الإنسان على صورتنا“، يسأل مع مَن يتكلم، ويفند الرأي اليهودي بأن الله كان يتحدث مع أحد الملائكة. ويقول: لو كان يتحدث مع ملاك، فلماذا لم يتحدث معه قبل خلق السموات والأرض، وكيف يقول بعد ذلك ”على صورتنا“. لأن الملائكة ليس لهم صورة واحدة، ومن جوهر مختلف عن الله. ويخلُص إلى أنه كان يتحدث مع الابن، المشير الأعظم. (ص 89، 90).
وفي حديثه عن خلقة الرجل والمرأة، يتحدث عن أن الله خلقمها في مساواة، نفس السيادة والسلطان. لكن بالسقوط، أو بالأحرى كما يرى ذهبي الفم عندما فشلت المرأة في ممارسة السيادة، أصبحت من المتسلط عليها. (ص 113). ويربط بكلام بولس عن عدم السماح للمرأة بأن تعلم الرجل، لماذا؟ لأنها ”علمت آدم مرة بشكل سيئ.. لذلك أنزلها عن كرسي التعليم، لأنه قال مَن لا يعرف أن يعلّم فليتعلم“ (ص 114- 115).
لكنه يقول إن وصية الله بأن يحب الرجل امرأته قد خفف من وطأة هذه العبودية او التسلط. ”عندما يرافق المخافة بالحب؛ لأنه هكذا اختفى ثقل العبودية“ (ص 116). وفي العظة السادسة يوجد نوع من الاستدراك بأنه في حالة الرجل غير المؤمن يجوز للمرأة أن تعلم الرجل! ثم يعطي ذهبي الفم بعد ذلك نوعين آخرين من العبودية أو الخضوع، للملك والسلطات، وهي أصعبهم، ونظام العبيد. وقال أن ده وضع ناتج عن السقوط ولم يُقصد من البداية. لكن العبد اللي هيعيش بالفضيلة هيكون ملك أكثر من جميع الملوك، وأعطى مثال على ذلك الفتية الثلاثة اللي كانوا بيخاطبوا نبوخذنصر من غير ألقاب ومن غير خوف. (ص 140).
تظهر براعة ذهبي الفم في جذب انتباه الشعب عندما دخل عامل ليشعل المصابيح، فأخذ انتباه الناس عن العظة، فإذا به يقول: ”يا لها من لامبالاة هذه أن تتركون وتراقبوه! فأنا أيضًا أشعل النار من الكتب المقدسة، ومن لساني يشتعل مصباح التعاليم، وهذا النور أعظم وأفضل من ذاك، لأننا لا نشعل فتيلة مبللة بزيت مثل ذاك الرجل، بل إننا ننير نفوسًا مروية بالتقوى“ (ص 123) ثم يشجع مستمعيه ويقول: ”لا يظن أحد أن هذا اللوم لا يُحتمل، لأنني لا ألومكم بدافع الكراهية، بل لأنني أهتم بكم.“ هذا الأمر ليس غريبًا عن الخطيب المفوه العظيم.. في كتاب القصد من غموض النبوات، يمتدح سامعيه واصفًا إياهم بالتربة الجيدة التي تأتي بثمر كثير حتى لو كانت البذرة ضعيفة، ويقصد بالبذرة نفسه! ليتنا نتضع ونعرف كيف نشجع الناس!
الشيء الآخر المبدع هو وصفه للشحاذين في سياق حديثه عن فضيلة العطاء للفقراء. ذهبي الفم بيلوم الناس اللي بيمروا على الفقرا والمحتاجين وكأنهم عواميد أو تماثيل مش بني آدامين من لحم ودم زينا.. وبيوصف الشحات بطريقة عجيبة للغاية..  بيقول أنه بيبقى متلهف وخايف النهار يخلص وكل واحد يروح لبيته وهو لسه مجمعش قوت يومه.. عامل زي الغريق اللي بيدور على أي لوح خشبي يمسك فيه قبل ما الليل يجي عليه.. وتكون دي نهايته.. إذ أن ميناء سلامتهم هي تلك الأيادي الرحيمة“ (ص 147).
 علشان كده نفهم ليه الشحاتين أحيانًا بيعملوا تصرفات سخيفة ويقعدوا يحلفوا ويدعوا وحاجات زي دي... 
لكن اللافت أنه بيوصف الشحات الحقيقي وبيقول أنه مش طماع.. كل اللي عايزه قليل من الخبز أو قليل من المال.. والمهم أنه لما بياخد ”لا يكف عن الدعاء“ ولو مخدش ”لا يخرج من فمه كلمة سوء". كمان بيقول إن المحتاج هو اللي بيحي بالمحتاج.. واللي جرب الجوع هو اللي بيحس بالمحتاجين: ”إن البطون المتخمة لا تعرف البطون الجائعة ولكن تلك الجائعة فبسبب احتياجها تشعر أيضًا بمثيلتها من البطون الخاوية للآخرين.“ (ص 146)
تفسير جريء لذهبي الفم
الشيء الجريء هو كلامه عن الشجرة، ولماذا دُعيت بهذا الاسم (معرفة الخير والشر) بالرغم إن طبيعتها ليست فيها معرفة الخير والشر؟؟؟؟ (ص 179). يؤكد هنا ذهبي الفم شيء في غاية الخطورة؛ أن الشجرة من حيث هي شجرة ليس في طبيعتها (النباتية) أي شيء له علاقة الخير والشر. (ليتنا نتعلم.. وليتنا لا نكفر ذهبي الفم أيضًا). يجيب ذهبي الفم على السؤال السابق كالآتي: إن الكتاب المقدس اعتاد أن يسمي الأماكن والأزمنة بناءً على ما يحدث فيها (ص 179- 180).
ويضرب أمثلة على ذلك: زي بئر إسحق اللي اتسمى آبار العداوة لما حصلت خصومة عليه. ”هكذا الشجرة دُعيت بمعرفة الخير والشر، ليس لأن فيها المعرفة، بل لأن عن طريقها صار البرهان لمعرفة الخير والشر.“ (ص 180). ثم أكَّد على فكرته بمثلين آخرين هما: بئر إبراهيم التي سميت ببر سبع (أو بئر القسم)- انظر تك 21، والمكان اللي شاف فيه يعقوب رؤية سماه ”محنايم“ أو جيش (انظر تك 32). هكذا شجرة معرفة الخير والشجرة!   


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق