بيانات الكتاب
صلاة القلب
تأليف الأب ألفونس وراشيل جوتمان
وترجمه للإنجليزية ثيؤدور وريبيكا نوتينجهام
وترجمه إلى العربية راهب من البرية الشرقية
نُشر بمعرفة مدرسةالأسكندرية للدراسات اللاهوتية
في حوالي 180 صفحة (من القطع المتوسط)
ملحوظة: الملاحظات التالية هي رد على اعتراضات نشرت في فايل pdf وقيلت في بعض الفيديوهات على اليوتيوب، مما اثار انتباهي فقررت أن أقرأ الكتاب وأبدي رأيي الشخصي فيه الذي لا يعبّر إلا عن نفسي فقط.
يعترض الناقد لهذا الكتاب على عبارة جاءت في (صفحة 15): ”عاش آدم وحواء في علاقة حميمة مع الله، وكانوا يسمعون منه فمًا لفم حيث تخلل أنفاسهم بعضهم البعض كما يقول النص العبري.“ الناقد يقول إن الأرواح لا تتنفس، وبما إن الله روح، إذن فهو لا يتنفس. نحن نقول: بالتأكيد، هذا شيء بديهي، ولكن مَن قال أن الله يتنفس على هذا النحو. هو تعبير مجازي. ومع ذلك، فكلمة ”موحى به“ (θεόπνευστος) معناها ”أنفاس الله“، وحسنًا نصلي بهذا المعنى في إبصالية الأربعاء ”يعلموننا في الكتب المقدس أنفاس الله أن نكون رحومين على الخليقة التي خلقها“. هذه العبارة لا تعني أكثر من قول الكتاب ”نَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ.“ (تك 2: 7). فما معنى النفخ هنا؟ يجوز لنا أن نتحدث عن أنفاس الله ونفخة الله، فلماذا يعترض الناقد على استخدام الكاتب لهذه التعبيرات عن الله.
ثم يعترض الناقد على عبارة وردت في (صفحة
17): ”ولكن يهوه أعلن عن نفسه أيضا "إني أكون
معك" ( خر3: 12) فهو الآخر برمته the
wholly other ، هو ما وراء كل الأشياء،
وهو الاستقلال
المتعذر بلوغه... الخالق
فى قلب الخليقة.“ ويتهم بأن هذا نوع من وحدة الوجود Pantheism بحجة أن الله موجود في الآخر.. أي آخر. نحن نقول أن الناقد لا يفهم
المعنى المقصود الذي هو عكس اتهامه تمامًا. تعبير ”الآخر برمته“ يعني ”المغاير
تمامًا“.. يعني ليس كمثله شيء.. يعني تأكيد على التنزيه المطلق لله.. وهذا عكس
وحدة الوجود تمامًا. وحدة الوجود تؤكد على حلول الله بالكامل في الكون دون أي
تنزيه له عن الكون المادي. لكن السطر السابق لاقتباس الناقد يؤكد على تنزيه الله:
”أن تعي الاسم يعني أن تدخل في اختبار ثيؤفاني،
والذي قد يثير الخوف والارتعاد أمام القداسة، تلك الهوة التي نشأت من خلال التسامي
المطلق.“ (صفحة 17). هوة.. تسامي مطلق.. أين وحدة الوجود هنا؟
أما عبارة ”الخالق في قلب الخليقة“.. فبعد التأكيد على تنزيه
الله أو تساميه وعلوه Transcendence.. نستطيع أن نقول بمحايثة أو
حلول الله Immanence.. وحضوره في الطبيعة.. فبصمته
على كل مخلوقاته. التأكيد على أحد الأمرين فقط هو الخطأ.
في صفحة 39
(أو 40) يوجد نقد لعبارة قالها سمعان اللاهوتي الجديد تتحدث عن أن المسيح يتغلغل في جسدنا.. تحت جلدنا.. حتى أطراف أصابعنا..
وهكذا. بالرغم من غرابة العبارة لكن يؤكد الكاتب أن الاتحاد بالله يكون ”بلا
اختلاط“، مثل الحديد والنار (صفحة 98).. ونفس الشيء في صفحة 100. الكاتب بيتكلم عن
خبرة في الصلاة.. والشعور بحضور الله.. الكاتب يرى أن حضور الله في الصلاة لا يؤثر
على الروح فقط. لكن الجسد أيضًا.. ولما لا؟ فالجسد هو وسيط.. هو الأداة. الآباء
القديسين كان المجد ينعكس على أجسادهم.. وجوه وأيدي تنير مثل موسى.. الجسد يشترك
في العبادة من خلال السجود والتوجه نحو الشرق. الجسد يشارك في ممارسات روحية مثل
الصوم. الجسد يشترك في المطانيات.. أجساد الآباء السواح نالت عربون المجد الأبدي
من هنا والآن وخفَّت وتجاوزت الحدود الزمنية والمكانية. هل يستطيع الناقد أن ينكر
هذا عن أبائنا السواح القديسيين؟ بالطبع لا. وأنا أقول إن هذه النعمة ليست للجميع،
لكن إنكار إمكانية حدوث هذا يتناقض مع إيماننا الارثوذكسي عن مفاعيل الخلاص الذي
قدمه المسيح لأجلنا مجددًا طبيعتنا البشرية الساقطة.
دور الجسد
الكلام عن
وضعية معينة في الصلاة.. مفيش مشكلة فيها طالما ان الكاتب أكد في أكثر من موضع أنها
ليست الغاية (ص 42). أيضًا التعود على صلاة يسوع مع انتظام التنفس وخلافه.. يتحدث
الكاتب في (ص 46) عن خطورة الاستخدام الآلي لهذه الطرق، وأنها مرة أخرى ليست
الغاية في حد ذاتها. هي تداريب الغرض منها تركيز وحصر الذهن.. والاختلاء.. وتجهيز
الجسد لخبرة الصلاة. المهم أن الكاتب في (صفحة 83) يحذر من الاعتماد على الذات
والعمل بالاعتماد على هذه الحركات بدون نعمة الله. الكاتب بيقول دي البداية..
والبداية نصف الطريق (صفحة 83(. وحتى مع اعتراف الكاتب بأنه
يوجد ممارسات شبيهة في اليوجا وخلافه.. لكن الأمر لا يصل إلى ”استدعاء قوى شيطانية“
كما يقول الناقد. هذا إجحاف كبير. حتى الناس اللي بتاخد حصص في اليوجا.. مش بيكون
علشان استدعاء قوى شيطانية. أيها الأخ العزيز: ”لا تقتل ذبابة بمدفع!“
يقول الناقد،
في عظة مسجلة: إن حدث التجلي يخص المسيح فقط.. اللافت أن كلمة تغيرت هيئته (μεταμορφοῦ) قيلت عنا
نحن ايضًا في كلام بولس في رومية 12: 2 ”تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم“. وأعتقد
أنه هنا تكمن المشكلة.. خصومة تجاه الجسد.. وانتقاص للإمكانيات التي صارت للبشرية
بفضل تجسد المسيح. وتأجيل لكل مظاهر التمجيد إلى المجيء الثاني. مع أن خبرتنا
الأرثوذكسية المعاشة يوميًا تؤكد أن الابدية بدأت بالفعل. نحن نقول إن كل حياة
المسيح على الأرض وخدمته وموته وصعوده وقيامته هي لحسابنا نحن. وهذا ما يؤكده
الرسول بولس: أقامنا معه.. واصعدنا معه في السماويات. فلماذا لا يكون التجلي لحساب
بشريتنا؟ ونحن فقط كاقباط وأرثوذكس من نتغنى طوال الوقت عن آباء قديسين تنير
أيديهم ووجوههم.. وما إلى ذلك من مظاهر تمجيد الجسد.. وعربون ميراث الأبدية من
الآن. لا أدعى لنفسي هذا التجلي، لكن مرة أخرى إنكاره يعني انتقاصًا من مفاعيل
التجسد التي بدأت العمل في طبيعتنا البشرية منذ حدث التجسد حتى تكتمل ذروتها في
المجيء الثاني.
عن (صفحة 90) ينكر
الناقد أن النفخة في يو 20: 22 هي نفخة إعادة خلق. أتعجب! إذن ماذا نفعل وهذا
الكلام هو كلام ق كيرلس الكبير عمود الدين. يقول ق كيرلس تعليقا على هذه الآية: إن
النفخة هنا علامة على تجديد البشرية مرة أخرى، كما أعطاها النفخة في الخلقة الأولى
على صورة الله، يكون بشركة الروح يتغيرون إلى صورة الخالق ومثاله. (انظر شرح إنجيل
يوحنا، صفحة 506، ترجمة د نصحي عبد الشهيد، مؤسسة ق أنطونيوس). إذن النفخة هنا
ليست نفخة سلطان الكنيسة فقط في الحل والربط كما يزعم الناقد.
كما ينتقد
عبارة أخرى لسمعان اللاهوتي الجديد (صفحة 39) يقول فيها: ”أنا غير المستحق، أنا يد وقدم المسيح! أحرك يدي ويدي هي
كلها المسيح، لأن الله قد اتحد بلا تفريق بي.“
كيف يُفهم هذا
الكلام، وهي لغة صوفية أو مستيكية عميقة وعالية، تذكرنا بكتابات ق مكاريوس المصري.
الاتحاد بالله عقيدة إنجيلية.. نثبت في المسيح.. نكون واحدًا فيه.. إلى آخره من
التعبيرات. فما المشكلة في ذلك طالما أن كاتب ”صلاة القلب“ يؤكد في أكثر من موضع
أن هذا الاتحاد بلا اختلاط. فهو ليس اتحاد على مستوى الجوهر. وبالتالي الكاتب لم
يخطئ في شيء. حتى أن صلاة قسمة ”يا حمل الله“ تقول: عند
استحالة الخبز والخمر إلى جسدك ودمك تتحول نفوسنا إلى مشكاركة مجدك وتتحد نفوسنا
بألوهيتك.“ (لماذا لا نكفر هذه القسمة؛ لأنها تدعونا إلى الاتحاد
باللاهوت؟)
القول السابق
يُفهم في سياق الافخارستيا.. فالشعور الواجب بعد التناول أنني أخجل من استخدام يدي
أو رجلي في شيء يغضب المسيح لأن أعضائي أصبحت أعضاء المسيح. في قول لتريزا من
أفيلا بيقول: ”المسيح لم يعد له جسد الآن على
الأرض سوى جسدكم، لا أيدي ولا أرجل له سوى أيديكم وارجلكم.. عيونكم هي العيون التي
يظهر بها المسيح شفقته على العالم. أرجلكم هي الأرجل التي يذهب بها لعمل الصلاح.
ايدكم هي الأيدي التي يباركنا بها الآن.“
في (صفحة 115)،
يعترض الناقد على فكرة أن البشر هم عوالم مصغرة. ولم يلتفت أن كاتب ”صلاة القلب“
يقول إن الآباء قالوا بذلك. لكن الناقد يقول إن هذا القول ليس لآباء الكنيسة..
وهذا غير صحيح. ق غريغوريوس النيصي في كتاب بعنوان ”عن النفس والقيامة“ يقول إن
انتظامية الكون تجعلنا نرى الانسجام بين الأجزاء والكل. ويشرح أن الكون الكبير macrocosm ينعكس في
الكون الصغير microcosm ويقصد النفس. ”قال الحكماء إن الإنسان بمثابة كون مصغر يحوي في نفسه
العناصر التي يُبنى منها الكون“ (صفحة 34). قال بنفس الشيء ق غريغوريوس النزينزي في الخطب اللاهوتية (ص 65- منشورات النور). وبالتالي الفكرة وإن وجدت
عند الحكماء غير المسيحيين، فقد صدق عليها الآباء أو وظفوها. وهذا الأسلوب يتفق مع
أسلوب الآباء، الذين وظفوا ألفاظًا ومصطلحات يونانية كثيرة. حتى أن ق غريغوريوس النزيانزي يقول: "إني أوافق على قول القائل، وإن كان القائل من غير جماعتنا". (نفس المرجع السابق- ص57). توجد حقائق في كل
المعتقدات والأديان، مش كل حاجة غلط.. لكننا نرى أن المسيح هو الحق المطلق.
في (صفحة 149)
يعترض الناقد على عبارة عن أن الله ”يمحو ذاته
ذاته كليًا بواسطة الامتزاج بدمنا وجسدنا ونفسنا“. المهم رجعت للنسخة
التي في يدي ولم أجد هذه العبارة! وأنا أتفق مع الناقد لأن الله يحترم الأقنومية
والتمايز سواء في العلاقة الجوهرية بين الأقانيم أو في الاتحاد معنا بالنعمة.
وبرافووو دار النشر إذا التفت إلى هذا وحذفت الجملة. لا أعرف ما الذي حدث.
في صفحة 158
يعترض الكاتب على أن بوذا وشخص آخر يُدعى باتنجالي- مؤسس اليوجا في القرن الرابع
قبل الميلاد- قالا آراء مشابهة عن ”اليقظة“. مرة أخرى الأديان والمعتقدات تتضمن
بعض الحقائق. ق إكليمندس السكندري كان يقول عن أفلاطون واحد منا. وق يوستين كان
يقول أن فلاسفة اليونان هم أنبياء الأمم.. وأنهم اقتربوا من الحق كثيرًا. وهذا
مبني على أساس ان أي إنسان هو مخلوق على صورة الله وبه بذار اللوغوس ويستطيع أن
يصل إلى الحق بقدر انفتاحه على الحق. لماذا نظن أنفسنا فقط من لدينا كل الحق..
بينما يعيش الآخرون بعيدًا عن متناول نعمة الله. الله يعمل مع الجميع!
بشكل عام الكتاب
جيد لكنه من الإجحاف الشديد أن يصير كتاب (يتحدث عن صلاة يسوع والخلاص بالمسيح
واللهج بصلاة يسوع ومقاومة خطايا الفتور والكبرياء والغرور) إلى كتاب يدعو
لاستدعاء قوى شيطانية عن طريق اليوجا والترويج لأفكار حركة العصر الجديد، وتبني
لمذهب وحدة الوجود Pantheism، هذا تقدير غير صادق في
تقديري، وينطوي على ظلم كبير، حتى لو اختلفت مع بعض آراء مؤلف الكتاب.
شكرا طرح موضوعى جدا و معلومات قيمة .
ردحذفكان في نقد لكتاب كيف صلي يسوع كيهودى
ممكن ابعته لحضرتكpdf و تكتبلنا رأيك فيه