السبت، 30 سبتمبر 2017

موجز الآراء الفلسفية- هيوم


عاش هيوم بين 1711- 1776م، هو أول من وجد مشكلة في الاستقراء induction. هو بيقول إن حقيقة مثل ”كل حديد يتمدد بالنار“، نتيجة  الاستقراء بعد عمل عدد من التجارب، هيوم يشكك، ويقول مهما أجرينا عددًا أكبر من التجارب، لا يمكن القطع بهذا، هما بدت قوة الاستقراء. فنحن لم نجرب هذا على كل هذا الحديد في العالم كله، وبالتالي شكك في كل المعارف.
-    كما شكك هيوم في الرابط المنطقي بين السبب والمسبب أو مفهوم العلية. وقال إن العادة (عادة سيئة) والخيال هو ما يوهمنا بالسببية، مع أن الأمر لا يزيد عن اقتران أو تتابع الشيء بالشيء. حاجة زي الديك لما يدَّن.. الفجر يطلع! مفيش أي علاقة سببية. إذن هو توصل إلى أنه في الواقع مفيش أي ترابط حقيقي بين الأشياء. الموضوع كله زي شريط السينما.. صور متتابعة ليس أكثر.   
-        هو يرى الوجود كله كأحداث مفككة itemic، لا علاقة ببعضها البعض. هو بيعمل حاجة اسمها individuation تفريد أو تجزيئ لكل شيء. الخبرات دايمًا عنده itemic وليست relational.
-      تشبه فلسفته كلام أبو حامد الغزالي: يقول الغزالي: ”الإقتران بين ما يعتقد في العادة سبباً ليس ضرورياً عندنا، بل كل شيئين، ليس هذا ذاك، ولا ذاك هذا، ولا إثبات أحدهما متضمناً لإثبات الآخر، ولا نفيه متضمناً لنفي الآخر، فليس من ضرورة وجود أحدهما وجود الآخر، ولا من ضرورة عدم أحدهما عدم الآخر، مثل الري والشرب، والشبع والاكل، والاحتراق ولقاء النار، والنور وطلوع الشمس، والموت وجز الرقبة، والشفاء وشرب الدواء، واسهال البطن واستعمال المسهل.. الخ[1]
-        رأي هيوم يشبه في جوهره رأي الأشاعرة ”لا فاعل حقيقي إلا الله.“.. الماء لا يروي.. الله هو علة الإرواء. النار لا تحرق، ولكن الله يأمرها بأن تحرق. أبو حامد الغزالي قال بهذه الفكرة، واستشهد بها لتفسير قصة إحراق سيدنا إبراهيم- حسب رواية القرآن- وبيقول إن الله فك الارتباط التزامني المتعاقب، حيث لا يوجد ترابط منطقي أصلاً- وبالتالي لم تحرقه النار.
-        ويرى البعض أن هذا الترابط الزمني هو تسخير الله للكون.. حتى نفهم.. حتى نستطيع أن نراكم المعرفة.. ونبني حضارة.
-        بناءً عليه ينكر العلة الأولى: الله، وينكر المعجزات[2]، حتى إن قال الناس أن المعجزات متواترة، فهو يقول إن كذب المتواتر أصدق من صدق المعجز، وكذلك أنكر خلود الروح. هو في أفضل الأحوال ”لاأدري“.
-        طبعًا عندما ينكر مبدأ العلية/ السببية، يبقى هيضرب في الحجة الكونية لإثبات وجود الله. ”كل ما يبدأ في الوجود لابد له من علة.“
-      كذلك أنكر هيوم العقل نفسه، يقول إن حللنا العقل وجدناه مجموعة من الانطباعات.. فهو يقول أنه لا يوجد شيء مستقل يُسمى العقل. كان يقول إن العقل غير خاضع للرصد أو الملاحظة.. كل الأفكار متولدة عن انطباعات.. وكل شيء عبارة عن صفات لا جواهر لها.
-     كذلك أنكر النفس.. وقال إن النفس مجرد وهم. بيقول كل ما ندور في ذواتنا مش هنلاقي غير مجموعة من الأحاسيس والتصورات.. مثل حلقات في سلسلة.. إنك تحاول تلاقي ذات موحدّة وراء التصورات كأنك بتدور على سلسلة بعيدًا عن الحلقات. كلامه بيردد صدى سؤال مهم: هل لو مسحت ذاكرتنا، هنكون نفس الشخص؟
-        يرى هيوم أنه كلما تعمق في ذاته لا يجدها.. ويتعثر في تصورات وإدراكات.. ثم إذا نام.. يفقد الشعور بذاته، أو بحسب تعبيره يفضل أن الذات لا تكون موجودة بالنوم.
-        يرى هيوم أن كل ما لدينا هو ذكريات وتصورات تتخزن في صدفة دائمة التغير (ever-changing shell).
-        تحدث عن الإدراك بتداعي المعاني.. وقال إن الذاكرة ترتبط بالانطباعات بناء على حدتها ووضوحها.
-        كما أنكر حرية الإرادة، لأنه قال إن قوانين التداعي حتمية.. ولا توجد أفعال بشرية حرة.
وبالتالي يعتبر هيوم هو شيخ المشككين، أنكر العلية، والعقل، والنفس، والمعجزات.. إلخ. حتى أن الفيلسوف إيمانويل كانط قال إن هيوم هو من أيقظه من ثباته الدوجماطيقي.. بمعنى هو الوحيد الذي نجح في أن يشككه في معتقداته الثابتة.  



[1] الغزالي،  تهافت الفلاسفة، تحقيق سليمان دنيا، دار المعارف، الطبعة الخامسة، صفحة 239.
[2]  هناك من يحاول أن يفند رأي هيوم في إنكار المعجزات، بقولهم طالما أنك يا هيوم ترى كل شيء مفكك بدون علاقة سببية ين الأشياء وبعضها، فلماذا لا تعتبر المعجزة حدث فريد في حد ذاته، وليس كسرًا لقوانين الطبيعة المعتادة! كذلك من المستحيل إنكار العلية على مستوى الفكر، فهو يحاول أن يقنعنا بأسبابه (سببية)!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق