الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

العصا في سفر الأمثال



هناك آيات تُذكر فيها العصا في سفر الأمثال، وتثير جدلاً بين المؤمنين من حيث تفسيرها حرفيًا، ومن ثم يُسمح بالضرب، وتفسيرها مجازيًا بمعنى التأديب بشكل عام. فيما يلي بعض الملاحظات حول هذا الأمر:
-   الضرب ليس قضية تتعلق بخلاص الإنسان، بمعنى إذا لم أمارس الضرب- في حالة أخذت بالمعنى الحرفي- فلن يؤثر هذا على خلاص الوالدين أو الأبناء.
-  سفر الأمثال من الأسفار الشعرية، وبالتالي هناك ترجيح بقراءة "العصا" مجازيًا. على سبيل المثال هناك آية في أمثال 23: 1، 2 تقول: "ضَعْ سِكِّينًا لِحَنْجَرَتِكَ إِنْ كُنْتَ شَرِهًا." لا يمكن تصور أن تضع سكينًا حرفيَّة في حلقك إذا كنت تفرط في تناول الطعام. سفر الأمثال ليس نصًا تشريعيًا يؤخذ حرفيًّا.
-  سفر الأمثال هو كتاب عن الحكم والأمور البديهية التي نحتاجها لننجح في الحياة. مع ملاحظة هامة أنه ليس سفر الوعود المطلقة. فمثلاً يقول السفر: "رَبِّ الْوَلَدَ فِي طَرِيقِهِ، فَمَتَى شَاخَ أَيْضًا لاَ يَحِيدُ عَنْهُ" (أمثال 22: 6)، ونجد آباء وأمهات يربون أبناءهم في طريق الرب، وفي النهاية يصبحون فاسدين وأشرار- وربما أبناء لجهنم.  
-   أول آية عن العصا هي: "مَنْ يَمْنَعُ عَصَاهُ يَمْقُتِ ابْنَهُ، وَمَنْ أَحَبَّهُ يَطْلُبُ لَهُ التَّأْدِيبَ" (أم 13: 24). يمكن تفسير كلمة "عصا" على أنها عصا الراعي التي تقود الخراف في طريقها وتحميها إذا اقترب ما يهددها. هذا التفسير وأن كان يرسم صورة جميلة عن الراعي الذي يقود الخراف إلى المراعي والمروج الخضراء، فإن النصف الآخر من الآية لا تؤيدها، لأن الراعي في كل الأحوال لا يؤدب أو يعاقب خرافه. وقد تعني أيضًا "عصا القياس".
-    التفسير الثاني للعصا هو "عصا السلطة"، أو "قضيب السلطان". يعزز هذا التفسير أن كاتب السفر هو سليمان الملك. والملك- كالأب والأم- له سلطة تأديب أبنائه أو رعاياه- وحتى معاقبتهم أحيانًا. اختصارًا لهذه النقطة، يمكن اعتبار العصا كرمز للسلطة.
-   الإشكالية الأخرى في كلمة "ابن" الواردة في الآية، والتي لا يُقصد منها أبدًا الطفل الصغير في سن المشي أو أصغر أو أكبر قليلاً. هذه الكلمة في العبرية تعني ذكرًا شابًا، أو خادمًا، أو غلامًا. وبالتالي بعد سن المشي بالتأكيد. هذه الكلمة استخدمت للإشارة إلى يشوع بن نون "خادم" موسى، وكان في سن الشباب (انظر خر 33: 11). هذا يجعلنا نستنتج أن مَن يقولون إن الضرب مباح في السنوات الأولى استنادًا على هذا الآيات ليس لهم ما يدعم فكرتهم في هذه الآية.
-   لا ننكر أن هناك آيات أخرى يكون التفسير الحرفي للعصا أقرب إلى المعنى المقصود. من هذه الآيات أم 10: 13، 26: 3، مز 89: 32. 
-  ولكن في أمثال 23: 13 يقول: "لاَ تَمْنَعِ التَّأْدِيبَ عَنِ الْوَلَدِ، لأَنَّكَ إِنْ ضَرَبْتَهُ بِعَصًا لاَ يَمُوتُ". وفي خروج 21: 20 يقول: "إِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ بِالْعَصَا فَمَاتَ تَحْتَ يَدِهِ يُنْتَقَمُ مِنْهُ". لا يمكننا أن نساوي بين العصا الأولى الضرورية لعدم الموت (بالنسبة لطفل)، والعصا الثانية التي يمكن أن تقتل عبدًا أو أمةً بالغة.
-   ومن هنا تأتي فكرة إحتمالية استخدم القدر المناسب من الضرب البدني، ووفقًا لشروط معينة. لذا الخلاصة في هذا الموضوع هي أن العصا في أفضل الأحوال مجازية، وفي أسوأ الأحوال قد تتضمن استخدام الضرب كأحد- والتأكيد على أنها أحد- التفسيرات المتضمنة. ووفقًا لشروط معينة. عمليًا لابد أن يعي كل أب أو أم أن الضرب لابد أن يكون الملاذ الأخير، وعلى أخطاء أخلاقية جسيمة، ولابد أن تكون هادئًا، ولا يكون شعورك الإحباط، وليس على غفلة من ابنك، لأنك إذا اعتدت على الضرب تكون قد استنفذت كل ما لديك.  

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق