مرجع الكلام
التالي هو كتاب "العبدة والأم" للأستاذ بطرس كرم، وهو عبارة عن رسالة
ماجستير كانت مقدمة لمعهد فلاديمير واحد المشرفين عليها كان "جون بير"
العميد السابق لمعهد فلاديمير. الناشر: مدرسة الأسكندرية للدراسات اللاهوتية، في
175 صفحة.
كل سنة بننزل
تسبحة كيهك ونرتل عن الرموز اللي بتوصف العذراء.. عايزين نبقى فاهمين الرموز
اساسها إيه والمنطق اللي اتبنت عليها..
1- سلم يعقوب:
يعقوب (تك 28) شاف سلم ملايكة نازلين وطالعين عليه بين السما والأرض. بعد مجمع
أفسس 431م بدأ الآباء يشبهوا العذرا بسلم يعقوب، ثيؤتوكية السبت مثلا بتقول "شُبهت
بالسلم الذي رآه يعقوب مرتفعًا إلى السماء والرب المخوف عليه". لأن
العذرا مريم أصبحت الجسر الذي نزل عليه الله من السماء في التجسد (راجع ص 138-
140).
2- العليقة
المشتعلة: في تفاسير آبائية للعليقة المشتعلة على أنها الكنيسة المشتعلة بنار
الاضطهاد (141).. لكن في نفس الوقت ق غريغوريوس النيسي بيشبه العذرا بالعليقة ..
من حيث دوام بتوليتها، وبيقول: "كما كانت العليقة تحترق لكن لم تستنفذ..
هكذا العذراء ولدت النور ولم تفسد بتوليتها" (142). فيما بعد أخدت
العليقة تفسير آخر هو اتحاد ناسوت المسيح ولاهوته بدون أن تتأذى. وهتلاقي ثيؤتوكية
الخميس فيها التفسيرين: "العليقة التي رآها موسى.. ولم تحترق أغصانها.. هي
مثال مريم غير الدنسة.. ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء".
3- جبل سيناء:
ده اللي حل الله عليه أيام موسى في خر 19 بسحابة كثيفة.. والعذراء حل عليها روح
الله وظللتها قوة العلي. ق يعقوب السروجي بيقول: "إن رحِمك أكثر مهابة..
من السحابة التي كانت على جبل سيناء" (144). وكذلك ثيؤتوكية الثلاثاء
بتقول: "لأن كلمة الله.. نزل ليعطي الناموس على جبل سيناء... هو أيضًا نزل
عليكِ أيتها الجبل الناطق بوداعة.." (145).
4- تابوت
العهد: في تفاسير بتحاول تربط بين زيارة مريم لإليصابات في لوقا 1، وقصة إصعاد
التابوت إلى مدينة داود في 2صم 6: 9. داود بيقول: "كيف يأتي إلي تابوت
الرب؟" (2صم 6: 9) ونفس الشيء أليصابات قالت "من أين لي هذا أن
تأتي أم ربي إلي؟". والتابوت قعد في بيت واحد اسمه عوبيد 3 شهور،
والعذراء قعدت عند أليصابات 3 شهور (146). (ممكن نضيف إن البعض بيقول زي ما داود
كان فرحان ورقص قدام التابوت.. يوحنا المعمدان في بطن أليصابات "ارتكض
بابتهاج في بطنها").
ق كيرلس الكبير
بيقول "نرى اللوغوس ساكنًا في هيكل العذراء كما لو كان داخل التابوت".
في قديس اسمه بركلوس القسطنطيني (في السنكسار 24 هاتور) ده اصبح اسقف القسطنطينية
بعد نسطور.. وقاوم بشده تعاليم نسطور.. هنتكلم عنه أكثر بعدين.. بيقول: "مريم
تُكرّم لأنها أصبحت.. تابوتًا، لا يحتوي على الناموس، بل تحمل واضع الناموس في
أحشائها". في نقطة هنا مهمة قبل مجمع أفسس كان في تفاسير بتربط التابوت
بناسوت المسيح أكثر.. والخشب اللي لا يسوس هو ناسوت المسيح الذي بلا خطية.. لكن
فيما بعد ظهرت تفاسير عن أن الخشب اللي لا يسوس هو كمان رمز لطهراة العذرا
ونقاوتها.. لكن الأجمل أن ثيؤتوكية الأحد بتقول التفسيرين من غير أي مشكلة: "التابوت
المصفح بالذهب من كل ناحية المصنوع من خشب لا يسوس.. سبق أن دلنا على الله الكلمة"..
ثم في القطعة 15 "صنعوا تابوتًا من خشب لا يسوس وصفحوه بالذهب داخلا
وخارجًا.. وأنت أيضًا يا مريم متسربلة بمجد اللاهوت داخلا وخارجًا" (150).
5- لوحي
الشريعة: مؤلف ثيؤطوكية الأحد بيربط بين الوصايا العشررة واسم يسوع المسيح
بمهارة عالية كالآتي: "وفيها لوحي العهد والعشر كلمات هذه المكتوبة بأصبع
الله. سبق أن دلتنا على اليوطة، اسم الخلاص الذي ليسوع المسيح. هذا الذي تجسد منك
بغير تغيير...". طبعًا حرف اليوطا هو رقم 10 في اليوناني وكلمة يسوع
(إيسوس) بتبدأ باليوطا برضو.. والعلامة اوريجانوس هو أول من ربط بين الكلمة
(اللوغوس) المسيح والناموس المكتوب اللي لن يزول نقطة (يوطا) منه أبدًا (123).
6- قسط المن:
من خلال المقارنة بين حواء ومريم يقول ما إفرام السرياني "لقد أعطتنا مريم
الخبز المنعش، عوضًا عن خبز التعب الذي قدمته لنا حواء" (70). في
ثيؤتوكية الأحد نقول "شبهوا القسط الذهبي بالعذراء وكيلة المن بمخلصنا".
7- عصا هرون:
في سفر العدد ناس ادعت الكهنوت لنفسها.. فعمل موسى اختبار أنه أخد عصا من كل عشيرة
وعليها اسمها.. في اليوم التالي أفرخت عصا هارون اللي من بيت لاوي.. وأنضجت لوز..
وأزهرت بلا سقي ولا غرس.. ق بروكلس القسطنطيني بيقول: "لماذا يتحيرون أن
عذراء قد أنجبت؟ إذا كانوا لا يتحيرون بأن عصا بلا أوراق تزهر بشكل يتعارض مع
الطبيعة؟" (154). وبنقول في ثيؤتوكية الأحد "عصا هارون التي
أزهرت بغير غرس ولا سقي هي مثال لكِ، يا من ولدت المسيح إلهنا بالحقيقة وبغير رزع
بشر وأنت عذراء".
8- كرسي
الرحمة (إيلاستيريون): فوق التابوت كان في الغطاء أو كرسي الرحمة، وهناك كان
بيحل مجد الرب.. بين اثنين من الكاروبيم مظللان عليه.. لازم ناخد بالنا ان ق كيرلس
كان بيفسر الغطاء على انه المسيح الذي صار فداء لنا.. (لأن كلمة إيلاستيريون
معناها الغطاء ومعناها الكفارة).. حتى أن ده بيظهر في ثيؤتوكية الأحد كالتالي:
"الغطاء المظلل عليه بالكاروبين المصورين أي الله الكلمة الذي تجسد منك.."
وبعد شوية يقول "أنت يا مريم ألوف وألوف وربوات ربوات يظلون عليكِ. مسبحين
خالقهم وهو في بطنك" (150). يبقى الرمزية هنا للمسيح والعذراء ومفيش
مشاكل في كده.
9- الباب
الشرقي: وده شافه حزقيال في رؤية وهو في السبي.. "يكون مغلقًا. لا
يُفتح ولا يدخل منه إنسان" (حز 44). الآباء بعد مجمع أفسس استخدموا الرية
دي للتأكيد على دوام بتولية العذراء. لبش ثيؤطوكية الأربعاء بتقول: "حزقيال
النبي يشهد قائلاً إنني رأيت بابًا ناحية المشرق مختومًا بخاتم عجيب. ولم يدخل فيه
إلا رب القوات. دخل وخرج وبقي مختومًا على حاله" (154).
10- جبل
دانيال: في حلم نبوخذ نصر شاف دانيال حجر قُطع بغير يدين وسحق التمثال،
ودانيال فسره على أنه ملكوت الله (دا 2). ق إيريناؤس أبو التقليد قال في ضد
الهرطقات "لم يكن دخوله إلى هذا العالم من خلال عمل الأيدي البشرية..
فيوسف لم يشارك في ذلك، لكن مريم وحدها تعاونت مع الخطة الإلهية التي تم ترتيبها
مسبقًا. لأن هذا الحجر الذي من الأرض يستمد وجوده من قوة وحكمة الله"
(157). ثيؤطوكية الثلاثاء بتقول: "غير المنظور.. ولدته مريم وهي عذراء.
لأن هذا هو الحجر الذي رآه دانيال قُطع من جبل. ولم تلمسه يد إنسان البته.. أتى وتجسد
بغير ذرع بشر حتى خلصنا".
11- المنارة
الذهبية: ودي منارة صنعها موسى بأمر الرب وفيها مصابيح سبعة.. ق كيرلس فسرها
على أنها تشير لجمال المسيح.. لكنه كان بيدعو مريم بالمصباح غير المنطفئ. ق بروكلس
بيقول إنها منارة لأنها حملت النور غير المادي.. والمنارة من ذهب لأنها ظلت
عذراء.. "كما أن المنارة ليست هي مصدر الضوء بل حاملة الضوء، هكذا أيضًا
العذراء لست هي نفسها الله، بل هيكل الله" (152). نفس الشيء بيتقال في
ثيؤطوكية الأحد "أنت المنارة الذهب النقي الحاملة المصباح.. الذي هو نور
العالم".
12- الحمامة
الحسنة: ق إيريناؤس هو اللي ربط بين دهاء الحية الذي انتصر عليه وداعة الحمامة
(ضد الهرطقات 5: 19: 1).
13- النور
والسحابة: العذرا هي ام النور كما اعتدنا وصفها. ثيؤطوكية الاثنين "اشرق
جسديًا من العذراء بغير زرع بشر". ق بروكلس قال "اليوم قد أشرق
شمس البر من السحابة العذراوية". لان المسيح هو شمس البر (ملا 4).
وثيؤطوكية الاثنين بتقول كمان "الله هو النور وساكن في النور.. النور أشرق
من مريم.."
14- مشغل أو
معمل الطبائع: ده وصف استخدمه ق بروكلس: المعمل أو المشغل.. وبيقول الآتي:
"كان الروح القدس هو الحائك، وقميص آدم الجلدي القديم بمثابة الصوف، وجسم
العذراء بمثابة الخيط، والنعمة... وشيعة المغزل.." (114) وفي عظة تانية
يقول: "من اين أخذتِ الصوف وأعددت الرداء الذي ارتداه رب الخليقة اليوم؟
الطبيعة تجيب بدلاً من العذراء.. أنا لا أعرف كيف أصنع رداء من الجسد بدون جماع
البشر. نولي يصنع ملابس غير نقية. لقد ألبست آدم لكنه وجد عاريًا. وفي خزيه ألبس
نفسه بأورق شجرة تين.. لذلك.. الحكمة الإلهية ألبس نفسه برداء الجسد بعد نسجه
بوشيعة العمل الإلهي في مشغل العذراء" (114). في موضع آخر يقول ق بروكلس
في عظه ليه في حضور نسطور نفسه عن العذرا أنها "نول التدبير الإلهي الذي
نُسج عليه رداء الاتحاد بشكل لا يعبر عنه". وقال في نفس العظة:
"معمل اتحاد الطبائع".
15- حواء
الثانية: الملمح ده طوره ق إيريناؤس.. وقال فيما معناه إن حواء كانت سبب
الموت، والعذراء سبب الخلاص. والعقدة اللي ربطتها حواء بسبب عصيانها، فكتها
العذراء بطاعتها (71).
لمحة تاريخية:
عندنا في
الإنجيل قول العذراء نفسها "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبني".
لكن أقدم ترنيمة للعذراء يرجع تاريخها للقرن الثالث أو الرابع، واكتشفت في البهنسا
بتقول: "تحت رحمتك نلتجئ يا والدة الإله. لا تتغاضي عن توسلاتنا في
الشدائد. بل نجينا من المخاطر، وحدك النقية، وحدك المباركة" (72).
أوريجانوس أول
واحد استخدم لقب ثيؤتوكوس، وبعده ق أثناسيوس، وق كيرلس، وغريغوريوس النزيانزي
"من لا يعترف بأن مريم هي والدة الإله.. هو مقطوع من الله" (84).
آباء أنطاكية كانوا بيقبلوا اللقب بتحفظ.. حتى نصل لنسطور اللي رفض اللقب ده بحجة
أنه بيخلي العدرا إلهة.. وفضل "والدة الإنسان". راحولوه رهبان من القسطنطينية
وتحاوروا معه.. ونشات معارضة ضد نسطور وصلت أخبارها إلى مصر.. ووقفله ناس كتير
منهم ق بروكلس.
شاف نسطور أن
مريم لم تلد سوى الإنسان.. ويعبر لاهوته عن "المصاحبة" أو السكنى أكثر
منه "أتحاد أقنومي بين الناسوت واللاهوت. وأقيم مجمع أفسس وتمت إدانة نسطور..
وكان احتفال كبير قوي في مدينة أفسس وكانوا يصرخون "المجد لوالدة
الإله". قبل كده بسنة واحدة 430م وقف ق بروكلس يقول عظة حماسية للعذراء قال
فيها:
التي استدعتنا
اليوم هي القديسة مريم، وعاء البتولية الذي لا يشوبه شائبة..
الفردوس الروحي
آدم الثاني، معمل اتحاد الطبائع..
السوق الذي كتب
فيه عقد الخلاص، الخدر الذي أخذ الكلمة فيه الجسد في زواج..
العليقة الحية..
، السحابة السريعة.. جزة الصوف المنقوعة بالأمطار التي نزلت من السماء..
العبدة والأم..
الجسر الوحيد بين الله والبشرية، نول التدبير الإلهي.. الذي نُسج عليه رداء
الاتحاد. (92-93)
إنها ليست إهانة
للمهندس أن يسكن في الأماكن التي بناها..
بنفس الطريقة
الولادة من الرحم العذري لا تدنس الطاهر..
أيها الرحم الذي
نُسخت فيه وثيقة الحرية للجميع..
أيها البطن الذي
شُكل فيه السلاح الموجه ضد الموت..
أيتها الأرض
التي أزهر فيها المسيح، فلاح الطبيعة، بغير زرع بشر.. (101)
بيختم الكتاب
ببعض أهم النقاط الواجب علينا نفهمها وإحنا بنقدم التكريم للعذراء مريم:
1- معندناش خطاب مريمي بمعزل عن الخطاب الخريستولوجي.. يعني
مش بنمجد العذرا لذاتها بمعزل عن سر التجسد.. "وهي ليست طقوس عبادة لمريم،
بل تسابيح عبادة للكلمة المتجسد الذي أتى إلينا من خلالها". (159)
2-
عندما نقول "والدة الإله" لا نعني أنها إلهة..
بل لأنها ولدت الله المتجسد.
3- لما بنقول "كلية القداسة" لا نعني هذا بالمعنى
المطلق.. لم تكن قداستها قداسة مطلقة ثابتة (ستاتيكية) بل قداسة دينامكية بحزم
وجهاد الأبطال. مش قداسة ال single
event لكن مشوار
العذرا مشيته.. العلامة أوريجانوس قال فيما معناه إن قوة العلي لم تمنحها حصانة
مطلقة من جهة الخطيئة. وإنها كانت في رحلة روحية تصاعدية نحو الكمال مثلها مثل
بقية التلاميذ. (36)
4-
دور العذراء كشفيعة (أو كوسيطة).. ق كيرلس بيقول
"من خلالها كل نفس مؤمنة تكتسب الخلاص". مع العلم أن كل المنجزات
الخلاصية أنجزها المسيح الوسيط الوحيد بين الله والناس.. لكن العذار ساهمت بواسطة
لا غنى عنها. (76)
ما معنى زهرة البخور يا أستاذ عادل؟!
ردحذف