السبت، 7 ديسمبر 2019

من أقوال الرابيين اليهود


(المحتوى التالي مترجم عن الكتاب السابق)
 طلب "يشوع بن لاوي" أن يرافق إيليا النبي في جولاته ليتعلم من حكمته.. لكن إيليا حذره بأنه سيُصدم بما سيرى، وسيضطر بأن يمطره بالأسئلة.. واشترط عليه إيليا إن سأل سؤالاً واحدًا عن المعجزات التي سيجريها.. سيأمر بعودته إلى بيته فورًا. ذات مرة وصلا كلاهما إلى كوخ لزوجين فقيرين، فرحبا بهما وأحضرا لهما الطعام والشراب، وسألهما أن يبيتا عندهما هذه الليلة. وفي الصباح صلى إيليا أن تموت بقرة هذين الزوجين الفقيرين، وحدث هذا على الفور.
لم يستطع يشوع بن لاوي أن يتمالك نفسه وبدأ يسأل إيليا لماذا يكون هذا ردًا على حسن الضيافة، فحذره إيليا مذكرًا إياه بالاتفاق الذي صار بينهما. في اليوم التالي مكثا في بيت رجل ثري، لكنه رفض أن يطعمهما أو يعاملهما معاملة جيدة. فعندما غادر إيليا في الصباح رأي إيليا حائطًا في بيت الغني على وشك السقوط، فصلى أن يعاد بناءه في الحال.. فصار ما أراد. فاستشاط غضب يشوع بن لاوي جراء هذا الظلم، لكنه اضطر أن يكتم غيظه.
في اليوم التالي، حلَّ كلاهما في مجمع يهودي لمدينة غنية، لكن أعضاء هذا المجمع لم يكرموا الرجلين، ولم يعطوهما سوى الخبز والماء والملح.. وجاء صباح اليوم التالي فباركهم إيليا وصلى إلى الله أن يجعلهم كلهم من الرؤساء! ثم في اليوم التالي نزل كلاهما على مجمع في مدينة أخرى فتم استضافتهما وقدموا لهما أفضل الطعام وأحسن معاملة. فجاء الصباح فباركهم إيليا وصلى إلى الله أن يجعل عليهم رئيسًا واحدًا فقط.
لم يحتمل يشوع أن يحتفظ بهدوءه أكثر من هذا.. وطلب شرحًا من إيليا لتصرفاته غير المعقولة وغير المفهومة.. فشرح له النبي أنه علم أن المرأة الفقيرة ستموت، فصلى إلى الله أن يقبل البقرة عوضًا عن حياة المرأة.. فاستجاب له. كما أنه لو لم يصلي ليعيد الله بناء الحائط في بيت الغني.. كان سيسقط وسيجد الرجل كنزًا من الذهب تحت الانقاض. وكذلك صلى لأعضاء المجمع الأول أن يصيروا كلهم رؤساء.. الأمر الذي سيؤدي حتمًا إلى الخلافات والمشجارات فيما بينهم. في المقابل صلى لأعضاء المجمع الآخر ليعيطهم الله رئيسًا واحدًا فيحل السلام والرخاء فيما بينهم. ثم قال إيليا إن البشر لا يجب أن يشكوا في العدل الإلهي عندما يجدون الأشرار في رخاء والأبرار في معاناة.. لأن الله وحده عليم بكل شيء.[1]
بحسب التلمود الأورشليمي: أحد الأبناء أطعم أباه من الدجاج المسمَّن فذهب إلى جهنم، بينما آخر جعل أباه يطحن على الرحى، فكان نصيبه الفردوس. كيف صار هذا؟ عندما سأل الأب الابن الأول مِن أين جئت بالدجاج، رد عليه ردًا جافًا: "أيها الشيخ، كُل في هدوء؛ فإن الكلاب تأكل في هدوء". في المقابل الابن الثاني كان يطحن على الرحى عندما وصل مرسوم ملكي يأمر بتجنيد كل الطاحنين على الرحى لخدمة جيش الملك. فقال الابن لأبيه باحترام جزيل: "خذ أنت مكاني هنا، وأنا سأطحن للملك. حتى إذا وجدت أي إهانة، يكون من الأفضل أن تحلَّ عليَّ أنا. وحتى إذا وجدت أي ضربة، فالأفضل أن أتحملها أنا".[2]
في مدراش قديم يرفض إبراهيم العبادة الوثنية لأبيه، فأحضروه أمام الملك نمرود الذي قال له: "طالما أنك لا تعبد التماثيل، فيجب أن تعبد النار" فأجاب إبراهيم: "بل يجب بالأحرى أن نعبد الماء الذي يطفئ النار". وعندما وافق نمرود على ذلك، قال إبراهيم: "بل يجب بالأحرى أن نعبد السحب التي تحمل الماء" واستمرت المحاججة بعد ذلك إلى "الريح التي توزع السحب"، و"الإنسان الذي يحمل الريح (في رئتيه)" حتى وصل في النهاية إلى ما يسميه الفلاسفة "العلة الأولى".
وعن عظمة الله: سُئل لماذا تبدأ ترنيمة موسى ب "الرب قد تعظم" (ارتفع .. ارتفع) (مرتين في العبري). بحسب الرابي شمعون بن لاكيش: "هذا يعلمنا أن الله ارتفع فوق كل المرتفعين الآخرين". كما علق أحد المعلمين قائلاً: "ملك الحيوانات البرية هو الأسد، وملك المواشي هو الثور، وملك الطيور هو الصقر، والإنسان ارتفع عليهم.. أما الله القدوس فقد ارتفع فوق كل هؤلاء كما ارتفع على الأرض والكون كله".
وعن حضور الله: تحدى أحد الهراطقة الرابي غمالائيل قائلا: "أنت تقول إنه حيثما اجتمع 10 يهود، توجد الشاكيناه (الحضور الإلهي)، فكم عدد الشاكيناهات إذن؟ فاستدعى غمالائيل خادم هذا الرجل وضربه على عنقه سائلاً إياه: "لماذ سمحت لضوء الشمس أن يدخل بيت سيدك؟" فتعجب الرجل "لكن الشمس تشرق على العالم كله، فكيف لشخص واحد أن يمنع ضوءها من الدخول لأحد البيوت؟" فرد غمالائيل بهدوء: "إذا كانت الشمس وهي خادم واحد فقط من ملايين لا تحصى من خدام الله تستطيع أن تشرق على العالم كله، فكيف بالأحرى ينطبق هذا على الحضور الإلهي للرب" (Sanh. 39 a).
سمح بعض الرابيين بأن يباع دَرج التوارة من أجل الزواج. كما قال التلمود بأن من ليس له زوجة، فهو ليس إنسانا كاملاً. كما قال آخر: إن الزواج صعب بصعوبة شق البحر الأحمر ويتطلب حكمة إلهية. وحتى من يعتقد أن الزواج مقدّر ومكتوب يحتاج إلى وقت كافي حتى يتخذ قرارًا رزينًا .وورد في تكوين رباه: ان الرجل التقي إذا تزوج امرأة شريرة، صيرته شريرًا. اما إذا تزوجت المرأة التقية رجلا شريرًا، صيرته تقيا. وهذا يثبت أن كل شيء يعتمد على المرأة.  كما كان آخر يصلي: ابتليني بأي شر، ولا تعطيني امرأة شريرة!
يقول الرابيون أيضًا: على الزوج ان "يأكل ويشرب دائمًا بأقل مما تسمح إمكانياته؛ ويلبس بحسب ما تسمح به إمكانياته؛ وأن يكرم زوجته وأبناءه بأكثر مما تسمح به إمكانياته؛ لأنهم معتمدون عليه، وهو معتمد على الله الله الذي خلق العالم بكلمته". كما يضيف التلمود: "حينما يكون الحب قويًا، يستطيع الرجل والمرأة أن يجعلا سريرهما على نصل سيف. ولكن حين يضعف الحب، فإن سريرًا (عرضه) 60 ذراعًا لا يتسع لهما بما يكفي". كما يضيف التلمود أن "الرجل الذي كان يعاني من الزواج بامرأة خبيثة لن يرى جهنم أبدًا، لأنه قد كفّر بالفعل عن كل خطاياه في العالم" (Eruvin 41 b) .


[1] Ronald L. Eisenberg, What the Rabbis Said: 250 Topics from the Talmud, p 16- 17.
[2] What the Rabbis Said, p, 117.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق