الجمعة، 28 ديسمبر 2018

مَن يقدر أن يؤذيك؟ للقديس يوحنا ذهبي الفم



هذا الكتاب ترجمة أبونا تادرس
بمعرفة كنيسة مار جرجس اسبورتنج في 64 صفحة (قطع صغيرة)


ماذا يؤذي الإنسان؟
وده ترجمة الأب متى الأنبا بولا
بمعرفة دير الأنبا انطونيوس البحر الأحمر
في 77 صفحة (قطع صغيرة)
(أنا هاستخدم الكتاب الثاني لبسبب بسيط أن ترجمة أبونا تادرس ناقصة بعض الفقرات والجمل)

المحاور (عادل): لتسمح لنا أيها القديس يوحنا ذهبي الفم أن نتحدث معك عن كتاب أو مقالة (لا يستطيع أحد أن يؤذي إنسانًا، ما لم يؤذِ هذا الإنسان ذاته). وفي البداية أحب أن أسأل عن الموضوع الرئيس لهذه المقالة؟
 ذهبي الفم: هدف المقال هو إثبات أت أي إنسان يخطئ إنما يصيبه الضرر بيديه، ولم يبعثه على الخطأ إنسان آخر.
المحاور: فهمت الآن.. هذا معنى أن يؤذي الإنسان نفسه.. وليس بمعنى الإيذاء الذي يمارسه البعض على إخوانهم من البشر.
ذهبي الفم: نعم.. هذا المقصود. أنا أقصد ما هو الشيء الذي يدمر الصلاح البشري. هل هي عوامل وظروف خارجية أم كلها تتعلق بداخل الإنسان.
المحاور: فهمت الآن. لأنك تقول إن ”كل شيء له ما يفسر خواصه أو صلاحيته. فما الذي يهلك صلاح الإنسان. هل هو الفقر، المرض، المصائب، الموت؟ ثم تقول: لكن كل هذه الأمور لا تستطيع أن تُفقد الإنسان صلاحه. كيف يكون هذا؟
ذهبي الفم: لنأخذ مثلاً: جمال الفرس/ الحصان لا يتعلق بالسرج الذهبي ولا خصلات الشعر المضفرة. لكن في قوته وإقدامه وخفة حركته (صفحة 23). كذلك صلاحية الحمار والجحش في إيه؟ في ثباته تحت الأحمال. هل تستمد هذه الحيوانات صلاحيتها الحقيقية من الزينة الخارجية؟ لا. وكذلك الكروم- والزيتون أهم حاجة فيها الثمر. (ص 23)
المحاور: هل هذا ينطبق على الإنسان؟
ذهبي الفم: بالطبع: ”صلاح الإنسان لا يكمن في الغنى حتى نخاف الفقر، ولا في الصحة البدنية فنرهب المرض، ولا في نظر الناس إليك حتى تحذر ما يقوله عنك البشر.. ولا في الحياة حتى نرتعب من الموت، ولا في الحرية حتى نتحاشى العبودية. وهو ما لايستطيع الشيطان أن يسلبه إياه“ (ص 24)
المحاور: لماذا لا نقول إن إبليس هو اللي خرج آدم من الجنة؟
ذهبي الفم: لا...غفلته وإهماله. فأيوب لم يتأثر بإبليس، ولعازر لم يتأثر بفقره، ويوسف لم يتأثر بالاتهمات الردية، ولم تؤذه الغربة والعبودية (ص 28).
المحاور: إذا كان مفيش حد بيأذي حد.. طب إيه لزمة الجحيم؟
ذهبي الفم: لا أنكر هذا.. لكن أخوة يوسف آذوه، لكنه لم يخسر شيئًا. ”لم يلغي الله المكافأة للممسكين بالفضيلة. ولم يلغي العقاب للأشرار على خبثهم“ (ص 29). وبالتالي ”الأشرار هم مَن يتأذون بخطاياهم.. والأمثلة على ذلك كثيرة، مثل قايين، وهيرودس.. إلخ. أما فقدان الثروة والافتراءات والنفي والأمراض لا تؤذي الإنسان بل تفيده أحيانًا.
المحاور: إذا قال أحد إنه سُرق-فكيف يقدم صدقة؟ ألم يتأثر الصلاح الإنساني هنا؟
ذهبي الفم: اعتبر هذا ذريعة – ”لم يكن الفقر يومًا عائقًا لتقديم الصدقات“ (صفحة 35). لو كنت فقير وأعطيت- هتبقى أحسن من اللي بيدوا كثير.
المحاور: كيف تشبه هذه الحياة الدُنيا؟
ذهبي الفم: بأمراة عاهرة وجهها مملوء عاهات لكنها تتزين بأقنعة مزيفة، والناس زي الأطفال ”يتلهفون على الدمى“ لكن الأطفال عندهم عذر أنهم غير ناضجين. لكن ما عُذر الكبار والناضجين!
المحاور: كيف تشبه الافتتان بالمال؟
يوحنا ذهبي الفم: نوع من الجنون لا برء منه.. مرض غير قابل للشفاء (صفحة 35)
المحاور: لماذا هذا التشبيه؟
ذهبي الفم: هذا الهوى بالمال يطيح بكل شيء جميل ونبيل بما فيها العاطفة تجاه أقرب الأقارب. الثروة لا تقدر أن تجعل إنسانًا أكثر حكمة، أو ضبطًا للنفس، أو وداعة، أو عطفًا، أو حبًا الخير، أو أكثر بعدًا عن الغضب والشر واللذه  (صفحة 41).
المحاور: في رأيك، ما الفرق بين مائدة الأغنياء ومائدة الفقراء؟
ذهبي الفم: مائدة الأغنياء تخمة... وأشبههم بالسفينة التي تُحمّل فوق طاقتها لحد ما تغرق- أما مائدة العبيد الغلابة- فبيجوعوا ويجدوا لذة في طعامهم وشرابهم.
المحاور: لكن هناك أغنياء لا يفعلون ذلك.
ذهبي الفم: أنا أتحدث عن الشرهين في المقام الأول.
المحاور: هل هناك نصيحة لمَن يريد أن يحافظ على صحته؟
ذهبي الفم: ”ما من شيء يجلب الفرح والسرور والصحة مثلما تكون جائعًا وعطشانًا ثم تقبل على الطعام وتتناول الضروري البسيط منه، وليس ما يتجاوز الحدود ويشكل عبئًا على الجسد الذي لا يحتمله“ (صفحة 43)
المحاور: يالها من نصيحة عظيمة لمَن يريد أن يتبع حمية غذائية (ريجيم)!
ذهبي الفم (ضاحكًا): هذه بلغة عصركم.
المحاور: هل مَن تقصدهم أقل سعادة؟
ذهبي الفم: اعتقد ذلك. ”لأن السعادة تتم عندما ترغب في شيء ثم تناله وتحققه، فإن كانت الرغبة غير موجودة أصلاً؛ لأن كل الإمكانيات متوفرة، فقد انتفت السعادة وانعدمت“ (صفحة 44، 45) وسفر الأمثال يقول: ”أوجدت عسلاً فكل كفايتك لئلا تتخم فتتقيأه“ (أم 25: 16)  (صفحة 47)
المحاور: هل المال بيدي نوع من الكرامة أو الشرف؟
ذهبي الفم: ”ما مِن شيء يمنح الإنسان الاحترام والشرف سوى الفضيلة“ (صفحة 49)
المحاور: هل يقود الفقر إلى التذمر؟
ذهبي الفم: ”ليس الفقر (في حد ذاته) بل صغر النفس“ (صفحة 50)، والنفس الشبعانة تدوس العسل. لعازر كان زي ”قطعة الذهب التي يزداد بريقها عندما تتعرض للحرارة الشريرة“ كان نبيلاً وفاق الجميع (صفحة 52) هل عندما لحسته الكلاب أعاقه هذا عن السلوك في الفضيلة؟ (صفحة 54)
المحاور: هل يُمدح لعازر لفقره؟
ذهبي الفم: لا بل لاحتماله أيضًا.
المحاور: هل يستطيع أحد أن يؤذي إنسانًا؟
ذهبي الفم: ”لا يقدر أحد أن يؤذي الإنسان ما لم يضر الإنسان نفسه، حتى ولو شن العالم كله حربًا ضروس ضده“ (صفحة 57) الظروف المعيشية، الظلم، الاتهامات، المحن، كلها بيوت مبنية على الرمل. في المقابل نرى يهوذا الذي لم يتعرض لأي محنة، ولا شعب إسرائيل اللي عاش عيشة فُل مليانة عجائب وآيات، لكنهم في النهاية كانوا جاحدين للجميل.. كذلك المقابل الفتية الثلاثة، المتاعب لم تفسد صلاحهم بالرغم من صغر سنهم.
المحاور: ممكن حد يقول طب الفتية الثلاثة دول ربنا كان ربنا معاهم. بماذا ترد؟  
ذهبي الفم: و”أنت أيضًا إذا أديت واجبك وبذلت كل قوتك فإن قوته الله تعضدك بكل تأكيد“ (صفحة 73). تأمل الفتية.. هل تم سبيك..أو طردت من وطنك؟ هل قيدت وألقيت في النار.. ليتنا نتمتع بنصرة هؤلاء الفتية.
المحاور: أبي القديس الكلام معك مشوق.. ولا نشبع منه أيضًا.
ذهبي الفم: سنتلاقى ثانيةً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق