السبت، 15 ديسمبر 2018

رموز العذراء عند مار إفرام السرياني



الكتاب ده ترجمة لكتاب لأحد الدارسين في مجال الآباء السريان اسمه سابستيان بروك، واسم الكتاب ”قيثارة الروح“ (The Harp of the Spirit)- 12 قصيدة لمار إفرام السرياني. الكتاب ده إصدار مكتبة المحبة وثمنه (جنيه ونص).. ترجمة الراهب مسكيموس الأنطوني في 125 صفحة (القطع الصغير).. لكن ملحوظة هامة جدًا: الترجمة مزعجة في أحيان كثيرة.. ناهيك عن إخراج الكتاب. 
مار إفرام بيتبنى فكرة إن التفسيرات الرمزية تناسب وصف الأسرار الفائقة للإدراك.. يعني ميلاد الله من خلال عذراء.. كيف يمكن التعبير عنه؟ إله أزلي يُولد في الزمن، وسيد الكون يولد من فتاة تقول عن نفسها أنها خادمة أو أَمة.. ما هذه المفارقات؟ ”هذه المفارقات تولد الدهشة، والدهشة تؤدي إلى التسبيح“ (ص 35).
هنركز على رموز العذراء مريم.. وسؤالي الذي أبحث عنه: أين التشبيهات والرموز التي نرتلها في مدائح كيهك (لا أقول ثيؤتوكيات- ده موضوع آخر) من كتابات الآباء؟ ربما مار إفرام يمثل محطة رئيسية للإجابة على هذا السؤال؛ لأنه مزج بين كونه لاهوتي.. وكونه كشاعر.. بشكل منقطع النظير. وهذه خبرة التسبيح، والشعر واللغة الرمزية في قلبها.
1-              العذراء والصدفة أو اللؤلؤة. مار إفرام عنده 5 قصايد بعنوان اللؤلؤة (Pearl) بيشير إلى العذراء بأنها تشبه المحار/ أو الصدفة التي حبلت بالبرق الذي يمثل اللاهوت (ص56). ودي طريقة تكون اللؤلؤ داخل الحيوانات الرخوية. بيقول:
-       أمك هي العذراء عروس البحر
فبدون تزاوج انحدر النور إلى أحشائها.
2-              العذراء التي أرضعت ابن الله: من أناشيد الميلاد (11) يقول ما إفرام:
-       ثدياها امتلآ باللبن..
قد صنعت هذا من الأرض العطشانة (إش 53: 2)
إذا أطعمتك، ذلك لأنك أخذت على نفسك الجوع
إذا أرضعك ثدياها،ذلك لأنك بإرادتك عطشت
لو ضمتك إلى صدرها، ذلك لأنك الجمر الرحيم حفظت حضنها من أن يحترق
إن أمك سبب تعجب.. (ص63، 64)
حتى الآن في التشبيهين السابقين.. نرى في مدائح كثيرة فكرة اللؤلؤة والحجر الكريم والجوهر المكنون.. وكذلك نرى مَلمح إرضاع اللبن للمسيح الإله من ثديي العذراء.. أو أنها الأرض العطشانة أو اليابسة التي أنبتت بدون ماء رجل. وكلام مار إفرام فيه إشارة إلى إش 53: 2 اللي بتقول: ”نَبَتَ قُدَّامَهُ كَفَرْخٍ وَكَعِرْق مِنْ أَرْضٍ يَابِسَةٍ“. مار إفرام شاف إن العذرا هي الأرض اليابسة. كذلك مَلمح أنها احتوت جمر اللاهوت داخلها دون أن تحترق.. مثل العليقة المشتعلة بالنار التي ظهر فيها الكلمة في العهد القديم دون أن تحترق أغصانها. أمّا عبارة مار إفرام عن أن العذراء هي ”سبب تعجب“ فده بنشوفه كتير عن أن المرنم أو مَن قام بنظم المدايح يعترف أن عقله تاه في التفكير في هذا السر وهذه المفارقات.. وكان هذا سبب انطلاقه في التسبيح.
3-             العذراء ومركبة حزقيال: من أناشيد مريم (7)- بيقول بيقول مار إفرام: ”تعالوا... دعونا نتعجب من العذراء، ابنة داود“ ثم يقول:
-       هي النبع التي أعطت الينبوع
هي المركبة التي تحمل الفرح من الآب
حمامة صغيرة (نش 6: 8) حملت النسر، قديم الأيام (دا 7: 9) (ص 110).
           ثم يتحدث على لسان العذراء نفسها ويقول:
-       ليت حزقيال يأتي ويراك على ركبتي،
ليركع ويسجد لك، ويعترف،
أنك أنت الذي رآه محمولاً بالشاروبيم
فوق المركبة (حز 1)، ودعه يقول لي: مبارك مَن يحملك الآن
المركبة تقف حائرة، لأن الذي تحمله هو سيدها..
تعال يا إشعيا، وانظرني، .. لأني ولدت، وبتوليتي مازلت مختومة...
انظر إلى عمانوئيل (إش 7: 14) الذي كان مخفيًا عن عينيك. (ص 111- 112)
وهنا تظهر فكرة الربط بين العذراء ومركبة حزقيال التي يحملها الشاروبيم ويجلس فوقها الله المتعال.. ملمح الحمامة.. وده ملمح موجود بكثرة في المدايح التي نرتلها في شهر كيهك.
4-              العذراء السماء الثانية: في عظة عن الميلاد يقول مار إفرام:
-       كيف لبطن أن تحمل نارًا مشتعلة
وكيف أن الجمر سكن في بطن مبتلة ولم تحترق
ثمامًا مثل العليقة على جبل حوريب (خر 3: 2) (ص 115)
....
هوذا الذي قاس السموات بالشبر
يرقد في مزود عرضه بالشبر.. (ص116)
موسى رأى رموزه، عندما رأى النار في العليقة.. (ص 117)
....
اليوم صارت مريم لنا السماء التي تحمل الله
لأنه في داخلها الإله العلي نزل وسكن (ص 121)
...
هي السماء الجديدة.. (ص 122)
...
هي غصن عنقود العنب، لقد أعطت ثمرًا..
هي النبع الذي فاض منه الماء الحي.. (123)
...
السماء هي كرسي مجده (إش66: 1)
ولكنه يجلس على ركبتي مريم (ص124).
هنا يظهر ملمح البطن التي تحمل الجمر، زي عليقة موسى، وكذلك مَلمح السماء الثانية، وغصن الكرمة، لأن المسيح هو الكرمة الحقيقة (يو 15)، ومَلمح النبع، والسماء الثانية، وركبتي العذراء باعتبارهما العرش الإلهي.
يُتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق