الاثنين، 10 ديسمبر 2018

نشيد الأنشاد- العلامة أوريجانوس



عبارة عن ترجمة عظتين: الأولى والثانية من عظات العلامة أوريجانوس على سفر النشيد
عن الفرنسية وعن سلسلة (source chretiennes).
ترجمة: عايدة حنا بسطا
الكتاب إصدار كنيسة العدرا- محرم بك- إسكندرية
عدد الصفحات: 65 (من الحجم الصغير جدًا)

نوعان من التفسير:
في بداية العظتين بيشرح أوريجانوس أنه زي ما في قدس وقدس أقداس.. في أناشيد وفي نشيد الأناشيد. ثم يستعرض عدد من الأناشيد من الخروج من مصر (خر15: 1) حتى إشعيا 5: 1.. ثم يأتي نشيد الأنشاد كذروة الأناشيد.. بشكل عام سفر النشيد عند الآباء إما بيكون له 1- تفسير إكليسيولوجي (كنسي): يعني يبقى المسيح هو العريس والكنيسة هي العروس. والتفسير ده امتداد لتفسيرات رابينية كان بتشوف السفر على أنه علاقة يهوه بشعبه. أو 2- تفسير مستيكي أو صوفي: وهنا المسيح هو العريس والنفس البشرية هي العروس. في العظتين دول بتنقل أوريجانوس بين النوعين من التفسير. فمثلاً: في (ص 14) بيقول صراحة إن العريس هو المسيح والكنيسة هي العروس.. وفي شرحه لآية ”ليقبلني بقبلات فمه“ (1: 1) بيقول: ”إلى متى يرسل لي العريس قبلاته عن طريق موسى والأنبياء؟ فليأتِ إلي بذاته“ كإشارة للتجسد. ومثلاً عند دخول العروس إلى حجال الملك يقول: ”النفس التي تقدمت روحيًا تتمتع بحب العريس“، وهنا يبان التفسير المستكي.
وأحيانًا بيجمع الاثنين في نفس التفسير على نفس الآية: فعن عبارة ”أنا سوداء وجميلة“ (1: 5) وعن اجتماع الجمال والسود في آن واحد، يتحدث عن النفس التي تتطهر بالتوبة من سوادها (ده تفسير مستكي)، وبيذكر ملكة التيمن السوداء (اي الكنيسة) اللي جت من آخر الدنيا لتسمح حكمة سليمان الحقيقي (المسيح)، وده (تفسير كنسي). مرة أخرى عند تشبيه العريس للعروس بأنها فرس في مركبات فرعون.. يجمع بين التفسيرين في نفس العبارة تقريبًا ويقول: ”أنتِ أيتها العروس.. أنتِ أيتها النفس المكرسة فقتِ جميع النفوس التي لم يملك عليها ملك الكنيسة“ (ص 34).
القواعد التفسيرية عند أوريجانوس
في العظتين دول بيبان بعض القواعد اللي بيحطها أوريجانوس وبيني عليها تفسيره.. منها:
1-            في صفحة 17، بيقول: ”ينبغي أن نفهم كل أسرار النشيد روحيًا، فلا يليق بالله أن يكون هذا السفر خاليًا من الأسرار. على الإنسان الذي يستطيع أن يفهم الكتاب فهمًا روحيًا..“
2-        البحث عن كلمات متشابهة في نصوص أخرى: وطبَّق القاعدة دي على كلمة ”الظهيرة“ وبيقول ”لأن الكتاب المقدس لا يستعمل أي كلمة صدفة وبلا هدف“ (ص 32).
3-            النقطة الخطيرة اللي بتُظهر إفراط أوريجانوس في الرمزية هو كلامة عن آية ”اسمك دهن مهراق“ وبيربط مع قصة المرأة ساكبة الطيب وبيقول: ”لو تأملت جيدًا لوجدت أن الإنجليين لم يكتبوا قصصًا أو أحداثًا بل أسرارًا..“ يعني هو كده تقريبًا بيقول أن قصة ساكبة الطيب لم تحدث بشكل حرفي.. وبيفسر بعد كده إن الأبرص ده رئيس العالم، وبيته هو العالم، واللي امتلأ برائحة الطيب بمجيء المسيح إلى العالم. واضح هنا أن التاريخ لا يعني شيئًا بالنسبة إلى أوريجانوس ولا يهمه سوى الدلالة الرمزية له، إلى الحد الذي يمكن أن ينكر تاريخية الحدث تمامًا.. وهذا مبدأ في غاية الخطورة. وقد تأثر أوريجانوس هنا بالرمزية السكندرية، وفيلون السكندري كان كده برضو (no sense of history).. بالرغم أن الرمزية الرابينية الفلسطينية لم تهمل تاريخية النص أبدًا.
4-             في نوع آخر من التفسير ممكن نسميه تفسير فيزيقي أو طبيعي.. بيتأمل في الظبي (الغزال) والإيائل وبيقول إن الغزال يتميز بحدة الإبصار، والأيائل تتميز بأنها قاتلة للحيات.. والصفتين اجتمعا في المخلص المسيح. هذه الطريقة في التفسير موجودة أيضًا عن فيلون السكندري وواحد تاني اسمه ارستيدس (المنحول) وكانوا بيفسروا مثلا الشرائع الخاصة بالأكلات الشرعية والمحرمة.. وكانوا بيشفوا الخنزير مثلاً ويفسروا أنه محرم لأنه بيعبر عن رذيلة معينة.. والحيوانات مشقوقة الظلف مثلاً تعتبر شرعية لأنها بتعبر عن فضيلة معينة هي التمييز والإفراز مثلاً.
على هامش الكتاب:
عجبني كلامه عن نوعين من الحب: جسداني وهو من إبليس، وروحاني وهو من الله.. ”ولا يستطيع الإنسان أن يعيش في كلا الحبين“ (ص 18). ويوقل ”إن عاطفة الحب تزدهر عندما نحب الحكمة والحق. ولكن إن انحرف الحب فإننا نحب اللحم والدم“ (ص 35). وفي كلامه عن آية ”مريضة حبًا“ يقول: ”اكشف نفسك وقدم نفسك للسهم المختار.. السهم في غاية الجمال؛ لأن راميه هو الله.“، ويقول أيضًا ”طوبى لمن جرحه السهم الإلهي“ (ص54).       

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق