الأربعاء، 12 ديسمبر 2018

ستعود بقوة أعظم- ق يوحنا ذهبي الفم



قراءة في كتاب ”ستعود بقوة أعظم“
بيانات الكتاب
عنوان الكتاب ”ستعود بقوة أعظم“
وهو عظة للقديس يوحنا ذهبي الفم عنوانها الأصلي: ”إلى ثيؤدور (أو تادرس) بعد سقوطه“
ترجمة أبونا تادرس يعقوب،
عدد الصفحات (30 فقط)

بعد قرائتي لهذا الكتيب الصغير، تخيلت الحوار الآتي مع أبي القديس:
المحاور (أنا عادل): أبي القديس يوحنا ذهبي الفم، شكرًا لسماحك لي بحلقة أخرى من الحوار. وهذه المرة عن كتاب ”ستعود بقوة أعظم“ أو خطاب ”إلى ثيؤدور بعد سقوطه“. مَنْ هو ثيؤدور، وما مناسبة هذا الخطاب؟
ذهبي الفم: صديق لنا وأخطأ.. لكنه عاد فعلاً بقوة، بل ورُسم قسًا ثم أسقفًا على موبسويستا.
المحاور: في كل الأحوال هو خطاب جميل مفعم بالرجاء، ولا أنسى أبدًا أنني منذ مراهقتي وأنا أحفظ جملة منه، ولم أكن أعلم أنها من خطاب لك بهذا العنوان.. هذه الجملة هي ”إن كان الشيطان لديه هذه القدرة في أن يطرحك أرضًا من العلو الشامخ- فكم بالأكثر جدًا يكون الله قادرًا أن يرفعك إلى الثقة السابقة“ (ص 6). هذه العبارة كانت تعطيني أمل بأن الله أقوى من إبليس.
ذهبي الفم: هذا صحيح أيها الابن المبارك عادل. قلت في الخطاب أنه ”ليست كثرة الخطايا هي التي تؤدي إلى اليأس بل عدم تقوى النفس“ (ص 6)
المحاور: نعم، بماذا شبهت قداستكم اليأس في هذا الخطاب؟
ذهبي الفم: بالنير الثقيل الذي يُربط في عنق النفس فيلزمها بالانحناء (ص 6).
المحاور: ماذا سنفعل حين تضربنا الضيقات التي لا حصر لها؟
ذهبي الفم: ”لا نكف عن التطلع إلى الله، ولا نمتنع عن الصلاة إليه“ (ص 7)
المحاور: ماذا يعني الرجاء بالنسبة لنا؟
ذهبي الفم: هو الحبل القوي المدلى من السماء ”يعين أرواحنا، رافعًا مَنْ يمسك به بثبات، فوق هذا العالم، وتجارب هذه الحياة الشريرة“، وإن تركنا هذا الحبل نسقط للحال في هوة الشر.
المحاور: اسمح لي يا أبي القديس، البعض يقتبس من هذا الخطاب بما يعني أن الله لا يغضب مطلقًا. فهل هذا صحيحًا؟
ذهبي الفم: أنا قلت أن غضب الله ليس انفعالاً.. بمعنى أن الله خالي من الانفعال، لكني لم أقل أنه خالٍ من الغضب أبدًا.
المحاور: كيف هذا يا أبي القديس؟
ذهبي الفم: غضب الله موجود ولا أحد ينكره؛ لكن الفارق أنه لا يغضب أو يعاقب ”انتقامًا لنفسه“ (ص 9)، كذلك قلت أيضًا أن الله ”يهددنا بالعقوبات، بل وقد يصبها علينا، ليس انتقامًا لنفسه بل كوسيلة لجذبنا إليه؟“ (ص 9)
المحاور: هل يمكن أن تعطينا أمثلة حتى نفهم أكثر؟
ذهبي الفم: بكل سرور. ضربت مثلاً: نبوخذ نصر، الذي أطال الله أناته عليه كثيرًا، لكنه في النهاية ”صب عليه العقاب.. ولم يكن هذا العقاب للانتقام منه عما سبق أن فعله، بل لأجل قطع أسباب الخطية المقبلة، وليمنع تماديه في الشر.“ (ص 10)
المحاور: إذا أنا فهمت أن الله لا ينفعل -لا يغضب لنفسه- لكنه بالتأكيد يعاقب. هل هذا صحيح؟
ذهبي الفم: نعم صحيح..
المحاور: سامحني يا أبي القديس مرة أخرى، البعض يقتبس أيضًا من هذه الرسالة فيما معناه أنه لا يوجد جهنم ولا نار ولن يلقي الله أي أحد في جهنم. فهل هذا ما قلته في هذا الخطاب.
ذهبي الفم: ماذا قرأت؟
المحاور: قرأت أنك كتبت أننا إذا ”رحلنا إلى العالم الآخر فلن تنفعنا أعمق توبة، حتى ولو صررنا على أسناننا وقرعنا صدورنا ونطقنا بكل عبارات الاستغاثة“ (ص 15)
ذهبي الفم: هذا صحيح، وكتبت أيضًا ”إن الرجاء لا يتبدد إلا في الهاوية، حيث يصير العلاج عديم الفائدة. أما هنا فمتى استخدمناه، ولو كنا مسنين (كبار في السن)، فإنه يجلب لنا قوة عظيمة“ (ص 15)
المحاور: هذا ينفي أي كلام عن مطهر أو فرص أخرى للتوبة بعد الموت.
ذهبي الفم: هذا هو رأيي!
المحاور: ماذا عن الجحيم والنار والدود؟
ذهبي الفم: ماذا قرأت؟
المحاور: قرأت عكس ما يدّعيه البعض. أنت قلت: ”عندما تسمع عن النار لا تظنها كنار العالم.“ لكنك قلت ما هو أصعب! لأنك تقول إن ”نار العالم تبيد ما اشتعلت به، لكن النار الثانية تحرق على الدوام.. ولا تكف عن ذلك لذلك دعيت لا تطفأ.“ (ص 17) حتى أنك قلت ”يا له من أمر مرعب!!“ (ص 17).
ذهبي الفم: وبالتالي ماذا تفهم؟
المحاور: واضح بشكل قاطع أنك لا تنكر هذه العذابات الشديدة، وأن طبيعتها ستكون أبشع من مثيلاتها على الأرض.. لأنها لن تتوقف ولن تنتهي.
ذهبي الفم: هذا رأيي.. لكن أحب أن أضيف شيئًا مهمًا.
المحاور: ما هو؟
ذهبي الفم: العقاب الأشد من الجحيم هو حرماننا من أمجاد العالم الآتي. و”أظن أن مَنْ يفشل في الحصول عليها ينبغي ألا يحزن بسبب ما يعانيه في جهنم بقدر ما يحزن على طرده من السماء. لأن هذا في ذاته أقسى عقوبة.“
المحاور. الله على الجمال.. لا تنكر العذابات الشديدة.. ولكنك تقول إن الحرمان من الأمجاد السماوية أشد وطأة. أشكرك يا أبي القديس. الآن فهمنا ما قلته والسياق الكامل له.. وأرجو أن يراجع إخوتي القراءة الانتقائية لبعض ما قلته.
ذهبي الفم: وأنا أتمنى هذا أيضًا.
المحاور: هم يمسكون فقط في عبارة قلتها قداستكم وهي: ”أن جهنم للشيطان وليست لنا، وأما نحن فقد أعد لنا الملكوت منذ زمن بعيد“ (ص 15)
ذهبي الفم: هي كذلك إن ثبتنا فيه.. أيها الحبيب.
المحاور: وإن لم نثبت؟
ذهبي الفم: الإجابة واضحة في بقية الكلام اللي قولناه..
المحاور: كذلك يمسكون فقط في عبارة قلتها قداستك وهي: ”لأنه لو كان الله قد خلقنا لكي يعاقبنا لكان يحق لك أن تيأس وأن تسأل (تتشكك) عن إمكانية خلاصك“ (ص 28)
ذهبي الفم: نعم هذا صحيح.. لكن المعنى المقصود أن الله خلقنا للحياة.. للتمتع بصلاحه.. لكن لم أقصد هنا أن هذا أيضًا ينطبق في حالة رفضنا لهذا التمتع.
المحاور: ماذا لو رفضنا التمتع بهذا الصلاح الإلهي؟
ذهبي الفم: الإجابة واضحة في بقية الكلام.
المحاور: لقد اتضح لي جيدًا أن البعض ينتقي ويقتبس خارج السياق.. أنا شخصيًا كنت أتمنى ألا يوجد نار ولا دود.. لكنك أكدت أنها أبشع من مثيلاتها على الأرض حتى وإن اختلفت طبيعتها. دعنا ننتقل إلى شيء آخر. كالعادة فاجأتني بفكرة جديدة.. لم أتوقع من قداستكم أن تفكروا فيها.
ذهبي الفم: وما هي؟
المحاور: أن الله لم يترك لنا حرية تشكيل أجسادنا. هل تعلم أن هناك أغنية هذه الأيام بتقول: ”مين فينا حدّد لون عينيه. ويوم ولادته و إسمه إيه“
ذهبي الفم (ضاحكًا): أغنية جميلة!
المحاور: ما الحكمة في ذلك؟
ذهبي الفم: لديّ 3 أسباب: 1- كنا سنصبح ”في قلق متزايد“، 2- كنا سنضيع أوقاتنا ”في أمور لا تنفع“، 3- كنا ”سنهمل الروح“ أكثر فأكثر. حبيبي، لا يصح أن ”نزين الجارية (الجسد) بزخارف لا حصر لها، تاركين سيدتها (النفس)“
المحاور: جميل! لكن لديّ نقطة أختلف فيها قليلاً مع قداستكم. فهل تسمح لي؟
ذهبي الفم: تفضّل.. بكل سرور.. ليس المطلوب أن تتفق معي في كل شيء..
المحاور: شكرًا.. أحيانًا ما أشعر أنك تحقّر من الجسد جدًا.. وأنا أتفهم أنك تريد أن تنبهنا لقصر وهشاشة وضعف وزوال هذا الجسد الفاني، وتنبهنا أكثر إلى الحياة الروحية.
ذهبي الفم: كلامك مظبوط.
المحاور: لكني قرأت لك في كتاب ”القصد من غموض النبوات“ عن إذا اشتهيت امرأة ”فلتنزع جلد وجهها- وسوف ترى الأصل الوضيع لجمالها“ (ص 32). لا أرتاح إلى هذه الفكرة وأشعر أنها قد تؤدي إلى المزيد من الشعور بالعدمية.. وقداستكم في كتابنا اليوم تقول: ”ما هو مصدر هذا الجمال الجسدي، إلا ما فيه من لعاب ودم وعصارة صفراء وطعام ممضوغ؟!“ (ص23). يا أبي القديس هذا يشبه قول أحد أصدقائي الأحباء بأننا ”أتينا من بين فتحتين“.
ذهبي الفم: أتفهم جيدًا ما تقوله يا عادل، لكن ما قلته حقيقة وواقع.. ونحن نتشابه في ذلك مع الحيوانات العجموات.. هذا من ناحية البيولوجيا كما تقولون. لكن إذا وقفت عند هذا الحد، يحق لك أن تتحفظ على كلامي. لكني لم أتوقف عند هذا الحد، لكني أضفت وأسهبت في الكلام عن جمال الروح وسموها. وقولت أن الروح جميلة لأنها ”مثل ملائكة الله“ (ص24).
المحاور: هذا صحيح.. وهنا نرى التوازن.. شكرًا لك يا أبي القديس.. أرجو أن تسمح لنا بأن نعاود اللقاء والحديث ثانيةً. 

هناك 3 تعليقات:

  1. رائع كالعاده ربنا يعمل بيك

    ردحذف
  2. رائع دكتور عادل ، بس معلش كلام حضرتك أكثر من مضمون نص ذهبي الفم مسبياً .....متأسف

    ردحذف