طور اليهود منهج تفسيري من 4 أساليب بيختصروهم في كلمة (PaRDeS) بارديس ومعناها جنة أو فردوس.. وكانوا يقصدوا أن اللي يبقى
متمكن من الأساليب الأربعة يصير طريق الجنة ممهدًا أمامه..
1- البشاط (P) البسيط أو الحرفي أو المباشر.. وهو التفسير الأقرب للنص.
وهنا بيعتمد على التراكيب اللغوية، والخلفيات الحضارية، ودلالات الألفاظ.. المهم
أن المفسر يفضل مرتبط بالنص ميبعدش عنه..
2- الرمز (R) وده التفسير المجازي.. لا يرتبط بحرفية النص وبيبقى في
فاصل بين النص والتفسير.
3- الدراش (D) أو المدراش وده التفسير الوعظي أو الأخلاقي.. وهنا بيحصل
توسع على النص ويستخدم المفسر قصص وجدليات من عنده: وكان يتقسم اثنين: مدراش هلاخي
(مرتبط بالتشريعات والأوضاع السياسية والاجتماعية) ومدراش هاجادي (مرتبط بالأمور
الروحية والأخلاقية الحياتية للفرد).. لازم نذكر أن الرابي عقيبا مثلا كان متبحر
في هذا النوع من التفسير.. وكان بيفسر كل كبيرة وصغيرة بهذا الأسلوب.. ده اللي خلى
الرابي اسماعيل يعترض عليه ويتهمه بالإفراط الهاجادي.. وكان بيقوله: "كأنك
تقول للنص اصمت حتى أفسرك تفسيرًأ مدراشيًا" وده اتهام لعقيبا بعدم ترك
النص تقديم نفسه..
4- السود (S): وده تفسير صوفي باطني.. بيشوف حاجة مش متشافة في النص..
فالمفسر ممكن يلجأ لحساب القيمة العددية للحروف ليخرج بمعنى معين.. أو يشوف في
ترتيب الكلمات نفسها اختصارات لكلمات لم يشأ الله أن يكشف عنها.. هدف المفسر هنا
أنه "يجعل للنص معنى أزليًا.. ويبرهن على أن كل كشف جديد إنما هو وحي جديد
للنص".
مع انتشار الإسلام ظهرت طائفة تسمى الجاءونيم، اللي
اسسوا مدرستين في العراق، وكانت أحوال اليهود في بداية العصر الإسلامي في بغداد
تقدر تقول زي احوال الأقباط في مصر.. يعني في شوية تسامح، وشوية استعانة بيهم في
إدارة الدولة، مع دفع الجزية، ازدهرت الحركة الفكرية في العصر العباسي.. وكان من
أهم أسبابها دخول صناعة الورق في البلاد الإسلامية، بالإضافة إلى اهتمام الحكام
بحركة الترجمة.. وإنشاء المأمون لبيت الحكمة.. إلخ.
نظم اليهود نفسهم من جهة التعليم والدراسة وعملوا الحيدر
(زي الكُتّاب كده)، أو بيت الربان، ثم يدخل الطالب إلى مدرسة التلمود (بيت همدراش)
ثم يدخل الأكاديمية.. وكان في انتظام وانتساب وامتحانات.. من الأعلام اللي ظهروا في الوقت ده: الجاءون سعديا الفيومي (882- 942). ومن
اسمه اتولد في الفيوم، وسافر من مصر لفلسطين ثم استقر في العراق.. وهناك عمل الكتب
الباقية إلى الآن.. سعديا عاصر بنفسه ازدهار الثقافة في العصر العباسي.. ونشاط
الفرق الإسلامية: المعتزلة والسنة. وقرأ المؤلفات في النحو العربي بين مدرستي
الكوفة والبصرة.. وقرأ كمان المناقشات في الفقة والتشريع..
دخل سعديا في مناوشات مع طايفة يهودية اسمها القرائين
ودول رفضوا الاعتراف بأي حاجة غير النص التوراتي فقط ولا قدسية للتلمود أو أي
تعاليم شفاهية.. واضح ان الفرقة دي تأثرت
بالمعتزلة اللي تحفظوا على الأحاديت كمصدر للشريعة الإسلامية واعتبروا أن القرآن
جاء كاملاً ومحتويًا لكل ما يحتاجه البشر..
ترجم سعديا الفيومي أسفار التوراة إلى العربية وفسر كتير
من أسفار العهد القديم.. جاءت ترجمته للتوراة خالية
من الصفات التشبيهية والتجسيم (يعني كل ما تيجي مثلا كلمة "وجه الله"
كان يترجمها "نور الله") - وده تاثر منه بالمعتزلة أيضًا اللي رفضوا
تفسير هذه التعبيرات حرفيًا وأنما أولوها.. لأنهم رأوا أن الله لا يرى لا في
الدنيا ولا في الآخرة.. بشكل عام إذا وجد تعارض
كان سعديا يؤول على المجاز..
للمزيد اقرأ "الأثر المعتزلي في ترجمة التوراة
لسعديا جاؤون الفيومي"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق