الأحد، 2 يونيو 2019

الديداخي (تعاليم الرسل الأثني عشر)



نص الديداخي هتلاقين في مجلد كتابات الآباء الرسوليين
سواء ترجمة بناريون أو ترجمة منشورات النور اللبنانية أو ترجمة دار النشر الأسقفية
أو ترجمة مع دراسة تفصيلية لأبونا أثناسيوس المقاري (الصورة المرفقة)
يعتبر الديداخي من أهم وأقدم الوثائق اللي بتوصفلنا مرحلة مبكرة جدًا من حياة الكنيسة؛ لأن بعض العلماء بيرجعوا تاريخ كتابته أو تجميعه إلى 50م أو زي كواستن ما بيقول من 100- 150م. الديداخي بيتكون من 16 فصل قصير تقدر تقراهم كلهم في نص ساعة، ويتضمن الموضوعات التالية:
1-              وصايا أخلاقية: الطريقان (الفصول من 1- 6): الديداخي بيبدأ بفكرة أنه في طريقين: طريق الحياة وطريق الموت. ”يوجد طريقان: طريق للحياة وطريق للموت. والفرق بين الطريقين كبير.“ ونفس الفكرة هتلاقيها متكررة في رسالة برنابا (18): ”هناك طريقان للتعليم والعمل، طريق النور وطريق الظلمة. الفرق كبير بين الطريقين“ وكمان المراسيم الرسولية (7): ”هناك طريقان، طريق الحياة، وطريق الموت. وليست نسبة بينهما. والفرق بينهما عظيم، أو بالأحرى منفصلان. طريق الحياة طبيعي، أمّا طريق الموت فغريب.“ وكمان الراعي هرماس الوصية 6: "”اسلك أنت الطريق المستقيم واترك الطريق المعوج. الطريق المعوج لا معابر فيه. إنه صعب السلوك كثير المزالق.. أما الذين يسلكون الطريق المستقيم السوي فإنهم يسلكون دون أن تصطدم بحجر أرجلهم.“.. الفكرة بتاعة الطريقين دي مصدرها التقليد اليهودي خاصة لأنها ظهرت في كتابات لفائف البحر الميت. وده شكل اسمه الهالاخاة، أي تفسير يقدم إرشادات سلوكية.[1]  
2-      ممارسات طقسية (7- 10): يلاحظ في المعمودية مثلا إن هناك صلوات تمهيدية، وتعميد على اسم الثالوث، بماء جار أو بالسكب إذا تعذر الأمر، وصيام المعمَّد والمعمِّد معًا قبل اتمام السر. أما عن الصوم فيوصي بصيام الأربعاء والجمعة، والصلاة الربانية. أمَّا الأفخارستيا فيلاحظ ذكر الكأس أولاً ثم الخبز، وده يتفق مع تقليد بولس ولوقا. ودعوة للاتحاد في هذا الخبز الواحد الذي جمع من الحبوب المنثورة على الجبال، وعدم مشاركة غير المعمدين في التناول. والجدير بالذكر أن التناول اعتبر فرصة لتذكر انقضاء العالم: "لتأتِ النعمة، وليمضِ هذا العالم"، و"ماران آثا"، وده يشبه ما يقوله الكاهن في القداس "فيما نحن أيضاً نصنع ذكر آلامه المقدسة، وقيامته من الأموات وصعوده إلى السموات وجلوسه عن يمينك أيها الآب، وظهوره الثاني الآتي من السموات المخوف المملوء مجداً".
3-        أمور تتعلق بخدمة الكنيسة (11- 15): ويتعرض لدور الأنبياء (اصحاب المواهب) في الكنيسة، ومواصفات النبي الكذاب في فصول 11، 12. والعبادة في يوم الأحد وشروط التقدم للافخارستيا (14). وفي فصل (15) يذكر الأساقفة والشمامسة، ومع غياب ذكر القسوس، وهو ما يؤكد قدمية هذا النص. من الواضح أن هناك دور بارز للأنبياء اللي بيوصفهم الديداخي بأنهم "رؤساء كهنتكم" (13: 3)، ولهم امتيازات خاصة (10: 7)، وأغلب الظن هذا السلطان مش بشكل رسمي، لكن بفضل المواهب بتاعتهم.
أود هنا أن أشير إلى أن كان في دايمًا صراع بين الكاريزماتيين اللي هما أصحاب المواهب والنظاميين أو أصحاب المناصب الكنسية. وده بيظهر في أوج صورة في انشقاق مونتانوس في كنيسة شمال أفريقيا. ادعى مونتانوس النبوة، أنه بيعيش عصر "الروح" وانشق بالكنيسة، وكان بيشكل خطر على الكنيسة حتى إن العلامة ترتليان انضم في أواخر أيامه إلى المونتانيين. وأظن هذا التوتر بيظهر من حين لآخر في الكنيسة: هل تسلم الكنيسة القيادة للممسوحين بالروح أم للأسقف حتى إذا افتقر إلى الموهبة؟ بول تيليش بيقول فيما معناه إن الممسوحين بالروح دول لما بينفصلوا عن الكنيسة بعد جيل أو اثنين بيتحولوا لعلانيين وتشريعيين وتنظيميين. في حين أصلاً النبوة ضد مبدا التنظيم! يعني منين ما يخدك الروح! وبيناقش كمان أن في صعوبة في تحديد الموهوب فعلا من المزيف. وفي المقابل لما الكنيسة انتصرت على المونتانية خسرت ابعاد جديدة من تجليات الوحي في مقابل الحفاظ على التنظيم.. وبيقول "تم التأكيد على طبقة الكهنوت التقليدية ضد الروح النبوية". في كل الأحوال المونتانيين بعد شوية بقوا تنظيميين واختفى العنصر المواهبي وتحولوا إلى كنيسة نظامية. يؤكد بول تيليش إن مخاوف الكنيسة من هؤلاء "الممسوحين بالروح" كانت في محلها لأن "سائر أنواع الخراب دخلت الكنيسة باسم الروح".[2]  
4-            الاستعداد للمجيء الثاني: بيوصى الديداخي بضرورة الاستعداد وتعاليم متفقة كلها مع ما ورد في مت 24 عن علامات المجيء الثاني.
أسئلة للنقاش: اقرأ نص الديداخي وحاول الإجابة على الأسئلة التالية:
1-      إلى أي مدى تتشابه الكنيسة الحالية مع الكنيسة التي يصفها نص الديداخي؟ بما في ذلك المعمودية والافخارستيا والاعتراف والصوم؟ اشرح إجابتك.
2-              هل كان هناك تشدد بشأن نوعية الماء المستخدم في المعمودية وطريقة استخدامه؟
3-              لكيف كانت الكنيسة تسعى لتمييز نفسها عن الأمة اليهودية؟
4-          لماذا انحصر دور الأنبياء (اصحاب المواهب) مع تطور الكنيسة لاحقًا؟ هل يوجد صراع في كنيستك بين الكاريزماتيين والوظيفين؟ كيف تستطيع الكنيسة الاستفادة من الطرفين؟
5-              هل يوجد في الديداخي رأي بشأن قضايا مثل الإجهاض؟    


[1] راجع التفسير عند الآباء الرسوليين والمدافعين، ترجمة عادل زكري، إصدار سلام صفحة 21.
[2] راجع بول تيليش، تاريخ الفكر المسيح، ج1، إصدارمشروع جامعة القاهرة للترجمة، صفحة 90- 91.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق