بيانات الكتاب
الكتاب ده ترجمة لمقالة بعنوان ”رسالة لأرملة شابة“ (a letter to a young widow)
للقديس يوحنا ذهبي الفم – وهي غير
17 رسالة لأولمبياس- وكانت أرملة شابة أيضًا
وترجمة ابونا تادرس يعقوب.. بمعرفة ك مارجرجس اسبورتنج
في 33 صفحة من القطع الصغير
المحاور (أنا عادل): أبي القديس يوحنا ذهبي الفم، أراك
كأعظم المشيرين النفسيين والروحيين أيضًا.. لدينا أرملة شابة فقدت زوجها وحبيبها..
وكان شابًا.. هل تستطيع أن توجز لنا كيفية التعامل في مثل هذه المواقف؟
ذهبي الفم: لدي في هذه المقالة ثلاثة أفكار: الأولى:
فضيلة الإفراز، والثانية، أن نفهم أن دور الله في هذه المعاناة، والثالثة: معالجة
أمور تتعلق بالقلب.
المحاور: دعنا نبدأ بفضيلة الإفراز أو التمييز..
ذهبي الفم: بعد وفاة زوجها مباشرة امتنعتُ أنا شخصيًا عن
الكلام معها.. هذا هو الإفراز أو التمييز المطلوب في هذه الحالات. قلت لها: ”قد
امتنعت عن إزعاجكِ يوم كان حزنك في أوج شدته، وعند حلول الصاعقة بك، منتظرًا فترة
من الزمن... أما الآن فإنك تستطيعين أن تفتحي أذنيكِ لمن يحاولون تعزيتك“ (صفحة 7)
المحاور: هل هذا مبدأ مشوري؟
ذهبي الفم: نعم: ”حينما تكون الزوبعة عنيفة، ورياح الحزن
شديدة، فإن مَن ينصح غيره بالكف عن الحزن، يكون قد أثاره إلى المزيد من الحزن...
كلمات الناصح تصبح كوقود يشعل نيران الحزن- مجددًا“ (صفحة 8)
المحاور: حسنًا.. نأتي إلى المبدأ الثاني: ماذا قلت لها
عن دور الله في هذه المعاناة؟
ذهبي الفم: كنتُ مهتمًا بأن أنقل لهذه الابنة المكلومة
رسالة حلوة من الله.
المحاور: ماذا قلت لها؟
ذهبي الفم: أولاً.. قلت لها أن الرسالة التي أرسلها لها
هي ”أول شهادة عن عناية الله بها“، ثم قلت لها أن الله هو ”إله كل تعزية“ (2كو1: 3)،
وهو عايز يعزيكي.. ثالثًا وده الأهم أن لو الله أخذ زوجها لنفسه؛ لأنه ملكه.. فهو
سيحل مكان زوجها (صفحة 10). هو سيكون زوجها ومعيلها.
المحاور: عظيم.. ماذا عن المبدأ الثالث.. في مدواة أمور
تتعلق بالقلب؟
ذهبي الفم: كانت هذه الابنة تشعر بالخجل أو الخزي من لقب
”أرملة“
المحاور: هذا حقيقي.. كأنها وصمة اجتماعية.. الناس مش
بتسيب حد في حاله!
ذهبي الفم: عندك حق.. لكن أكدت لها ”أن لقب أرملة ليس
عنوانًا لمصيبة، بل لقب للكرامة“ (صفحة 11)
المحاور: كيف؟
ذهبي الفم: ابني الحبيب.. نحن لا نأخذ مفاهيم العالم
المغلوطة كشهادة علينا.. نحن لا نحتكم إليها.. ”الترمل ليس بمخجل بل موضوع إعجاب
الرجال وتكريمهم“
المحاور: حكيت لها مواقف من حياتك الشخصية.. أليس كذلك؟
ذهبي الفم: نعم.. كان معلمي الفيلسوف يهتم بالطلاب..
فسألني عن أحوالي، وعندما عرف أن أمي عمرها 40 سنة، و20 سنة منها مترملة.. التفت
لبقية الطلاب وصاح أمام الجميع ”يا الله! أي نسوة هؤلاء بين المسيحيين“ (صفحة 31).
المحاور: واو.. رائع!
ذهبي الفم: قلتُ لها لا تخجلي من الترمل.. كأنه أمر
معيب. ”لأنه لو كان الترمل معيبًا لكانت بالأكثر البتولية معيبة“ (صفحة 15)..
وربنا هيخفف عنك حمل الترمل ده ونتايجة اللي قد تبدو لها مرعبة.
المحاور: ماذا عن حزنها لفراق زوجها؟
ذهبي الفم: قلت لها أن زوجها قام برحلة إلى الله.. لذا
يلزمنا أن نفرح مش نحزن (صفحة 16). لأنه كمان راح مكان أفضل.. وهو لم يكن يعيش
حياة مخجلة حتى نبكي ونحزن عليه.
المحاور: لكنه كان حب حياتها؟
ذهبي الفم: قلت لها: ”إن الحب الذي كان يمن به عليكِ
يمكنكِ أن تحتفظي به معكِ“ (صفحة 17).
المحاور: كيف وقد ذهب بلا رجعة!
ذهبي الفم: ”هذا هو قوة الحب أنه يحتضن ويوحد ويربط لا
الحاضرين معًا فقط، والقريبين مكانًا، والمرئيين فقط، بل والذين هم بعيدون عن
بعضهما البعض مسافة طويلة“ ( صفحة 18). يعني لا بُعد مكان ولا بُعد زمان يقدر يفصل
بين المحبين الحقيقيين.
المحاور: واو.. ممكن أحطها على الفيسبوك!
ذهبي الفم (ضاحكًا): بكل سرور.. لكني أتساءل: ماذا فعل
بكم الفيسبوك؟
المحاور: لا بل.. هذا كلام رومانسي تنين.. وأفضل بكثير
مما يُكتب الآن.
ذهبي الفم: ”لا يمكن لا لطول الزمن ولا لبعد المكان أو
شيء من هذا القبيل أن يقتل محبة الروح أو يلاشيها“ (صفحة 18). هناك ستلاقيه وتعيش
معه مش 5 سنين ولا 20 سنة ولا 100 سنة بل آلاف مضاعفة وأجيال مديدة بلا
نهاية.
المحاور: يمكن كانت الزوجة الشابة حزينة علشان كانت
متوقعة نجاح مادي ووظيفي لزوجها.. كان في آمال عريضة يعني.
ذهبي الفم: النجاح الوظيفي والمادي غير مضمون يا عزيزي..
بالذات في المجال السياسي.. مليان مؤامرات.. وأعطتها أمثلة انتهت بالسجن ومصادرة
الأموال. كمان عندنا سقراط وأرسطو.. الفلاسفة دول كانوا فقراء ونالهم من المجد
نصيب بالرغم من فقرهم.
المحاور: متزعلش مني.. ما هو أفلاطون كان غني.. ونال
شهرة كبيرة. مينفعش الاثنين يعني: الغنى والشهرة؟
ذهبي الفم (ضاحكًا): عندك حق.. لكني قلت لها مثلاً
شهيرًا..
المحاور: ما هو؟
ذهبي الفم: (many a slip between the cup and the lip).. كيف تترجم هذا المَثل؟ أعرف
أنك تترجم!
المحاور (ضاحكًا): على قدي.. لكن ده مَثل قديم .. هو
معناه الحرفي.. بين الكأس والشفة مزالق كثيرة. لكن ممكن نترجمه بالبلدي كده.. تبقى
في إيدك وتقسم لغيرك. بين اللحظة والتانية ممكن حاجات كتير بتتغيّر.
ذهبي الفم: أحسنت! حاجة زي كده.. المهم في هذا العالم..
لا شيء مضمون. أهم شيء أننا متأكدين أن هذا الزوج راح لمكان أفضل.. وهذا ما كانت
تحتاج لسماعه هذه الشابة. وإذا كانت بتشعر أنها بلا حماية.. فيجب أن تتذكر الآية
التي تقول: إلق على الرب همك وهو يعولك (مز 55: 2).
المحاور: صدقت.. شكرًا.