الثلاثاء، 28 سبتمبر 2021

مبادلة المسيح

 

التدوينة دي مثال توضيحي على أهمية أنك تراجع مرة ومرتين آراء باحثين بيكتبوا في مجال اللاهوت.. ومتسلمش بأي رأي إلا لما تتأكد منه. البداية في الصورة رقم (1) بنقرأ للدكتور جورج بباوي في سياق رده ونقده وقدحه للأنبا رفائيل.. إن الكلمة اليونانية ντάλλαγμα موجودة في العهد الجديد، ولم تُستخدم للتعليم عن موت الرب. ركز كويس.. لم تُستخدم عن إيه؟ عن موت الرب. الكلمة بتحمل معنى المقايضة والمبادلة. فكانت حُجة د بباوي إن الكلمة دي لم ترد في العهد الجديد في سياق الكلام عن ذبيحة المسيح، وبالتالي لا يصح تطبيق معنى المبادلة ده على ذبيحة الصليب. استشهد بوجود الكلمة في مر 8: 37، ومت 16: 26.

في الحالة دي أنت محتاج تتأكد من المعلومة دي.. أنا عملت البحث بتاعي.. ببساطة على الاستاذ جوجل.. فلاقيت صورة (2)، (3) ودول جزء من كتاب الإيمان بالثالوث (الفصل الخامس) اللي لم يترجم إلى العربية في ترجمة بناريون (لا أعلم بأمانة الأسباب إيه). وفي الجزء ده بيورد تورانس الكلمة اللي د بباوي قال إنها لا تُستخدم في الكلام في سياق الكلام عن موت الرب.. في 3 مواضع. 1- الرسالة إلى ديوجينتوس، 2- شرح أوريجانوس على الآيات اللي ذكرها د بباوي مر 8: 37، مت 16: 26، وق أثناسيوس في ضد أبوليناريوس. ودي ترجمة الصورتين دول لكلام تورانس.. يقول توماس تورانس كتابه ”الإيمان بالثالوث“:



أعطي تعبير لاهوتي في وقت مبكر عن هذا التحول الفدائي ك "مبادلة" (ντάλλαγμα   أجريت بين الله والبشرية الخاطئة والموصوفة في العهد الجديد ب "المصالحة"، وبهذه الطريقة أظهرت مغزاها العميق ك "مبادلة كفارية". كذلك الكاتب غير المعروف لرسالة ديوجنيتوس يتحدث عن ”المبادلة ντάλλαγμα الحلوة“ إذ الله في عطفه وحبه ”حمل بنفسه خطيتنا، مقدًما ابنه كفدية من أجلنا، القدوس من أجل الأثمة، والبريء من أجل الأشرار، والبار من أجل الأثمة، وغير الفاسد من أجل الفاسدين، وغير المائت من أجل المائتين“ (فصل 9). وفي نفس الوقت، هذا المفهوم للمبادلة الكفارية ارتبط بمبادلة ذبائحية ντάλλαγμα أظهرت بالأكثر دلالتها البدلية. كما عبر أوريجانوس عن ذلك ”لا يستطيع إنسان أن يعطي أي شيء عِوضًا ντάλλαγμα عن حياته، لكن الله قدّم مبادلة (عِوضًا) ντάλλαγμα من أجل حياتنا كلنا، أي الدم الغالي ليسوع المسيح“ (شرح أوريجانوس على متى 12: 28 في سياق الإشارة إلى مت 16: 26، مر 8: 27). كذلك عبر أثناسيوس ”لم يكن ممكنًا أن يُعطي شيئًا كفدية عوضًا عن شيء آخر، لكنه أعطى جسدًا عوضًا عن جسد، ونفسًا عوضًا عن نفس، ووجود كامل عوضًا عن الإنسان بأكمله: هذه هي مبادلة المسيح  (ντάλλαγμα του Χριστου)" (ضد أبوليناريوس 1: 17).

هل ممكن تكون الكلمة استُخدمت في أي مكان آخر.. آه.. بمزيد من البحث لاقينا نفس الكلمة عند غريغوريوس النيسي في الكاتشيزم الطويل فصل 24 في سياق الحديث عن فدية المسيح أيضًا، والكلمة بين الأقواس:

ς ν εληπτον γένοιτο τ πιζητοντι πρ μν τ (ντάλλαγμα,) τ προκαλύμματι τς φύσεως μν νεκρύφθη τ θεον.

يبقى كده أتأكدنا إن الكلمة موجودة ومستخدمة عند الآباء .. في الكلام عن إيه؟ عن موت الرب. يبقى دي أهم نقطة أتأكدنا منها خلاص.. ممكن نشوف الكلمة في قاموس يوناني لمزيد من التأكيد على أن المعنى يحمل نوع من المبادلة أو المقايضة.. وصورة (4) من قاموس أبونا أندرياس المقاري..


نيجي لكلام د بباوي إن ق أثناسيوس لم يستخدمها عن موت الرب، وهو للأمانة بيقول إن ق أثناسيوس لم يستخدمها في النص المشار إليه من ”تجسد الكلام“، لكن رفضه التام للكلمة ومعناها بيقول إن ده تفكير مش موجود عند الآباء –من وجهة نظره- وإن الأنبا رفائيل غلط واعتمد على ترجمة عربية غير دقيقة. المهم لاقينا تورانس بيقول إن الكلمة قالها ق أثناسيوس في ”ضد أبوليناريوس“.. وإحنا عارفين إن د بباوي مترجم النص ده إلى اللغة العربية.. ولما روحنا للنص.. كانت المفاجأة أننا لم نجد عبارة (مبادلة المسيح).. انظر الصورة رقم (5).


ناقص دلوقت إننا نروح لمصدر النص باليوناني.. علشان نتأكد ترجمة مين أدق لنص أثناسيوس: تورانس ولا د بباوي؟ عندنا باترولوجيا جريكا.. ولما فتحناها على النص المطلوب هناك لاقينا جملة ”هذه هي مبادلة المسيح“ واضحة وضوح الشمس  
 τουτ έστι το αντάλλαγμα του Χριστού . وبكده يطلع تورانس أكثر أمانة لترجمة النص من د بباوي..

وبالتالي نوصل للنتائج الآتية:

1- الكلمة αντάλλαγμα بيستخدمها الآباء في سياق شرحهم لموت الرب، مش زي ما د بباوي قال.

2- إن الكلمة αντάλλαγμα استخدمها ق اثناسيوس، مش زي ما د بباوي قال.

3-  إن الكلمة αντάλλαγμα في القواميس اليونانية تحمل معنى المقايضة والبدل.. بل والعِوض أيضًا.

4- إن تورانس اللاهوتي البروستانتي كان أمين تجاه نص ق أثناسيوس من د بباوي اللي شبعنا كلام عن أثناسيوس.

الموضوع ده أخد مني كذا ساعة.. بس مش مهم كله للفايدة. لكن أنا متأكد أنه في ناس مش هتصدق برضو أن د بباوي مكنش كلامه دقيق في النقطة دي.. وإن الأنبا رافائيل هو اللي غلط.. وده يدل إن كتير مننا الموضوع عنده ليس بحث عن الحق بقدر ما هو انتماء لأشخاص. لكن معلش.. أهم حاجة أنا أتاكدت من اللي بقراه.. ومحدش أكل بعقلي حلاوة. وأحب أنكم تعملوا نفس الشيء حتى مع أي حاجة أنا بكتبها.


هناك تعليق واحد:

  1. د.عادل الحبيب والقريب الي قلبي اشكرك كثيرا للأمانة العلمية وجدية البحث المعهودان من حضرتك ربنا يبارك كل مجهوداتك لمجد أسمه القدوس

    ردحذف