ما
زلنا في القرن العشرين، مع بعض الشخصيات المهمة، ونبدأ مع القمص سرجيوس سرجيوس (1882- 1964)، وهو خطيب ثورة 1919، وأول مسيحي يقف على
منبر الأزهر ليخطب المصريين داعيًا للوحدة الوطنية في مواجهة الإنجليز.. في سنة
1933 كتب الشيخ محمد العدوي مقالة في جريدة السياسة يهاجم فيها عقيدة التثليث،
فرد عليه القمص سرجيوس في
هذا الكتاب..
وجَّه القمص سرجيوس للشيخ العدوي اللوم لأنه لم ينتظر حتى
ينتهي المسيحيين المصريين من الاحتفال بعيد الميلاد.. خصوصًا وأن هذه العقيدة
ثابتة حتى من قبل الإسلام.. فلا داعي للعجلة. ثم رد على اتهام العدوي بأن مَن يؤمن
بالثالوث هم مَن ”صغار العقول“ فذكره بأن العلماء المسيحيين قدموا اختراعات
غيرت وجه الدنيا.. ثم يرد على آية قرانية استشهد بها الشيخ العدوي، وهي من سورة
المائدة (172) ”لن يستنكف المسيح أن يكون عبدًا لله“، ويقول إنه
لم يوفق في اختيار هذه الآية القرآنية.. لأنه مفيش حد من الأنبياء اتقال عليه أنه ”لم
يستنكف أن يكون عبدًا لله“.. كلهم قابلين أنهم يكونوا عبيد لأن طبيعتهم كده.. شيء
بديهي! لكن المسيح شيء مختلف. ولكونه روح الله وكلمته الأزلي نراه لم يستنكف (في
تجسده) أن يدعى عبدًا.. هذه مناسبة الاستنكاف. ثم يقول إن هذه الآية القرآنية لها مثيلتها في
الإنجيل في فيلبي 2: 5 عن المسيح الذي ”لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه
أخلى ذاته آخذًا صورة عبد“.
نأتي
لمحطة مهمة عند الأب متى المسكين (المتوفى عام 2006)، اللي محدض يقدر ينكر
أنه لاهوتي مهم، واللي في إحدى مقالاته يقول: ”وحدانية الله ليست عددية، ولكنها
طبيعية“ (وده بيفكرنا بكلام نيكولاس دي كوسا وأبو رائطة التكريتي كما سبق
وأوضحنا). ثم يقول إن أقرب صورة لذات الله هي النفس البشرية (وده برضو قاله غريغوريوس
النيسي وأغسطينوس) لكن الأب متى بياخد اتجاه مختلف قليلاً عنهم وبيقول وجه الشبه إن
النفس البشرية بتحافظ على وجودها بالرغم من الموت عن طريق ”الأبوة والبنوة والحياة“،
”فلو كفّت الأبوة أن تعطي الحياة للبنوة، أو كفّت البنوة أن تقبل الحياة، أو كفّت
الحياة أن تكون، لكفّ العالم عن الوجود“.
ثم
يشرح مستخدما الحوار المرفق في الصورة ويقول:
”سألني
سائل: كيف يكون الله آب وابن بآن واحد.
فسألته:
هل لك ابن؟
قال:
نعم،
قلت
له: إذن، أنت أب!!
ثم
سألته: هل لك أب؟
قال:
نعم،
قلت
له: إذن، أنت ابن!! وهكذا أنت أب وابن بآن واحد!!
ثم
سألته: هل أنت حي؟
قال:
نعم،
قلت
له: إذن فيك روح!! وبالنهاية أنت أب وابن وروح في ذات واحدة. فأنت لست ثلاثة بل
واحد، وهذه هي عناصر الذات الواحدة.“
ثم
يقول: ”الله الآب حيٌ دائم كائن بذاته، الله الابن حي كائن في ذات الله، الله الروح
القدس قائم دائم في الآب والابن“. وهذا الكلام قريب الشبه جدًا لكلام ”يوحنا
بن زكريا المعروف بابن سبَّاع“ في كتابه ”الخريدة النفسية“ اللي بيقول فيها:
”أقنوم الآب قائم بذاته ناطق بالابن حي بالروح القدس. الله الابن حي كائن في ذات
الله. الله الروح القدس قائم دائم في الآب والابن“.
يُتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق