الجمعة، 4 أكتوبر 2019

الدينونة العتيدة- ق يوحنا ذهبي الفم


عظة للقديس يوحنا ذهبي الفم، ترجمة د جورج عوض، بمعرفة المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية (40 صفحة).
ذهبي الفم بيرد في العظة دي على ناس بتنكر الدينونة بحجة "أن الله محب البشر.. قائلين إنه لا يوجد جحيم ولا عقاب" (9). وبيقولهم "الله هو محب البشر، هذا أمر حقيقي، لكنه أيضًا يجب أن يكون عادلاً أيضًا" (9). وبيضرب مثل إو واحد عمّال يشتم واحد تاني عمره ما ظلمه في شيء. "فكيف تتجرأ بقولك إن الله محب البشر ولا يعاقب؟" مش ربنا حذرك، وقدم كل مساعدة ليك، وعمل كل شيء لأجل خلاصك.. لو مفيش عقاب للخطاة، ده ممكن يخلينا نقول مفيش مكافأة للأبرار.. ثم يقول "أيها الناس لا تنخدعوا بطاعتكم للشيطان، لأن هذه هي أفكاره" (10).
ثم يقول إن القضاة بيكافئوا الناس الصالحين وبيعاقبوا الأشرار "فوفق أي منطق سيحدث العكس مع الله، هل سينال الصالحين والأشرار نفس التقدير معًا؟" (10). ولو حصل كده "متى سيتخلص الأشرار من شرهم؟ سوف لا يخافون، معتقدين إن الجحيم لا ينتظرهم، بل سيكسبون ملكوت السموات. إذن متى سيكفون عن فعل الشر؟!"  
وبيقول سمعت من بعض الخطاة إن الله بيهدد بس، علشان يخوف الناس، بس مش هيحصل حاجة؛ لأن الله رحوم ولا يمكن أن يُعاقب. ثم يقول "اقنعني أنت عندئذٍ، من أين تدعون أن الله كاذب؟!" (11). يعني بيعتبر الكلام ده اتهام لله بالكذب. ثم يعدد عقوبات الله في العهد القديم: الطوفان، سدوم، غرق المصريين، فناء 600 ألف من بني إسرائيل في البرية، ابيرام، قورح وداثان. وهذا رده على مَن يقولون إن الجحيم أسطورة!
 ثم يقول إن الفلاسفة أيضًا نادوا بالدينونة والنار والجحيم، يوستين الشهيد استند لهذا أيضًا، حتى لو كان كلام الفلاسفة مش دقيق قوي، لكنهم "التقطوا صورة عن الحقيقة". ثم يقول ذهبي الفم "دعونا ألا نترك أنفسنا للاعتقاد بعدم وجود جهنم حتى لا ينتهي مصيرنا إليها" (13). مش بس كده ده إحنا لازم نتكلم عنها باستمرار علشان نبعد عن والخطايا.. الكلام عن جهنم زي الدواء المر.. الكلام عن جهنم يطفئ الشهوة.
ثم يقول إن نار جهنم مظلمة.. ومش معنى إن جهنم تدعى نارًا يعني أنها تشبه النار اللي إحنا نعرفها. النار هتخليهم غير فاسدين، بمعنى خالدين، مش إكرامًا ليهم ولكن علشان تعذبهم عذابًا أبديًا. وبيقول في حاجات تاني.. لكن الحرمان من الخيرات الأبدية هو لوحده أسوأ من كل عذابات الجحيم (16). بيقول إن فرح الأبرار كامل ولن يكون لديهم انزعاج بسبب عطف على ذويهم لو كان مصيرهم الجحيم.. حياتنا على الأرض زي الشخص اللي واخد قرض، ولو لم نستثمر فيه سنعاقب.
بيقول بالرغم من وجود جهنم في شر كتير في العالم.. فماذا لو لم توجد جهنم "أي خطية لن نفعلها" (19). وبالتالي حتى التهديد بالجحيم ليس قسوة من الله بل رحمة ومحبة منه. ثم يقدم مبرر آخر لوجود جهنم: "إن كان الله لا يبالي بأن نحيا في الفضيلة أو الخطية، سيكون لدينا عذر في أن نقول لا يوجد جهنم" (20). العقاب مش بس للي لم يرتكب الشر، بل لمن لم يفعل الفضيلة أيضًا.. وبيثبت ده بآية "لأني جعت فلم تطعموني".
طب ليه ربنا بيعاقب البعض هنا على الأرض والبعض الآخر لا؟ يرد ذهبي الفم على الاعتراض ده بأن عقابه للبعض هنا دليل على أنه بيمارس عنايته في العالم.. وعدم عقابه للبعض يخلينا دايًما نترجى الدينونة العتيدة ويبقى فرصة لينا للتوبة. ثم يقول ذهبي الفم أنه عن نفسه لا يتمنى وجود جهنم.. وأكثر من كده كمان لأنه مؤتمن على رعيته.. لكن يرجع ويقول: "صالحة هي وعودك.. حسنة هي جهنم التي تهددنا بها" (29). ده بيفكرني بذهب يالفم في تفسيره لرسالة كولوسي كان بيقول إن في شخص قديس كان يعرفه كان اعتاد أن يصلي "نشكرك على كل نعمك.. من أول يوم في حياتنا حتى الآن، ولاجل اللي نعرفه واللي منعرفوش، من أجل التجارب والتعزيات"، ومن أجل.... إيه؟ "من أجل الجحيم والعقوبة وملكوت السموات".[1]   
بعد كده يشرح ذهبي الفم أن ملكوت الله يحثنا على عمل الخير، والجحيم يخلينا نخاف ونبعد عنه.. "الكلام لا يستطيع أن يحقق نتائج عظيمة، بقدر ما يحققه الخوف"، اي الخوف من الجحيم. ثم بعد كده يؤكد أن "السقوط من مجد السماوات هي أشد عقوبة" (30)، "لكن إن أضفت آلاف الجحيمات لن تستطيع أن تعبر عن كم هو مرعب أن يفقد الإنسان مجد المسيح" (31). وبناءً على كده.. حتى لو ذقنا الجحيم هنا.. يكفينا أننا سنرى المسيح في مجده.. "أسوأ جحيم من جهنم النار هو ألا يأخذ الإنسان مكانًا في مجد المسيح". ثم يختم بأن البعض بيقول "الله محب البشر، ولا شيء من كل هذا سوف يحدث، إذن فهل عبثًا كل ما ذكره الكتاب؟ لا". كمان الناس دول بيقولوا أن الله هيكافئ بس مش هيعاقب، وإن الغرض هو التخويف فقط.. لكن ذهبي الفمر يجيب متعجبًا: ما كل هذا؟ أسمعت عن الطوفان؟ يعني هما اللي بيقولوا كده مسمعوش عن الطوفان.. كمان سنجد في رسالة يهوذا في العهد الجديد كلام عن أن الطوفان هو بروفة مصغرة للدينونة الأخيرة.

[1] راجع تفسير كولوسي، ذهبي الفم، بمعرفة نشأت مرجان، مكتبة المحبة، ص 176.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق