الأربعاء، 10 أكتوبر 2018

ضد الأريوسيين- ق أثناسيوس ج1



قراءة في المقالة الأولى والثانية في الرد على الأريوسيين
من كتاب "ضد الأريوسيين" للقديس أثناسيوس الرسولي
ترجمة د. نصحي وآخرون، ومراجعة د. جوزيف موريس
إصدار المركز الأرثوذكسي للدراسات الآبائية

الهرطقة وموقفها من الكتاب المقدس

يقول ق أثناسيوس في المقالة 1: 1 أن الهرطقات "مثل أبيها الشيطان تظاهرت بلبس كلمات الكتاب المقدس، لتحاول الدخول مرة أخرى إلى فردوس الكنيسة لكي تظهر بغير وجه حق كأنها تعاليم مسيحية." وفي موضع آخر يقول إن الشيطان.. يستعير "أقوال الكتب المقدسة كغطاء يتستر من ورائه لكي ينفث سمومه الخاصة ليخدع البسطاء" (مقالة 1: 8). ويقول عن الهراطقة أنهم "يتعللون بالأقوال الإلهية، ويفرضون عليها تفسيرًا منحرفًا محرفين إياها بحسب فكرهم الخاص" (مقالة 1: 37)، وكذلك أنهم "يلوذون مرة أخرى بنصوص الكتب المقدسة، التي عادة لا يشعرون بها، فلا يدركون معناها الصحيح، ولكنهم جعلوا من عدم تقواهم الذاتي قاعدة طابقوا عليها هذه الأقوال الإلهية وحرفوها" (مقالة 1: 52).

نأتي الآن لبعض الآيات التي اعتمد عليها الأريوسيون وكيف رد عليها ق أثناسيوس:


الآية
كيف فهمها الأريوسيون؟
الفهم الصحيح من وجهة نظر ق أثناسيوس
في 2: 9، 10 "لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْم. لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ"
توقف الأريوسيون عند أداة الربط "لذلك" وقالوا أنها بتعبر عن نوع من المكافأة على تقوى المسيح، فرفعه الله ومجده. وبمعنى تاني أن ألوهيته دي بالنعمة وهي نوع من الارتقاء كأجر على فضيلة.
- ق أثناسيوس بيجيب النص كله بتاع فيلبي 2: 5- 11 علشان يوضح السياق. وهيلاقي أن الآيات بتقول أنه كان في صورة الله أصلاً.. فلم يحتاج إلى الترقي.. بل على العكس ده كان في المجد ورضي بالذل من أجلنا. "لم يكن في حالة وضيعة ثم ترقى.. بل كان إلهًا وصار عبدًا" فأين فكرة الأجر والمكافأة! ولماذا يُرفع وهو الله أصلاً الأكثر رفعة فوق الكل. "وكيف نال الاسم للعبادة، وهو الذي كان دائمًا معبودًا باسمه" (ص108).
- وبيقول إن "رفَّعه.. لا تعني أن جوهر الكلمة قد ارتفع.. لكنها تعني ارتفاع بشريته"، "الرفعة تقال عنه بسبب الجسد."
- وعلشان يثبت أثناسيوس أنه كان ليه مجد من قبل التجسد استشهد بالآتي: 1- كيف يفرح به الآب لو لم يكن كاملاً "كُنْتُ عِنْدَهُ صَانِعًا، وَكُنْتُ كُلَّ يَوْمٍ لَذَّتَهُ، فَرِحَةً دَائِمًا قُدَّامَهُ" (أم 8: 30)
2- كيف يسجد له إبراهيم وموسى.. ظهورات العهد القديم
3- كيف يقول للآب: "مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِالْمَجْدِ الَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ الْعَالَمِ" (يو 17: 5)
نيجي لنقطة تانية: طب ليه هو اتقال عنه رفَّعه.. بيثبت ق أثناسيوس أن هذه الرفعه والتمجيد والارتقاء هو من أجلنا نحن.. "نيابة عنا ومن أجلنا" ويستشهد بعب 6: 20 "دخل يسوع كسابق لأجلنا".. هو خالق السماء لكنه دخل السماء لأجلنا.. وصعد لأجلنا وبينا.. وحتى مز 24 بتاع "ارتفعي ايتها الأبواب الدهرية" قيلت ليس لأنها كانت مغلقة في وجهه، وإنما كانت مغلقة في وشنا إحنا وبسببنا كُتب هذا الكلام. "إن كان الابن هو البر، إذن فهو لم يرتفع بذاته كما لو كان في حاجة إلى الرفعة، بل نحن الذين ارتفعنا (تمجدنا) بسبب البر الذي هو المسيح ذاته." (مقالة 1: 41).
- مينفعش ترفع حاجة هي نفسها مرتفعة.. لأنه "في الحقيقة لم يحصل منا على شيء يرتقي به، لأن كلمة الله ليس في احتياج إلى شيء لأنه كامل؛ بل بالأحرى نحن الذين نلنا منه الارتقاء" (1: 41)
- وبيذكر الآية بتاعة "لأَجْلِهِمْ أُقَدِّسُ أَنَا ذَاتِي، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مُقَدَّسِينَ فِي الْحَقِّ" وبالتالي هو مَن يقدِّس ذاته.
- نيجي للنقطة التلتة.. طب ليه هو عمل كده؟ في جملة رائعة بيقول: "لأن مجد الله الآب.. أن يوجد الإنسان.. أن يحيا الذي مات.. أن يصير هيكلاً لله" (1: 41). ودي تكرار لجملة إيريناؤس الشهيرة: "مجد الله أن يحيا الإنسان" (ضد الهرطقات 4: 20).
- نيجي لنقطة أخرى ونسأل: إيه الميكانزم اللي بيه تم كده؟ بيقول ق أثناسيوس جملة ايضًا في منتهى الروعة ويقول: "أخذ كإنسان ما كان له دائمًا كإله، وذلك لكي تصل إلينا عطية مثل هذه النعمة" (1: 41). وبكده يتحقق نعمة خلاص البشرية من خلال انتقال النعمة من خلال اللوغوس.
- وبالتالي رفعة جسد المسيح لتأليه الجسد. لرفعة ناسوته.. لرفعة الطبيعة البشرية.. لحسابنا إحنا.
- بيصل ق أثناسيوس أن الاريوسيين بيركزوا بلا جدوى على أداة الربط (لذلك).. لكنه بيقول شرح آخر للآية بيوصل لمعنى متطابق مع اللي فات.. وهو أن الآيات دي بتتكلم عن قيامته من الأموات.. فهو أذل نفسه حتى الموت كإنسان لكنه قام وتمجد كإله وبكده "القيامة والتمجيد يدومان فينا بالضرورة بسببه" (1: 41)
مزمور 45: 7، عب 1: 9،
"أَحْبَبْتَ الْبِرَّ وَأَبْغَضْتَ الإِثْمَ، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ مَسَحَكَ اللهُ إِلهُكَ بِدُهْنِ الابْتِهَاجِ أَكْثَرَ مِنْ رُفَقَائِكَ"
الأريوسيون ركزوا برضو على أداة الربط "من أجل ذلك"، واعتبروها نوع من المكافأة على أنه أحب البر وأبغض الأثم. لكن ده كمان بيعبر أن كان في إمكانه أنه يختار عكس كده، وبالتالي الابن له طبيعة متغيرة.
- نفس الشيء ق اثناسيوس بيقتبس بقية الآيات أي عدد 6 في المزمور علشان يقرأ النص في سياقه.. فبيلاقي أن الآية السابقة بتقول: "كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُورِ. قَضِيبُ اسْتِقَامَةٍ قَضِيبُ مُلْكِكَ" فبيلاحظ أن الأية بتقول أنه هو الله، فبيقول: "فهو هنا لا يُمسح لكي يصير إلهًا، لأنه كان إلهًا حتى قبل أن يُمسح.. بل إن هذا قد كُتب لأجلنا." (مقالة 1: 46). وبيقول تاني: "فهو كإنسان يُسمح بالروح وذلك حتى يبني فينا نحن البشر سكنى الروح وألفته تمامًا مثلما وهبنا الرفعة والقيامة" (46).
- بيقول ان نزول الروح عليه في الأردن ده من أجلنا "بسبب لبسه جسدنا" (47). "وهكذا لم يصر لترقية اللوغوس بل من أجل تقديسنا من جديد، ولكي نشترك في مسحته.. هو يتقدس "من حيث أنه صار إنسانًا"  والذي يتقدس هو جسده. فمن ذلك الجسد "بدأنا الحصول على المسحة والختم".
- بيلجأ إلى يو 15: 26 وبيقول هو اللي بيرسل المعزي! وهو هو أمس واليوم والى الأبد غير متغير (عب 13: 8) وبالتالي يقول ق أثناسيوس: "هو ذاته العاطي والآخذ: فهو يعطي كونه كلمة الله، ويأخذ كونه هو إنسان" وبالتالي ليس اللوغوس هو الذي ارتقى ولكن البشر اللي بياخدوا من اللوغوس علة وجودهم هما اللي يرتقون (48).
- بيوصل اثناسيوس إلى أنهم بيستخدموا تعبير "من أجل ذلك" تحقيقًا لرغباتهم الخاصة. فالنص لا يعني "أجر فضيلة.. بل السبب الذي من أجله نزل إلينا." (50)
- بالنسبة لموضوع أن الابن له طبيعة متغيرة: بيقول أثناسيوس بالعكس عبارة "أحببت البر وأبغضت الاثم" بتعبر عن ثباته وليس تغيره.. لأن الإنسان فقط ممكن يحب البر ثم بعد فترة ينقلب ويتغير.
عب 1: 4
"صَائِرًا أَعْظَمَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ بِمِقْدَارِ مَا وَرِثَ اسْمًا أَفْضَلَ مِنْهُمْ"
الأريوسيون ركزوا على كلمتين: صائرًا وقالوا أن اللوغوس مخلوق أو مصنوع.. له بداية وجود. وكلمة أفضل.. وقالوا أنه من جوهر يشبه الملائكة.؟؟
- نفس الشيء في (1: 55) بيلجأ أثناسيوس إلى الأصحاح من أوله علشان يشوف السياق اللي وردت فيه الآية. وبيقول إن الآيات بتتكلم عن أن "خدمة الابن أفضل من الخدمة التي يقدمها العبيد (أو الخدام/ الملائكة أو الانبياء)"
- تاني حاجة أنه قال إن "كلمة أفضل لا تُذكر للمقارنة، بل بسبب اختلاف طبيعة الابن عن طبيعة الملائكة" (1: 54). و"لم يستعمل كلمة صائرًا عن جوهر اللوغوس، بل عن الخدمة الصائرة عنه.. تشير إلى خدمته والتدبير الذي صار فعلاً" (1: 61). يبقى يقصد الخدمة التي صارت بالتجسد.
- وبيجيب آيات من العهد القديم بتقول أن المرنم بيقول ليكن لي ملجأ أو صار لي ملجأ.. فهل هذا يعني "بداية وجود"؟! بالطبع لا.
وجاب آية "صار ضامنًا لعهد جديد".. وبالتالي لا تعني أن جوهر اللوغوس مخلوق.. بل يقصد الإحسان الصائر لنا بتأنسه. 
- بيلجأ إلى عب 1: 13، 14 "ثُمَّ لِمَنْ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ قَالَ قَطُّ: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي" علشان يميز بين الابن والملايكة.. ده هو اللي خلق الملائكة اللي هي ارواح خادمة.. وبيذكر ايضًا عب 1: 6 عن ان الملائكة تسجد له. وبالتالي لما اتقال عن الابن أنه أفضل.. بقدر الفرق والاختلاف بين الابن والخادم.
- بيقول ق أثناسيوس حاجة غريبة جدًا.. أن "الابن نفسه لم يقل: أبي أفضل مني حتى لا يظن أحد أنه غريب عن طبيعة الآب بل قال أعظم مني." (1: 54).. تعبير غريب شوية.. 
- وبيجب آيات من شأنها تثبت أزلية الابن زي يو1: 1.. وعب 1: 10 والكلام على ان المخلوقات تبيد وأنت تبقى.. وده دليل على أزليته.
- وكمان لجأ إلى عب 2: 1- 2 وأنه اختص بمن يعصى اللوغوس بأعظم عقاب.. وده لا ينطبق على الملائكة.
عب 2: 3
"حَالَ كَوْنِهِ أَمِينًا لِلَّذِي أَقَامَهُ"
الأريوسيون شافوا أن تعبيرات زي أقامه، قناني، صنعه أو حتى خلقه.. كلها بتثبت أن الابن مخلوق له بداية بمشيئة الله.
- اثناسيوس بيحب يبدأ بالله كآب وليس كخالق.. ثم من خلال أبوته يستنتج أن آب من غير ابن يشبه: "النور الذي لا يضيء وكالنبع الجاف" (2: 2)
- بخصوص أنه مخلوق بالمشيئة بيقول ق أثناسيوس حاجة قوية جدًا: "لما لا يقرون بأن في الله شيء أعلى من المشيئة، ألا وهو الطبيعة الخصبة. وأن يكون أبًا لكلمته الذاتي؟" (2: 2).. يعني هو بيقول طبيعة الله الولودة أعلى وأسبق من مشيئة الخلق.
- كمان بيأكد أنه ميهمناش الألفاظ.. الألفاظ غير سابقة على جواهر الأشياء.. اتأكد الأول إن الجوهر مولود (مش مخلوق) ساعتها الألفاظ زي صنع وصار مش هتتفهم بالمعنى الحرفي. بل "صنع استخدمت ببساطة بدلاً من ولد"
- بيقولهم ابحثوا الأول إن كان ابن/ كلمة/ حكمة.. بعد كده مفيش مشكلة في المصطلحات..
- يجيب من العهد القديم قصة سليمان وأنه اتقال عنه أنه عبد لداود وهو ابن له.. "دعي سليمان عبدًا رغم كونه ابنًا"
- بيجيب شاهد ذكي جدًا عن حواء لما ولدت قايين قالت "اقتنيت لي رجلاً" .. قالت اقتنيت بدلا من ولدت.. "ولا يظن أحد أنها بسبب قولها اقتنيت أنها اشترت قايين من الخارج، أو أنها لم تلده من بطنها" (2: 4)
- بخصوص كلمة أقامه (صنعه) جاب بقية النص علشان السياق.. وسأل أمتى اتقال الكلام ده.. أمتى صار رسول.. امتى صار رئيس كهنة.. أمتى اقام الجسد.. "عندما اشترك هو نفسه في اللحم والدم" (2: 9). وبالتالي فهو "لا يشير إلى جوهر الكلمة ولا إلى ميلاده الطبيعي من الآب.. لكنه قال هذا لأنه أراد أن يظهر نزوله إلى البشر، ووظيفة رئاسة الكهنوت التي صارت" .
- بيجيب من جامعة 12: 14 إن الله هيحضر كل عمل إلى الدينونة.. وإن كان اللوغوس مخلوق "فأين تكون الدينونة إذن، إن كان الديان نفسه يدان؟" الابن هو الديان.. ولعله يشير إلى كلام المسيح في يو 5: 22.
- بالنسبة لكلمة أمين.. بيقول إن الكلمة دي جاية من مؤمن (يناسب البشر) وأمين (يناسب الله).. وبيجيب شواهد اتقال على الله نفسه أنه أمين زي تث 32: 4؛ 1كو 10: 3. وأمين بمعنى الحقيقي.. وانه معناها غير متغير سواء في وعوده أو في جوهره.
أع 2: 36
"اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هذَا، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، رَبًّا وَمَسِيحًا"
برضو فهموا كلمة جعل زي صار.. تعني بداية لجوهر الابن المخلوق..
- في السياق بطرس بيتكلم بعدها على طول وبيقول "الذي صلبتموه أيضًا" وبالتالي بيتكلم عن تدبير التجسد. وبالتالي كلمة جعل ليست عن جوهر الكلمة بل على ناسوته (2: 12). ويتحداهم أنه لم يقل "جعله كلمته" بل "جعله ربًا".
- بيثبت أنه مبقاش رب بعد التجسد فقط.. وبيجيب من موسى اللي قال "أمطر الرب على سدوم وعمورة.." وعن داود "قال الرب لربي".. حيلة ذكية!
- "بافتدائه الكل بالصليب، قد صار رب الجميع وملكًا عليهم" ، "لا يريدون أن يقروا بأنَّ جعل تعني أظهر". يعني جعله ربًا معناها أظهر ربوبيته وارسله مسيحًا ليقدس الجميع بالروح. جعله ربًا ومسيحًا أي "جعله لكي يسود ويملك".
- بيجيب شاهد ذكي جدًا هو تك27: 37 عن ربنا بيقول لعيسو عن يعقوب "جعلته سيدًا عليك". هل الآية دي لا تعني بداية خلق يعقوب أو جوهره!؟ وإنما "سيادته على أخيه هي التي حدثت بعد ذلك"
- وبالتالي فإن كلام بطرس اللي اعترف اصلا أن المسيح ابن الله.. لم يقصد أن جوهر الكلمة مخلوق.. "لكنه يقصد بها ملكوته وسيادته التي تحققت وصارت فينا بحسب النعمة" (2: 18)
أم 8: 22
"الرب قناني أول طرقه لأجل أعماله" (سبعينية) لأن الترجمات العربية الحالية بتقول "من قبل أعماله" لكن ق أثناسيوس بيحاجج بناءً على أنها "لأجل أعماله"
ده أهم نص بيعتمد عليه الأريوسيون..
الأريوسيون كانوا بيلعبوا في الكلام وفي ردهم على البابا ألكسندروس قالوا ان الابن "مخلوق لكن ليس كأحد المخلوقات".. لكن اثناسيوس بيقولهم يإما يكون مخلوق أو خالق.. ومفيش احتمال تالث..
الأريوسيين قالوا فكرة أن يد الله تقيلة ومش هينفع تخلق مباشرة.. ولازم وسيط.. وبالتالي الآب خلق الابن..
- اثناسيوس قال الابن في هذه الحالة هيكون مخلوق برضو (لم تُحل المشكلة) ومينفعش "أحد المخلوقات يكون علة خالقة".. يعني مينفعش يكون خالق ومخلوق في نفس الوقت. وضرب مثل بالشمس وقال عمرك ماهتشوف الشمس خالقة لشيء تاني.
-  الكتاب المقدس بيتكلم في مواضع كتير عن الابن وليس عن المخلوق: مت 3: 17 "ابني الحبيب الذي به سررت"- مت 4: 11 الملائكة بتخدمه – عب 1: 6 الملايكه بتسجدله، وتوما بيقول "ربي وإلهي" – ومتنساش إن السجود لله وحده. (2: 22) "فهو ما كان ليُسجد له، أو تقال عنه تلك الأقوال لو أنه كان من بين المخلوقات"
- بخصوص يد الله الثقيلة.. والفجوة الكبيرة بين الخالق والمخلوق.. اريوس كان الحل بتاعه أنه يقول بمخلوق آخر من خارج الله.. لكن أثناسيوس كان الحل بتاعه من داخل الله؛ الابن يتنازل للخليقة.. محبة إلهية متنازلة. اثناسيوس بيقول  "لو قالوا أن الله يستنكف أن يخلق الاشياء.. فقد صنع الابن.. وسلم خلقة الاشياء للابن كمساعد.. فإن هذا غير لائق بالله، لأن الله ليس عنده كبرياء" وبيستشهد بجزء كبير من مت 6: 25- 30 عن زنابق الحقل وطيور السماء واهتمامه بأدق تفاصيل الخليقة زي شعرة الرأس.. هو بيعتني بيها أهو لأنه خالقها.
- لو في إمكانية أن الابن يُخلق من الآب.. يبقى نفس الإمكانية ممكنة لبقية المخلوقات..
- لو الابن مخلوق يبقى هو كمان محتاج لوسيط.. والوسيط محتاج لوسيط.. إلى ما لا نهاية "وبذلك يكون من المستحيل أن تقوم للخليقة قائمة" (2: 26)
- قالوا ان ربنا معتاد على قصة الوسيط دي .. موسى مثلاً ربنا استخدمه لخروج الشعب.. اثناسيوس قال موسى وسيط خدمة وليس وسيط خلق.. وفي فرق كبير. في كتير مرسلين للخدمة من الانبياء والملائكة.
- بعضهم قال ان الابن اكتسب الخلق بالتعلُّم.. أثناسيوس قال: الابن هو الحكمة، فكيف يكون حكمة "إن كان لايزال في حاجة إلى دروس؟ وماذا كان حاله قبل التعلم؟" (2: 28)
- اثناسيوس بيذكر يو 17: 5 "أبي يعمل حتى الآن وأنا أعمل" علشان يأكد ان عمل الخلق مشترك ومش متوقف وان الآب بيعمل ويخلق أيضًا مش بيستنكف من الخلق. في الآية "يُرى الآب عاملاً حتى بعد وجود الابن" وبالتالي حسب كلامكم الابن لا لزوم له.
- أثناسيوس بيقول انه لو الفكرة دي صح.. يبقى الابن جُعل لأجلنا.. يعني لم نخلق نحن لأجله بل هو خُلق لاجلنا.. وبالتالي هو مديون لينا وليس العكس. "لأنه خطط لوجوده بعد أن خطط لوجودنا" وده مش صحيح (2: 30). وبيقول شيء لافت جدًا.. "أنه حتى لو لم يستحسن الله أن يخلق المخلوقات، فالكلمة مع ذلك كان عند الله وكان الله فيه" (2: 31).
- أهم جزء هنا هو الاحتكام لليتورجيا (المعمودية). وبيسأل أثناسيوس ليه بنقول باسم الآب والابن.. لو الابن مخلوق يبقى "أية مشاركة هنا بين المخلوق والخالق"، "فليس باستطاعة مخلوق أن يقدم معونة لمخلوق آخر، حيث إن الجميع محتاجون لنعمة الله" (2: 41). وبيقول كده هيضيع على الاريوسيين سر المعمودية لأنه مفيهوش اي نعمة، "وليس فيها شيء يعين على التقوى". ليه؟ 
لأنهم بيعمدوا باسم خالق ومخلوق. حتى لو كانوا بيقولوا باسم الآب والابن بنفس الطريقة؟ أيوه لأن مت 28: 19 بتقول عمدوا وتلمذوا.. وبتربط الإيمان السليم بالتعليم السليم بالمعمودية السليمة.
- نقطة تانية بيقولها اثناسيوس أنه لو الابن مخلوق مش هيقدر يوحدنا مع الله "إذ يربطون أنفسهم بالمخلوق فلن ينالوا من المخلوق أية معونة. وإذ يؤمنون بمن هو مختلف عن الآب وغريب عن جوهره، فإنهم لن يتحدوا مع الآب طالما ليس لهم الابن الذاتي النابع منه بالطبيعة" (2: 42).
مبدأ اثناسيوس: "كيف يمكن لمخلوق أن يتحد بالخالق بواسطة مخلوق؟ لأن اي معونة يمكن أن يحصل عليها متماثلون من مماثليهم ماداموا هم أيضًا محتاجين إلى نفس المعونة".
مرة تانية: أم 8: 22
"الرب قناني أول طرقه لأجل أعماله

- أثناسيوس بيرجع مرة أخرى ويقول أن قناني أو خلقني لا يقصد به الولادة الأزلية وإنما تدبير التجسد.. وبيجيب أم 9: 1 "اَلْحِكْمَةُ بَنَتْ بَيْتَهَا" وقال ان البيت هنا هو الجسد اللي اتخذه الابن.
- مرة تانية بيحاول يجيب آيات فيها كلمة "يخلق" ولكنها بمعنى آخر. مز 51 قلبا نقيًا اخلق في مثلا. بيقول انه اكيد مش هيخلق قلب جديد لكن المقصود التجديد. وبيجيب شاهد ذكي جدًا هو أف 2: 15 بيتكلم عن المصالحة بين اليهود والأمم "لِكَيْ يَخْلُقَ الاثْنَيْنِ فِي نَفْسِهِ إِنْسَانًا وَاحِدًا جَدِيدًا، صَانِعًا سَلاَمًا".. ويخلق هنا معناها يجدد.. و"طالما الاثنين خُلقا فيه.. يكون من الملائم تمامًا أن يقول الرب خلقني" (2: 55).
- اثناسيوس بيقول إن "خلقني أول طرقه" تساوي "الآب هيأ لي جسدًا" (عب 10: 5). "فإذا سمعنا في الأمثال لفظ خلق فلا يجب أن نفهم ان الكلمة مخلوق حسب الطبيعة، بل أنه لبس الجسد المخلوق" (2: 47).
تفسير عبارة "من أجل الأعمال"

- أثناسيوس بيقول ان الكتاب بيقول "من أجل الأعمال" ومقالش "خلقني قبل الأعمال" (طبعًا عكس ترجمة فاندايك اللي بين إيدينا). ومقالش خلقني علشان أصنع الأعمال لأن كده هيعبر عن ولادته الأزلية.. وده مش صح. لكن أثناسيوس بيقول ان الأعمال كانت موجودة بالفعل وبالتالي كلمة خلق تعني خلق جسده في تدبير التجسد. يعني خُلق انسانًا حتى يجدد الأعمال. 


- حجة تانية.. بيقول طالما إحنا خُلقنا فيه يبقى ينفع يتقال عنه "خلقني". هو "تنازل وتحمل لقب المخلوقين، ولم يكن هذه لقبه الخاص" (2: 55، 56).
- حجة تالتة: أثناسيوس حط أم 8: 22 قدام أم 8: 25 اللي بتقول "لكنه قبل كل الجبال ولدني" (في الترجمات الحالية ولدني موجودة بس في اليسوعية وترجمة كتاب الحياة.. غير كده وجدتُ وأبدئتُ) وبيقول في حالة ولدني يبقى قبل الكل يعني ولادته الأزلية.. لكن في حالة خلقني هيشير إلى الأعمال والسبب اللي هو يخص التجسد. وبيقول إن أداة الربط "لكن" بتعطي حماية كافية للفظ خلق. و"قبل الكل" تعني أنه شيء آخر غير الكل وليس أول الكل.
تفسير عبارة "أول طرقه"

- في البداية أثناسيوس بيستشهد بكولوسي 1: 18 الذي هو البداءة، بكر من الأموات.. يبقى أول طرقه معناها أول طريق القيامة.. أو رأس الخليقة الجديدة (زي تعبير بكر كل خليقة). وبيقول عمر ما الكتاب ماهيقول "بكر الله أو الآب" وإنما هيقول "الابن الوحيد" من حيث علاقته بالآب.. لكن لفظة بكر دايمًا هتكون من حيث علاقته بالخليقة.
- هو بكر من الأموات، "لأن قيامة الموتى تنبع منه وتلي قيامته" (2: 63)، وبيستشهد ب عب 1: 6 "متى أدخل البكر إلى العالم". وبيقول إن "دخول البكر إلى العالم ساهم في تسميته بكر الكل.. من أجل تبني الجميع" (2: 65)
- نرجع تاني لأول طرقه.. بيقول إن الطريق الأول كان عن طريق آدم وقد ضعنا فيه وانحرفنا.. أما يسوع فقد "كرَّس لنا طريقًا حيًا حديثًا بالحجاب أي جسده" (عب 10: 20). دي مرة تانية بالضبط نظرية الانجماع الكلي اللي اتكلم عنها إيريناؤس وآخرون.
- بيضيف أثناسيوس حجج اخرى: زي أنه لو كان مخلوق مكنش هيلغي حكم الله ويبطل اللعنة. وكان يقدر بكلمة واحدة يلغي الحكم.. وكانت هتظهر قدرته في هذه الحالة لكن "الإنسان كان سيظل كما كان" (2: 69).
- حجة تانية: لو كان مخلوق كان هيئن مع بقية الخليقة ومحتاج انه يتحرر من عبودية الفساد. لكن الكتاب بيقول "إن حرركم الابن" وبالتالي يتضح انه ليس مخلوق بل الابن المولود الذاتي لله.
أم 8: 23 "أسسني قبل الدهر" ومش مترجمة كده في الترجمات الحالية.. فادايك مثلا "منذ الأزل مُسحت"

- أثناسيوس هيستخدم نفس الحجة الخاصة بأنها تتعلق بتدبير التجسد.. لكن العقبة المرة دي تعبير "قبل الدهر".. لكن أثناسيوس بيقول دي متزعجناش خالص. وبيستشهد ب 1كو 3: 11، 1كو 3: 10.. وبيقول صحيح النعمة دي ظهرت بالتجسد.. لكن النعمة دي قد أعدت قبل أن يخلقنا بل حتى قبل أن يخلق العالم. والسبب في هذا صالح مذهل. "فلم يكن من اللائق أن يفكر الله بخصوصنا بعد أن خلقنا لكي لا يظهر أنه يجهل الأمور التي تتعلق بنا" (2: 75).
وبيستشهد ب 1تي1: 8 -10 وكلام عن القصد والنعمة، وأف 1: 3- 5 عن اختيارنا في المسيح من قبل تأسيس العالم. "كيف سبق فعيننا للتبني قبل أن يخلق البشر إن لم يكن الابن نفسه قد تأسس قبل الدهور آخذًا على عاتقه تدبير خلاصنا؟" (2: 76).
"كيف حصلنا على النعمة قبل الأزمنة بينما لم يكن قد خلقنا بعد... لو أن النعمة التي وصلت إلينا لم تكن مودعة في المسيح" علشان كده نفهم آية "رثوا الملك المعد لكم من قبل تأسيس العالم"، "لأن الإرادة والتخطيط قد أعدا منذ الأزل، أما العمل (التنفيذ) فقد تحقق عندما استدعت الحاجة وجاء المخلص إلى العالم" (2: 77).


هناك تعليق واحد: