الجمعة، 29 مارس 2019

غريغوريوس النزيانزي- خطابان ضد يوليانوس الجاحد



ترجمة هذين الخطابين في هذه المختارات
من صفحة 45- 93  
منشورات النور- لبنان
كان يوليانوس مسيحيًا وبمجرد اعتلائه العرش الأمبراطوري أنكر المسيحية وأخذ في مقاومتها بشتى الطرق. يبرر يوليانوس ارتداده أن قسطنطين الكبير لم يكن مثقفًا أمّا هو فكان مثقفًا بالثقافتين اليونانية والرومانية ودارسًا أيضًا للأسفار اليهودية.
كتب ق غريغوريوس النزيانزي خطابين للرد عليه، فيما يلي الملخص:
الخطاب الأول:
بيلوم ق غريغوريوس الأمبراطور قسطنديوس أنه هو اللي ربى للمسيحيين هذا العدو. ويذكر أن يوليانوس منع المسيحيين من دراسة الأدب اليوناني، لكن ق غريغوريوس قال لا يهمنا هذا الأمر ”كأن كل القوة إنما في إحكام الجملة وبلاغتها“ (صفحة 46). يسرد غريغوريوس الأعمال الخلاصية في العهد القديم ثم ينتقل ليصف العجائب والأهوال التي حدثت في أيام يوليانوس الجاحد والسفاح المضطهد.
ويتساءل لماذا سمح الله بهذا الاضطهاد وما كادت الكنيسة أن تستريح؟ ويقول: ”حقًا إن أحكامك غريبة يارب ومقاصدك فوق إدراك البشر“ (51). ويحكي أن يوليانوس كان يقدم ذبائح كثير وكانت أكباد الأضحية تُظهر صليبًا.. ولا يستبعد غريغوريوس أن دي تكون وسيلة بيوصل ربنا من خلالها لهذا الشخص. ولكنه يرجع ويقول ”ليس من الضروري تصديق ذلك“ (52).
بيقول إننا مش هنخاف من اضطهاده لأننا زي الشعلة كل ما تهب عليها الريح تشتعل أكثر (54)، وإننا ممكن نموت من أجل الإيمان وإننا بنعمل كده من أجل الحق. لأن في ناس بتعمل الخير من أجل المكافأة ودول مرتبة تانية، وناس بتتجنب الشر بسبب الخوف من العقاب ودول مرتبة ثالثة، ”أما نحن فموقفنا هو هذا من الخير والشر، نعمل الخير للخير فقط (54).
بيقوله أنت بتعجبك دماء الآلهة وأعمالها المشينة والعادات الغريبة للفلاسفة زي تحريم فيثاغورس لأكل الفول، أما مش بيعجبك شهادتنا من أجل الحق مع أن ”ميزة النفس الشجاعة والكبيرة هي ألا يحتقر أحد رجولة وشهامة خصومه“ (58). في المقابل إحنا كمسيحيين بنقدر ”جمهرة واسعة من خيار اليونانيين“ وبنقدر الفلسفة وبنتعبرها ”قبس من نور المسيح الكامل وشمسه العامة المضيئة الكون كله“.
يذكر ق غريغوريوس أن يوليانوس شاغل نفسه بالمسيحيين أكتر من الحرب على الفرس، ويشرح قصصًا عن مكر ودهاء يوليانوس في الإيقاع بالجنود المسيحيين علشان ينكروا المسيح.. وبيعملهم حفل تكريم ليهم وفي النهاية يبخروا للأوثان.. لكن بيحكي أن الجنود دول لما عرفوا الفخ ده.. صدموا ومشيوا في الشوارع يعترفوا بالمسيح.. ورجعوا للملك وقالوله.. اقطع إيدينا اللي بخرت للأوثان ورجلينا اللي مشيت بينا لهنا.. واحرقنا.. لكن مش هننكر المسيح.
يحكي عن اضطهاد يوليان غير المعلن وقصة العذارى اللي شقهم نصين، ومرقس اللي كان هدم بيت للأصنام، والكاهن الشيخ الذي قاده السفلة من ساحة إلى ساحة وكان يصنع علامة الصليب ”وكان يرى نفسه، من علٍ، كأنه في قداس، وليس في نكبة وشدة“ (65).
الخطاب الثاني:
بيتكلم أن عناية الله أحيانًا ما تنتقم من الظالمين.. فيخدع يوليانوس في الحرب وهناك ”عمل إلهي وراء ذلك“ (79). ثم يروي ملابسات مقتله برمح في المعركة، وبيقول الرويات كالتالي: 1- رامي رمح من الفرس هو اللي قتله، أو 2- أحد جنوده، 3- أو أحد المهرجين اللي كان بيصطحبهم معاه، 4- عربي مسيحي من بني طي (قبيلة عربية)، ويصف الضربة بأنها ”جرحًا رغيبًا قاتلاً خلاصيًا- لأن فيه الخلاص والراحة للعالم كله“ (80).[1] ملأ حفنة من دمه ورشها في الفضاء وقال جملته الشهيرة ”أيها الناصري لقد غلبتني“.
بيقول ق غريغوريوس إحنا الجهال غير المثقفين لكننا نجالس العجائز ونرتل معهم ونستنذف أجسادنا في الصوم والصلاة.. لكن ماذا فعلت أضاحي وطقوس الوثنيين؟! يذكر غريغوريوس صراعه مع الله وإزاي كان شوية ينتظر حكم الله وعدله، وشوية يتذمر ويشتكي، وشوية يعاتب ويحتج، وكان بيقول ربنا ”الكرمة غدت بلا سياج.. وتُركت.. وأفسدها وحش الغاب“.[2] بعد انتقام ربنا وجب أن يندب هلاك الكافرين ويتنبأ بنهاية وشيكة للديانة الوثنية.
في النهاية يلمح ق غريغوريوس أن اللي حصل نتيجة خطيتنا برضو ولازم نتوب عنها.. ممكن نفرح ونحتفل لكن من غير ما الفرح ياخدنا ناحية اللهو والسكر.. إحنا ممكن نحتفل بطهارة وبأشواق روحية.. وبلاش نظلم اللي ظلمونا.. على العكس لازم ”نمقت كل ما من شأنه أن يُحدث ردات فعل انتقامية“ (90). ”فلنكن أعلى وأرفع من أولئك الذين ظلمونا“ (91). ”لنغتنم الفرصة للتعليم“. اللي عذبونا نسيبهم للمحاكمة الإلهية ولا نخفف بإيدينا العقاب الإلهي الآتي عليهم (91)!

[1] مقتل يوليانوس كان غامض جدًا.. وفيما بعد ظهر تقليد أن الشهيد أبو سيفين مرقوريوس هو اللي قتله، وظهر التقليد ده عند السريان الأول، والمؤرخ الأنطاكي يوحنا ملالس ذكر أن ق باسليوس الكبير شاف حلم أن الشهيد أبو سيفين هو اللي قتله. (صفحة 43).
[2] شعرت بتشابه مع قصيدة سيدنا البابا شنودة " هذه الكرمة يا مولاي من غرس يمينك.. غير أن الريح يا مولاي قد طاحت بغصن... شردت طيره في الكرمة من ركن لركن"


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق