الاثنين، 6 نوفمبر 2017

موجز نظريات أصل النفس

هناك 3 نظريات أساسية عن أصل النفس وكيفية اتصالها بالجسد. وهي كالتالي:
1- نظرية الوجود السابق (Pre-existence): مستمدة من الفلسفة الأفلاطونية، وتقول بأن النفوس كلها مخلوقة بشكل مسبق، ثم تنزل في الأجساد، غالبًا كفترة عقوبة على خطايا سابقة. البعض يقول إن النفوس خُلقت مع خلق السموات والأرض. تبنى هذه النظرية أوريجانوس، وإن كان البعض بينفيها عنه. إشكالية: هذه النظرية لا تؤكد على وحدانية الجنس البشري.. مقارنة بالنظريات التالية.

2- نظرية الخلق (creationism): النظرية دي باختصار تقول إن الله يخلق الأجساد بشكل غير مباشر في عملية طبيعية عن طريق الوالدين، أما النفس فيخلقها هو بشكل فائق للطبيعة بشكل مباشر مع كل طفل يُحبل به دون واسطة من الوالدين. (ربما في لحظة الإخصاب.. أو في مرحلة لاحقة زي توما الأكويني مثلاً بيقول إن النفس بتخلق بعد 40 يوم من الإخصاب في حالة الصبي، و90 يوم في حالة الصبية.) المهم، تبنى نظرية الخلق المباشر (في لحظة الإخصاب) معظم الآباء اليونانيين ومعاهم أمبروسيوس، وجيروم، وتوما الأكويني، وكالفن.
إشكالية النظرية دي إن النفس بتُخلق جديدة من الله.. فكيف يطالها فساد آدم وحواء. ولو خُلقت بفساد طبيعي، هيكون الله هو المسؤول عن هذا. كده يبقى ربنا خلق حاجة فاسدة من الأول!
مناصرو هذه النظرية بيعتمدوا على أنه في قصة الخلق، كان في تمييز بين خلق الجسد، وخلق النفس بالنفخة. ويعتمدون مثلاً على عبرانيين 12: 9 ”قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا؟“ الآية بتميز بين آباء الأجساد، والله أبو الأرواح. طبعًا ده تفسير. وآيات زي ”نَسَجْتَنِي فِي بَطْنِ أُمِّي.“ (مز 139: 13). وآية من زكريا بتقول عن الله ”جَابِلُ رُوحِ الإِنْسَانِ فِي دَاخِلِهِ.“ (زك 12: 1) الإشكالية التانية، لم يُذكر أن الله نفخ في حواء.. مثلما فعل في آدم؟؟

3- نظرية الانتقال (Traducianism): النظرية دي بتقول إن النفس بتتشكل من بذرة الوالدين (البويضة والسائل المنوي)، وكده معناه إن النفس والجسد مولودين، بواسطة الوالدين. الكلمة traducian من الكلمة اللاتينية tradux ومعناها فرع من شجرة. يعني نفس الجنين بتتفرع من الأصل (الأب والأم). تبنى هذه النظرية العلامة ترتليان، ومارتن لوثر.
مناصرو هذه النظرية اعتمدوا هما كمان على رسالة العبرانيين في سياق الحديث عن لاوي قال كاتب رسالة العبرانيين ”كَانَ بَعْدُ فِي صُلْبِ أَبِيهِ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ مَلْكِي صَادَقَ“ (عب 7: 10). وبيعتمدوا على فكرة أن الله استراح من الخلق في اليوم السابع، وأنه خلق نفس آدم، ومنها كل البشرية بعد كده. لكن المسيح قال، في موقف متعلق بالسبت ”أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ.“ (يو 5: 17).
النظرية بتؤيد فكرة التناظر والوحدة بين النسل البشري كله، وبتقدم تفسير طبيعي بيولوجي جيني لوراثة الخطية (في إشكاليات في الفكرة دي أيضًا). وهنا نيجي لموقف القديس أغسطينوس اللي قال إنه عاجز عن اتخاذ قرار في المسألة دي. وكان بيتأرجح بين نظرية الخلق ونظرية الانتقال. تخوّف أغسطينوس من نظرية الانتقال لسببين: 1- أنه بتعطي الوالدين القدرة على خلق نفس خالدة (كتير عليهم بصراحة)، 2- أن نظرية الانتقال بتعطي انطباع بأن النفس مادية تُنقل بالولادة الطبيعة. (وطبعًا النفس من جوهر غير مادي). النفس جوهرها بسيط وغير مركب. مش هينفع تتقسم بين الأب والطفل (لأنها غير قابلة للانقسام).. فضلاً أنها مش هينفع ناخد جزء من الأم وجزء تاني من الأب (لأنها غير قابلة للتركيب).

بالرغم أن نظرية الانتقال بتقدم شرح واقعي أكتر لوراثة الخطية، لكن هتقابل إشكالية إن الخطية ليس لها جوهر ينتقل بالولادة، ومن ناحية تانية هيكون الزواج ليس وسيلة بركة وإثمار، بل لعنة وانتشار الخطية! طب إزاي نفسر وراثة الخطية في ضوء نظرية الخلق اللي يبدو فيها أن الله بيخلق نفس كل إنسان بشكل مستقل؟ الحل الأمثل، اللي شرحة كثير من الآباء، وعلى رأسهم ق أثناسيوس، إن الإنسان بطبعه فاسد وقابل للانحلال والموت لأنه مخلوق من العدم. وأنه في جنه عدن كان الخلود وعدم الفساد مُعطى له على سبيل نعمة، كانت ستستمر له بشرط الطاعة، ولكن مع العصيان فقد هذه النعمة. وكل حاجة رجعت لأصلها.. بس.    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق