الجمعة، 11 نوفمبر 2022

الرسالة رقم (120): إلى كونسينتيوس

 


هذه الرسالة كتبها القديس أغسطينوس حوالي عام 410م، ردًا على طلب شخص يُدعى كونسينتيوس الذي أرسل له مستفسرًا عن أمور متعلقة بسر الثالوث، فآثرت أن أترجم الرسالة كاملة حتى تكون في متناول القارئ المهتم بدراسة الثالوث بشكل عام، وبفكر القديس أغسطينوس في ذات الموضوع بشكل خاص. وفي نظري ترجع أهمية هذه الرسالة إلى النقاط التالية:

1- أنه كما يتضح من هذه الرسالة أن أغسطينوس لا يعطي أولوية للجوهر الإلهي بحيث يوجد بشكل ما كسابق على الأقانيم. وهذه تهمة كثيرًا ما تُوجّه للشرح الغربي أو اللاتيني للثالوث. فيقول أغسطينوس: ”في هذا الوقت لابد أن نتمسك بإيمان لا يهتز بأن الآب والابن والروح القدس هم الثالوث، لكنهم إله واحد فقط. ليس بمعنى أن الأولوهة التي يتشاركون فيها هي أقنوم رابع بشكل ما، بل هي ذاتها الثالوث غير الموصوف وغير قابل للانفصال“ (رسالة 120: 3: 13).

2- لا يهمل أغسطينوس تمامًا قيمة العقل في فهم الأمور الإيمانية، فبينما وضع كونسينتيوس مبدأً لنفسه بأن يتبع الإيمان ولا يتبع إعمال العقل في الأمور الإلهية، نجد أغسطينوس يعطي قيمة للعقل ولا يرفضه كليةً. يقول أغسطينوس: ”حاشا لله أن يكره فينا المَلكة (أي العقل) التي جعلنا بها أرقى من كل الكائنات الحية الأخرى“، فنحن ”لا نستطيع أن نؤمن على الإطلاق لو لم يكن لدينا نفس عاقلة“ (رسالة 120: 1: 3). في المقابل إذا سألت أغسطينوس: أيهما يسبق: الإيمان أم العقل؟ ستجده يقول لك: من المعقول أن يسبق الإيمانُ العقلَ؟ لا يلغي أغسطينوس الإيمان أبدًا، وكذلك لا يلغي العقل، وإذا كان دور العقل صغيرًا قبل الإيمان فإن دوره يمكن أن يكون كبيرًا بعد الإيمان.  

3- لا يجوز مقارنة الله بالمحسوسات، ولا بتمثلات هذه المحسوسات في العقل، لأن أغسيطنوس يقول: ”فإذا جاءت على ذهنك أي صورة مادية عندما تفكر في هذه الأفكار، فلتستنكرها وترفضها وتلقي بها عنك وتشجبها ولتُكرهها على الفرار“ (رسالة 120: 3: 13). فلا يجوز أن نتصور الأقانيم الثلاثة كثلاثة أشياء ضخمة مقيدة بالمكان أو متلامسة أو متراصة في أي شكل مثل المثلث (انظر 2: 7).

 

أرجو أن تكون ترجمة هذه الرسالة للبركة بصلوات صاحب الغبطة البابا تواضروس الثاني الساهر على كنيسة المسيح أدام الله حياته. آمين


عادل زكري

11/ 11/ 2022م

يمكنك تحميل الكتيب من خلال هذا الرابط: 

https://drive.google.com/file/d/1ZsBAqDVFb2kzD7UEUHj7izSjNXqY_oS4/view?usp=share_link

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق