ق يوحنا ذهبي الفم- عظة عن الصوم
دي عظة ألقاها في الاستعداد للصوم الأربعيني بيقول فيها أن
موسى وإيليا بالصوم تحدثا مع الله. وأن وصية عدم الأكل من الشجرة هي نوع من الصوم،
وده كان أمر ضروري جوه الفردوس، فكم بالأحرى وإحنا خارج الفردوس. الصوم اختطف نينوى
من قبضة الموت وردها إلى الحياة. ”وباحتقار الصوم أتت عقوبة الموت، وبإكرام الصوم
تُرفع العقوبة“.
في العظة دي بيحكي عن صوم نينوى وعنيونان اللي فكر يهرب
فيخاطب يونان قائلاً:
ألم تسمع النبي يقول: أين أذهب من روحك ومن وجهك
اين أهرب.. هل ستذهب إلى الأرض؟ اسمه "للرب الأرض وملؤها" ربما تقول إلى
الجحيم؟ "إن فرشت في الهاوية فها أنت". أم ستقول إلى أقاصي البحر؟
الخطية تؤدي بنا إلى هذيان عظيم! هل هربت بعيدًا عن الرب؟ البحر أيضًا هو عبد لله،
بفعل ما يأمره سيده. كان البحر مثل العبد المطيع، الذي تقابل مه عبد آخر سرق شيئًا
من سيده وهرب، فلم يتوقف عن غزعاج من تستروا على العبد السارق حتى يأخذه ويعيده
إلى سيده، هكذا البحر فعل!!
ق باسليوس الكبير- الصوم المقدس
دول عظتين برضو قدمهم ق باسليوس في الأحد الأول من الصوم
الأربعيني.. بيقول فيهم إن الصوم صحة للنفس والجسد، والصوم بيميت الخطية داخل
النفس. وبيقول لازم نصوم بأمانة مش تمثيل: ”في هذه الحياة نجد الأغلبية من
البشر كأنهم على مسرح يلعبون أدواراً تمثيلية، فهم يحملون في القلب أمورًا دفينة
بينما يظهرون للناس أمورا مغايرة .. لا تضع قناعًا على وجهك بل عِش على حقيقتك“.
ثم يتطرق لفكرة أن الصوم أقدم من الناموس نفسه، والبداية كانت في جنة عدن (زي ما
قال ذهبي الفم). وإن الإنسان مارس الصوم في الفردوس.
الصوم يمتدحه الأطباء.. الجسم لما بيتثقل بالتخمة بيصاب
بأمراض كثيرة. ”فلتعطي الفم مهلة لتستريح البطن“. الصوم يخليك تهزم شهوات
الجسد. ويعلمك الاعتدال في الزواج. بيخرجنا من الإدمان ”لأنه كما يطرد الدخان
النحل كذلك الإدمان يطرد المواهب الروحية“.
الصوم كمان
تقليد آبائي ”ليت حديثنا يمضي نحو فحص أقدمية الصوم، وكيف أن كل القديسين
حافظوا على هذا التقليد الآبائي الذي استلموه وسلموه إلينا“. ق باسليوس كأنه بيشرح
بإسهاب القسمة بتاعة الصوم وإزاي نجى الفتية ودانيال وأصعد إيليا.. إلخ.
الصوم يرود النفس.. وبيذكر تشبيه هنا لافت.. وهو أن
الخيول قبل السباق بيقللوا الأكل ليها. المعدة وهو مش مليانة مفيدة في المشي وفي
النوم كمان. يعني الصوم عند ق باسليوس أحسن من الريجيم بيحافظ على الصحة وبيخلصنا
من الدهون المترهلة. لكن من ناحية تانية ”الصوم الحقيقي هو في الابتعاد عن الشر
وفي عفة الكلمة وفي البعد عن الغضب وفي الانفصال عن الشهوة وعن التجديف وعن
الكذب.. البعد عن هذه الأمور هو الصوم الحقيقي“.
ق ساويرس الأنطاكي- الصوم
العظة دي ترجمها يوسف حبيب عن الفرنسية وقد ألقاها ق
ساويرس في بداية الصوم الأربعيني. وبيقول فيها إنه طالما في مسافة كبيرة بين
العالم الروحي والعالم المنظور فقد ”خلق الله الإنسان بفعل عجيب ووضعه بين الاثنين“
بجسد من طين، ونفس عاقلة روحانية غير مادية علشان ”يذكّر الإنسان بالعالم
المنظور بجسده، وبالعالم غير المادي الروحاني بروحه“. علشان كده الإنسان منتصب
مش منحني لاسفل بفضل الروح العاقلة اللي ليها السلطان ومنها يستمد التوجيه.
بيقتبس من حك9: 15 عن ”الجسم البالي يثقل العقل
الكثير الهموم“. هذا الوضع صار بالسقوط.. الجسد بيجذب الروح لأسفل. قبل كده
كان الروح هو اللي بيجذب الجسد لأعلى. والصوم يرجعنا إلى الحالة الأولى وتذكرة
الروح بكرامتها الأولى. الصوم بيعمل نوع من التوازن.. ويعطي فرصة للروح لترتقي
بالجسد لأعلى. الرسل كانوا بيصوموا.. فهل هما محتاجين للصوم وأنت الخاطئ مش محتاج.
البابا ثيؤفيلوس- التوبة والصوم
بيتكلم عن ملاك الصوم اللي لما نصوم هيجي ويقتلع الزروع
الشريرة اللي زرعها الشيطان في قلوبنا ويزرع مكانها ثمار الروح. التوبة.. بدل
الغضب طول أناة، بدل الكبرياء اتضاع، بدل العداوة سلام، بدل النجاسة والتراخي صلاة
وسهر وتأمل في المزامير.. ويتغني بالتوبة ويعتبرها هي طعام الجوعى ونبع ماء الحياة
الأبدية للعطاش.. ”أيتها التوبة أنتِ عون الذين يأسوا من أنفسهم!“ ”التوبة
تجعل الإنسان يُبسط جناحيه كالنسر، ويصعد إلى أعالي السماوات من خلال فضائلها
الروحية“.
يوحنا كاسيان (الأوجاع الثمانية- روح النهم)
بيقول كاسيان بالنسبة للصوم لا يمكن بسهولة اتباع قاعدة
موحدة، لأنه ليس الأجساد لديها نفس القوة (العمر/ الجنس.. إلخ)، في حد ميقدرش يصوم
لحد الغروب. يؤكد أن الضعف الجسدي لا يقف عقبة في طريق نقاوة القلب طالما تؤخذ هذه
الأمور كمتطلبات للجسد وليس للذة. ولا يكفي الامتناع عن الطعام فقط بالإضافة إلى
اقتناء الفضائل. واللي ميقدرش يمسك شهيته (العدو الأضعف) ميقدرش يمسك شهوته (العدو
الأقوى). الأولى معركة سهلة (معركة المعدة) والثانية المعركة الأصعب (معركة
الروح). التأمل في الإلهيات هيساعدنا منركزش على ملذات الأكل.
يحكي كاسيان أن الأصوام كانت تُكسر عند استقبال الأخوة
(فيما عدا الأصوام القانونية للكنيسة) بلا سجس. ثم في الآخر يورد قولاً للمبارك
مكاريوس يقول فيه: ”ينبغي على الراهب أن يهتم بالصوم كما لو كان سيعيش في الجسد
مئة عام، ويهتم بكبح تحركات الذهن وينسى الإهانات ويرفض الحزن- كما لو كان يوميًا
على شفا الموت“. لأنه في الحالة الأولى التمييز مفيد وسليم وإلا مكن تحصل كارثة
بسبب ضعف جسدي. لكن اليقظة في الحالة الثانية مهمة جدًا لأن الإنسان ممكن يموت في
أي لحظة.
يوحنا كاسيان (المحاورات- محاورة 21)
يقول فيها أن الأكل في حد ذاته مش خطية طول ما هو يتناول
بالشكر، وكل شيء طاهر للطاهرين، والاكل ده أمر ”سيان“- وأعتقد الفكرة دي واخدها من
أوريجانوس. الأمر السيان زي الجواز مثلاً؛ لو اتجوزنا شيء مقدس، ولو متجوزناش لن
نهلك. نفس الحكاية الصوم والرهبنة. ثم يفرق بين الوصية والأمر.. وما يؤمر به على
نحو مطلق، يعني لو معملنهوش يبقى في عقوبة الموت. وما يُوصى به، الذي عندما يُعمل
يكون مفيدًا وعندما يُهمل لا يجلب عقاباً. هل تفتكر الصوم إيه بقى: أمر أم وصية؟
على الأغلب كاسيان بيتكلم عن الأصوام الشخصية للراهب
وليس الأصوام القانونية للكنيسة. اللي بيأكد كده أنه في البداية بيسأل الأب ثيوناس
لماذا لا نحنى ركبنا في الخماسين، فيقول إنه حتى لو مش عارفين السبب يجب أن نسلم
بسلطة الآباء وبعادات أسلافنا وأن نراعيها باعتبارها مسلمة من القدم.
بيذكر شروط جواز كسر الانقطاع: - الترحيب بأخ (وإلا كنت
فظًالا تحب أخاك)، و- ضعف الجسد (وإلا كنت قاتل جسدك). واللي يصوم في موسم
الاحتفال لا يتعبر عندنا متدين، بل غير معقول. ويقول إن الامتناع عن الطعام ليس
شيئًا صالحًا في ذاته- ليس لذاته، ولكن بأعمال أخرى. الفضائل مش غايتها أن أصوم،
لكن الصوم غايته أو أوصل للفضائل. ”لأن الأدوية وفن الحدادة والمهن الأخرى لا
تستخدم من أجل الأدوات الخاصة بهذا العمل“. ويؤكد مرة أخرى لكنه أمر ”سيان“. ويجب
مراعاة التمييز ”علينا أن نضع في إحدى الكفتين، نقاوة أنفسنا، وفي الأخرى قوتنا
الجسدية.. ونزنهما بحكم حقيقي حتى لا نميل بإصرار إلى أي من الكفتين، سواء إلى
صرامة غير واجبة، أو إلى استرخاء مفرط“.